الطعن رقم ١٠١٤١ لسنة ٨٥ قضائية

الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٧/١١/١٨

العنوان : تلبس . قبض . دفوع " الدفع ببطلان القبض " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة التلبس " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .


الموجز : لغير مأموري الضبط القضائي إحضار وتسليم المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه أو ما يحتوي عليه إلى أقرب مأمور ضبط قضائي في الجنايات أو الجنح الجائز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس . متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس . المادة ٣٨ إجراءات .


الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :

حيث إن الطعن أستوفي الشكل المقرر في القانون .


وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم استعمال القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين لحملهما بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهما وبلغ من ذلك مقصده وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية وتمكين متهم من الهرب ، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، والقصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه دانه بجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهما بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهما مع عدم توافر أركانها في واقعة الدعوي ؛ ذلك بأن المجني عليهما ( وهما رقيب شرطة ) وليسا من مأموري الضبط القضائي وفقاً لنص المادة ٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية ولا يدخل في عملهما القبض على المتهمين وبالتالي لم يقصد منعهما من أداء عمل مقرر لهما قانونا ، كما دانه الحكم بجريمة إحراز سلاح أبيض بدون مسوغ رغم عدم ضبط ثمة أسلحة بحوزته ، واعتنق الحكم صورة للواقعة استمدها من أقوال المجني عليهما رغم عدم معقولية تصويرهما لها ، كما عول الحكم على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها بشأن واقعة إحراز المتهم الأول للأقراص المخدرة سيما وأنه لم يتم ضبط ثمة مواد مخدرة ، هذا إلى تناقض أقوال المجني عليهما مع الدليل الفني المتمثل في التقريرين الطبيين ودون أن تعن المحكمة برفع هذا التناقض ، وأخيراً فإن المحكمة لم تجر تحقيقاً بسؤال الطاعن ومواجهته بأدلة الدعوي رغم عدم سؤاله بتحقيقات النيابة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .


وحيث إن الحكم المطعون بين واقعة الدعوي في قوله : - " .. إنه بتاريخ ١٧ / ١٢ / ٢٠١٢ وحال مباشرة رقيب الشرطة ……… ورقيب شرطة ……… من قوة قسم شرطة سيدي جابر لأعمالهما كطوف أمني بمنطقة كليوباترا وأثناء مرورهما بشارع ......... بدائرة القسم في نحو الساعة الواحدة والنصف ظهراً أبصرا المحكوم عليه ………. – المسجل بوحدة مباحث القسم – ممسكاً بإحدى يديه سلاحاً أبيضاً ( مطواه قرن غزال ) وبيده الأخرى كيساً بلاستيكياً فتوجها إليه وأمسكا به وتحفظا عليه والسلاح الأبيض والكيس البلاستيك الذي عُثر بداخله على أقراص مخدره وحال اصطحابه إلى ديوان القسم فوجئا بالمتهم ………. والمحكوم عليهما ………. و………. - الأول منهما شقيق المحكوم عليه …….. والثاني شقيق المتهم - يعترضون طريقهما بقصد حملهما بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهما وهو القبض على المحكوم عليه ……… ومنعهما من اقتياده إلى ديوان القسم وتهريبه حال إشهار كل منهم لسلاحٍ أبيضٍ وقاموا باستعمال القوة والعنف معهما بأن تعدوا عليهما بالضرب بالأيدي وأحدثوا بهما الإصابات المبينة بالتقريرين الطبيين المرفقين وتمزيق ملابس المجني عليه الأول وقد بلغوا بذلك مقصدهم بأن تمكنوا من تهريب المحكوم عليه الأول والاستيلاءعلى المضبوطات بعد بعثرتها على الأرض ولاذوا بالفرار عدا المحكوم عليه ………. والذي تمكن المجني عليه من ضبطه قبل فراره وقد تخلص من السلاح الأبيض فأبلغا بالواقعة فحضر الرائد .......... معاون مباحث قسم شرطة سيدي جابر وبعض رجال الشرطة السريين واصطحبوه إلى ديوان القسم وقد تعرف المجني عليهما على المحكوم عليهم والمتهم عند عرض الصور عليهم بالنيابة العامة ."، وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعن بأدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات المجني عليهما ………. و ………وشهادة كل من ……… والضابط ………. ومما ثبت من التقريرين الطبيين الخاصين بالمجني عليهما وتعرُف المجني عليهما على المتهم والمحكوم عليهم ومناظرة النيابة العامة لقميص المجني عليه الأول ، وعرض الحكم لدفاع الطاعن لتجاوز المجني عليهما حدود وظيفتهما باعتبارهما ليسا من مأموري الضبط القضائي بالمخالفة لنص المادة ٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية واطرحه في قوله : - " وحيث إنه عما أثاره المدافع عن المتهم من مخالفة نص المادة ٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية فإنه لا محل له إذ أن المحكمة وفق صورة الدعوي التي اطمأنت إليها والأدلة التي عولت عليها لم تستمد ثمة دليل من الإجراءات المدعي ببطلانها سيما وأن المحكوم عليه …….. كان حاملاً لسلاح أبيض مما يحق لرجال السلطة العامة التعرض له مادياً والتحفظ عليه واصطحابه لديوان القسم لاتخاذ الإجراءات القانونية قبله " .


لما كان ذلك ، وكانت المادة ٣٨ من قانون الإجراءات الجنائية أجازت لغير مأموري الضبط القضائي من رجال السلطة العامة إحضار وتسليم المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس على حسب الأحوال متي كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس وتقتضي هذه السلطة على السياق المتقدم أن يكون لرجل السلطة العامة التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه أو ما يحتوي على هذا الجسم ، بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالسلطة تلك على النحو الذي استنه القانون ، وذلك كيما يسلمه إلى مأموري الضبط القضائي ، وكان من المقرر كذلك أن جنح التعدي على الموظفين المنصوص عليها في المواد ١٣٣ و١٣٦ و١٣٧ و١٣٧ مكرر من قانون العقوبات والجناية المنصوص عليها في المادة ١٣٧مكرراً ( أ ) / ١ - ٢ من هذا القانون يجمعهما ركن مادي واحد ويفصل بينهما الركن الأدبي فبينما يكفي لتوفر الركن الأدبي في الجرائم التي من النوع الأول قيام القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعل وعلمه بشروط الجريمة دون اعتداد بالباعث فإنه لا يتحقق في المادة ١٣٧مكرراً ( أ ) / ١ - ٢ إلا إذا توافرت لدي الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدي عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كُلف بأدائه وأن الشارع قد أطلق حكم المادة ١٣٧مكرراً ( أ ) / ١ - ٢ من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٦٢ والمستبدلة بالقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٠٣ لينال العقاب كل من يستعمل القوة والعنف أو التهديد مع الموظف العمومي أو المكلف بالخدمة العامة لقضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به ، يستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل طالما أن أداء الموظف للعمل غير الحق أو اجتنابه أداء عمله قد تحقق نتيجة لاستعمال القوة أو التهديد ، وكان الحكم المطعون فيه - بعد أن أورد من وقائع المقاومة أو التعدي بالضرب الحاصلين من الطاعن وباقي المحكوم عليهم ما يكفي لتوافر العنصر المادي للجريمة - استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن غرض الطاعن وباقي المتهمين مما وقع منهم من أفعال مادية قد انصرف إلى منع المجني عليهما من أداء أعمال وظيفتهما لعدم تمكينهما من اقتياد المتهم الأول إلى قسم الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية قبله - بعد أن شاهداه محرزاً لسلاح أبيض بصورة ظاهرة - وقد تمكن وباقي المتهمين بما استعملوه في حقهما من وسائل العنف والتعدي من بلوغ مقصدهم ، فإن الجناية المنصوص عليها في المادة ١٣٧مكرراً ( أ ) / ١ - ٢ من قانون العقوبات تكون متوافرة الأركان ويضحي منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة استعمال القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين لحملهما بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهما وأعمل في حقه المادة ٣٢ من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لهذه الجريمة التي أثبتها في حقه باعتبارها الجريمة الأشد ، فإنه لا جدوي للطاعن مما يثيره تعييباً للحكم في خصوص جريمة إحراز سلاح أبيض بدون مسوغ ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخري ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتي أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفصيلاتها – بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن بها إليها في تكوين عقيدتها ، وإذ كانت المحكمة في هذه الدعوي قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليهما وشاهدي الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض .


لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال المجني عليهما والذي أخذت به محكمة الموضوع لا يستعصي على المواءمة مع ما ورد بالتقريرين الطبيين فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يضحي غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيقاً معيناً في شأن تناقض الدليل الفني مع الدليل القولي فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة سألت الطاعن عن التهم المسندة إليه فأنكرها ، ولم يطلب منها مناقشته في الاتهام المسند إليه والأدلة القائمة عليه ، وهو إجراء وإن كان يحظر على المحكمة القيام به طبقا للفقرة الأولي من المادة ٢٧٤ من قانون الإجراءات الجنائية ، إلا أنه يصح بناء على طلب المتهم نفسه يبديه بالجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...985&&ja=279176