الطعن رقم ٣٧٠٠٩ لسنة ٨٥ قضائية

الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٧/١٢/١٣

العنوان : تلبس . قبض . رجال السلطة العامة . مأمور الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . سرقة . إكراه .

الموجز : لرجال السلطة العامة وآحاد الناس من غير مأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يجوز فيها الحبس احتياطيا أو الحبس على حسب الأحوال التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه وتسليمهما إلى أقرب مأمور ضبط قضائي. مثال



الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير ، الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة ، وبعد المداولة .

ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .


ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السرقة بإكراه وإحراز أداة دون مسوغ من ضرورة شخصية أو مهنية قد شابه القصور فى التسبيب، والفساد فى الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم التفت عند تحصيله لواقعات الدعوى عن مرحلة من مراحل التحقيق فور وقوع الحادث والتي سئل فيها المجنى عليه ، ولم يرد فيها ذكر للطاعن وإنما اتهم آخرين ، وأن ذلك يساند دفعه ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس وعدم وجود إذن من النيابة العامة بيد أن المحكمة اطرحت الدفع بما لا يسوغ به اطراحه ولم يستظهر الحكم أركان جريمة السرقة بإكراه ودوره فيها سيما القصد الجنائي ، ولم تعن المحكمة بتمحيص ما ساقه من قرائن على تلفيق الاتهام وكيديته وعدم معقولية تصوير الواقعة بدلالة تناقض أقوال شاهدي الإثبات ، وأقوال شاهدي النفي والتي تعرض لهما ، وأخيراً ، استند الحكم فى الإدانة على تقرير الطب الشرعي رغم أنه لم يجزم بأن الدماء المعثور عليها خاصته بالمجنى عليه . كل أولئك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .


ومن حيث إن الحكم الطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه بتاريخ ١٩ / ٥ / ٢٠١٣ مساءًا وحال استقلال المجنى عليه " على شعبان على عرابي " السيارة الأجرة تاكسي التي يقودها الطاعن وقد جلس المجنى عليه خلف الطاعن بجواره المتهم - السابق محاكمته - وعقب سيرها أخرج المتهم السابق إدانته - مطواة قرن غزال ووضعها على رقبة المجنى عليه طالباً ما معه من نقود فرفص فتعدى عليه بها بضربتين وحال توقف السيارة قام الطاعن والمتهم الآخر بالتعدي بأداة وخشبة على المجني عليه واستوليا منه على نقوده وهاتف خلوي وحافظة نقوده بما فيها من أوراق ولاذا بالفرار ، وعقب ذلك بفترة شاهد المجنى عليه السيارة فتتبعها وأبلغ الشاهد الثاني فانتقل إلى مكان تواجدهما واصطحبهما لتحرير محضر وعثر بالسيارة على آثار دماء آدمية . وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه والنقيب / على فاروق على سيف معاون المباحث مركز فوه ، ومما ثبت بمعاينة السيارة ومما أورد به تقارير الطب الشرعي والإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية ومستشفى فوه المركزي ، وهى أدلة سائغة ولها موردها من الأوراق بما لا يجادل فيه الطاعن ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة للواقعة حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً، ولها فى سبيل ذلك أن تجزئ أي دليل وتأخذ به بما تراه صحيحاً ومطابقاً للوقائع والظروف التي اطمأنت إليها وتطرح ما سواه ، ولها أن تأخذ بأقوال الشاهد فى إحدى مراحل التحقيق متى اطمأنت إليها وتطرح أقواله فى مرحلة أخرى دون أن تكون ملزمة ببيان السبب، إذ العبرة فى المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك .


لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أسقط فى تحصيله لواقعة الدعوى مرحلة هامة من مراحل التحقيق على النحو الذى أثاره بأسباب طعنه يكون غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد . فضلاً عن أن المادتين ٣٧ ، ٣٨ من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي فى الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي ، أو الحبس على حسب الأحوال ، متى كانت الجناية أو الجنحة فى حالة التلبس ، وتقضى هذه السلطة - على السياق المتقدم - أن يكون لآحاد الناس أو رجال السلطة العامة التحفظ على المتهم أو جسم الجريمة الذى شاهده معه أو ما يحتوي على هذا الجسم بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالإجراء الذى استنه القانون ، وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي ، وإذ كان المجنى عليه عقب وقوع سرقته من الطاعن والمتهم الآخر حال استقلالهم للسيارة الأجرة شاهد الطاعن مستقلاً تلك السيارة فقام بالتحفظ على الطاعن والسيارة وإبلاغ مأمور الضبط القضائي بما وقع منه والمتهم الآخر لا يعدو - فى صحيح القانون - أن يكون مجرد تعرض مادى بعد أن وقعت عليه جريمة السرقة بالإكراه الذى ترك أثر جروح به ، وما أسفرت عنه المعاينة من وجود آثار لدماء آدمية بتلك السيارة . ولما كان الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - قد انتهى سديداً إلى رفض الدفع ببطلان القبض ، فإن النعي على الحكم فى هذا الصدد يكون فى غير محله .


لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم - على ما سلف بيانه - أنه خلص فى بيان كاف إلى توافر أركان جريمة السرقة بإكراه ليلاً بالطريق العام من شخصين مع حمل سلاح وأداة والذى ترك أثر جروح بالمجنى عليه والمعاقب عليها بالمادتين ٣١٤ ، ٣١٥ من قانون العقوبات ، وتوافر الدليل عليها فى حق الطاعن ، فلا يعيبه من بعد عدم تحدثه صراحة عن كل ركن من أركان تلك الجريمة على استقلالاً ، ويضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد غير سديد .


لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت فى حق الطاعن مساهمته بنصيب فى الأفعال المادية المكونة للجريمة وتواجده على مسرح الجريمة حال قيادته للسيارة الأجرة التي كان يستقلها معه المجنى عليه والمتهم الآخر السابق محاكمته وتعديهما على المجنى عليه بسلاح أبيض وأداة خشبة بقصد حمله وإكراهه على تسليمها وما معه من نقود ومتعلقات ، وهو ما تحقق لهما ، ويكفى لبيان دوره باعتباره فاعلاً أصلياً فى تلك الجريمة ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون سديد .


لما كان ذلك ، وكان ما أثاره الطاعن لدى محكمة الموضوع من تشكيك فى أقوال الشاهدين وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة وكيديتها ، ودفاعه بعدم معقولية تصويرها وعدم ارتكابه للجريمة جميعها لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، وأن تناقض المجنى عليه فى أقواله ومع الشاهد فى بعض التفاصيل - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهما استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات أو يستند إليها فى تكوين عقيدته ، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كان ذلك ، وكان ما حصله الحكم من أقوال المجنى عليه وشاهد الإثبات الثاني قد خلا من شبهة أي تناقض ، فإن كل ما يثيره الطاعن بشأن أقوال شاهدي الإثبات وما ساقه من قرائن فى صورة الواقعة التي أخذت بها المحكمة يكون محض جدل حول سلطة المحكمة فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا يعيب الحكم بعد سكوته عن التعرض لأقوال شاهدي النفي ، لأن مؤدى السكوت أن المحكمة اطرحتها اطمئناناً منها لأدلة الثبوت ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبول .


لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد واقعة الدعوى ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، فإن منعاه فى هذا الخصوص لا يكون له محل .


لما كان ذلك ، وكان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أبدى أيهما اعتراضاً على تقرير الطب الشرعي بشأن تحليل الدماء المعثور عليها بالسيارة ، فإن النعي بتعييب هذا التقرير لا يعدو أن يكون دفعاً بتعييب إجراء من إجراءات التحقيق التي تمت فى المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح إثارته أمام محكمة النقض هذا إلى أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها ، وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به ، فلا تجوز مجادلتها فى هذا الخصوص ، فإن تعييب الحكم للاستناد إلى تقرير الطب الشرعي لأنه بنى على الظن والاحتمال لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .


فلهـــذه الأسبـــاب

حكمت المحكمة: - قبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

أميــن الســر " رئيس الدائرة "

المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...231&&ja=225208