الطعن رقم ٢٥١١٧ لسنة ٨٨ قضائية

الدوائر الجنائية - جلسة ٢٠١٩/٠٧/٢٧
العنوان : تلبس . قبض . رجال السلطة العامة . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم" .

الموجز : لرجال السلطة العامة وآحاد الناس من غير مأموري الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يجوز فيها الحبس احتياطيا أو الحبس على حسب الأحوال التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه وتسليمهما إلى أقرب مأمور ضبط قضائي. مثال .

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانوناً:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجرائم الاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والتأثير على السلطات باستعمال القوة والعنف حال حمل بعضهم أسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وإحراز وحيازة أسلحة نارية غير مششخنة وذخائر مما تستعمل عليها بغير ترخيص والترويج بالقول لتغيير مبادئ الدستور الاساسية والنظم السياسية للهيئة الاجتماعية واستعراض القوة والتلويح بالعنف قِبَلَ المجنى عليهم بقصد ترويعهم وتخويفهم وإلحاق الأذى المادى والمعنوى بهم والتأثير في إرادتهم لفرض السطوة عليهم مما ترتب عليه تكدير الأمن والسكينة العامة وتعريض حياة المواطنين وسلامتهم للخطر واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم مع بلوغ مقصدهم والضرب البسيط باستخدام أداة لتنفيذ غرض إرهابى وحيازة أسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية في أحد أماكن التجمعات السكانية، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع كما ران عليه البطلان، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التى دانهم بها والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوتها في حقهم، وصيغ في عبارات عامة مجملة، ورتب الحكم مسئوليتهم التضامنية عن الجرائم التى دينوا بها ومنها جريمة التجمهر دون بيان أركانها ومدى توافرها في حق الطاعنين ولم يدلل على اشتراكهم فيها، كما لم يدلل على الاتفاق فيما بينهم على ارتكابها ولم يبين دور كل متهم أو يحدد الأفعال التى أتاها كل منهم على حدة، فضلاً عن أنه لم يدلل على توافر أركان جرائم تعطيل المواصلات وتأسيس خلية ارهابية والانضمام إليها وتخريب الممتلكات العامة والخاصة كما لم يبين العناصر القانونية لجرائم استعراض القوة والترويج بالقول والهتاف لتغيير مبادئ الدستور فضلاً عن خلو الأوراق من ضبط منشورات أو مطبوعات بحيازتهم، وعوَّل الحكم في الإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم أنها جاءت مرسلة وتناقضت مع بعضها البعض فضلاً عن تعدد روايات الشهود هذا إلى أنهم لم يشاهدوا الطاعنين حال ارتكابهم لما أُسند إليهم من جرائم أو حال حملهم الأسلحة النارية، كما أن الحكم عوَّل في الإدانة على أقوال شاهدى الإثبات الأول والثانى إلا أنه لم يورد مضمونهما في بيان جلى مفصل فضلاً عن انفراد ضابطى الواقعة – شاهدا الإثبات الأول والثالث - بالشهادة وحجبهما أفراد القوة المرافقة له عنها كما اكتفى الحكم في بيانه لمؤدى أقوال بعض الشهود بالإحالة إلى ما أورده من أقوال شهود آخرين رغم ما بين أقوالهم من اختلاف،

وجاء الحكم قاصراً في بيان مضمون اعتراف الطاعنات من الرابعة حتى السادسة عشرة على الرغم من أنه عوَّل عليه في الإدانة مطرحاً برد غير سائغ الدفع ببطلان هذا الاعتراف لكونه وليد إكراه لإجراء التحقيق معهن بدار قوات الأمن وفى حضور ضباط الشرطة فضلاً عن استطالة زمن التحقيق، هذا إلى أن المحكمة أوردت اعترافهن بما ليس له أصل في الأوراق إذ لم يقررن باتفاقهن مع آخرين على ارتكاب الجرائم المنسوبة إليهن، وعلى الرغم من أن المحكمة عوَّلت في الإدانة على تقارير الأدلة الجنائية والتقارير الطبية للمجنى عليهم إلا أنها اكتفت بسرد نتائج تلك التقارير دون إيراد مؤداها بصورة وافية فضلاً عن تناقض الدليل الفنى المستمد من هذه التقارير مع الدليل القولى المستمد من أقوال الشهود وقد التفتت المحكمة عن دفاع الطاعن الثالث في هذا الشأن، وجاء الحكم المطعون فيه قاصراً في بيانه لأركان جريمة إحراز وحيازة السلاح النارى وذخائره دون ترخيص التى لم يدلل على توافرها في حق الطاعنين سيما وأن شاهد الإثبات الأول – ضابط الواقعة - نفى بالتحقيقات معرفته بمحرز السلاح النارى ومطلق الأعيرة النارية فضلاً عن عدم ضبط أسلحة نارية وذخائر بحوزة الطاعنات من الرابعة حتى السادسة عشرة، كما عوَّل الحكم على تحريات البحث الجنائي والأمن الوطنى على الرغم من تناقضها فضلاً عن أنها لا تصلح بذاتها دليلاً للإدانة بالإضافة إلى عدم جديتها وقد اطرحت المحكمة برد غير سائغ دفاع الطاعنين في هذا الخصوص، هذا إلى أن الطاعنين دفعوا ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم توافر صفة الضبطية القضائية للأهالى القائمين على الضبط لاسيما مع تجهيل شخص القائم بالضبط خاصة وأن الضبط تم بصورة عشوائية الأمر الذى يبطل شهادة ضابط الواقعة بيد أن الحكم اطرح هذا الدفع برد قاصر، كما خلت الأوراق من محضر ضبط مستقل لكل متهم على حدة ودون أن تجرى المحكمة تحقيقاً بشأن الضبط وكيفية وقوعه، كما حصل الحكم أقوال الشهود بما ليس له أصل في الأوراق حيث أُسند لشاهد الإثبات الأول قوله إن الأهالى شاركوه في القبض على الطاعنين على الرغم من أن أقواله بالتحقيقات جرت على أنه تمكن والقوة المرافقة له من القبض على الطاعنين، هذا وقد شاب التناقض أسباب الحكم إذ بينما عوَّل في الإدانة على أقوال شهود الإثبات والتحريات إلا أنه اطرحها لدى قضائه ببراءة باقى المتهمين كما أنه انتهى إلى تبرئة الطاعنين من جريمة الشروع في القتل تأسيساً على عدم اطمئنانه إلى ذات الأدلة التى عوَّل عليها في قضائه بالإدانة عن باقى الجرائم، وقد اعتنق الحكم صورتين متعارضتين للواقعة إذ أورد لدى بيانه واقعة الدعوى أن الطاعنتين الرابعة والخامسة كانتا تحملان مقبضاً أزرق اللون ملفوفاً بشريط أسود في مقدمته مسامير إلا أنه عاد في موضع آخر لدى تحصيله مضمون أقوال شاهد الإثبات الأول أن الطاعنة الرابعة كانت تحمل لافتة بيضاء مدون عليها عبارة "السيسى خربها"، كما شاب البطلان تحقيقات النيابة العامة لمخالفتها نص المادة ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية، هذا إلى أن المدافع عن الطاعنين تمسك بإعادة استجوابهم عملاً بالمادة ٢٧٤ من قانون الإجراءات الجنائية بيد أن المحكمة التفتت دون رد عن طلبهم، كما أن الطاعنين لم يعرضوا على النيابة العامة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليهم، واطرحت المحكمة برد غير سائغ دفعهم ببطلان التحقيقات لعدم حضور محام معهم بالمخالفة للمادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية لاسيما وأن المحامى الذى حضر بالتحقيقات مع الطاعنتين السادسة والرابعة عشرة لا يزال تحت التمرين فضلاً عن انقطاع صلتهما به، كما لم تعن المحكمة بالرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بصدور أمر ضمنى من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد متهمين آخرين استبعدتهم النيابة العامة من الاتهام، ودانتهم المحكمة رغم خلو الأوراق من دليل يقينى وشهود رؤية على ارتكابهم الوقائع المنسوبة إليهم لاسيما وأن ما عولت عليه المحكمة لا يعدو قرائن تفتقر إلى الدلائل الكافية للإدانة، كما لم تجر النيابة العامة معاينة لمكان الحادث لبيان ما به من تلفيات وآثار طلقات نارية ودون أن تعنى بسؤال الأهالى المقال بمشاركتهم في القبض على الطاعنين أو سؤال الطاعن الثانى عن محدث إصابته وكيفية حدوثها، كما أعرضت المحكمة عن أقوال شهود النفى والمستندات المقدمة من بعض الطاعنين تدليلاً على عدم تواجدهم بمسرح الجريمة وقت ارتكابها، هذا إلى أن المحكمة فرقت المحكمة في العقوبة بين الطاعنين رغم وحدة المركز القانوني لهم جميعاً، وأخيراً فقد التفت الحكم - إيراداً ورداً - عن دفوعهم بعدم إثبات المأمورية بدفتر أحوال القسم وبانتفاء صلتهم بالواقعة وبشيوع الاتهام وتلفيق التهمة وباستحالة تصوير الواقعة على النحو الذى اقتنعت به المحكمة وبعدم تواجدهم على مسرح الجريمة وبخلو مكان الواقعة من آثار فوارغ طلقات نارية أو حجارة أو آثار حريق أو تلفيات. بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله: "تتحصل فيما هو ثابت بمحضر الضبط والذى أفرغه وسطره النقيب / ..... رئيس مباحث .... والمؤرخ ........ وأثبت به أنه لرصده المتابعة الأمنية لجماعة الإخوان الارهابية المحظورة نُبِّأَ بتجمع ما يقارب من مائتى شخص وسيدة وآخرين مجهولين في تظاهرة بمنطقة ميدان ........ دائرة القسم وفى مسيرة منظمة ومحدد لكل من أفرادها دوره وطريقة تعامله فيها وتجمعت تلك المسيرة بالمكان سالف البيان مرددين هتافات مناهضة للجيش والشرطة المصرية بقصد إشاعة الفوضى وتكدير الأمن والسلم العام وتخويف وترويع المواطنين مستعملين في ذلك القوة والعنف باستخدام الأسلحة النارية والبيضاء والمولوتوف وخلافه وبغرض القتل والشروع فيه، فما كان من الأهالى إلا أن قاموا بمحاولة التصدى لهم لتفريقهم إلا أنهم قاموا بإطلاق الأعيرة النارية عليهم وبطريقة عشوائية فأصيب بعض الأهالى منهم، فتوجه إلى المكان المعين وقوة من الشرطة وعند وصوله بادر بعض المتظاهرين والحاملين للأسلحة النارية والبيضاء إلى إطلاق بعض الأعيرة النارية صوبه والقوة المرافقة له فأصابت كل من المجندين / ..... ، فتمكن وبعض الأهالى من ضبط بعض المشاركين بالتظاهرة ومن أطلق الأعيرة النارية وهم المتهمين من الأول وحتى السادس ومن الثامنة وحتى السابعة عشرة وذلك حال حمل المتهم الثانى لسلاح نارى – فرد خرطوش - وأربع طلقات خرطوش والمتهم الثالث لسلاح نارى وطلقتين مما تستعمل على ذات السلاح والمتهمة الحدث ...... – الطاعنة الرابعة - وبحوزتها لافتة بيضاء مدون عليها عبارة " السيسى خربها " وضبط مقبض أزرق اللون ملفوف عليه شريط أسود وبمقدمته عدد من المسامير مع المتهمة ..... – الطاعنة الخامسة - وأسفرت المعلومات وأكدتها التحريات أن محدث إصابة المجنى عليه .... هو المتهم .... – الطاعن الثالث - والذى قام بضربه في رأسه بدبشك السلاح النارى الذى كان في حوزته". وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه – في حق الطاعنين – على هذا النحو أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقارير قسم الأدلة الجنائية والتقارير الطبية للمجنى عليهم وإلى إقرار الطاعنات من الرابعة حتى السادسة عشرة بالتحقيقات، وأورد مؤداها في بيان وافٍ يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها، كما جاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.

لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ويكون منعى الطاعنين بالقصور الذى رموا به الحكم غير سديد.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين الاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والتأثير على السلطات باستعمال القوة والعنف حال حمل بعضهم أثناء التظاهر أسلحة نارية وذخائرها وأسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وإحراز وحيازة أسلحة نارية غير مششخنة – خرطوش – وذخائر مما تستعمل عليها بغير ترخيص. ما كان ذلك، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١٤ المعدل بقرار بالقانون رقم ٨٧ لسنة ١٩٦٨ حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها، ومناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التى تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التى ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إليها السير العادى للأمور، وقد وقعت جميعها حال التجمهر، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين إذ أن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه مما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الهدف الإجرامى الذى يستهدفونه مع علمهم بذلك، وبذلك يكون المشرع قد جعل من توافر أركان التجمهر على النحو المعرف به في القانون أمراً تتحقق به صورة المساهمة في الجرائم التى يرتكبها أحد المتجمهرين جاعلاً معيار المسئولية وتحمل العقوبة هو العلم بالغرض من التجمهر واتجاه الإرادة إلى تحقيق هذا الغرض.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية - السالف بيانها - في حق الطاعنين وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء عن ثبوتها في حقهم وكانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته على نحو ما سلف - وفى معرض رده على الدفع بعدم توافر أركان الجرائم المسندة إليهم - ومنها جريمة التجمهر - وبعدم وجود اتفاق بين الطاعنين، كافية لبيان أركان التجمهر على ما هو معرف به في القانون وعلى ثبوتها في حق الطاعنين، هذا إلى أن جناية الاشتراك في تظاهرة حال إحراز وحيازة سلاح نارى وذخائره - التى دانهم بها الحُكم والمؤثمة بالمادة ١٧ من القانون رقم ١٠٧ لسنة ٢٠١٣ بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية - بوصفها الجريمة الأشد - إعمالاً لنص المادة ٣٢ من قانون العقوبات، قد وقعت نتيجة نشاط إجرامى من طبيعة واحدة وحال التجمهر ولم يستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه، ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف الذى يصح أن يفترض معه أن غيرهم من المشتركين في التجمهر قد توقعوه بحيث تسوغ محاسبتهم عليه باعتباره من النتائج المحتملة من الاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه، وكان لا تثريب على الحكم إن هو ربط الجناية - سالفة البيان - ذات العقوبة الأشد وغيرها من الجنايات المرتبطة بها بالغرض الذى قام من أجله هذا الحشد واجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه. فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون، وينحل ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد منازعة موضوعية في العناصر السائغة التى استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل موضوعى في تقديرها للأدلة المقبولة التى أوردتها وفى مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها بشأنه ولا الخوض فيه أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضى في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضى وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة، أى أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التى وضعت أو تكونت لديهم فجأة، وأنه يكفى في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها.

لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجرائم المسندة إليهم من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم والآخرين المشاركين معهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الأخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لجرائم الاشتراك في تجمهر الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الاشخاص وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والتأثير على السلطات باستعمال القوة والعنف حال حمل بعضهم أسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وإحراز وحيازة أسلحة نارية غير مششخنة – خرطوش – وذخائر مما تستعمل عليها بغير ترخيص والترويج بالقول لتغيير مبادئ الدستور الاساسية والنظم السياسية للهيئة الاجتماعية واستعراض القوة والتلويح بالعنف قِبَلَ المجنى عليهم بقصد ترويعهم وتخويفهم وإلحاق الأذى المادى والمعنوى بهم والتأثير في إرادتهم لفرض السطوة عليهم مما ترتب عليه تكدير الأمن والسكينة العامة وتعريض حياة المواطنين وسلامتهم للخطر واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم مع بلوغ مقصدهم والضرب البسيط باستخدام أداة لتنفيذ غرض إرهابى وحيازة أسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية في أحد أماكن التجمعات السكانية، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التى أسهمت في إصابة المجنى عليهم أو الإتلافات والتخريب للممتلكات العامة والخاصة أو لم يعرف، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل، هذا فضلاً عن أنه لا يجدى الطاعنين أن الحكم لم يحدد الأفعال التى أتاها كل منهم على حدة أو لم يفصح عن بيان أشخاص المتهمين الذين أحدثوا الإصابات بالمجنى عليهم أو التلفيات والتخريب مادامت الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون صورة من صور الاتفاق على ارتكاب الجريمة.
لما كان ذلك، واذ كان الحكم لم يدن الطاعنين بجرائم تعطيل المواصلات وتأسيس خلية إرهابية والانضمام اليها، فان ما يثيرونه في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التى قارفها الطاعنون والمستوجبة لعقابهم قد ارتكبت لغرض واحد وأعمل في حقهم حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات فقضى عليهم بعقوبة واحدة هى المقررة لأشد تلك الجرائم – على النحو سالف البيان - فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويكون النعى على الحكم في شأن الجرائم الاخرى - تخريب الممتلكات العامة والخاصة واستعراض القوة والترويج بالقول والهتاف لتغيير مبادئ الدستور - غير مقبول، ولا يغير من ذلك كون المحكمة عاملتهم بالرأفة طبقاً للمادة ١٧ من قانون العقوبات ذلك أنها قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بغض النظر عن وصفها القانوني ولو أنها رأت أن الواقعة في الظروف التى وقعت فيها تقتضى النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذى وصفتها به.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع الحق في أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولها أن تعول على قول الشاهد في أى مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم، مادام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.

لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى التى استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما استخلصته من أقوال الشهود، وسائر عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون على غير أساس.

لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن أن أياً من شهود الإثبات لم ير وقائع التجمهر والتخريب والإتلاف العمدى أو حيازة أى منهم أسلحة نارية، فجاءت صورة الواقعة على خلاف ماديات الدعوى وظرفها. لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل أثارته أمام محكمة النقض. كما أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها. وكان من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشهود الذى اعتمد عليها الحكم بل يكفى أن يورد مضمونها ولا يقبل النعى على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لِمَا للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به مادام أنها قد احاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول.

لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال شاهدى الإثبات الأول والثانى يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التى يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة كما حصل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها أو يحرفها عن مواضعها، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص يكون ولا محل له.

لما كان ذلك، وكان المشرع لم يقيد القاضى الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق، كما أن سكوت ضابط الواقعة عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له وانفراده بالشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الثابت من الأوراق أن اقوال الشاهد الخامس متفقة مع أقوال الشاهد الرابع التى أحال الحكم عليها، وأن أقوال الشهود السابع والثامن والتاسع والعاشر والحادى عشر متفقة مع أقوال الشاهد السادس التى أحال عليها الحكم، ومن ثم فإن منعى الطاعنات في هذا الشأن يكون في غير محله. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا ضير على الحكم إحالته في بيان أقوال شهود الإثبات إلى ما أورده من أقوال الشهود الآخرين حتى على فرض أن يكون لهؤلاء الشهود قول آخر، إذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهم إلى ما حصله من أقوالهم فيما اتفقوا فيه أنه لم يستند في قضائه إلى ما زاد فيه هؤلاء الشهود من أقوال وطالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل مضمون اعتراف الطاعنات من الرابعة حتى السادسة عشر - والذى كان من بين الأدلة التى استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها وأورده في قوله: "إنهن أقررن بتعاطفهن وانضمامهن لجماعة الإخوان الإرهابية ومشاركتهن في تظاهراتهم تأييداً لأفكارها وأهدافها.." ، وكان ما أورده الحكم – فيما سلف – بياناً لفحوى اعتراف الطاعنات المذكورات يحقق مراد الشارع الذى استوجبه في المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان الأدلة التى يستند اليها الحكم الصادر بالإدانة، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون النعى عليه في هذا الخصوص ولا محل له.

لما كان ذلك، وكانت الطاعنات من الرابعة وحتى السادسة عشرة قد دفعن ببطلان اعترافهن بالتحقيقات لكونه وليد إكراه معنوى لإجرائه بدار قوات الأمن وفى حضور ضابط الشرطة ولاستطالة زمن التحقيق معهن، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها تقدير عدم صحة ما تدعيه المتهمات - من الرابعة حتى السادسة عشر - من أن اعترافهن كان نتيجة إكراه بغير معقب عليها مادامت تقيمه على أسباب سائغة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا يؤثر في ذلك أن تكون الطاعنات قد أدلين باعترافهن في تحقيق النيابة العامة الذى باشرته في دار قوات الأمن وفى حضور ضباط الشرطة لما هو مقرر من أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه، كما أن مجرد حضور ضباط الشرطة التحقيق ليس فيه ما يعيب إجراءاته، إذ إن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاصات وإمكانيات لا يعد إكراهاً مادام هذا السلطان لم ينل المتهم بالأذى مادياً أو معنوياً، كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، كما أن مجرد استطالة زمن التحقيق لاستكمال إجراءاته لا يؤثر على سلامة إرادة المتهم ولا يعيب اعترافه، وهو ما لم يغب أمره على الحكم المطعون فيه في رده على الدفع ببطلان الاعتراف بما يسوغ رفضه، كما أنه لا يغير من ذلك عدول الطاعنات عن اعترافاتهن وإنكارهن بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليهن، إذ إنه من المقرر أنه لا على الحكم إن أخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ومن ثم فإن النعى على الحكم في هذا الخصوص يكون غير قويم.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم ينسب إلى الطاعنات من الرابعة إلى السادسة عشرة اعترافاً باتفاقهن مع آخرين على ارتكاب الجرائم المنسوبة إليهن - خلافاً لما يزعمنه بأسباب طعنهن – وإنما أورد قولهن بتعاطفهن وانضمامهن لجماعة الإخوان الإرهابية ومشاركتهن في تظاهراتهم تأييداً لأفكارها وأهدافها، فإن النعى عليه بالخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقارير الأدلة الجنائية والتقارير الطبية للمجنى عليهم في بيان وافٍ يكفى لتبرير اقتناعه بالإدانة، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم من عدم إيراده تلك التقارير كاملة يكون غير سديد، لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال شهود الإثبات ومضمون الدليل الفنى على الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كانت أقوال شهود الإثبات كما أوردها الحكم - والتى لا ينازع الطاعن الثالث في أن لها سندها من الأوراق - لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن تقارير المعمل الجنائي والتقارير الطبية لإصابة المجنى عليهم، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن الثالث من وجود هذا التناقض بين الدليلين مادام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم، ومن ثم فإن نعى الطاعن الثالث على هذا الأساس يكون غير سديد.

لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة حيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائرها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة مما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وأدلتها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقض بالعقوبة المقررة - متى توافرت شرائط توقيعها - على مرتكب الفعل المستوجب لها دون حاجة إلى إقرار بها أو شهادة شاهدين رأيا الجريمة وقت ارتكابها، ومع ذلك فإن البين من أقوال شهود الإثبات التى عولت عليهم المحكمة في الإدانة رؤيتهم بعض الطاعنين مع مسيرة التجمهر حاملين الأسلحة النارية وذخائرها المشار إليها. ومن ثم فإن هذا الخلاف لا يؤثر في عقيدة المحكمة باعتبار أن المتهمين جميعاً فاعلون أصليون طبقاً للمادة ٣٩ من قانون العقوبات. وكان من المقرر أنه لا يمنع من المساءلة واستحقاق العقاب عن جريمة حيازة إحراز الأسلحة النارية والذخائر التى دين بها الطاعنون عدم ضبط السلاح أو الذخائر مادامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التى أوردتها أن المتهم كان يحوز أو يحرز ذلك السلاح النارى وأنه من النوع المعين بالقانون. ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وأن تقدير جدية التحريات موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى أقرتها عليها فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان التناقض بين تحريات المباحث الجنائية وتحريات الأمن الوطنى - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة منهما استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات، كما أنه من حق محكمة الموضوع أن تجزئ التحريات وتأخذ بها فيما تضمنته من تواجد المتهمين بمسرح الحادث دون تحديد القائم بالاعتداء أو الإتلاف أو التخريب منهم، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، ولأن القبض قد تم بصورة عشوائية، ولكون الضبط قد تم بمعرفة الأهالى ممن ليست لهم صفة الضبطية القضائية، ورد عليه في قوله: "... وكان الثابت من الأوراق من محضر الضبط المحرر في الساعة ...... مساء يوم ......... والمحرر بمعرفة النقيب / ........ رئيس وحدة مباحث ... وما شهد به بالتحقيقات والتى اطمأنت اليها المحكمة أن المتابعة الأمنية الخاصة به رصدت تجمع ما يقارب من مائتى شخص وسيدة من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية في تظاهرة بمنطقة ... حاملين لافتات وأسلحة وأدوات وعند تصدى بعض الأهالى لهم قاموا بإطلاق الأعيرة النارية صوبهم وقاموا بإلقاء الحجارة ورشق بعض المواطنين بها وبطريقة عشوائية وأحدثوا إصابات ببعض المواطنين، وبالانتقال إلى ذلك المكان وعند مشاهدتهم له والقوات قاموا أيضاً بإطلاق بعض الأعيرة النارية صوبهم فأصابوا بعض المجندين، فتمكن والقوات المرافقة له من ضبط المتهمين المتجمهرين والمشاركين في تلك الأحداث، واستدل على أنهم من المشاركين في الجرائم والوقائع سالفة الذكر، ومن ثم تكون الجرائم التى ارتكبوها وما تضمنته من أعمال عنف وقوة متلبساً بها تتيح للضابط شاهد الإثبات الأول القبض عليهم وتفتيشهم متى كان ضبط المتهمين تم أثناء وقوع الجريمة وعلى النحو الذى أثبته بمحضره وشهد به بالتحقيقات، ولا ينال من ذلك ما أثاره المدافعون عن المتهمين من عدم معرفة باقى القائمين على الضبط مادام الضبط قد تم جميعه تحت إشراف شاهد الإثبات الأول ووفق الثابت بمحضره وقرره بالتحقيقات سيما وأن القبض تم بمكان الأحداث ومن ثم يكون منعى الدفاع قائماً على غير أساس متعيناً رفضه." كما عرض الحكم للدفع ببطلان محضر الضبط لتجهيل كيفية ضبط المتهمين والحالة التى كان عليها كل متهم واطرحه في قوله: " وحيث إنه عن الدفع المبدى ببطلان محضر الضبط لمخالفته نص المادتين ٣١، ٣٢ من قانون الإجراءات الجنائية، لتجهيله وعدم بيان كيفية ضبط كل متهم والحالة التى كان عليها كل من المتهمين والقائمين بالضبط، فمردود عليه بما هو مقرر طبقاً لنص المادة ٢٩ من القانون سالف البيان أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المنسوبة إليه وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم، بما في ذلك إقراره بارتكاب الجريمة، ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد فيه مادام قد عرض مع باقى أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة. ولها أيضاً أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات في هذا الشأن أو أمور أو عناصر أخرى، وكان المحضر الراهن قد أثبت به انتقال ضابط المحضر لرصد متابعته الأمنية من وجود مسيرة حاملين فيها أسلحة نارية وبيضاء ولافتات وخلافه، وأنهم يطلقون الأعيرة النارية صوب المواطنين وبطريقة عشوائية، وأثبت فيه انتقاله وما تم من إجراءات حيال المتهمين ومن تم ضبطه منهم وكذا ما تم ضبطه من أسلحة وأدوات ولافتات بمعرفة القوات المرافقة له وبعض الأهالى ودون استجواب المتهمين أو سؤالهم تفصيلاً او مواجهتهم بالأدلة المختلفة ولم يناقشهم بشأن ما اقترفوه من جرم، ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الخصوص يكون غير سديد، وتطمئن المحكمة إلى ذلك المحضر كما تستند إليه كدليل من أدلة الدعوى، ... كما لا ينال من ذلك ما أثاره الدفاع عن المتهمين من عدم معرفة باقى القائمين على ضبط المتهمين مادام أن الضبط تم تحت إشراف شاهد الإثبات الأول محرر محضر الضبط سالف البيان".

لما كان ذلك، وكانت المادتان ٣٤، ٣٥ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي - في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر - أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه، فإذا لم يكن حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره. وكانت المادة ٤٦ من ذات القانون تجيز تفتيش المتهم في الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانوناً. وكان التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح لمأمور الضبط القضائي الذى شاهد وقوعها أن يقبض على المتهم الذى تقوم دلائل كافية على ارتكابه لها وأن يجرى تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة. كما أجازت المادة ٣٧ من القانون سالف البيان لغير مأمورى الضبط القضائي من آحاد الناس تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات أو الجنح التى يجوز فيها الحبس الاحتياطى متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس، وتقتضى هذه السلطة أن يكون لآحاد الناس التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذى شاهده معه بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالسلطة تلك على النحو الذى استنه القانون، وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائى، وليس في القانون ما يمنع المحكمة - في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى - من الاستدلال بحالة التلبس على المتهمين مادامت قد بينت أنهم شوهدوا في محل الحادثة وقت حصولها مباشرة حتى ضبطوا بمكان الحادث. كما أن مشاهدة رجال الضبط القضائي للطاعنين ومن معهم في المسيرة حاملين أسلحة نارية ظاهرة وأسلحة بيضاء وأدوات تستخدم في الاعتداء على الأشخاص في يدهم يعتبر بذاته تلبساً بجريمة حمل سلاح نارى تجيز لرجل الضبط القضائي القبض عليهم وتفتيشهم، وأن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التى توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، بل إنه لا ينفى قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط قد انتقل إلى محل الحادث بعد وقوعه بزمن، مادام أنه قد بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة ومادام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعنون بعدم توافرها وببطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

لما كان ذلك، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته. ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط شاهد الإثبات الاول، وقد انتهت المحكمة إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش، فإنه لا تثريب عليها إن هى عولت على أقواله ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعنين، ويكون النعى على الحكم في هذا الشأن غير سديد.

لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون من خلو الأوراق من محضر ضبط لكل طاعن على حدة في حالة تلبس - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعى على الحكم. فضلاً عن أن القانون لم يلزم مأمور الضبط القضائي بإفراد محضر مستقل لكل متهم على حدة، كما لم يرتب جزاء البطلان على مخالفة ذلك، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هى التفت عن إيراده والرد عليه.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا إلى المحكمة إجراء تحقيق في شأن واقعة ضبطهم بمعرفة الأهالى، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شاهد الإثبات، ويضحى النعى في هذا الشأن غير مقبول.

لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان خطأ الحكم في تحصيله لمضمون أقوال شاهد الإثبات الأول من مشاركة الأهالى له في القبض على الطاعنين في حين أن أقواله أشارت إلى قيامه بالضبط بالاشتراك مع القوة المرافقة له، فإنه - بفرض صحته - قد ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التى اعتنقها الحكم ولم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعنين للجرائم التى دانهم بها، ومن ثم تضحى دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهى حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها مادام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ومادام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التى دان الطاعنين على مقتضاها، فلا يعيبه - من بعد - أن يقضى ببراءة المتهمين الآخرين استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال نفس شهود الإثبات التى ساقتها النيابة العامة لإثبات الاتهامات المسندة إليهم دون أن يعد ذلك تناقضاً أو تهاتراً في الحكم، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لمَّا كَان ذلك، وكَان من المُقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سُلطة تقديرية أن ترى في واقعات الدعوى وأدلتها ما يكفى لإسناد الجرائم التى دان الطاعنين بها، ولا ترى فيها ما يوفر الأركان القانونية لجريمة الشروع في القتل العمد وتقضى ببراءتهم من هذه التُهمة، ودون أن يُعَد ذلك تناقضاً في حُكمها، ومن ثم يضحى نعى الطاعنين في هذا الخصوص ولا محل له.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة فيما يتعلق بإثبات حمل الطاعنة الرابعة لافتة بيضاء مدون عليها عبارة " السيسى خربها " وحمل الطاعنة الخامسة مقبضاً أزرق اللون ملفوفاً بشريط أسود وفى مقدمته عدد من المسامير، وساق على ثبوت تلك الواقعة في حق تلك الطاعنتين الرابعة والخامسة أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن في ذلك ما يكفى لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذى انتهى إليه، مما تنتفى معه قالة التناقض، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنتان في هذا الصدد يكون غير سديد.

لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعوا ببطلان تحقيقات النيابة العامة لإجرائها بمعرفة وكيل نيابة بالمخالفة لنص المادة ٢٠٦ مكرر من قانون الإجراءات الجنائية فإنه لا يجوز إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن النيابة العامة هى صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم - المادة ١٩٩ من قانون الإجراءات الجنائية - واستثناءً يجوز ندب قاضى للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص، ومتى أحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها – وفقاً للمادة ٦٩ من قانون الإجراءات - وحدد القانون إجراءات التحقيق التى يختص بها قاضى التحقيق والتى يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أى إجراء فيها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضى الجزئى وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ومن بينها جرائم أمن الدولة من جهة الخارج ومن جهة الداخل عدا الجرائم التى يختص قاضى التحقيق بها - المادة ٢٠٦ إجراءات - ولأعضاء النيابة العامة سلطات قاضى التحقيق في تحقيق جرائم أمن الدولة المشار إليها آنفًا - المادة ٢٠٦ مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية - ، وإذ كان يبين من الحكم أن إجراءات التحقيق التى باشرها وكيل النيابة في القضية ليس فيها مما يدخل في اختصاصات قاضى التحقيق وإنما باشرها وكيل النيابة في نطاق سلطات النيابة العامة دون سلطات قاضى التحقيق، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين وإن طلب استجوابهم بمعرفة المحكمة - عملاً بالمادة ٢٧٤ من قانون الإجراءات الجنائية - إلا أنه عاد وترافع في الدعوى دون أن يتناول الطلب سالف البيان كما لم يتمسك في ختام مرافعته ولم يصر عليه، مما مفاده نزوله عنه، بما تنحسر عن الحكم في هذا الصدد قالة الإخلال بحق الدفاع، ويضحى منعى الطاعنين في هذا الشأن غير مقبول.

لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعنون من عدم عرضهم على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليهم - بفرض صحته - طالما أنهم لا يدعون أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى، ومن ثم فإن منعاهم في هذا الشأن لا يكون سديداً. فضلاً عن أن البين من الأوراق – خلافاً لما ورد بأسباب الطعن – أنه قد تم عرض الطاعنين على النيابة العامة فور القبض عليهم.

لما كان ذلك، وكانت المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانونين رقمى ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦، ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ قد نصت على أنه: "لا يجوز للمحقق في الجنايات وفى الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذى يثبته المحقق في المحضر. وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن، أو يخطر به المحقق، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار. وإذا لم يكن للمتهم محام، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن ينتدب له محامياً". وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية هى وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالتى التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وذلك تطميناً للمتهم وصوناً لحرية الدفاع عن نفسه، وللتمكن من دعوة محامى المتهم تحقيقاً لهذه الضمانة العامة يجب على المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان.

لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أن الطاعنين لم يعلنوا اسم محاميهم سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابهم بتقرير في قلم الكتاب أو مأمور السجن فإن استجوابهم في تحقيق النيابة - من هذه الناحية - يكون قد تم صحيحاً في القانون. ولا تثريب على النيابة إن هى استمرت في استجواب الطاعنين دون انتظار محاميهم أو توجيه الدعوة لحضوره، ولا يعتبر المحقق قد اخطأ في الإجراءات إذ المحقق غير ملزم بانتظار المحامى أو تأجيل الاستجواب لحين حضور محام، والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظاراً لحضور المحامى الذى يتعذر حضوره أو يتراخى بما قد يضر سير التحقيق، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنتان السادسة والرابعة عشرة بشأن حضور محامين لا صلة لهما بهم معهما بتحقيقات النيابة العامة كما أن أحدهم محام تحت التمرين.

لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن أياً من الطاعنتين لم تثر ما تدعيه في هذا الشأن لدى جهة التحقيق كما لم تدفع به أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز لهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض بحسبانه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعى على الحكم، ويضحى منعاهما في هذا الشأن على غير أساس. فضلاً عن أن المادة ٢٦ من القانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ بشأن المحاماة أجازت للمحامى تحت التمرين الحضور باسمه في تحقيقات النيابة في الجنح وباسم المحامى الذى يتمرن في مكتبه في الجنايات، بالإضافة إلى أن القانون لم يرتب جزاء البطلان على حضور محام تحت التمرين لإجراءات التحقيق – بفرض صحة ذلك - ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة ٣٧٧ من قانون الإجراءات الجنائية التى حددت المحامين المقبولين للمرافعة، ذلك أنها تناولت الإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات وليس جهات التحقيق.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية هو من قبيل الدفع بقوة الشئ المحكوم فيه، وكان مناط الحجية المانعة من إعادة النظر هو وحدة الخصوم والموضوع والسبب. ولما كان يبين من الأوراق أن النيابة العامة بعد أن باشرت التحقيق رأت استبعاد بعض المتهمين ممن شملتهم التحقيقات ثم أقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعنين وآخرين، وكان مفاد ذلك صدور أمر ضمنى من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لمن تم استبعادهم من الاتهام، ومن ثم لا يمتد أثر هذا الأمر بألا وجه إلى غيرهم من المتهمين الذين أقيمت الدعوى الجنائية قبلهم ممن شملهم أمر الإحالة، فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون ولا محل له. فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا يجدى الطاعنين النعى بصدور أمر ضمنى من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية باستبعاد متهمين آخرين في القضية – بفرض مساهمتهم في تلك الجرائم - مادام لم يكن ليحول دون مساءلة الطاعنين عن الجرائم المسندة إليهم، والتى دلل الحكم على مقارفتهم إياها تدليلاً سائغاً ومقبولاً.

لما كان ذلك، وكانت الأدلة التى عوَّل عليها الحكم المطعون فيه في الإدانة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة الطاعنين للجرائم التى دينوا بها، وقد استخلص الحكم منها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها، فإن ما يثيره الطاعنون في خصوص عدم كفاية تلك الأدلة للقضاء بالإدانة لا يعدو جدلاً موضوعياً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويضحى نعيهم في هذا الخصوص غير مقبول.
لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن قعود النيابة عن معاينة مكان الواقعة وسؤال الشهود من الأهالى المشاركين في الضبط وسؤال الطاعن الثانى عن محدث إصابته وكيفية حدوثها، لا يعدو - في مجموعه - أن يكون تعييباً للتحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هى حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الاثبات، ويكون النعى على الحكم في هذا الصدد غير قويم.

لما كان ذلك، وكان للمحكمة الالتفات عن أقوال شهود النفى كما لها اطراح المستندات المقدمة من الطاعنين بشأن عدم تواجدهم بمسرح الواقعة، إذ هى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها كما لها ألا تأخذ بدليل النفى ولو حملته أوراق رسمية، وفى قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود أو تلك الورقة فاطرحتها، مما يكون معه النعى في هذا الصدد غير سديد.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من اطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى ارتأته، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تفاوت مقدار العقوبة التى أوقعها الحكم عليهم لا يكون مقبولاً.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن عدم إثبات المأمورية بدفتر الأحوال يكون على غير أساس.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفى التهمة أو الدفع بشيوعها أو بتلفيق الاتهام أو كيديته أو عدم معقولية تصوير الشهود لواقعة الضبط أو عدم وجودهم بمسرح الأحداث أو بخلو مكان الواقعة من آثار فوارغ طلقات نارية أو حجارة أو آثار حريق أو تلفيات، من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل من جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

المصدر

https://www.cc.gov.eg/judgment_singl...818&&ja=275038