الحديث عن المرأة وحقوقها لا ينقطع سواء أكان هذا الحديث غرضه فعلا حصول المرأة على حقوقها، أم أكان غرضه سيئا وهو إبعاد المرأة عن دورها الريادي في بناء المجتمع، وجعلها خلقا آخر متخليا عن طبيعته الفسيولوجية والنفسية، التي تساعدها على القيام بمهامها. ولقد تجاوز الحد كثير من الكتاب والمؤلفين والإعلاميين من الغرب والشرق وغيرهما، بل ومن بعض المسلمين- الذين يدعون بهتانا وزورا أنهم من التنويريين -في حديثهم عن المرأة وزعموا أن الإسلام قد ظلم المرأة وضيق عليها،وقد فسروا نصوصا من القرآن والسنة تفسيرا غريبا يخدم غرضهم، ومن ضمن القضايا التي ركزوا عليها: قضية الميراث، والحجاب، وشهادة المرأة نصف شهادة الرجل...وغير ذلك من القضايا المفتعلة التي قتلت ردا ولكن طالب الحق يكفيه دليل، وصاحب الباطل لا يقنعه ألف دليل!!. المرأة في تصور أصحاب الحضارات المزعومة: الغريب في الأمر أن أصحاب الحضارات المزعومة الذين يطالبون بحقوق المرأة -وفي الوقت نفسه يتهمون الإسلام بأنه اهدر حقوق المرأة- هم الذين اهدروا حقوق المرأة، ومن يقرأ تاريخهم ويطالع واقعهم يجد هؤلاء القوم قد جعلوا المرأة في منزلة العبيد: فقد وصفت الحضارة الصينية المرأة (بالمياه المؤلمة) التي تغسل السعادة والمال، وكان من حق الزوج أن يبيع زوجته كالجارية ويسلب ممتلكاتها، ولم يكن من حق الزوجة الزواج بعد وفاة زوجها، ومن تعاليم كونفوشيوس للرجل والمرأة أن الرجل رئيس فعليه أن يأمر، والمرأة تابعة فعليها الطاعة، لا حق لها في ميراث زوجها وأبيها، إلا ما يقدم لها من قبيل العطية. وفي الحضارة الهندية حرمت شرائع (مانو) المرأة من حقها في الاستقلال عن سلطة أبيها أو زوجها أو ولدها. وكانت المرأة تحرق مع زوجها بعد وفاته. كما كانت المرأة تُقدم قربانا للآلهة لترضى، وكانت النساء تحسب جزءا من غنائم الحرب بعد النصر، تقسم بين القادة، وحرمت المرأة في الهند من حقها في التعليم، وفي التملك، ومن حقها في طلب الطلاق([1]). وأما عن نظرة بعض المفكرين والفلاسفة الغربيين تجاه المرأة فإن(أفلاطون) الفيلسوف اليوناني يصنف المرأة في عدد من كتبه ومحاوراته مع العبيد والأشرار ومع المخبولين والمرضى،والفيلسوف (كانط) أحد الفلاسفة الغربيين يصف المرأة بأنها ضعيفة في كافة الاتجاهات بالذات في قدراتها العقلية، كذلك فيلسوف الثورة الفرنسية (جان جاك رسو) يقول: إن المرأة وجدت من أجل الجنس ومن أجل الإنجاب فقط،وشارك (فرويد) اليهودي رائد مدرسة التحليل النفسي (جان جاك رسو) في نظرته إلى المرأة واعتبرها جنسا ناقصا لا يمكن أن يصل إلى الرجل أو أن تكون قريبة منه([2]). مكانة المرأة في الإسلام: ينظر الإسلام إلى المرأة نظرة تكريم واعتزاز فهي الأم والأخت والزوجة، وشريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، فالمرأة مكلفة مع الرجل من الله جل جلاله في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30]. فهي في الإسلام على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء:70]. قدسية حياة المرأة والرجل على مرتبة واحدة من المكانة والصون: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} [المائدة:32]. المرأة في الإسلام منبت البشرية ومنشئة أجيالها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].. مسؤولية الحياة وتصريف شؤونها ورعاية مصالح العباد تقع على عاتق الرجل والمرأة ،قالصلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته» [3].