يشير خبراء الاقتصاد إلى أن القرن الحادي والعشرين سيشهد تحولاً في ثروات الأمم، وستكون القدرة العقلية والخيال والابتكار وتنظيم التقنيات الحديثة هي العناصر الإستراتيجية الأساسية في التقدم الاقتصادي، فالمعارف والمهارات تقف اليوم وحدها مصدراً وحيداً في أفضلية المقارنة، وستكون محركات الثروة القادمة في النهضة - كما تذكرها وزارة الصناعة والتجارة في اليابان - هي: الإلكترونيات الدقيقة، التقنية الحيوية، صناعات علم المواد الحديثة، الاتصالات، صناعة الطائرات المدنية، الإنسان الآلي والماكينات ذاتية الحركة، الحواسيب والبرمجيات[1]، وسيعاد توزيع القوى على الأرض، لتنتقل الراية من الأمم التي تمتلك المصادر الطبيعية ورأس المال، إلى الأمم التي تجعل شعوبها مبتكرة وتعرف كيف توظف رأس المال وتستغل الموارد الطبيعية لدى الدول الأخرى. فالمفهوم العام للتفكير الابتكاري الخلاق يمكن أن يشترك فيه كل إنسان على قدر جهده واجتهاده ومعلوماته وحدود التغيير التي يملكها، متى وأينما توافرت الظروف له، ومتى كان المجتمع أو البيئة تشجعه على ذلك. فمجتمع الموظفين الروتيني يحارب الموظف المبتكر، لأنه متحصن باللوائح والمستندات والأوراق، غير ناظر إلى قضية النهضة والتنمية، وحاجات الناس المتزايدة. أما قادة الاقتصاد الإبداعي، فيرحبون بكل من يتفنن في طرح المزيد من الأفكار التي تطور المنتجات، وفق احتياجات الناس، وأذواقهم المتغيرة، ولكل سبل تزيد من تسويقها وتفتح آفاقاً جديدة، أو تلك التي تختصر مراحل الإنتاج وتقلل التكلفة. وقد أصبح التفكير الخلاق ضرورة وطنية لابد منها لدى أي مخطط إستراتيجي تنموي، لأن «المجتمع الإنساني يواجه على اختلاف مستوياته عالماً بالغ التعقيد، تتكاثر مشكلاته بمعدل يفوق قدرة بشره على حلها»[2]. وهذا يفتح المجال واسعاً، من أجل فتح الآفاق أمام مختلف المبدعين والحالمين والمخططين، على مختلف الأصعدة والمجالات، وبعبارة موجزة: هناك ما يسمى الاقتصاد الإبداعي الذي يعني إفساح المجال لدعم المبدعين والمتميزين والمخترعين، مادياً ومعنوياً، وتمكينهم على المستوى القيادي.