نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وان يرزقنا العمل بما علمنا، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه سميع مجيب. فاتقوا الله تعالى واعملوا صالحا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [هود: 23]. أيها المسلمون: ينبغي للمؤمن أن يكثر من قراءة القرآن في شعبان، حتى يعتاد ذلك، فلا يدخل عليه رمضان إلا وقد ألف كثرة القراءة، فلا يصيبه الملل والسأم، ويروض نفسه على التلذذ بآيات القرآن الكريم. «قال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن». وليلة النصف من شعبان جاء فيها حديثان ضعيفان لا يعول عليهما، وليس لها مزية على غيرها من الليالي، فلا يخص نهارها بصوم، ولا ليلها بقيام، بل هي كسائر الليالي؛ فمن اعتاد على الصيام في شعبان صام يوم النصف لأنه يصوم شعبان، ومن اعتاد قيام الليل قام ليلة النصف على عادته في القيام، لا لأنها ليلة النصف من شعبان. ويُنهى عن صيام آخر شعبان إذا كان على سبيل الاحتياط لرمضان، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» (رواه الشيخان). وفي حديث عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال «مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه أهل السنن. فإذا وافق يوما كان يصومه كصيامه الاثنين أو الخميس فلا بأس أن يصومه؛ لأنه لم ينو بصيامه الاحتياط لرمضان. وبكل حال فإنه ينبغي للمؤمن أن يغير من حاله في شعبان؛ استعدادا لرمضان، وأن يكثر فيه من الصيام وقراءة القرآن؛ لئلا يكون من الغافلين؛ ولكي يستعد لرمضان، فلا يدخل عليه إلا وقد ألف الصيام والقرآن، فيكون أنشط في العبادة في رمضان. وصلوا وسلموا على نبيكم...