لقد ازدادت حالات الطلاق في بلادنا، حتى بلغت في شهر مارس من هذه السنة في المكلا وضواحيها حسب إحصائية محكمة الغرب في المكلا فقط أربعين حالة طلاق فضلاً عن محكمة الشرق، وهذا مؤشر خطير، ومنذر بكارثة اجتماعية كبيرة، كيف لا؟! و من خطره فإن إبليس يفرح فرحاً شديداً به، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث جَابِرِ بن عبدالله رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ» وفي زيادة عند أحمد "فَيَلْتَزِمُهُ - وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ أَنْتَ ". ومعناه: (إن إبليس يضع عرشه) أي سرير ملكه (على الماء) وفي رواية على البحر، (ثم يبعث) أي يرسل (سراياه) أي جنوده وأعوانه (يَفتنون الناس) أي يضلونهم أو يمتحنونهم بتزيين المعاصي إليهم حتى يقعوا فيها (فأدناهم) أي أقربهم (منه) أي من إبليس (منزلة) أي مرتبة (أعظمهم فتنة) أي أكبرهم إضلالاً (فعلتُ كذا وكذا) أي أمرتُ بشرب الخمرِ والسرقة مثلاً (فيقول ما صنعتَ شيئًا) أي عظيماً أو معتداً به (ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ) أي فلاناً (حتى فرقت بينه وبين امرأته) أي وسوستُه، وأوقعتُ البغضَ والعداوةَ بينه وبين زوجته حتى فارقها (فيدنيه منه) أي فيقرب إبليسُ ذلك المغويَّ من نفسه، من الإدناء (نِعم أنت) نعم الولدُ أنت، يعني يمدح إبليسُ صنيعه ويشكرُ فعلَه لإعجابِه بصنيعه، وبلوغ الغاية التي أرادها، وقيل أي أنت صنعت شيئاً عظيماً. فيتبين من هذا الحديث أن التفريق بين الزوجين بالطلاق من أحب الأعمال إلى إبليس اللعين، وللأسف أن كثيراً من الناس في مجتمعنا قد أطاعوا الشيطان، واستعجلوا فك عقدة الزواج؛ وانهيار العلاقات الزوجية يعني تشتت الأسر، وهدم كيانها، وضياع أفرادها... وبنظرة عابرةٍ على الواقع نكتشف أن جميع أطراف النزاعات الأسرية المدمَّرة خاسرون، بداية من الزوج الذي سيهجر العش الذي ألفه، والزوجة التي يسكن إليها... مرورًا بالزوجة التي ستواجُه نظرةَ المجتمعِ القاسيةَ التي لا ترحم لكونها مطلقة، وانتهاءً بالأطفال الضحايا الضائعين في حالات الطلاق الذين يدفعون ثمن انهيار البيت العائلي، فالطلاق قد يدفع بالفرد الى هاوية تعصف بشخصيته، أو ندمٍ يمزق داخله، أو مصيرٍ مجهول يعصف به.