المستشار عادل عبدالحميد رئيس مجلس القضاء الأعلي‏:‏ لن أسمح بنزول القضاة إلي الشارع القضاء المتخصص سيساعد علي حسم القضايا بسرعة واحترافية

يستمد القاضي مكانته من عدالته ومن احتفاظه بكيانه‏,‏ فلا ينزل إلي الشارع ولا يطل علينا كل يوم في الفضائيات متحدثا في السياسة بلسان المعارضة‏.‏ كان القض...

المستشار عادل عبدالحميد رئيس مجلس القضاء الأعلي‏:‏ لن أسمح بنزول القضاة إلي الشارع القضاء المتخصص سيساعد علي حسم القضايا بسرعة واحترافية


يستمد القاضي مكانته من عدالته ومن احتفاظه بكيانه‏,‏ فلا ينزل إلي الشارع ولا يطل علينا كل يوم في الفضائيات متحدثا في السياسة بلسان المعارضة‏.‏ كان القضاء المصري قلعة حصينة لا يعرف أحد ماذا يدور خلف أسوارها لدرجة أن العامة من الناس كانوا يظنون أن القاضي صنف آخر من البشر أوكله الله بمهمة إقرار العدل في الأرض‏.‏
لكن القضاة هبطوا من منصاتهم وأصبحوا مثل باقي البشر‏:‏ يعتصمون ويرفعون أصواتهم ويتظاهر بعضهم ويتكلم بعضهم في السياسة ماحدا ببعض المتقاضين إلي التحدث مع أحدهم بطريقة غير لائقة متشككا في عدالة الحكم الذي نطق به‏.‏ والآن هناك المستشار عادل عبدالحميد رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلي الجديد‏..‏ تعالوا نحاوره عما يدور في ساحة القضاء‏.‏

*‏ سألته‏:‏ منذ سنوات ونحن نعاني بطء التقاضي فضلا عن أشياء أخري؟
ــ أجاب المستشار عادل عبدالحميد‏:‏ ندرس الآن كيفية تسريع النظر في القضايا دون الإخلال بصدقية الأحكام وعدلها ومازلت في الشهر الأول من رئاستي وجدول الأعمال مزدحم ولكني مصمم علي إيجاد مخرج لهذه الأزمة التي تطول كثيرا من الناس‏.‏

*‏ بدأنا منذ فترة في إقامة محاكمة متخصصة فهل ذلك بداية لتخصيص القضاء؟ وهل ذلك في مصلحة المتقاضين؟
ــ أجاب المستشارعادل عبدالحميد‏:‏ التخصص يسهم في رفع القدرات الفنية للقضاة والكوادر المعاونة لهم ويعمل علي تنمية مهاراتهم العلمية مما ينعكس إيجابا علي الإنجاز وسرعة الفصل في القضايا‏,‏ فالقاضي الذي يحترف النظر في نوع معين من القضايا يضع يده علي مصادر وأسس النزاع وإمكانية فهمها في أقل وقت مما يساعد علي سرعة الفصل فيها‏.‏

*‏ معني ذلك أنك تري أن يستمر قضاة المحاكم المتخصصة فيها؟
ــ نعم فالمفروض في التخصص ألا ينتقل القاضي من فرع من القانون إلي آخر‏,‏ وحتي يحدث الأثر الملموس والحقيقي فلابد من بقائه في نفس نوعية القضايا التي ينظرها والتركيز والاستمرارية فيها تعطيه هيمنة عليها من جانب القوانين التي تحكمها إلا إذا اقتضت الضرورة نقله إلي فرع آخر‏.‏

*‏ ولكن برغم ذلك لم نشعر بإنجاز أو سرعة في إنهاء القضايا؟
ــ التجربة لازالت جديدة وتحتاج إلي وقت لكي تنضج وتؤتي ثمارها وإن كنت منذ أن جئت رئيسا لمجلس القضاء الأعلي ومحكمة النقض بدأت في اتخاذ التدابير الفنية التي ستدعم مطلب سرعة التقاضي‏,‏ فمثلا في محكمة النقض ولمواجهة ظاهرة تأخر الطعون المدنية خصوصا التي مضي عليها أكثر من عشر سنوات بدأنا عدة خطوات منها زيادة عدد الدوائر للطعون المدنية وانشاء أربع دوائر جديدة مدنية‏,‏ وزيادة عدد الطعون المعروضة علي المستشار المقرر بتضاعف عدد القضايا المعروضة علي المستشار شهريا‏.‏ وهناك خطوات أخري في بقية أنواع القضاء سيتم إتخاذها قريبا‏.‏

‏*‏ معروف أن أندية القضاة هي أندية اجتماعية وخدمية فقط لكنها سيست وباتت تسلك مسالك أخري علي غير ما انشئت من أجله فهل سيستمر ذلك؟
ــ ما حدث في السابق من نزول القضاة الي الشارع وظهورهم علي الفضائيات ومشاركتهم بالرأي في الأحداث السياسية هو خروج علي الأعراف والتقاليد القضائية الراسخة‏.‏ لأن قانون السلطة القضائية يحظر علي القاضي العمل بالسياسة‏.‏ لأن القضاة ليسوا سياسيين وعلي القاضي إذا أراد التحدث أن يكون حديثه بلغة القانون وداخل قاعات المحاكم وحجرات المداولة لا يجب عليه أن ينزل بوشاحه إلي الشارع‏,‏ وأنا لن أسمح بذلك نهائيا ولن أدع فرصة لتكرار ما حدث أو الحديث في الفضائيات والصحف‏.‏ فما دام هناك حظر للعمل بالسياسة فيحظر علي القاضي الحديث في الفضائيات أو الصحف وكذلك أيضا فيما يتعلق بمسلك القاضي الشخصي‏,‏ وأن تطبق ضوابط علي علاقاته وأن تكون دائرة علاقاته محدودة لأن ذلك مما يؤخذ علي القضاه‏.‏ وبعض هذه العلاقات تسببت في عدم قبول ترشيح بعض القضاة للانتقال الي محكمة النقض‏.‏

*‏ ولكن معايير اختيار القضاة للانضمام لمحكمة النقض ـ كما يقول بعض القضاة ـ غير دقيقة مثل جعلها للتصويت وتدخل الشللية في ذلك‏.‏
ـ لنبدأ من موضوع التحيز لننفيه نفيا قاطعا‏,‏ لأن اختيار الأعضاء للعمل في نيابة النقض والمكتب الفني من الأساس يتم بناء علي معايير مهنية غاية في الدقة‏.‏ فضلا عن أن من بين هؤلاء عند الترشيح للنقض يتم استبعادهم لأن الاقتراع يكون سريا ومعايير التصويت تحتكم الي ضمير القاضي النزيه الذي يقرأ بيان الترشيح للقضاة وتقارير الكفاءة ومدة الخدمة وكذلك الشكاوي المقدمة ضده‏,‏ أما الشللية ـ التي يدعيها البعض ـ فهي غير موجودة بدليل الترشيحات الأخيرة التي عرضت علي الجمعية العمومية والتي أكدت موضوعية الاختيارات التي استبعدت بعض المرشحين ممن يعملون في نيابة النقض أو المكتب الفني لأي سبب وجيه مثل تقارير جهاز التفتيش القضائي‏.‏

*‏ علي ذكر التفتيش يطالب البعض بنقل تبعيته لمجلس القضاء الأعلي تأكيدا ـ أو ضمانا ـ لاستقلاليته ؟
ـ ليس لدي مكان في محكمة النقض‏(‏ مكاتب‏),‏ ونعاني الآن من إيجاد غرف للدوائر الأربع الجديدة التي سأقوم بإنشائها فضلا عن أن كل أعمال التفتيش تخضع لرقابة المجلس‏,‏ وكذلك الحركة القضائية تتم مراجعتها في المجلس مراجعة دقيقة ويتم فيها التصحيح والتعديل طبقا لما يقرره المجلس‏.‏

كما أن قرارات وزير العدل بإحالة قاض إلي الصلاحية أو التأديب يخضع لرقابة المجلس الأعلي للقضاء‏.‏ وفي المجمل كل ما يتعلق بأمور رجال القضاء أو النيابة العامة يخضع لرقابة وموافقة المجلس حتي مجالس التأديب بدرجتيها تحت رئاسة رئيس المجلس‏.‏

وتأديب القضاة أو الدعوة التأديبية التي تقام من النائب العام أو باقتراح عن الوزير أو رئيس المحكمة التي يتبعها القاضي تنظر والمجلس الأعلي للتأديب يكون برئاسة رئيس محكمة النقض‏.‏

*‏ البعض يري أن استقلالية القضاء منقوصة لتبعية جهاز التفتيش القضائي لوزير العدل مباشرة ؟‏!‏
ـ هذا واقع الحال حتي الآن‏.‏ وان كان نقل تبعية التفتيش من الوزارة الي المجلس الأعلي للقضاء هو مطلب من مطالب القضاه لنقل التبعية من الوزارة وإلحاقه بالمجلس خصوصا أن أعمال توجيه التنبيه والتقارير الفنية للتفتيش التي تقدر كفاية القاضي تخضع لرقابة مجلس القضاء الأعلي‏.‏ وأنا أؤكد أنني أسعي الي كل ما من شأنه التأكيد علي استقلال القضاء الذي يحرص عليه الرئيس مبارك ويؤكد عليه دائما‏.‏

*‏ ولكن هل سيحدث ذلك صداما مع الوزير خصوصا بعد رفض توسيع قاعدة المجلس بضم رئيس محكمتي شمال وجنوب ؟
ـ ليس هناك صدام وعلاقة المجلس بالوزارة علاقة عادية والتعاون بيننا في أوسع نطاق بما ينفع القضاة وإذا حدث خلاف فنحتكم لقانون السلطة القضائية والاختصاصات فيه محددة‏.‏

وعند طرح موضوع توسعة المجلس قلت لامانع ولكن في الإطار الصحيح ووفق ضوابط ومعايير‏.‏ والتوسعة كمشروع قانون تم ارجاؤها للعرض علي الجمعيات العمومية واستطلاع رأي القضاة منها خصوصا أن الرئيس مبارك الذي شهد مجلس القضاء الأعلي عودته في عهد سيادته يدعم استقلال القضاء‏.‏

*‏ ما رأيك في الدعوي التي أقامها المستشار زكريا عبد العزيز ضد الرئيس السابق للمجلس الأعلي للقضاء المستشار مقبل شاكر لصرفه مكافآت ـ قيل إنها علي غير أساس ؟
ـ الدعوي ليس لها أساس موضوعي وإذا كان المستشار مقبل شاكر قد أعطي مكافآت فهي مقررة للأعضاء نتيجة نظر الطعون الانتخابية التي لاتنظرها إلا محكمة النقض‏.‏

*‏ يشكو بعض القضاة من التعسف في مجالس التأديب ؟
ـ تلك شكوي جائرة وفي غير محلها فلا يوجد تعسف ضد قاض‏.‏ ولكن إذا ارتكب أي قاض مخالفة أو تجاوزا لا نحاكمه فقد مضي العهد الذي يتم فيه التجاوز عن تجاوزات القضاه وإذا حدث من أي قاض ما يستوجب استبعاده عن القضاء سنستبعده فورا وفق معايير عادلة في مجالس التأديب‏.‏

*‏ ولكن ما هي الضمانات لعدم العسف به ؟
ـ من حقه ندب زميل له في كل المحاكمات أو أمام المجالس التأديبية التي يقف أمامها ليدافع عنه والقانون يكفل له هذا الحق‏.‏