وأعطت المادة 133 إجراءات جنائية للمتهم الذي قبض عليه فى غير دائرة اختصاص النيابة التى ارتكبت فيها الواقعة الحق فى الاعتراض على نقله من المكان الذى قبض عليه فيه إلى المكان الذى حدثت فيه الجريمة وأنه لو اعترض فإنه يخطر قاضى التحقيق بذلك فوراً وعليه أن يصدر أمره فوراً بما يتبع.

أما أن يقبض على المتهم بواسطة مأمور الضبط الذى وقعت الجريمة فى نطاقه والمتهم يقيم فى دائرة محكمة اخرى بل فى نطاق محافظة أخرى ثم يحمله عنوة الى النيابة العامة التى وقعت الجريمة فى نطاقها دون عرضه على النيابة العامة التى يقيم فى نطاقها لتحيطه علماً بالجريمة المتهم بها وتقوم بسؤاله عنها وتسمع الاعتراضات التى يبديها فى النقل إلى نيابة أخرى فإن الاستجواب الذى تم فى نطاق النيابة التى وقعت الجريمة فيها يغدو باطلا وما تلى هذا الإجراء من إجراءات وهو الاعتراف المنسوب للمتهم فى هذا الاستجواب والمعاينات التى تمت كأثر من آثار الاستجواب الباطل.



سابعاً : الدفع بعدم مشروعية التسجيل الخاص بشريط الفيديو وإهداره كدليل فى الدعوى وبطلان كافة الإجراءات التى تسببت فى وجوده وكذلك بطلان الإجراءات الخاصة بعرضه وما يترتب على ذلك من إجراءات :

إن القبض على المتهم الثانى بطريق غير مشروع ثم سوقه إلى قسم العمرانية ومنه إلى جلسة تحقيق تستغرق اكثر من اثنى عشر ساعة ثم يساق بعدها إلى منزل المجنى علية فى الهزيع الأخير من الليل لتمثيل كيفية ارتكاب الجريمة دون اعتبار لما وقع عليه من إكراه طوال هذه المراحل التى بدأت بالقبض عليه بمنزله بمركز طامية محافظة الفيوم بواسطة مأمور ضبط قضائى غير مختص وبإذن صادر من سلطة غير مختصة لهو قمة الإكراه الذى يصم كل هذه الأعمال بعدم مشروعية.

ولذلك فإن ما يهمنا الآن هو التكييف القانونى لاستخدام أجهزة التسجيل للحصول على دليل فى الدعوى الجنائية وهنا يأتى السؤال : هل يعتبر مباشرة التسجيل الصوتى إجراءاً مستقلاً ؟ أم يمكن إدراجه تحت نوع من الإجراءات المعروفة لنا ؟ لكننا لو استعرضنا أمام مخيلتنا مختلف الإجراءات التى قد تباشر فى جمع الأدلة لوجدنا أن أقربها إلى تسجيل الأصوات هو إثبات الحالة والتفتيش.

وإثبات الحالة عبارة عن نقل صورة كاملة صادقة لمكان معين أو لحدث معين ، والمستشف من نصوص القانون ومما يجرى به العمل أن هذا الإجراء لا يتم إلا بعد وقوع الجريمة وبقصد المحافظة على الآثار الناتجة عنها هذا فضلاً عن أنه لا محل لمباشرته خفية 0 وبهذا فهو يختلف عن التسجيل الصوتى 0 ولا يمكن من ثم عد هذا الأخير نوعاً من إثبات الحالة.

ولا ينبغى لنا إلا إجراء التفتيش ، ويعرف بأنه الإطلاع على محل منحه القانون حرمة خاصة بإعتباره مستودع سر صاحبه لضبط ما عسى قد يوجد به مما يفيد فى كشف الحقيقة عن جريمة معينه 0 وقد يكون محل التفتيش ذات الشخص أو مسكنه أو مكان آخر أضفى عليه القانون حماية باعتباره مكنوناً لسر الفرد ، بمعنى أن له الحق فى إبقاء سريته قاصرة على نفسه ويحرم على غيره الاطلاع عليه ، فالقانون فى هذه الحالة رعاية الشخص كجسم معين ولا المسكن كبناء خاص ، وإنما السر الذى يحمله فقط ، والذى يعتبره مكاناً يطمئن إليه فيه وإذا تمعنا قليلاً فى التسجيل بنوعيه على

أى صورة يتم لوجدناه لصيق الشبه بالتفتيش ، هذا ما لم يعد نوعاً من التفتيش فعلاً ، ذلك أن الغاية منه هى البحث عن دليل على الحقيقة ، وهى نفس الغاية من التفتيش ، ثم إن محل مباشرته هو ذات المحل الذى ينصب عليه التفتيش وهذا التكييف القانونى له نتيجة فى غاية الأهمية ، إذ أننا لو اعتبرناه نوعاً من التفتيش لأعملنا فى مباشرته كل الأحكام الخاصة بالتفتيش ، أما لو قلنا أنه إجراء مستقل لطبقنا بالنسبة إليه قواعد خاصة 0 ويتضح هذا بصورة جلية فى أن التفتيش أساساً لا يتخذ إلا بعد وقوع الجريمة ، وبقصد ضبط ما يفيد فى كشف الحقيقة ، وهو أصلاً يباشر ضد المتهم بارتكاب الجريمة ، فإن دعا الحال إلى تفتيش غير المتهم لاحتاج الأمر إلى توافر شروط معينه لمباشرة الإجراء 0 ومباشرة التسجيل إن تم بعد وقوع الجريمة فإنه قد يمس المتهم بارتكابها وقد يمس المتهم الذى توقعه الظروف فى طريق التسجيل.

وما يهمنا الآن هو استخدام التسجيل بعد وقوع الجريمة من سلطة التحقيق وهو موضوع قضيتنا ذلك أن استخدام التسجيل فى مرحلة التحقيق من المسائل التى استجدت فى العمل أخيراً حيث تريد سلطة التحقيق إسباغ المشروعية على التحقيقات التى تجريها خصوصاً فى حالة إثباتها إعتراف المتهم بالجريمة فتقوم بتأجير كاميرا للفيديو وتأجير شخص يقوم بعملية التصوير ثم يقوم بإحضار المتهم المقبوض عليه لمحل الجريمة وتقوم بتصويره وهو يمثل كيفية ارتكابه لهذه الجريمة.

وهذا العمل من سلطة التحقيق غير مشروع ذلك أن نصى المادتين رقمى 95 ، 206 من قانون الإجراءات الجنائية لم يسمحا إلا بتسجيل الأحاديث التى تجرى فى مكان خاص ( وهو تسجيل خاص بالصوت فقط ) ولذلك يبدو مخالفاً للقانون إذا جاوز المحقق ذلك وقام بتسجيل اللقاء بين المتهم وغيره من الناس وتصوير هذا اللقاء 0 أو الإذن به ذلك أن هذا التسجيل بالصورة " فيديو " لا يملكه المحقق وبالتالى فإن الإذن الصادر به مخالفاً للقانون ويترتب عليه البطلان لعدم مشروعيته ومن ثم لا يصلح لأن يستمد منه دليل مشروع وأساس ذلك أن المشرع فرق فى المادة رقم 309 مكرراً من قانون العقوبات بين حماية الصوت وحماية الصورة فخصص فقرة مستقلة لكل منهما ، ومن ثم فإن المشرع الإجرائى الذى ينظم تطبيق قانون العقوبات إذا تحدث عن الإذن بتسجيل الصوت فلا يمكن أن ينصرف إلى تسجيل الصورة 00 إذن هذا التسجيل بالصورة مخالف للقانون وغير مشروع 0

وهذا رأى مطروح على الفقه والقضاء فى مصر منذ سنة 1995 وثابت فى كتاب القواعد العامة للإجراءات الجنائية للدكتور/عبد الرؤوف مهدى ص499 فقرة 328–طبعة 2003

أما تكييف التسجيل على أنه نوع من التفتيش فهو أيضاً رأى آخر مطروح على الفقه ثابت فى كتاب المحقق الجنائى للدكتور حسن صادق المرصفاوى ص 59 وما بعدها 00 لذلك فإننا نعالجه على أساس ذلك :-

فالتفتيش هو البحث فى مستودع أسرار فرد معين عن أدلة تفيد التحقيق بشأن جريمة معينة وقعت وتقوم الدلائل الجدية ضد هذا الشخص على ارتكابه لها 0 وقد يكون مستودع الأسرار محل التفتيش شخص هذا الفرد كما قد يكون أمكنه خاصة به لها حرمتها 0

وحرصت الدساتير على رفع بعض أحكام التفتيش إلى مصاف المبادئ الدستورية خاصة بعد الإعلان العالمى لحقوق الانسان التى نصت مادته الثانية عشر على أن " لا يعرض أحد لتدخل تعسفى فى حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفة وسمعته ولكل شخص الحق فى حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات " والدستور المصرى نص فى المادة 41 على أن " الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس وفيما عدا التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعة من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون ولذلك فإن المشرع أحاط التفتيش بشروط شكلية وشروط موضوعية :-

1- الشروط الشكلية :

أ- يتعين أن يكون أمر التفتيش ثابتاً بالكتابة وأن يكون مؤرخاً وأن يثبت فى الإذن ساعة إصداره ومشتملاً على اسم ووظيفة من أصدره وتوقيع من أصدره.

ب- أن يكون إذن التفتيش مسبباً ( أمر قضائى مسبب مادة / 41 من الدستور ) والمادة / 91 إجراءات تنص على أن يكون أمر التفتيش مسبباً 0 والإذن المسبب فى حالات تفتيش المنزل دون تفتيش الشخص.

2- الشروط الموضوعية :

أ- صدور أمر التفتيش من الهيئة القضائية المختصة سواء كان قاضى التحقيق أو النيابة العامة أو محكمة الموضوع. وأن تكون الهيئة القضائية مختصة بإصداره وإلا وقع الأمر باطلاً.

ب- صدور الأمر فى جناية أو جنحة.

جـ - أن يصدر الأمر بعد وقوع الجريمة.

د – وجود دلائل وإمارات جدية تكفى لتوجيه الاتهام إلى الشخص المراد تفتيشه أو تفتيش منزله.

هـ - وجود فائدة من التفتيش وتتمثل الفائدة فى ضبط أشياء تفيد فى كشف الحقيقة بالنسبة للجريمة التى يصدر أمر التفتيش بشأنها 0

و – أن يكون محل أمر التفتيش محدداً.

ن – أن يكون إذن التفتيش متفرعاً من إجراء غير مشروع.

فإذا كان التسجيل الصوتى مخالف للقانون طبقاً للرأى الأول أو أنه يتمتع بذات الضمانات التى يتمتع بها التفتيش طبقاً للرأى الثانى فإن هذا التصوير مدموغ بعدم المشروعية ذلك :-

1- لأنه قد تم دون إذن سابق أو تصريح بإجرائه 0

2- أن هذا التصوير لا فائدة من إجراءه وإنما أرادت سلطة التحقيق إضفاء المشروعية على الاعتراف المنسوب للمتهمين.

3- أن هذا التصوير متفرع من إجراء غير مشروع وهو القبض الباطل 0

4- أن الإذن بالتصوير يجب أن يكون مسبباً ولذلك فإنه لا يوجد إذن ولا يوجد تسبيب له.

5- أن محضر المعاينة التصويرية خال من توقيع المتهمان عليه إذ أنه بالصورة التى عليها لا يعتبر حجة عليهما 0



ثامناً : الدفع بعدم توافر ظرف سبق الاصرار فى هذه الجريمة :

تعرف المادة 231 عقوبات سبق الإصرار " بأن الاصرار السابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة يكون غرض المُصر فيها إيذاء شخص معين أو غير معين وحده أو صادفه سواء كان القصد معلقاً على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط ".

والمشرع المصرى نقل هذا التعريف من نص المادة 297 من قانون العقوبات الفرنسى ( المادة 221- 3/1 ) من قانون العقوبات الجديد وجاء تعريبه لهذا النص محرفاً وغير دقيق 000 فالتعريف الفرنسى لسبق الاصرار هو "القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة تقع على شخص معين أو غير معين وحده أو صادفه ولو علق ذلك القصد على ظرف أو شرط".

راجع الدكتور جلال ثروت ـ القسم الخاص ـ رقم 155 ـ ص 222.

لكن المشرع الفرنسى عدل عن هذا التعريف فى قانون العقوبات الجديد ولم يضع تعريفاً لسبق الإصرار (المادة 221-3/1) 000 وتتكون كلمة Premeditation من مقطعين الاول هو Pre وتعنى "السبق" والثانى meditation وتعنى التفكير.

ولذلك نشط الفقه المصرى فى تعريف هذا الظرف بأنه " التفكير الهادئ فى الجريمة قبل التصميم عليها وتنفيذها ".

راجع الدكتور محمود نجيب حسنى ـ القسم الخاص ـ رقم 478 ـ ص 361.

أو هو التروى والتدبر قبل الإقدام على ارتكاب الحادث والتفكير فى الجريمة تفكيراً هادئاً لا يشوبه اضطراب.

راجع المستشار محمود ابراهيم إسماعيل ـ القسم العام ـ ص 29.

وترجع حكمة التشديد الى أمرين هامين:

الأول: أن من يصمم على ارتكاب الجريمة ويقوم بتنفيذها بعد تفكير وروية هو مجرم أكثر خطورة يستحق تشديد العقاب عليه.

راجع جارسون مادة 296– 298– رقم7،الدكتور محمد محى الدين عوض– رقم267– ص 316

الثانى: أن من توافر لديه سبق الإصرار تكشف جريمته عن شخصيته ومقدار ما تنطوى عليه من خطورة 0

راجع الدكتور محمود نجيب حسنى ـ رقم 480 ـ ص 363.

ويتكون هذا الظرف من عنصرين:

1- عنصر مادى وهى المدة التى تمضى قبل ارتكاب الجريمة (ويسمى بالعنصر الزمنى)0

2- عنصر نفسى وهو التفكير الهادئ والروية فى ارتكاب الجريمة والفقه والقضاء يركزان على العنصر النفسى أكثر من العنصر الزمنى 000 بل يعتبر الأخير غير كاف وحده لتوافر ظرف سبق الإصرار لأنه لا يؤدى بالضرورة إلى التسليم بقيامه.

نقض 5/12/1932 ـ مجموعة القواعد ـ ج 3 ـ ق 46 ـ ص 45 ، نقض 28/10/1944 ـ ق 137.

وتطبيقا لذلك قضى:

بأن مناط سبق الإصرار هو أن يرتكب الجانى الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية

نقض 9/4/1954 ـ مج أحكام النقض ـ س 5 ـ ق 341 ـ ص932

وقضى أيضا بأنه:

ليست العبرة فى توافر ظرف سبق الإصرار بمضى الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها-طال الزمن أو قصر-بل العبرة هى بما يقع فى هذا الزمن من التفكير والتقدير فما دام الجانى قد انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافراً.

نقض 25/4/1977 ـ مج أحكام النقض ـ س 28 ـ ق 109 ـ ص 510

ولكى يتوافر العنصر النفسى فى سبق الإصرار يلزم تحقيق ثلاثة أمور :-

الأمر الأول:

هدوء البال الذى يسمح بترديد الفكر بين الإقدام والإحجام وترجيح أحدهما على الآخر وهو ما قضت به محكمة النقض بقولها:-

أن سبق الإصرار يستلزم أن يكون الجانى قد أتم تفكيره وعزمه فى هدوء يسمح بترديد الفكر بين الإقدام والإحجام وترجيح أولهما على الآخر.

نقض 25/1/1931-مج القواعد القانونية-ج2-ق 169-ص 222

وأيضا قضى:-

بأن سبق الإصرار يستلزم بطبيعته أن يكون الجانى قد فكر فيما اعترضه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال.

نقض 21/9/1937-مج القواعد القانونية-ج4-ق96-ص 80

الأمر الثانى:

التفكير المطمئن.. وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض:-

بأن سبق الإصرار يستلزم أن يكون لدى الجانى من الفرصة ما يسمح له بالتروى والتفكير المطمئن فيما هو مقدم عليه.

نقض 5/12/1932 – مجموعة القواعد – ج3 – ق 46 – ص 45.

الأمر الثالث:

التروي الكافى .. وهو ما قررته محكمه النقض في قولها:

إن سبق الإصرار يكون متوافراً في حق المتهم إذا كان قد تروى فى جريمته ثم أقدم على مقارفتها مهما كان الوقت الذي حصل فيه التروى.

نقض 28/10/1940 – مجموعة القواعد – ج5 – ق 137 – ص 263.

وكلما طال وقت التفكير والتصميم كلما زاد هذا التفكير نضوجا وكان التصميم جديا.. وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بأنة:-

من المقرر أن سبق الإصرار – وهو ظرف مشدد عام فى جرائم القتل – يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال مما يقتضى الهدوء والروية قبل ارتكابها وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها إن صح افتراض قيامه.

نقض 8/2/1990 – مجموعة أحكام النقض – س41 – ق 56 – ص 345

والفارق كبير بين القتل المسبوق بعزم أو تصميم على وقوعه والقتل المسبوق بالتروى والتفكير.. فالنوع الثانى هو الأخطر وهو الذى يعاقب عليه المشرع بالعقوبة المشددة ( ذلك أن العزم والتصميم على الجريمة من المراحل النفسية السابقة على المرحلتين التحضيرية والتنفيذية للجريمة ، وهى لا يعاقب عليها المشرع أصلاً تشجيعاً للجاني على العدول عن جريمته ) .

راجع الدكتور حسنى الجندى-نظرية الجريمة المستحيلة-ص 10 وما بعدها

فإذا ارتكب الجانى جريمته فى ظروف لا يتوافر فيها عنصر من العناصر السابقة فإنه ينتفى ظرف سبق الإصرار ومثال ذلك:-

1- ثورة الغضب التي تتملك الجانى : ويقصد بذلك كما قضت محكمة النقض: ألا يكون ارتكاب الجريمة وليد الدفعة الأولى في نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره 0

نقض 8/2/1990سابق الإشارة إليه.

ومتى كان الجانى مدفوعاً بعامل الغضب الذاتى والاندفاع النفسانى وفعل ما فعل (بالقتل ) فإنه لا يتوافر ظرف سبق الإصرار.

نقض 6/6/1927-المحاماة-س 8-عدد 300

2- النفس الموتورة المنزعجة: وهى نفس هائجة أبداً لا يدع انزعاجها سبيلاً لها إلى التبصر والسكون حتى يحكم العقل هادئاً متزناً متروياً فيما تتجه إلية الارادة من الأغراض الإجرامية التى تتخيلها قاطعة لشقائها 0

نقض 5/12/1932 - مجموعة القواعد-ج3-ق 46-ص 45.

وطبقت محكمة النقض ذلك بقولها:

فمن أوذى واهتيج ظلما وطغيانا وأزعج من تجديد إيقاع الأذى الفظيع به ، فاتجهت نفسه إلى قتل معذبه ، فهو فيما اتجه إليه من الفرض الإجرامى الذي يتخيله قاطعا لشقائه يكون ثائراً مندفعاً لا سبيل له إلي التبصير والتروى والأناة ولا يعتبر ظرف سبق الإصرار متوافراً لديه إذا هو قارف القتل الذى اتجهت إليه إرادته.

نقض 5/12/1932 – مجموعة القواعد – ج3 – ق 46 – ص 45.

3- ثورة الانفعال: فهى تتعارض مع الهدوء والروية الملازمين قبل ارتكاب الجريمة.

( نقض19/12/1985-أحكام النقض-س26-ق212ص1145ونقض8/2/199-س41-ق 56 ص345)


ووقائع الدعوى على النحو الثابت بها لا ترشح لقيام هذا الظرف :

1- فالدافع إلى القتل الذي اعتنقته التحريات المدفوع ببطلانها هو " التخلص من المجنى عليه من أجل الزواج "وهو دافع فاسد، وليس له سند فى الأوراق، وغير منطقى.. إذ أنها لو أرادت التخلص من زوجها لتتزوج بمن تحب لكان أمامها بدائل كثيرة تؤدى لتطليقها من زوجها بسلام ودون ارتكاب جريمة القتل .. وهذه البدائل يعرفها عامه الناس.. وتلجأ إلى إحداها من تريد الانفصال عن زوجها دون خسائر في الأموال أو الأرواح أو التعرض للعقاب الذى يؤدى للموت .. وهذه البدائل هى:

أ‌- كان من الممكن أن ترفع المتهمة الأولى ضد زوجها دعوى خُلع، تدفع له مقدم صداقها الذى هو فى الغالب الأعم خمسة وعشرون قرشاً وتتنازل عن حقوقها فى النفقة ومؤخر الصداق، وذلك دون قتال أو تدبير لجرائم أو اتفاق مع الغير .. وطلب الخلع ليس مشروط بشروط معجزه، وإنما لكل زوجه أن تخالع زوجها إن أحست منه نفوراً.

ب‌- وكان من الممكن أن ترفع عليه دعوى تطليق للضرر لزواجه بأخرى دون إعلانها بهذا الزواج، وكان سيحكم لها بالتطليق، وإلزام الزوج بأداء النفقات بكافة أنواعها لها فضلا عن التعويض في ما يسمي بنفقة المتعة، وذلك دون أن تفكر فى القتل كدافع للتخلص من هذا الزوج.

جـ- وكان من الممكن أن ترفع على زوجها ( المجنى عليه ) دعوى التطليق لانعدام أمانته وصدور أحكام جنائية ماسة بشرفه وكرامته عن جرائم السكر وتعاطى المخدرات والدعارة ، وقد كان يكفيها تقديم الدليل وهو تحت يدها ليحكم لها بالتطليق للضرر والتعويض الجابر للضرر.

د- وكان من الممكن أن تتجه الزوجة لقسم الشرطة للإبلاغ ضد زوجها الذي كان دائما يحوز ويحرز المخدرات سواء معه أو فى منزله.. وقد وجد المحقق نبات البانجو المخدر فى درج الكومودينو الخاص به.. كما كان يمكن لها الإبلاغ ضده وهى تعلم أنه يتاجر أيضا فى أعراض النساء ويخصص لذلك أماكن تعرفها هذه الزوجة وذلك دون أن تفكر فى التخلص منه بقتلة لتتزوج بمن تحب.

ها- وكان لها أن تنشز عن طاعته، وتهرب من جحيمه وتعتصم في بيت أهلها في طاميه رافضة الدخول في طاعته فتسقط حقوقها وبالتالى تطلق دون حقوق لها وبذلك يخلو لها الجو وتنهى مسلسل هذه الحياة معه دون قتل أو تعريض أنفسهما للعقاب المشدد .

إذن الدافع للقتل الثابت بالأوراق غير قويم فضلاً عن صدوره من تحريات باطلة ثبت عدم جديتها وعدم مشروعيتها.

2- أنه لا يوجد دليل فى الأوارق يفيد وجود اتفاق مسبق بين المتهمين على ارتكاب الجريمة، وأنه لا عبره بالأقوال التى أدلت بها المتهمة الاولى بوجوده.. ذلك لأن هذه الأقوال صدرت منها وهى واقعه تحت تأثير الإكراه الشديد من رجال الضبط.. ولا يوجد بالأوراق إلا هذا القول ( راجع إجابتها أمام المحكمة بجلسة 17/10/2004 بأن إعترافها على نفسها وعلى المتهم الثانى كان بإيعاز ضباط المباحث ص 9 ( تحقيقات المحكمة ) .

بل إن ما جاء بالأوراق يقطع بأن للواقعة صورة أخرى تنفى هذا الاتفاق المسبق الذى يسمح بهدوء البال والتفكير المطمئن والتروى الكافى قبل ارتكاب الجريمة ولذلك نبسط هذه الأدلة كالتالى:

أ‌- إقرار المتهمة الاولى والمتهم الثانى فى الأقوال المنسوبة اليهما بمحضر تحقيقات النيابة بأنه سبق لهما أن تواعدا على لقاء أحدهما الآخر بشقة زوجية المتهمة الأولى التى هى محل الواقعة أكثر من مره لقضاء وقت ممتع فجاء على لسان المتهمة الأولى ص 46 .

إحنا كنا بنتقابل دايماً وكنت باشوفه فى الشارع فى البلد وقابلته فى الشارع فى مصر كذا مرة وجالى البيت مرتين ونام معايا فيه مرتين إحداهما لم تكتمل .

وقول المتهم الثانى ص 32:

أنا قابلتها فى البلد حوالى ثلاث مرات فى بيت جوزها اللى كان عايز يبيعه، وقابلتها فى بيتها فى مصر أربع مرات.

إذن القول بانتظار المتهم فى الشارع ودخول شقة المجنى عليه بعد أن تتأكد من نوم زوجها ليس دليلاً على اتفاقهما على القتل وإنما هذا الانتظار والدخول لمنزل المجنى عليه تكرر كثيراً من المتهم الثانى لغرض آخر هو الحب وليس القتل.


ب- أن القول المنسوب للمتهم الثانى بتحقيقات النيابة ص29:

· من أن المتهمة الأولى قالت له " لازم تيجى يوم الجمعة بالليل وطلبت منه أن ينتظر بالشارع حتى تأذن له بالدخول وأنه انتظر من الواحدة وحتى الرابعة صباحاً حتى شاورت له وطلع فوجد باب الشقة مفتوح وأنها قالت له أن زوجها نايم وأنهما جلسا سوياً حوالى ساعة إلا ربع 000 وبعد ذلك طلبت منه قتل زوجها " لا يمكن أن يدل على وجود اتفاق سابق وإنما هى حاله من الحالات التى كانت تحدث بينهما ليخلو لهما الجو لقضاء وقتهما بعيداً عن هذا الزوج النائم – على حد تصوير الأوراق – ولا تدل أبداً على سبق وجود اتفاق بينهما 000 والدليل على ذلك ما نسب له بالأوراق فى ذات الصفحة من قوله " كنت واقف متردد وحاولت أخرج من الشقة وأنزل000 لكن هى قعدت تلح على " 000 إذن لا يوجد اتفاق 0

· وقوله ص 30 " أنا كنت متفق مع "المتهمة الأولى" إن أنا حروحلها البيت لكن مكنتش ناوى أقتل "المجنى عليه" " 0

· وقوله ص 34 " ورحتلها عند البيت وقالتلى أنا عاوزه أشوفك ضرورى وأنا كنت باطاوعها علشان متزعلش لكن أنا ما كنتش عاوز أقتل أحمد حسين ولا أى حاجة " 0

· وقوله ص 35 " أنا قولتها أنت عاوزه إيه منى قالت ليه إن إحنا لازم نقتله ونخلص منه وأنا رفضت وحاولت أخرج من باب الشقة وأنزل فهى مسكتنى وألحت علىٌ "0

3- أن أقوال المتهم الثانى وحتى أقوال المتهمة الأولى لا يمكن أن يتوافر منها العنصر النفسى فى سبق الاصرار وذلك للأسباب الآتية:

أ- أنه لا يوجد فى أقوالهما ولا فى الأوراق ما يوحى أو يدل على تمتع المتهمين بهدوء البال الذى يسمح بترديد الفكر بين الإقدام والإحجام وترجيح أحدهما على الآخر وأنهما فكرا وتدبرا العواقب وهم هادئى البال 000 بل إن ما هو موجود بالأوراق يدل على أنهما كانا فى حالة من الانفعال النفسى وصل إلى درجة الهياج بحيث لم يدع هذا الانزعاج سبيلاً للمتهم الثانى للتبصر والسكون أو يحكم العقل بهدوء واتزان وأن يتروى فيما هو مقدم عليه فمفاجئة المتهمة الأولى له-على حد قوله بالتحقيقات-قطعت عليه كل سبيل للتروى والتدبر وحاول الخروج من الشقة لكن المتهمة الثانية زادت نفسه هياجاً بدفعه بدافع الترغيب الذى تملكه أو الترهيب الذى يحرمه من حب معشوقته كل ذلك لا ينبئ أبداً عن نفس هادئة أو فكر هادئ مقترن مطمئن.

كما لم يدع هذا الانفعال سبيلاً للمتهمة الأولى للتبصر والسكون وهى تقرر أنها أيضاً فوجئت بالمتهم الثانى وهو يجبرها على هذا الفعل التى لم تكن ترض عنه لكنه أجبرها على ذلك فخضعت لإرادته ومن ثم لا يمكن أن يكون المتهمان هادئى البال بما يسمح بترديد فكرهما بين الإحجام والإقدام وترجيح أحدهما على الآخر.

ب ـ أنه وطبقاً لوصف الاوراق وما ورد بالأقوال المنسوبة للمتهمين لم يكن هناك تفكيراً مطمئناً وانعدام وجود الفرصة التى تسمح لهما بالتروى والتفكير المطمئن فيما هما مقدمين عليه:

فالمتهم الثانى يقرر أنه فوجئ بطلب المتهمة الثانية منه ذلك بعد دخوله للشقة ومكوثه ساعة إلا ربعاً ليفاجأ بعدها بطلبها منه قتل زوجها فحاول الخروج لكنه وقع تحت تأثير المتهمة الأولى، والمتهمة الأولى تقرر أنه قرر لها أنه سيحضر لها يوم الجمعة ففوجئت به يخبرها بأنه سيقتل زوجها فرفضت فنفذ المتهم الثانى الجريمة وحده وهى واقفة تتفرج إذن التفكير المطمئن الذى يسمح بالتروى والتفكير فيما هما مقدمين عليه غير موجود.

ج ـ إن قِصر الزمن الواقع بين علم كل من المتهمين وبين واقعة القتل لا يمكن أن ينبئ بالتروى الكافى قبل الإقدام على الجريمة بل أن نفسيهما كانت منزعجة لدرجة محاولة المتهم الثانى الفرار عقب استيقاظ المجنى عليه وهو أمر ينفى الإصرار أو التصميم على القتل لكن تعطيله بواسطة المتهمة الثانية التى قالت له " انت حتخرج وتسيبنى أروح فى داهية " هي التى وضعته فى هذا الموقف الهائج الخالى من التدبر والتروى إذن ظرف سبق الإصرار غير متوافر فى الوقائع الواردة بالأوراق على فرض صحة هذه الأقوال وسلامة مصدرها الأمر الذى يكون معه الدفع يتطابق مع الواقع وصحيح القانون .



تاسعاً: يدفع المتهم الثاني بتناقض الدليل الفنى مع الدليل القولى بما يستعصى على الملائمة بينهما وبما يدمغ الدليلان بالبطلان:

المتهمان الأولى والثانى أجمعا بأن المتهم الثانى حاول الفرار والخروج من الحجرة على أثر استيقاظ المجنى عليه ووقوفه بجانب السرير إلا أن المجنى عليه أمسكه من دبر ومنعه من الخروج فاستدار المتهم الثانى وضربه بمكواة فجاءت بالسرير على حد ما أسند للمتهم الثانى من قول أو ضربه بالمكواة فجاءت فى رأسه على حد ما أسند للمتهمة الأولى من قول ودفعه للخلف ( مع اختلاف فى أقوال المتهمان حيث أثبت على لسان المتهم الثانى أن المتهمة هى التى جثمت فوقه 000 وأثبت على لسان المتهمة الأولى أن المتهم الثانى وقع عليه ) المهم أن أحدهما اشتبك معه وهو جاثم فوقه 000 وهذا يعنى أن يكون الوجه فى الوجه ساعة الضرب بالمكواة وساعة الاشتباك ووقوع المتهم.

والأقوال المنسوبة للمتهمة الأولى بتحقيقات النيابة تقرر أن المتهم الثانى لما وقع على المجنى عليه قام بخنقه بالحبل الذى كان معه 000 والأقوال المنسوبة للمتهم الثانى بتحقيقات النيابة تقرر أن المجنى عليه لما وقع على السرير كانت جيهان واقفة على السرير وراه ولفت الحبل حول رقبته ومسكت فيه بعد ما وقعت عليه وقعدت تخنق فيه لغاية ما مات 000 المهم سواء كان كلام المتهمة الأولى أو كلام المتهم الثانى أن الذى قام بلف الحبل حول رقبة المجنى عليه كان أيضاً فى المواجهة وهذا يعنى أن الحبل كان ملفوفا على كامل رقبة المجنى عليه 000 أو يمسك الحبل من طرفيه فتصبح المنطقة الفارغة فى مقدمة الرقبة ( هذا هو التصوير المنسوب للمتهمان للحادث ) ، ويضاف إلى ما سبق قول منسوب للمتهم الثانى بتحقيقات النيابة أنه والمتهمة الأولى اشتركا فى خنق المجنى عليه وكل واحد مسك من طرف وشد كل منهما من الطرف الذى يمسكه حتى فارق الحياة 0

أما تصوير التقرير الطبى الشرعى فيختلف تماماً عما قرره المتهمان بما يجعل التناقض بين الدليلين يستعصى على الملائمة وتصير الصورة الموجودة بالأوراق ليست الصورة الصحيحة لارتكاب الجريمة حيث قال التقرير الطبى الشرعى الآتى:

1- أنه وجد حز غائر متقدد أجزاء منه متسحجة بقشرة محمرة كامل الاستدارة حلقى يلتف حول العنق باقل عرض 2/1 سم وأقصى عرض 2 سم وجزء منه غير موجود بيسار العنق يبدأ من يسار العنق على أسفل زاوية الفك السفلى مباشرة ويمتد للأمام ولأسفل قليلاً بحيث يقع أسفل الذقن بحوالى 5 سم على الخط المنصف مباشرة ثم يلتف لليمين وأسفل قليلاً بحيث يقع أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالى 4 سم ثم للخلف بحيث يصبح أسفل منبت الشعر الخلفى بحوالى 1سم على الخط المنصف مباشرة ثم يمتد للخلف حتى ينتهى فى نقطة أسفل شحمة الأذن اليسرى بحوالى 5 سم بحيث تصبح المسافة بينهما وبين نقطة البداية حوالى 4 سم ( وهذا يعنى أن الذى قام بالخنق كان على جانب المجنى عليه الأيسر وهو واقف وليس نائماً أو جالس وليس فى المواجهة كما جاء على لسان المتهمان 000 وأنه يستحيل أن يحدث الخنق من الجنب والمجنى عليه نائم وقد ثبت من التقرير الطبى الشرعى أنه لا يوجد آثار لكدمات او سحجات بالجانب الأيمن من الرقبة والذى يدل على الضغط المقابل لشد الحبل ومن ثم يصبح هذا التناقض فى تصوير الحادث تناقضاً جوهرياً يستحيل قبوله ).

2- يقول تقرير الطب الشرعى تحت رقم (3) أنه يوجد جرح تاجى الوضع بطول 3 سم مشرذم الحوافى مصحوب بتورم وحوافه متسحجة بقشرة محمرة يقع مقابل الجدارية اليمنى طرفه الأنسى يبعد عن الخط المنصف بحوالى 3 سم ويبعد عن منبت الشعر الأمامى بحوالى 6 سم ( وهذا يعنى أن المجنى عليه لم يكن فى مواجهة المتهم الثانى حين قذفه بالمكواة أو لم يكن فى مواجهة المتهمان حين وقع على السرير وارتطم به فتسبب جرحه وإنما التصور هو أن يكون المتهم على يمينه ليقذفه بالمكواة فيصيبه بالجدارية اليمنى أو أن يدفعه من ناحية الشمال ليقع على جانبه اليمين فيصطدم بالسرير فيصيبه ).

ومن هنا يستحيل قبول ما نسب للمتهمين من أقوال فى ظل ما جاء بتقرير الطب الشرعى الذى تناقض وتماحى تماما مع تلك الأقوال بما يستعصى على الملائمة بينهما أو الأخذ بهما كدليل فى الدعوى بما يترتب عليه انعدام الدليلان لتناقضهما تناقضا يستعصى علي الملائمة بل إن وصف الجرح بأنه تاجى ( أى مقوس ) يدل على الآلة التى استعملت فى الجريمة التى قعد التقرير الطبى عن بيانها .

3- أن السحجات الخمس الوارد وصفها بتقرير الطب الشرعى تحت رقم من (6) وحتى رقم (10) لا يمكن أن تتفق مع ما جاء بالأقوال المنسوبة للمتهمين ذلك أن السحجة تنتج من احتكاك أى جسم صلب راض خشن بالأدمة البشرية من الجلد فتحدث من الوقع والاحتكاك بالأرض الخشنة أو الحوائط ومن تكرار الاحتكاك ينتج السحج والسحجات إما رضية أو تنتج من تكرار الاحتكاك بأجسام مرنة فالأولى تنتج من الاحتكاك الأرضى وتبدو على هيئة جلط بالأدمة البشرية فى مساحات محدده شبه مستديرة أو مربعة مقابل الأجزاء الناتئة من العظام والتى تتعرض للاحتكاك عند الوقوع.


أما السحجات التى تحدث نتيجة تكرار الاحتكاك بأجسام مرنة فإنها تتوافر بالحك الجلدى بأى قماش خشن أو بالاحتكاك الخارجى فى بعض حالات هتك العرض.

أما السحجات الناتجة عن الأظافر فإنها غالبا تظهر فى جرائم الضرب ( ومنها التصور الوارد بالأوراق ) وتبدو فى أحد أشكال ثلاثة: فقد تكون هلالية الشكل بسبب تقوس أصابع اليدين وقد تكون مستطيلة بسبب جر الأظافر على البشرة وقد تكون على شكل تسلخات مثلثة وشريحتها للخارج بسبب أظافر مدببة.

وفى جرائم الضرب فانه يغلب أن يصاب الوجه والعنق نتيجة التماسك فتتوزع السحجات بشكل محدد وأن السحجات تكون قشرة رقيقة بعد يوم أو يومين، ثم تصير قشرة جافة فى اليوم الخامس أو السادس.

ومع أن التقرير الطبى لم يبين نوع السحج الذي أصيب به المجنى عليه أو يحدد درجة جفاف القشرة التى تكونت حوله إلا أن ما جاء بالتقرير يتناقض ويتماحى تماما مع ما هو منسوب للمتهمين من أقوال فالمتهمان يقرران أن المجنى عليه كان يرتدى شورت وفانلة وأنه كان نائما على السرير وأنه لما استيقظ دُفع مرة أخرى على السرير حتى تم خنقه هكذا جاء بالأقوال المنسوبة للمتهمين ولم يتبين من المعاينة التى حدثت أى آثار تفيد احتكاك جثة المجنى عليه بالأرض أو بالحوائط مطلقاً 000 فمن أين جائت هذه السحجات الخمسة والتى يفترض أنها حدثت من جر المجنى عليه على الأرض أو احتكاكه بالحوائط أو احتكاكه بملابس خشنة وكل من الفروض الثلاثة لم تحدث بما يجعل ما جاء بتقرير الطب الشرعى بخصوص هذه المسألة يتعارض ويتناقض تماما مع الأقوال المنسوبة للمتهمين بتحقيقات النيابة بما يصم الدليلان بالبطلان للتناقض الجسيم بينهما خصوصاً وقد جاء بالتقرير " أن هذه الإصابات هى إصابات احتكاكيه حيوية حديثة حدثت من الاحكتاك بجسم أو أجسام صلبة بعضها خشنة السطح أياً كان نوعها" .

4- أن تقرير الطب الشرعى لم يصف الجرح الوارد بالتقرير تحت بند (5) سوى أنه جرح مشرذم الحواف مقابل ظاهر مفصل السلامى اللامى الأوسط لإصبع السبابة اليمنى بطول 1 سم وجرح بطرف وحشية ظاهر إصبع الابهام لليد اليمنى بطول 4/1سم.

ولم يقل لنا التقرير الطبى عما إذا كان الجرح قطعياً أم رضياً أم تهتكياً أم طعنياً إلا أنه يفترض أنه إما جرحاً رضياً ينتج من الضرب بجسم صلب مثل العصا أو عامود حديد أو ما شابه ذلك ، أو أنه جرحاً قطعياً وهنا يفترض أن الجانى استعمل سكيناً أو آلة حادة تشبهها .

وفى الحالتين فإن ما جاء بتقرير الطب الشرعى من وجود هذين الجرحين المشرذمين يتناقض تماما مع ما جاء من أقوال منسوبة للمتهمين حيث أنه لا وجود لآلات حادة أو راضه فى الواقعة الماثلة وأنه يستبعد أن يصاب إصبع السبابة وحده، أو إصابة إصبع الإبهام وحده بجرح من الضرب بالمكواة دون أن تخلف كدماً باليد - لو كان موجوداً - لذكره تقرير الطب الشرعى وهو الأمر الذى يتناقض معه ما جاء بالتقرير الطبى مع ما جاء منسوباً للمتهمين من أقوال.

5- أن ما جاء بتقرير الطب الشرعى تحت بند وصف ملابس المجنى عليه من أن الملابس خالية تماماً من التمزقات والقطوعات المشتبهه كما أنها نظيفة وليست ملوثة بأى دماء يتناقض مع ما جاء منسوباً للمتهمين فى أقوالهما بتحقيقات النيابة من أن المجنى عليه قد تماسـك مع المتهم الثانى وأنه حدثت بينهما معركة على أثرها جثم المتـهم الثـانى ( أو المتهمة الأولى ) على صدر المجنى عليه ومن ثم كان ينبغى أن يكون بهذه الملابس أثراً لهذا التماسك والجذب بما يصيب الدليلان بالتناقض.

6- أن ما جاء بالتقرير الطبى من أنه عثر بدم المجنى عليه على الكحول الإثيلى والذى قدرت نسبته 7ر2% بما يقطع أن المجنى عليه كان فى حالة سكر بين لا يستطيع معه الحركة أو المقاومة يتناقض مع ما ثبت على لسان المتهمين من أن المجنى عليه استيقظ من نومه وتماسك مع المتهم الثانى وقبض عليه منعاً له من الخروج من الحجرة وهب واقفا وهو يصيح للناس أن يدركوه 000 إذ كيف لمخمور ثمل أن يفعل ما قرره المتهمان بشأنه فى الأقوال المنسوبة لهما فى تحقيقات النيابة بما يصيب الدليلان بالبطلان 00 وكيف لرجل مدرك وواعى أن يتعرض لمثل المنسوب للمتهمين بالأوراق ويصيح ويطلب الغوث ولا يسمعه أحد من الجيران الأمر الذى يكون معه الدليل القولى المتمثل فى الأقوال المنسوبة للمتهمين يتناقض ويتماحى مع الدليل الفنى المتمثل فى تقرير الطب الشرعى مما يستحيل معه دفع هذا التناقض وبالتالى يستحيل الاستناد إليهما معاً فى الإدانة.



عاشراً : يدفع المتهم ببطلان تقرير الطب الشرعى لمخالفته القانون ووقوعه فى التناقض الذى يستعصى على الملائمة ولإخلاله بمبادئ علم الطب الشرعى وما يترتب على ذلك من إجراءات وذلك على وجوه :-


الوجه الأول: مخالفة التقرير للقانون:-

تعليمات مصلحة الطب الشرعى أوجبت على أن الطبيب الشرعى المعاون لا يستطيع وحده أن يصدر تقريراً طبياً شرعياً لانعدام خبرته لأن مثل هذا الطبيب المعاون مثل طبيب الامتياز الذى يحرم علية إصدار تقريراً طبياً 000 وأنة كان يجب أن يوقع معه طبيب آخر أقدم منه درجة ثم يعتمد من رئيس مصلحة الطب الشرعى 0

راجع تعليمات الطب الشرعى

الواردة فى كتاب الطب الشرعى دكتور عدلى مشالى ص 980 ومعوض عبد التواب ص 925

والتقرير موضوع هذه الدعوى صادر من الطبيب/ ................. الطبيب الشرعى (المعاون) ، وأنه موقع منه فقط دون أن يوقع معه طبيب آخر أقدم منه درجة وغير معتمد من رئيس مصلحة الطب الشرعى بما يجعل هذا التقرير مخالف للقانون باطلاً ويعزز هذا الدفع إقرار الطبيب الشرعى المعاون/ .............. فى تحقيقات المحكمة ص 21أنه هو وحده الذى أجرى الصفة التشريحية وأنه وحده الذى وقع على التقرير.

الوجه الثانى: تناقض التقرير تناقضاً يستعصى على الملائمة:-

قال التقرير فى وصف ملابس المجنى علية أن ملابسة خالية من التمزقات والتلوثات المشتبهة والقطوعات المشتبهة ثم انتهى فى تقريره إلى أن الواقعة جائزة الحدوث وفقاًَ لأى من روايتى المتهمين طبقاً للوارد بمذكرة النيابة.

ولما كانت الأقوال المنسوبة للمتهمين بمحضر تحقيق النيابة العامة تقرر سواء على لسان المتهمة الأولى، أو على لسان المتهم الثانى – أن شجاراً قد حدث بين المتهم الثانى والمجنى عليه وأن الأخير قد أمسكه من دبر وأن المتهم الثانى عقب ذلك استدار له وحدثت معركة انتهت بوقوع المتهم الأول على المجنى علية وتماسكهما ( طبقاً لرواية المتهمة الأولى ) ووقوع المتهمة الأولى على المجنى عليه ( طبقاً لرواية المتهم الثانى ) ومن ثم فإن نتيجة هذا الشجار الدامى الذى خلف جروحاً وسحجات بالمجنى عليه تكون بالتأكيد مخلفة لأمرين هامين:-

أ- تمزق بملابس المجنى علية نتيجة دخوله

تلك المعركة.

ب‌- تلطخ هذه الملابس بالدماء الناتجة من الجروح الواردة بالتقرير لكن التقرير أفصح بأن الملابس ليس بها تمزقات أو قطوعات وأنها خالية أيضاً من التلوثات والدماء فإذا قال التقرير رغم هذا أنه يجوز حدوث الواقعة طبقاً لما جاء بروايتى المتهمين فإنه يكون قد تناقض مع نفسه تناقضاً يستعصى على الملائمة وبما يدمغه بالبطلان.

الوجه الثالث: إخلال التقرير بأبسط مبادئ علم الطب الشرعى:

1- أن تقرير الطب الشرعى قد خلط بين حالتين من حالات الموت بالاسفكسيا (الضغط على المسالك) وهما حالتى الشنق، والخنق 000 والفرق بين الحالتين كبير 000 ومما يميز إحدى الحالتين عن الأخرى هى العلامات المتولدة عن الحادث:-

أ – ففى حالة الشنق " تظهر علامات الحبل حول عنق الشخص المشنوق 000 ولكن المكان المقابل للعقدة يكون خالياً من العلامات 0

راجع الطب الشرعى معوض عبد التواب ص 355

راجع دكتور عدلى مشالى – الطب الشرعى ص 647

راجع دكتورة مديحة الخضرى– الطب الشرعى ص 37

ب- وفى حالة الخنق تختلف العلامات التى تظهر على العنق فى حالة الخنق عنها فى حالة الشنق فالأولى تظهر كاملة الاستدارة حول العنق، ولا تعترضها مواضع خالية بسبب وجود العقدة فى الحبل الذى يستخدم للشنق 0

راجع الطب الشرعى – معوض عبد التواب ص 356

راجع الطب الشرعى–دكتورة مديحة الخضرى ص43

فإذا قال تقرير الطب الشرعى بوجود مسافة بين التقاء الحبلين تقدر بحوالى 4 سم فإن هذا القول يصطدم مع أبسط مبادئ علم الطب الشرعى طبقاً لما سلف البيان إذ أن التصوير الوارد بالتقرير يؤدى لوصف الحالة بأنها حالة شنق وليست حالة خنق 0

هذا فضلاً عن أن قول التقرير إلى أن الوفاة " تعزى إلى اسفكسيا الخنق بالضغط على المسالك يتصادم مع المستقر علية فى علم الطب الشرعى من أن الحالة هى حالة شنق وليست حالة خنق 0

كما أن ما جاء بالتقرير وصفاً لتلك الحالة يتصادم مع ما هو منسوب للمتهمين بأنهما قاما بلف حبل حول عنق المجنى علية وقاما بشده – كل واحد من جهته ولم يتركاه إلا جثه هامدة ويقطع بانعدام هذا الفعل وإلا فيكف نفسر وجود مسافة بين التقاء الحبلين فى رقبة المجنى علية تقدر بحوالى 4 سم ؟ 0

( راجع ص 93 من الأوراق )



2- قال تقرير الطب الشرعى فى الصفحة الثانية أن الجثة فى دور بداية التيبس الرمى 000 فى حين أن التيبس الرمى يبدأ فى الحدوث بعد ساعتين من الوفاة ثم يكتمل التيبس ويدخل فى دور التعفن الرمى فى حوالى 12 ساعة من حدوث الوفاة.

راجع الطب الشرعى دكتورة مديحه الخضرى ص9

ويتفق المستشار معوض عبد التواب مع ما سبق فى كتابه الطب الشرعى ص 359 من أن التيبس الرمى يبدأ بعد حوالى ساعتين من الوفاة ويكون تاماً فى خلال من 8-12ساعة من الوفاة.

فإذا كانت الوفاة طبقاً للثابت بالأوراق قد حدثت الساعة الخامسة صباح يوم 3/1/2004 وأن الفارق فى الزمن بين التشريح والوفاة هى 35 ساعة 000 وأن الجثة ظلت فى وضع الجلوس أكثر من ستة ساعات وأن الجثة نقلت للمشرحة الساعة الخامسة عصر يوم10/1/2004 000 فإن قول التقرير بأن الجثة فى دور بداية التيبس هو قول ينافى أبسط مبادئ علم الطب الشرعى 0

3- جاء بتقرير الطب الشرعى أنه عثر بدم المجنى عليه على الكحول الإثيلى بنسبة 2.7 % وهو ما يشير إلى أنه كان فى حالة سكر 000 ثم عاد التقرير فى نهايته إلى القول بأن الواقعة جائزة الحدوث وفق أى من روايتى المتهمين، وقد نسبت إليهما أقوال بتحقيقات النيابة العامة من أن شجار قد حدث بين المجنى عليه وبين المتهم الأول نتج عنها محاولة هرب المتهم الثانى إلا أن المجنى عليه جذبه من دبر ثم حدث تماسك بينهما نتج عنه وقوع المتهم الثانى أو المتهمة الأولى حسب الأقوال المنسوبة لهما 000 وهذا التصوير يتنافى ويتناقض مع حالة السكر التى سجلها التقرير وبتلك النسبة العالية.

الوجه الرابع: خطأ الطبيب الشرعى والخبيرة الكيميائية فى تحديد نسبة الكحول فى دم المجنى عليه بما يؤدى لتهاتر التقرير وإهداره كدليل :

· ذكر الطبيب الشرعى/ .................. فى تحقيقات المحكمة ص15 "أن الثابت من تقرير المعمل أن نسبة الكحول الإثيلى فى الدم هو نسبة 2.7 فى الألف وللتأكد من ذلك يرجع للخبيرة التى أجرت التحليل لأنه كان ورد أنه 2.7% وتم تصحيحها إلى 2.7 فى الألف".

· كما ذكر كبير الأطباء الشرعيين ص29 من تحقيقات المحكمة : "أحب أقول أن النسبة 2.7 فى الألف لكل ألف سنتيمتر مكعب من الدم أى لكل لتر من الدم وليس 2.7 % كما بتقرير الطب الشرعى لأن ذلك مجرد خطأ مادى".

· كما ذكرت الخبيرة الكيميائية التى قدرت نسبة الكحول فى الدم ص38 من تحقيقات المحكمة رداً على سؤال الدفاع عن المتهم الثانى عن التناقض بين النسبة التى فى التقرير 2.7% والنسبة التى يقول الطبيب الشرعى وكبير الأطباء الشرعيين بأنها صحيحة وهى 2.7 فى الألف "ممكن يكون خطأ مادى فى الكتابة وأنا المفروض أعملها بالحروف وأن النسبة هى 2.7 فى الألف"

· ورداً على السؤال من الدفاع عن المتهم الثانى بأنه ما الدليل على أن النسبة هى 2.7 فى الألف وليست 2.7%. أجابت الخبيرة الكيميائية ص39 "التقرير اللى معايا ثابت به أن نسبة الكحول فى الدم قدرت بنحو 2.7 فى الألف ولو بصينا لهذه النسبة تكتب 2.7 0% وأنا باطلاعى على التقرير المعملى المرفق بأوراق القضية تبين حدوث خطأ مادى كتب 2.7% وهى المفروض تكتب 2.7 0% زى ما ورد المسودة بتاعة التقرير التى أتشرف بتقديمها".

· وقد نوهت المحكمة "أنها قدمت صورة ضوئية من تقرير رقم 37 ك معمل على القضية رقم 26/2003 إدارى العمرانية عن العينات التى أخذت من جثة المتوفى أحمد حسين مراد عبد المقصود وكانت مختومة بخاتم يقرأ د. .........والمحكمة أشرت عليه بالنظر والإرفاق بتاريخ اليوم"

مما تقدم يتبين :

1- أن التقرير الطبى الشرعى الخاص بالقضية رقم 26/2003 والموقع من الطبيب المعاون ............. به خطأ وهذا الخطأ يتمثل فى كتابته لنسبة الكحول فى الدم بنسبة 2.7% وليس هو رقم 2.7 فى الألف وقد قرر وجود هذا الخطأ كل من الطبيب الشرعى فى تحقيقات المحكمة ص15 وكبير الأطباء الشرعيين ص29 والخبيرة الكيميائية المسئولة عن هذه النسبة ص38.

2- أن هذا الخطأ ليس خطأ تافه وإنما هو خطأ جسيم يحدد حالة المتوفى وقت وفاته وعما إذا كان فى حالة تسمح له بالمقاومة من عدمه علماً بأن نسبة 2.7% تمثل عشرة أضعاف نسبة 2.7 فى الألف.

3- أن الخبيرة الكيميائية قررت ص38 أنها كانت المفروض أن تكتب الأرقام بالحروف ولكنها لم تفعل وهذا يدل إما على الجهل المطبق والذى ما كان يكتشف لولا أن الدفاع أثاره .. وإما على الاستهتار الناجم عن إحساس هذا الخبير أن أحداً لن يحاسبه.

4- أن الخبيرة الكيميائية لم تتبين هذا الخطأ فى النسبة إلا بعد سؤالها عن هذه النسبة أو ربما بعد سؤال الطبيب الشرعى المعاون أحمد حفنى عبد الحليم فى بداية تحقيقات المحكمة معه ثم جاءت الخبيرة الكيميائية لتصحح هذه النسبة فى الجلسة التالية وذلك بذكرها أنها باطلاعها على التقرير المعملى المرفق بأوراق القضية تبين حدوث خطأ مادى أى أنها لم تعلم بالخطأ إلا بعد اطلاعها على التقرير بعد إرفاقه بالقضية.

5- أن الخبيرة الكيميائية إذا كانت قد اكتشفت هذا الخطأ من قبل فهناك احتمالين:

الأول : أن يكون ذلك قبل إرسال التقرير الطبى الشرعى إلى المحكمة وهذا لا يمكن لأن ذلك لو كان قد حدث لتم تصحيح النسبة قبل تصدير التقرير إلى المحكمة.

الثانى : هو اكتشاف الخطأ بعد إرسال التقرير وقبل استدعاء ومناقشة الطبيب الشرعى المعاون .............. أى قبل إثارة الدفاع عن المتهم الثانى لهذه النقطة فإنه من الطبيعى فى هذه الحالة إرسال مصلحة الطب الشرعى استدراك أو تصحيح للمحكمة تصحح فيه الخطأ وهذا ما لم يحدث. وذلك يعد دليلاً عن أن الخبيرة الكيميائية كانت لا تعرف شيئاً عن هذا الخطأ إلا بعد إثارة الدفاع عن المتهم الثانى لهذا الموضوع وكذلك زميلها الطبيب الشرعى المعاون.

6- أن الخبيرة الكيميائية ذكرت أثناء الإدلاء بشهادتها أمام المحكمة أنها تقدم مسودة للتقرير المعملى ص39 ورغم أن المسودة لا تعدو أن تكون ورقة كتبت بخط يد الخبيرة لنسخها بعد ذلك وهذه الورقة لا تعدو أن تكون ورقة عرفية غير رسمية محررة بخط يد الخبيرة ذاتها ولا يعرف أحد متى حررت الخبيرة هذه المسودة وهل حررتها قبل نسخ التقرير أم أنها حررتها بعد إثارة الدفاع لهذه النقطة حفاظاً على ماء وجهها وحتى تصحح خطأ ارتكبته وهو خطأ مهنى جسيم فى تقرير فنى بحت.

لكن المحكمة استقبلت هذه الورقة العرفية وأثبتت فى محضر الجلسة أن الخبيرة قدمت صورة ضوئية من التقرير رقم 37 ك معمل عن القضية رقم 26/2003 إدارى العمرانية عن العينات التى أخذت من جثة المتوفى أحمد حسين مراد وكانت مختومة بخاتم يقرأ د. أحمد حفنى والمحكمة أشرت عليها بالنظر والإرفاق بتاريخ اليوم وهذا أمر عجب :

· لأن الخبيرة تقول عن هذه الورقة أنها مسودة ص39 والمحكمة كتبتها فى محضر الجلسة على أنها صورة من تقرير معملى.

· أن عبارة "وكانت مختومة بخاتم يقرأ د. ......." المثبتة بواسطة المحكمة فى محضر الجلسة تعود على الورقة التى قدمتها الخبيرة ، كما تعود على العينات التى أخذت من جثة المجنى عليه بما يوقع العدالة فى الخلط بين التفسيرين ويوحى بالثقة فى تلك الورقة العرفية التى لا تساوى شيئاً ورفعها إلى مصاف التقارير الفنية.

· أنه كيف تكون مسودة مكتوبة فى ورقة عرفية ليس عليها توقيع فى مستوى التقرير الفنى ونحن لا نعلم متى كتبت وأين ؟؟ ألا يعتبر ذلك حشداً لأدلة الإدانة فى الدعوى.

· أن ما حدث يقطع باليقين أن تقرير الصفة التشريحية لم يجرى عليه مراجعة ، ولم يره أحد سوى كاتبه ذلك الطبيب الشرعى المعاون وإلا فكيف يستمر هذا الخطأ الفادح على حاله حتى يتم تقديم التقرير للمحكمة دون أن تصحح هذه النسبة على حد زعم الخبيرة الكيميائية.

· فإذا أضفنا إلى ذلك ما قاله كبير الأطباء الشرعيين من خطأ الطبيب الشرعى المعاون فى الجزم بأن الوفاة معاصرة لتاريخ الواقعة وتصحيح هذا الخطأ البين إلى أنه يتعذر معرفة وقت الوفاة وقال عن هذه العبارة الأخيرة أنها العبارة الأدق علمياً فهل يتبقى شئ فى التقرير الطبى الشرعى يصلح دليلاً لإدانة المتهم الثانى ؟؟.

الوجه الخامس : تناقض تقرير الصفة التشريحية مع التقرير الطبى الشرعى الاستشارى الذى صرحت المحكمة بتقديمه :

بجلسة 24/11/2004 صرحت المحكمة للحاضر مع المتهم الثانى بتقديم تقرير طبى شرعى استشارى 00 حيث لجأ الدفاع إلى هيئة علمية رسمية هو مركز الاستشارات الطبية الشرعية – قسم الطب الشرعى والسموم بكلية الطب جامعة عين شمس 00 حيث انعقدت لجنه من كبار أساتذة الطب الشرعى بكلية الطب الشرعى بجامعة عين شمس وهم : -

أ 0 د / ..............

أ 0 د / ..............

أ 0 د / ................

وهم من أساتذة الطب الشرعى والسموم بكلية الطب جامعة عين شمس 00 وهم أيضاً أعضاء بوحدة الاستشارات الطبية بنفس الكلية 00 وبعد أن قاموا بالاطلاع على أوراق الدعوى وتقرير الصفة التشريحية وشهادة الطبيب الشرعى الذى أجرى الصفة التشريحية ورئيسة الذى طلبته المحكمة لسماع شهادته 0

وقد أثبت التقرير الطبى الاستشارى الحقائق العلمية الآتية :

1- أنه فى حالة الخنق بالحبل لا يكون سبب الوفاة هو انسداد المسالك الهوائية 00 حيث أنها لا تغلق تماماً فى حالة الخنق بالحبل 00 وإنما تعزى الوفاة إلى انقطاع الأكسجين عن المخ نتيجة لانسداد الشرايين السباتية على جانبى الرقبة ( وذكر التقرير المرجع العلمى المثبت لذلك )

ويكون وضع الحبل على الحنجرة أو تحتها مباشرة ويكون مستعرضاً وأفقياً ومتماثل من الناحيتين ، وعادة ما يكون أثر الحبل على جلد الرقبة كاملاً إلا فى حالات نادرة ( وذكر التقرير المرجع العلمى المثبت لذلك ) ويصاحب الخنق احتقان بالوجه مع أنزفه دموية دقيقة تحت ملتحمة العين وفى صلبة العين وحول محجر العين ويكون كذلك مصحوباً بكسر فى العظم اللامى فى 15 % من الحالات ونزيف داخلى فى البطن أو الصدر فى 20 % من الحالات ( وذكر التقرير المرجع العلمى المثبت لذلك )

2- أن وجود القشرة على السحجات دليل على وجود فتره حياة بعد حدوثها تتراوح ما بين ساعتين إلى أربعة وعشرين ساعة حيث يكون السحج مغطى بقشرة لينة بعد يوم ، وقشرة صلبه بعد ثلاثة أيام ( وذكر المرجع العلمى الذى يثبت ذلك ) 0

ويمكن تحديد فترة الحياة بعد حدوث السحجات بدقة بواسطة الفحص الميكروسكوبى للسحجات وتحديد التفاعلات الخلوية الناشئة عن محاولة الالتئام (وذكر المرجع العلمى الذى يثبت ذلك)

3- من المعروف علمياً بأن القوة اللازمة لإحداث شرخ بالجمجمة تتراوح بين 33 – 75 رطل / قدم وأى زيادة ولو بسيطة فى هذه القوة يؤدى إلى تفتت عظام الجمجمة ( وذكر المرجع العلمى الذى يثبت ذلك ) 0

4- عند ارتفاع مستوى الكحول فى الدم إلى 80 ميللجرام / 100 سم فإن جميع من يعانون من اضطراب فى الرؤية ، ويضطرب وقت رد الفعل الانعكاسى والاستجابة للأحداث 0 وعندما يرتفع المستوى بين 200/ 300 ميللجرام / 100 سم دم فإن المتعاطى يعانى من الدوار والذهول ومرحلة ما قبل الغيبوبة مع انعدام التوافق العضلى والعصبى وعند هذا المستوى فإن من 50% إلى 90 % من المرضى يعانون من التسمم الكحولى وتحدث الوفاة عندما يتجاوز المستوى 300ميللجرام/100 دم (وذكر المرجع العلمى الذى يثبت ذلك)0

وفى حالة إدمان الكحول فإن المريض يعانى من تليف فى الكبد وضمور فى الغشاء المبطن للمعدة وضمور فى العصب البصرى مع الضعف العضلى فى الأطراف وفقدان القدرة على التحكم فى الأشياء ( وذكر المرجع العلمى الذى يثبت ذلك ) 0

ومن جماع الحقائق العلمية سالفة البيان ومراجعة أوراق القضية وتقرير الطب الشرعى خلص التقرير الاستشارى إلى الآتى :-

1- أن هناك تضارب فى أقوال المتهمة الأولى حيث قررت بأن المجنى عليه كان موثق القدمين 00 ومع ذلك قام وأمسك بالتهم الثانى وأدركه عند خروجه من الحجرة وتشاجر معه حتى ضربة الأخير بالمكواة وكل هذا حدث والحجرة مظلمة والأنوار مطفأة 0

2- أثبت تقرير الطب الشرعى خلو ملابس المجنى عليه من أى تمزقات حتى فى الشورت وجاكيت الترنج الموصوف فى تقرير الطب الشرعى وإذا كانت هذه الملابس لم يكن المجنى عليه يرتديها أثناء الواقعة فأين إذن الملابس التى كان يرتديها ؟ ولماذا لم يتم فحصها حيث تعد التمزقات فى الملابس وفقد الأزرار والبقع الدموية من أهم مظاهر حدوث المقاومة ( وذكر المرجع العلمى الذى استند إليه ) 00 وإذا كانت هذه الآثار غير موجودة فى الملابس فإن هذا يلقى بظلال من الشك على رواية المتهمة الأولى من حيث حدوث مقاومة ومشاجرة 0

3- كما سبق وأشرنا فى الحقائق العلمية فإن السحجات الموصوفة قد حدثت قبل الوفاة لفترة تتراوح بين عدة ساعات ويوم ولقد أضاع الطبيب الشرعى فرصة تحديد عمر الإصابات بعدم فحص الأنسجة ميكروسكوبيا وهو فحص بسيط لا يتطلب إمكانيات عالية وبخاصة أن السيد / الطبيب الشرعى قد فحص هذه الإصابات فعلاً وحدد وجود انسكابات دموية مقابلها مما يعنى عدم تطابق توقيت واقعة الخنق مع توقيت حدوث هذه السحجات حيث أن الوفاة بالخنق تحدث خلال دقائق معدودة بحد أقصى من 3 - 5 دقائق.

4- أن واقعة الخنق بالحبل لا تتفق مع رواية أى من المتهمين حيث أنه إذا كان الخنق من الخلف حسب رواية المتهم الثانى فإن الجزء الناقص من الحبل لا بد وأن يكون خلف الرقبة.

وإذا كان الخنق من الأمام فإنه من المستحيل حدوث الوفاة حيث سيكون الضغط على الشريان السباتى الأيمن بينما الشريان السباتى الأيسر سيكون مفتوحاً وبالتالى لا تحدث الوفاة 00 ولقد سبق وأشرنا فى الحقائق العلمية إلى أن سبب الوفاة فى حالات الخنق بالحبل هو انقطاع الأكسجين عن المخ نتيجة لانسداد الشرايين السباتية على جانبى الرقبة أى الأيمن والأيسر ( وذكر المرجع العلمى الذى استند إليه ) وبالتالى فإن الواقعة غير جائزة الحدوث علمياً وفقاً لأى من التصويرين لكل من المتهم والمتهمة.

5- فيما يخص واقعة الضرب بالمكواة فلقد أشرنا فى الحقائق العلمية إلى أن القوة اللازمة لكسر الجمجمة تترواح ما بين 33 – 75 رطل / قدم ( ذكر المرجع العلمى الذى استقى منه هذه المعلومة ) 00 فإذا قدرنا قوة الضرب بالمكواة وهى شديدة حسب أقوال الشهود حتى أنها أدت إلى كسر المكواة بالإضافة إلى ثقل المكواة نفسها ومن مسافة امتداد الزراع ( حوالى متر ) فإن القوة المتولدة عن ضربه بهذه القوة لا تقل عن 130 رطل / قدم وهى كافية لتفتيت عظام الجمجمة وليس إحداث جرح بسيط بفروة الرأس وهذا يلقى بظلال من الشك على رواية الواقعة برمتها ( قوة الزراع حوالى 42 رطل + وزن المكواة 8 أرطال × 3 = 150 رطل ) مما يؤكد أن مثل هذه الضربة من المؤكد أنها تحدث تفتت بالجمجمة 0

6- عند مستوى الكحول الموصوف فى تقرير الطب الشرعى ( 270 مجم / 100 سم دم ) فإن المجنى عليه كان يعانى من اضطراب فى الرؤية وتأخر فى الاستجابة العضلية والعصبية وعدم توافق عضلى / عصبى حيث أن هذه الدرجة تجعله غير قادر على الوقوف والاتزان والإمساك بالمتهم الثانى 00 فكيف يتسنى له أن يرى المتهمين فى الظلام ويبدى هذا القدر من المقاومة والعنف وهو فى هذه الدرجة من الدوار والذهول كما هو فى تقرير الطبيب الشرعى من خلو الصفة التشريحية من أى علامات لإدمان الخمر فى المجنى عليه مثل تليف الكبد وضمور الغشاء المخاطى المبطن للمعدة 0

7- أن التيبس الرمى يبدأ الحدوث بعد ساعتين من الوفاة ويكتمل بعد 12 ساعة ( وذكر المرجع العلمى الذى يثبت ذلك ) أى أن من المفروض أن الجثة فى حالة تيبس رمى كلى وليس فى بدايته كما ذكر تقرير الطب الشرعى حيث مر عليه اكثر من 12 ساعة قبل دخوله الثلاجة.

وخلص التقرير الطبى الاستشارى إلى عدم جواز حدوث الواقعة فى التوقيت وبالصورة التى وردت فى أقوال المتهمين وكذلك ما جاء بتقرير الطب الشرعى مما يجزم ببطلان الاستنتاجات الواردة بتقرير الطبيب الشرعى رقم (5) طب شرعى الجيزة 2004.

وطلبت لجنة الطب الشرعى فى تقريرها طلبين يراهما الدفاع ضمن طلباته الجوهرية وهما :-