أين قانون زراعة الأعضاء
بعد جريمة مركز الفتح الطبي‏:‏
أين قانون زراعة الأعضاء؟
تحقيق‏:‏أشرف صادق
‏جاءت واقعة‏(‏ مركز دار الفتح الطبي للجراحة لتفتح من جديد ملف القانون الغائب‏,‏ والحائر‏,‏ الذي ينظم عملية بيع ونقل الاعضاء البشرية‏,‏ فبعد أن أعلنت الحكومة إعداد القانون وموافقة الأزهر والكنيسة علي ما جاء فيه‏,‏ لم نسمع جديدا عنه رغم الحاجة الملحة إليه لردع مافيا تجارة الأعضاء التحولت مصر الي سوق لقطع الغيار البشرية لمن يدفع أكثر‏!‏

واقعة مركز دار الفتح الطبي للجراحة الكائن بعمارات رابعة الاستثماري بمدينة نصر تتلخص في أن صاحب المركز وعدد من الاطباء العاملين معه وجميعهم من جامعة الازهر اتفقوا مع مريضة سعودية علي نقل كلي اليها من شاب أردني بعد أن تقاضوا مبالغ طائلة‏,‏ورغم أن المركز غير مجهز تماما لمثل هذه العمليات ثم اتخاذ جميع الإجراءات الطبية لإجراء العملية ولكن أجهزة وزارة الصحة المنوطة برصد وتعقب ومراقبة عملية الاتجار في الاعضاء البشرية‏,‏ داهمت المكان في اللحظة المناسبة وأحبطت الجريمة قبل وقوعها والمثير أن الاطباء هرب بعضهم بالقفز من بلكونة حمام الشقة الي الفناء الخلفي للعمارة‏,‏ وتم القاء القبض علي آخرين‏,‏ ولا تزال القضية منظورة أمام أجهزة الشرطة والنيابة بدون أن يكون هناك قانون رادع يعاقب ويصنف هذه الجريمة البشعة‏.‏

قطع غيار بشرية
الدكتور سعد المغربي‏(‏ وكيل أول وزارة الصحة للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص‏)‏ ورئيس الجهة المنوطة بمراقبة عمليات الاتجار في الأعضاء البشرية قال لـ الأهرام‏:‏ لو كان هناك قانون ينظم التبرع بالاعضاء البشرية لمن يحتاجونها ما كان جري ما جري في هذا المركز أو غيره من مستشفيات بير السلم غير المجهزة التجهيز الآمن لمثل هذه العمليات الكبري‏,‏ ولو كان هناك قانون لردع الأطباء غير الشرفاء ذوي النفوس الضعيفة ما تكررت عمليات بيع الاعضاء‏,‏ ويكفي أن تعرف أن الدكتور محمد فتح الله صاحب مركز دار الفتح الطبي تقاضي‏80‏ ألف دولار في العملية الأخيرة التي تم ضبطها في حين أن تكلفة العملية لا تجاوز‏75‏ ألف جنيه وهذا الرجل معروف لدينا في وزارة الصحة بأنه سمسار بيع الكلي الرئيسي في مصر‏,‏ ومعاونه د‏/‏ أحمد عبدالعزيز عبدالغفار أستاذ الجراحة المساعد بطب الأزهر تم ضبطه قبل أقل من ثمانية أشهر في عملية مماثلة في دار الهدي الاسلامي‏,‏

وفر هاربا بالقفز من علي سور الدار وترك مستشفاه كما فعل في المرة الأخيره وكانت عقوبته مجرد الايقاف عن ممارسة المهنة لفترة قصيرة‏,‏ وعلمنا من معاونية أنه لم يتوقف عن جرائمه في بيع الاعضاء البشرية سوي لمدة شهرين فقط لاغير‏.‏ ويضيف د‏.‏ سعد المغربي‏:‏ للأسف‏95%‏ من جرائم بيع الاعضاء في مصر تمر بسلام وما نقوم بضبطه لا يزيد علي‏5%‏ فقط من الحالات والسبب في ذلك هو غياب القانون الذي يوقع عقوبة رادعة وموجعة لمن يتاجرون في الاعضاء البشرية‏,‏ فطبقا لنصوص القانون الغائب والذي لم يتم اقراره بعد‏,‏ عقوبة جريمة أطباء مركز الفتح الطبي وما يماثلها هي السجن لمدة عشر سنوات والمنع من ممارسة المهنة نهائيا‏.‏ وأنا أناشد المسئولين والكلام لا يزال للدكتور‏(‏ سعد المغربي‏)‏ بضرورة الاسراع بإقرار قانون نقل الاعضاء البشرية قبل أن تتحول مصر إلي أكبر سوق لقطع الغيار البشرية لمن يدفع أكثر‏.‏

الوحيدة بدون قانون
أما الدكتور عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة واستشاري الكبد والجهاز الهضمي‏,‏ فيؤكد أن اكتشاف وكر جديد لتجارة الاعضاء غير المشروعة يؤكد يقين وزارة الصحة ويقيني الشخصي بأن هناك عشرات مثل هذه الاوكار تعمل في الخفاء بدون أسانيد علمية أو مواثيق شرف أو تجهيزات تؤمن المريض‏,‏ والسبب في هذا في رأيي أنه لا يوجد قانون رادع ينظم زراعة الاعضاء‏,‏ فمصر هي الدولة الوحيدة التي تعمل بدون قانون لزراعة الاعضاء وعلي هذا الاساس تم وضع مشروع قانون يمنع تماما الإتجار في الاعضاء البشرية لأنه يتضمن عددا من الضوابط الرئيسية وهي‏:‏

‏1)‏
تحديد العلاقة بين المتبرع والمتلقي فيجب أن تكون هناك صلة قرابة‏.‏

‏2)‏ لا يتم الزرع الا من مصري لـ مصري‏.‏

‏3)‏
وضع ضوابط للمراكز المصرح لها بالزرع وهي ضوابط شديدة الصرامة بالنسبة لغرف العمليات والعناية المركزة‏,‏ المعامل الاشعة مما يعني أنه ليس أي مركز يستطيع أن يقوم بعملية الزرع‏.‏

‏4)‏ هناك عقوبات صارمة تصل الي السجن المؤبد‏25‏ عاما وغرامة تصل الي نصف مليون جنيه في حالة القيام بعمليات زرع في مراكز غير متخصصة أو بالمخالفة لأحد بنود القانون ويتضمن القانون جزاءات رادعة للسماسرة والوساطة والطبيب ومدير المنشأة‏,‏ ولو كان هذا القانون موجودا لكان وجود مثل هذه الاوكار والمراكز المشبوهة مستحيلا‏.‏

وأوضح د‏.‏ أباظة ان غالبية العمليات القانونية تكون لـ‏(‏ الكلي‏)‏ لأنها سهلة البيع والشراء ولا تحتاج سوي لتحليل توافق أنسجة فإذا وجد هذا التوافق أصبح التبرع سهلا حتي من الغريب أما بالنسبة للكبد فلابد أن يكون المتبرع قريبا من الدرجة الثالثة أو الرابعة أي أبناء العمومة أو الاخوال فالقرابة الأولي للأب والأم والثانية الاشقاء والثالثة العم والأخوال‏.‏

القانون نائم
دكتور حمدي السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب قال واقعة مستشفي دار الفتح تؤكد أن هناك مخالفات كثيرة تقع وأن اجهزة وزارة الصحة تمارس مسئوليتها دون سند حقيقي من القانون الذي أعدته الحكومة والذي يرقد نائما في أدراج مجلس الشوري ونتمني أن تتم الموافقة عليه في أقرب وقت لحل مثل هذه المشاكل التي تصيب المواطنين بحالة هلع وخوف خاصة أن العقوبة الحالية لا تزيد عن غرامة وإيقاف ولكن في القانون الجديد الذي لم يخرج بعد الي النور العقوبة سجن مشدد والغرامة تصل الي نصف مليون جنيه مع الغاء ترخيص مزاولة المهنة في كثير من الحالات‏.‏

القانون قادم
الدكتورصالح الشيمي رئيس لجنة الصحة بمجلس الشوري قال‏:‏ قانون نقل الاعضاء موجود لدينا وقد جاء من الحكومة الي رئيس مجلس الشوري والذي أحاله الي لجنة الصحة التي أشرف برئاستها‏,‏ وقد أحيل الينا في يونية الماضي قبل اجازة المجلس الصيفية‏,‏ وفي أول اجتماع لنا لنظر القانون كان هناك اتفاق علي أننا بالفعل في حاجة ماسة لإقرار قانون ينظم عملية نقل الاعضاء ويمنع الاتجار فيها وتمت الموافقة من حيث المبدأ علي القانون الذي ينظم عملية نقل الاعضاء من الحي الي الحي ومن الميت الي الحي‏,‏ ووضع ضوابط كثيرة للنقل‏,‏ ووضع عقوبات مشدده للمخالف‏,‏ وسنناقش المواد الواردة في القانون مادة مادة بعد عيد الفطر مباشرة‏.‏

ثقافة المجتمع
من ناحيته يؤكد الدكتور حسام بدراوي الاستاذ بجامعة القاهرة أن ما جري في مستشفي دار الفتح يصنف بأنه جريمة نصب واحتيال والقانون أي قانون لا يمنع النصب والاحتيال ولكن يجرمه وثقافة المجتمع والعقوبة الرادعة قادرة علي حماية المواطنين من عمليات الاتجار في بيع الاعضاء وقال بدراوي‏:‏ إن الاسراع في اقرار قانون نقل الاعضاء أصبح ضرورة ملحة في ظل غياب شرف مهنة الطب الانسانية وفي ظل الحالة الاقتصادية المتردية‏,‏ التي جعلت الكثير من ضعاف النفوس يبيعون أي شيء دون رادع من ضمائرهم‏.‏