من هم الحوثيون؟‏..‏
كتب : ‏ محمد فؤاد
‏ظهرت حركة الحوثيين في نهاية التسعينيات بقيادة حسين بدر الدين الحوثي الذي استغل ما يسمي تنظيم‏'‏ الشباب المؤمن‏'‏ الذي كان قد تأسس سنة‏1990‏ كمنتدي لتدريس العقيدة الشيعية الزيدية في منطقة صعدة‏,‏ بعد أن انشق عن حزب الحق الذي كان من القيادات البارزة فيه‏,‏ وكان الحوثي عضوا سابقا في مجلس النواب بعد فوزه في انتخابات عام‏1993‏

وعلي الرغم من أن والده كان من أبرز المرجعيات الشيعية للمذهب الزيدي في اليمن فإنه بدا أقرب إلي المذهب الإثنا عشرية الإمامية في إيران خاصة بعد زياراته المتكررة إلي طهران وهو ما عده البعض خروجا لحركته عن المذهب الشيعي الزيدي الذي يتبعه نحو‏30‏ في المائة من سكان اليمن‏.‏ وقد كان في البداية نشاط حركة الحوثي لسنوات طويلة ثقافيا وفكريا بعيد عن السياسة بل إن الحركة تلقت دعما من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم إلا أنه وبدءا من عام‏2002‏ بدأت الحركة تتجه إلي السياسة‏,‏ وتأخذ خط المعارضة ضد الحكومة‏.‏ وركزت الحركة نشاطها المعادي للحكومة اليمنية بشكل مكثف حتي انها بدأت تستهدف القوات اليمنية بعمليات مسلحة مما اضطر الحكومة اليمنية إلي الرد علي تلك التصرفات‏.‏ واضطرت الحكومة اليمنية لشن حرب مفتوحة حشدت لها‏30‏ ألف جندي‏,‏ واستخدمت فيها الطائرات والسلاح الصاروخي والمدفعية الثقيلة‏,‏

وأسفرت معاركها الأولي عن مقتل حسين بدر الدين الحوثي‏.‏ وكانت تلك أولي مراحل الصراع بين الطرفين‏.‏ أما المرحلة الثانية من الصراع فقد بدأت في فبراير من عام‏2005‏ بقيادة‏'‏ الحوثي الأب‏'‏ وأسفرت عن اختفائه عن الساحة اليمنية‏,‏ وقد أشارت بعض التقارير حينها إلي أنه قتل خلال المعارك‏,‏ لكنه ظهر بعد ذلك وعاد إلي البلاد بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه لاحقا بين الحوثيين والحكومة اليمنية في عام‏2007‏ والمرحلة الثالثة بدأت في أواخر عام‏2005‏ وانتهت باتفاق بين الطرفين في فبراير‏2000‏ ومع بداية عام‏2007‏ بدأت المرحلة الرابعة للصراع بقيادة‏'‏ عبد الملك‏'‏ أحد أبناء‏'‏ الحوثي‏'‏ وذلك علي خلفية اتهامات متبادلة بين السلطات اليمنية والحوثيين بالمسئولية عن العنف‏.‏ ونحن الآن في المرحلة الخامسة مع ارتفاع وتيرة التوتر بين الجانبين‏,‏

والحقيقة أن هناك العديد من العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت ومازالت تساهم في تفجر الصراع‏,‏ واستمراره بين الحوثيين والحكومة اليمنية‏.‏ كما أن هناك مؤشرات قوية علي أن الصراع الدائر في اليمن هو أحد أوجه الصراع علي النفوذ في منطقة الشرق الأوسط‏.‏ الولايات المتحدة من جانبها تقف إلي جانب الحكومة ليمنية في مواجهتها الحوثيين وتعتبر أن ما يجري يدخل في إطار الحرب العالمية التي تقودها علي الإرهاب ولا تفوت الإدارة الأمريكية فرصة إلا وتؤكد هذا الموقف فالسفير الأمريكي في صنعاء سعي دائما إلي تأكيد الصلة الوثيقة بين الحوثيين و تنظيم القاعدة‏.‏

أما ال عوامل الداخلية التي تساعد علي استمرار هذه الأزمة فمتعددة وأبرزها البعد المذهبي حيث إن حركة التمرد الحوثية هي في الأساس حركة شيعية تتمركز في محافظة صعدة ذات الأغلبية الشيعية‏,‏ وهو أمر يمثل كابحا للحكومة في التعامل معها حيث لا تريد أن تبدو وكأنها تعادي الشيعة في اليمن‏,‏ خاصة أن الحوثيين يعملون للعزف علي هذا الوتر لكسب التعاطف الداخلي والخارجي‏.‏ ويبدو هذا واضحا من مطالبة حسين بدر الدين الحوثي بتدخل آية الله السيستاني المرجع الشيعي الأعلي في العراق لمواجهة ما اسماه اضطهاد السياسيين الزيديين في اليمن‏.‏ كما أن الطابع القبلي المسيطر علي اليمن يمثل هو الآخر عائقا أمام السلطات اليمنية في المواجهة مع الحوثيين‏.‏ ولاشك أن جغرافية اليمن الجبلية تلعب دورا إضافيا في استمرار الصراع حيث توفر جبال اليمن مقرات آمنة لأنصارالحوثي تساعدهم علي اتقاء الضربات العسكرية الحكومية ضدهم‏.‏ والحقيقة أنه قد ساعدت هذه العوامل ليس فقط علي استمرار الصراع بل علي تفاقمه بشكل يصعب معه إنهاؤه بشكل حاسم‏.‏

من المؤكد أن أية مشكلة مهما تكن تعقيداتها يمكن التوصل لحل لها‏,‏ لكن شريطة توفر الإرادة لدي أطرافها للوصول لهذا الحل‏,‏ ومن ثم تنفيذه بعد لك‏,‏ ونقطة البداية لحل أزمة تمرد الحوثيين في اليمن تتمثل في معرفة أسباب هذا التمرد والهدف منه‏.‏