قانون زراعة الأعضاء فى غرفة العمليات
العقوبة تبدأ من السجن‏5‏ سنوات وتصل إلي المؤبد
قانون زراعة الأعضاء في غرفة العمليات‏!‏
د‏.‏رفعت كامل‏:‏ المهم أن نؤمن أولا بثقافة التطوع
تحقيق‏:‏ محسن عبدالعزيز
أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا‏.‏

هكذا يجب أن يكون رد فعلنا ونحن نسمع أن مجلس الشعب علي وشك مناقشة مشروع قانون ينظم زراعة الاعضاء البشرية‏.‏

التوقيت متأخر نعم لكنه جاء في وقت حرج‏,‏ فقد أصبحت عملية تجارة الأعضاء وخطف الاطفال لنزع اعضائهم من الاشياء التي تقض مضاجع المصريين ولن يحسم هذه المسألة إلا وجود قانون ينظم هذه العملية‏.‏

لقد حسمت مائتا دولة أمرها في هذا الشأن لكن الولادة متعسرة جدا في مصر برغم وجود كل الضمانات لنجاحها‏.‏ وحتي لا تتسع سوق تجارة الاعضاء في مصر الامل كل الامل أن ينهض مجلس الشعب بمسئولياته ويضع كل الضوابط لسد أي ثغرة محتملة في القانون المرتقب حتي لا نضرب أخماسا في أسداس ونعرض اعضاءنا للبيع علي قارعة الطريق‏.‏

في البداية يقول دكتور شوقي حداد وكيل نقابة الأطباء وأستاذ الأورام بقصر العيني إن مشروع القانون وافقت عليه لجنة الصحة بمجلس الشعب وسوف يناقش خلال الأيام القادمة بالمجلس لإقراره وسوف يطالب القانون بإنشاء هيئة قومية تتولي إدارة وتنظيم عمليات نقل الأعضاء والأنسجة وتقوم بتصنيف الاعضاء والأنسجة المتبرع بها وتسجيل راغبي زرعها وفقا لنوع الأنسجة والفصيلة والمناعة والإشراف والرقابة علي المستشفيات والمراكز الطبية المرخص لها بإجراء عمليات نقل وزرع الأعضاء‏,‏ وقال إن القانون سوف يحظر التعامل في أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته علي سبيل البيع أو الشراء‏,‏ كما يحظر علي الطبيب المختص البدء في إجراء العملية عند علمه بذلك ويجوز للمتبرع الكامل الأهلية الذي يوافق علي استقطاع أحد أعضائه لنقله إلي آخر أن يعدل عن الموافقة قبل البدء في إجراء العملية‏.‏

مشيرا إلي أن القانون لا يجيز اجراء عمليات الاستقطاع وزرع الأعضاء إلا في المستشفيات والمراكز الطبية المرخص لها بذلك‏.‏

وأضاف أن القانون جعل الأولوية في نقل الأعضاء إلي المصريين حتي الدرجة الرابعة‏,‏ وشدد مشروع القانون علي أن النقل يجب أن يكون دون مقابل وذلك لضرورة تقتضيها المحافظة علي حياة إنسان أو علاجه من مرض خطير‏..‏ ويعاقب بالسجن مدة لا تقل عن‏5‏ سنوات وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف كل من استقطع أو زرع أحد الأعضاء أو تاجر فيها أو جزء منه أو أحد أنسجته بالمخالفة لأحكام القانون وإذا ترتب علي ذلك وفاة المنقول منه تكون العقوبة أشغالا شاقة مؤبدة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه‏,‏ كما يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي خمس سنوات أو غرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه‏,‏ ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو كليهما كل من استقطع خلسة أو زرع أو شارك أو كان وسيطا أوقام بالاعلان أو بالتحايل أو بالإكراه عضوا أو جزءا منه أو نسيجا من إنسان حي بقصد زرعه في جسم إنسان آخر بالمخالفة‏.‏ وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن‏100‏ ألف جنيه إذا ترتب علي هذه المخالفات وفاة الشخص المستأصل منه‏.‏

وأشار إلي أن مشروع القانون يشير إلي الحق في أن يحرم الطبيب من مزاولة المهنة مرة لا تتجاوز ثلاث سنوات ومصادرة جميع الأدوات مع غلق المكان أو المؤسسة التي ارتكبت فيها الجريمة‏.‏

الدكتور عبدالمنعم عبيد عضو لجنة الصحة بالمجالس القومية المتخصصة والرئيس الأسبق لقسم زراعة الأعضاء بدولة الكويت يري أن مسألة زراعة الأعضاء في مصر لها ملابسات ثلاثة بالغة الخطر أول شيء‏:‏ هو العبء المرضي المتراكم خاصة بعد دخول عمليات نقل الكبد كمنافس‏,‏ فالمرضي الذين يحتاجون لعمليات زرع أعضاء هم كثيرون جدا مما يشكل حملا كثير علي الأطباء والمستشفيات والمتبرعين‏.‏

الأمر الثاني الجدل حول موت جذع المخ الذي لم يحسم بعد رغم إنه حسم في العالم كله فهناك فئات واسعة من الاطباء عبرت عن عدم موافقتها عن موت المخ كمبرر لنقل الأعضاء‏,‏ وهؤلاء سيقفون عائقا أمام عملية النقل مشيرا إلي أن فئات واسعة جدا أطباء وغير أطباء غير متفقين وعلينا أن نقترب منهم وأن نبذل مجهودا ثقافيا واسعا خاصة للذين يعملون في العيادات المركزة والأطباء والهيئة التمريضية المعاونة ـ وذلك حتي يطمئن بالنا إلي اقتناع هؤلاء ومناصرتهم للأمر‏,‏ فإضافة إلي أن كمية الأعضاء غير كافية لعدد المرضي فإننا في حاجة إلي تكاتف المجتمع واقتناعه للمحافظة علي صحة افراده بجميع السبل‏.‏

فمثلا سوف تنشأ هناك إشكالية حول أولويات من يحصل علي الأعضاء في حالة القدرة‏..‏ هذه الإشكاليات وغيرها في حاجة إلي تنظيم وإقتناع‏.‏

الشيء الثالث‏..‏ أن ما يساعد علي تعقيد الوضع دون حوار مجتمعي كان هو إصرار الحكومة من خلال مسئوليها علي أن يشارك القطاع الخاص بصورة كاملة في عملية نقل الأعضاء‏..‏

وأشار إلي أن التجربة الأمريكية العظيمة عملت علي إنشاء شبكة موحدة للشراكة في الأعضاء وأن الكونجرس أيام الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان أصر علي ألا يكون للقطاع الخاص أي دور في هذا الموضوع لكي تكون هناك هيئة قومية محايدة لا تهدف إلي الربح‏..‏ وتمكن الكونجرس من عمل قانون لا توجد به أي شبه للتربح أو التجارة ولكننا في مصر ـ وهذه اشكالية أخري‏..‏ قام القطاع الخاص بدور في تشجيع التبرع الشكلي وشراء الأعضاء من السوق‏..‏ ومن هنا نشأت سلوكيات تربحية سوف يصبح من الصعب السيطرة عليها‏.‏

وحذر من حدوث معركة كبيرة يعتقد فيها الأفقر أنهم وقعوا علي قانون موت المخ من أجل عدالة غير واضحة‏..‏ نتيجة سيطرة الهيئات التجارية علي سوق الأعضاء مسبقا خاصة بعد ان ترك إساتذة جراحة الأعضاء بالجامعات جامعاتهم وعملوا في القطاع الخاص وفي نفس الوقت تمت أكبر اهانة لقانون التأمين الصحي في مصر وقيادته التي عملت كل جهودها لتحوله إلي قطاع ربحي من خلال قرار رئيس الوزراء رقم‏736‏ لسنة‏2007‏ بتحويل هيئة التأمين الصحي إلي شركة قابضة اضافة إلي فرض رسوم علي تحركات المرضي وزائريهم في التأمين الصحي وثالثا لأن رئيس الوزراء وقع منذ أيام علي أنشاء شركة أجنبية للتأمين الصحي علي التجار وعددهم‏3,5‏ مليون تاجر‏..‏ ولما كان نقل الأعضاء يعتمد علي أن المتبرع ومن تتم عملية نقل الأعضاء إليه هم متمتعون بتأمين صحي اجتماعي غير ربحي فإن غياب هذا التأمين سيجعل الشبكة التي تعطي هؤلاء الأطراف غير مأمونة وغير كافية لاحتياج هؤلاء المرضي من الطرفين المتبرع والمتبرع له لما يحتاجه من علاج ومتابعة ودواء بعد العملية وضمان استمرار ذلك وإلا حدثت مضاعفات هائلة ومنها رفض الجزء أو العضو المزروع‏.‏

ولذلك فإن الدكتور عبيد يري ـ من وجهة نظره ـ أن الحكومة متعجلة جدا في تنفيذ هذا القانون دون إعداد المئات من وحدات العناية المركزة لاصابات الرأي وإسعافها وبذل الجهود الهائلة لإنقاذ هؤلاء المصابين من أجل إقناع أهل المتبرع بالموافقة علي تبرعهم بعد أن تبذل له الجهود الكبيرة لكي يتم شفائه‏..‏ حتي إذا حدث الموت أصبحت هناك قناعة بالمتبرع‏.‏ لكن عندما لا توجد الأدوات للقيام بهذه المهمة بالعدل والرقة فسيكون من الصعب إقناع الناس بجدوي التطوع مالم تبذل الجهود الكبيرة لتوفير الفرق الطبية المدربة والمنسقة ممن يحصلون علي كادر جيد ومستقبل مضمون لكي يتم بقائهم حول المريض طول الوقت‏,‏وأتهم غرف العناية المركزة في مصر بأنها تعاني وأن مصر تأخرت في الاستعداد لتوفير الشروط اللازمة لكن يصدر القانون بعد أن أضعنا الوقت في بيع المستشفيات وضرب التأمين الصحي بدلا من بناء مستشفيات جديدة مجهزة‏.‏

وأشار إلي أن العالم كله يخوض معركة عظيمة مع طلاب المدارس ليتضامنوا مع أهلهم ويتبرعوا مبكرا ولذلك عندما يحدث لهم حادث يكون الضمير مرتاحا‏..‏ بينما التاريخ المسيء من تجارة الأعضاء في مصر سوف يعمل علي توزيع الاعضاء بلا عدالة ولو ثبت ذلك سوف يتوقف الناس عن التبرع تماما‏.‏

ودعا إلي حوار أوسع مع المجتمع وتكوين لجنة قومية محايدة تسير علي نمط شفاف يشبه ما حدث تحت رئاسة الدكتور محمد غنيم في المنصورة‏..‏ وعلينا أن نستفيد من تجربة الدكتور غنيم ونعمل علي نقلها إلي الكبد قبل أن نسمح لاحد المستشفيات الخاصة أن تقوم بهذا الدور بادعاء أنها قامت بتحقيق نتائج أفضل هذا المجال‏.‏

أما الدكتور علاء اسماعيل استاذ الجراحة العامة بجامعة عين شمس فيطالب بتحديد أماكن معينة تتمتع بكفاءة عالية يتم فيها تنفيذ هذا القانون سواء كان هذا المكان حكوميا أو خاصا المهم كفاءة المستشفي والأطباء مع تحديد التاريخ الوظيفي لهما‏.‏

وقال إن مشكلة نقل الأعضاء تكمن في النصاب الجاهل‏..‏ النصاب الذي يتاجر بأعضاء المرضي والطبيب الجاهل الذي يجري هذه العمليات دون عمل الاحتياطات اللازمة لها فيخالف القانون‏..‏ مشيرا إلي أن الغرامة غير رادعة في مسألة تجارة الأعضاء ويجب أن يكون هناك حبس اضافة إلي الغرامة الكبيرة‏.‏

وقال إن هناك حالات بعيدة عن مشكلة موت جذع المخ مثل قرنية العين أو جزء من الأوعية الدموية والعظام لانها أشياء تؤخذ بعد الموت النهائي وفي كل الأحوال يكون المتوفي أوصي بها‏.‏

وطالب القانون بأن يفرق بين النوعين من الموت موت جذع المخ والموت النهائي فهناك عمليات لابد أن تتم والقلب ينبض مثل الكبد والكلي والقلب حتي لا يحدث تجلط داخل الأعضاء‏..‏ ويجب أن يكون كل نوع من الموت في بند حتي اذا توقف المشروع لا يتوقف كله‏.‏

وحث علي أن يكون هناك ضمان للمتبرع الحي في حالة حدوث مضاعفات له وأن يتم علاجه بالمجان أو أن يؤمن عليه ضد مخاطر اجراء هذه العملية وقال إنه ضد التبرع للأجانب لان ذلك سيكون الثغرة التي تدخل منها التجاوزات‏..‏ لكنه في نفس الوقت مع فتح باب التبرع أكثر من الدرجة الرابعة حتي لاتحدث أيضا عمليات خرق للقانون في حالة وجود عائق يمنع التبرع حتي الدرحة الرابعة‏.‏

وقال إنه يؤيد انشاء هيئة تتبع وزارة الصحة تشرف علي عمليات جراحة الأعضاء ويكون لها حق الضبطية القضائية حتي لا يكون لأحد الحق في بيع جزء من جسده‏.‏

أما الدكتور رفعت كامل استاذ جراحة الكبد والرئيس السابق للجمعية الدولية لزراعة الكبد فيقول المهم أن يصدر القانون أولا حتي يقوم بعملية التنطيم ويقضي علي تجارة الأعضاء مشيرا إلي أننا جميعا نحتاج أن نتعلم ثقافة التطوع لان ذلك بمثابة تأمين عام علينا ـ مشيرا إلي أن موافقة الانسان علي التبرع بجزء من جسده سوف تأخذ وقتا كبيرا حتي يقتنع بها الناس‏.‏

وطالب بأن يحصل المتبرع علي فائدة أو مكافأة كمعاش يحصل عليه أو اعفاء أبنائه من مصاريف الدرسة ـ ألخ‏.‏ وقال إنه ضد مشاركة القطاع الخاص في هذا الأمر لان الموضوع لا يحتاج مجرد الشك ويجب أن تشرف عليه هيئة محايدة تضمن تبرع الغني والفقر‏..‏

وطالب بأن تكون عقوبة من يتاجر في أعضاء الأطفال هي الاعدام‏.‏