وكانت بيننا ليله


وكانت بيننا ليله

نثرنا الحب فوق ربُوعها العذراء

فانتفضت

وصار الكونُ بستانا

وفوق تلالها الخضراء

كم سكرت حنايانا !

فلم نعرف لنا اسما ..

ولا وطنا .. وعُنوانا !

وكانت بيننا ليله

* * *

سبحتُ العمر بين مياهها الزرقاء ..

ثم رجعتُ ظمآنا

وكنتُ أراك ياقدري

ملاكا ضل موطنه

وعاش الحب إنسانا

وكنتُ الراهب المسجون في عينيك ..

عاش الحب معصية

وذاق الشوق غُفرانا

وكُنتُ أموتُ في عينيك ..

ثم أعود يبعثني

لهيب العطر بركانا

وكانت بيننا ليله

وكان الموجُ في صمت يبعثرنا

علي الآفاق شُطآنا

ووجهُ الليل ..

فوق الغيمة البيضاء يحملنا

فنبني من تلال الضوء أكوانا

وكانت فرحةُ الأيام

في عينيك تنثُرني

علي الطرقات ألحانا

وفوق ضفافك الخضراء ..

نام الدهرُ نشوانا

وأقسم بعد طول الصد ..

أن يطوي صحائفنا .. وينسانا

وكان العمرُ أغنية

ولحنا رائع النغمات أطربنا

وأشجانا

وكانت بيننا ليله

* * *

جلستُ أراقبُ اللحظات

في صمت تودعنا

ويجري دمعها المصلوبُ ..

فوق العين ألوانا

وكانت رعشةُ القنديل ..

في حزن تراقبنا

وتُخفي الدمع أحيانا

وكان الليلُ كالقناص يرصدنا

ويسخرُ من حكايانا
وروعنا قطار الفجر ..

حين أطل خلف الأفق سكرانا

ترنح في مضاجعنا

فأيقظنا .. وأرقنا .. ونادانا

وقدمنا سنين العمر قُربانا

وفاض الدمعُ ..

في أعماقنا خوفا .. وأحزانا

ولم تشفع أمام الدهر شكوانا

* * *


تعانقنا

وصوت الريح في فزع يُزلزلنا

ويُلقي في رماد الضوء ..

يا عمري بقايانا

وسافرنا ..

وظلت بيننا ذكرى

نراها نجمة بيضاء ..

تخُبو حين نذكرها

وتهربُ حين تلقانا

تطُوف العمر في خجل

وتحكي كل ما كانا ..

وكانت بيننا .. ليله