نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 4 من مارس سنة 1977م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : عمر حافظ شريف وعلى أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه نواب رئيس المحكمة وطه أحمد أبو الخير ومحمد فهمى حسن عشرى الوكيلين بالمحكمة والمستشار كمال سلامه عبد الله.أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم 16 لسنة 8 قضائية عليا " تفسير ".
" الوقائع "
طلب وزير العدل بكتابه رقم 445 المؤرخ فى 10 من ديسمبر سنة 1977 بناء على طلب المدعى العام الاشتراكى- إصدار قرار بتفسير المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب لبيان ما إذا كانت المحكمة المنصوص عليها فيها تختص بنظر المنازعات فى الأوامر التى يصدرها المدعى العام بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقا للمادة السابعة من القانون المذكور.
وجاء فى هذا الطلب وفى المذكرة المرافقة له أن الرأى قد اختلف فى شأن تحديد الجهة التى تختص بنظر المنازعات فى الأوامر التى يصدرها المدعى العام الاشتراكى بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقا للمادة السابعة من القانون سالف الذكر- هل تختص بنظرها المحكمة المنصوص عليها فى المادة العاشرة منه، أم أن المختص بنظرها هى جهة القضاء الإدارى أو جهة القضاء العادى –قاضى الأمور المستعجلة- بحسب الأحوال- تبعا لطبيعة المنازعة؟: فذهب رأى إلى انعقاد الاختصاص بالفصل فى المنازعات المذكورة للمحكمة المختصة بالفصل فى دعاوى فرض الحراسة المنصوص عليها فى المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 المشار إليه.
وذهب رأى آخر إلى أن المحكمة المنصوص عليها فى هذه المادة لاتختص بنظر تلك المنازعات، بل ينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإدارى أو جهة القضاء العادى – قاضى الأمور المستعجلة- بحسب الأحوال تبعا لطبيعة المنازعة.
وحسما للخلاف بين وجهتى النظر سالفتى الذكر فى تفسير نص قانونى له أهميته فى مجال التطبيق، وعملا بحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 التى تنص على أن تختص المحكمة العليا بتفسير النصوص القانونية التى تستدعى ذلك بسبب طبيعتها وأهميتها ضمانا لوحدة التطبيق، تقدم وزير العدل بطلب تفسير النص المذكور، وأرفق بالطلب – تطبيقا لنص المادة 14 من القانون رقم 66 لسنة 1970 بشأن الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا – مذكرة شارحة تتضمن الأسانيد والمبررات التى تستدعى التفسير ومذكرة مقدمة من المدعى العام الاشتراكى.
وقيد الطلب برقم 16 لسنة 8 قضائية عليا "تفسير" وأودعت هيئة المفوضين تقريراً مسبباً بالرأى القانونى، انتهت فيه إلى أن المحكمة المنصوص عليها فى المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب هى المختصة – دون غيرها – بنظر المنازعات فى الأوامر التى يصدرها المدعى العام الاشتراكى بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقا لنص المادة السابعة من هذا القانون .
وحدد لنظر الطلب أمام المحكمة جلسة 4 من فبراير سنة 1978 حيث نظر على الوجه المبين بمحضر الجلسة وأرجأت المحكمة النطق بالقرار إلى جلسة اليوم حيث صدر القرار الآتى.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن الخلاف فى تفسير المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب يثور فى خصوص تحديد المحكمة المختصة بنظر المنازعات فى الأوامر التى يصدرها المدعى العام الاشتراكى بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقا للمادة السابعة من هذا القانون- هل تختص بنظرها المحكمة المنصوص عليها فى المادة العاشرة من القانون المشار إليه وهى المحكمة التى ناط بها الشارع الفصل فى دعاوى فرض الحراسة أم أن الاختصاص بنظرها ينعقد لجهة القضاء الإدارى أو جهة القضاء العادى- قاضى الأمور المستعجلة- بحسب الأحوال تبعا لطبيعة المنازعة؟.
ومن حيث إن المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب تنص على أن " تفصل فى دعاوى فرض الحراسة محكمة تشكل بقرار من رئيس الجمهورية برئاسة أحد نواب رئيس محكمة النقض وعضوية ثلاثة من مستشارى محاكم الاستئناف وثلاثة من المواطنين المشتغلين بالمهنة أو الصناعة أو العمل الأساسى الذى يعول عليه المطلوب فرض الحراسة عليه يختارون من بين الواردة أسماؤهم فى الكشوف التى تعدها مقدما لهذا الغرض الجهات التى يحددها وزير العدل وتعتمد تلك الكشوف بقرار منه.
وإذا لم يكن للمطلوب فرض الحراسة عليه مهنة مشروعة يتم اختيار الأعضاء الثلاثة من الواردة أسماؤهم فى الكشف الذى يعده وزير العدل متضمنا بعض الشخصيات العامة.
ويستمر انعقاد المحكمة حتى تنتهى من نظر الدعاوى المطروحة أمامها".
ومن حيث إنه يتعين لتحديد مدلول هذا النص كما قصده الشارع استقصاء التطور التاريخى لإجراء فرض الحراسة فى مصر وتفسير النص فى ضوء هذا التطور بما يتفق مع الهدف الذى استهدفه الشارع من إصدار القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب وعلى هدى من الأعمال التحضيرية لهذا القانون والقواعد العامة المنظمة للاختصاص القضائى للمحاكم.
ومن حيث إن الحراسة كانت تفرض فى بادئ الأمر بقرار إدارى لا يقبل الطعن فيه أو التظلم منه، وفى عام 1968 أصدر الشارع القرار بقانون رقم 59 لسنة 1968 والقرار بقانون رقم 60 لسنة 1968 بإجازة التظلم من أوامر الاعتقال وفرض الحراسة أمام محكمة أمن الدولة العليا مشكلة من ثلاثة من مستشارى الاستئناف وقد خول كلاهما هذه المحكمة اختصاص النظر والفصل فى تلك التظلمات، ولما صدر الدستور القائم متضمنا المادة 34 التى تنص على أن "الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى"، أصدر الشارع إعمالا لهذا النص القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب وقد خول الشارع المدعى العام الاشتراكى بمقتضى المادة السابعة من هذا القانون سلطة الأمر بمنع التصرف فى الأموال وإدارتها وإتخاذ ما يراه من الإجراءات التحفظية فى هذا الشأن وذلك متى تجمعت لديه دلائل قوية على أن أحد الأشخاص قد أتى فعلا من الأفعال المنصوص عليها فى المادتين الثانية والثالثة من هذا القانون.
كما خوله سلطة الأمر بالتحفظ على الأشخاص المشار إليهم فى المادة الثانية من القانون فى مكان أمين، على أن يعرض الأمر على محكمة الحراسة خلال ستين يوما من تاريخ صدوره وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن وزال أثره بقوة القانون (المادة الثامنة) .
وقد أنشئت محكمة الحراسة بمقتضى المادة العاشرة من القانون المتقدم ذكرها وناط بها الشارع الفصل فى دعاوى فرض الحراسة.
وأجاز الشارع لمن فرضت عليه الحراسة ولكل ذى شأن بعد مرور سنة من تاريخ صدور الأمر بفرض الحراسة أن يتظلم منه أو من إجراءات تنفيذه وأوجب على محكمة الحراسة الفصل فى التظلم أما برفضه واستمرار الحراسة وأما برفع الحراسة عن كل أو بعض المال المفروضة عليه ( الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون).
كما أجاز للمدعى العام الاشتراكى بعد صدور الحكم بفرض الحراسة وخلال سنة من تاريخ صدوره أن يطلب إلى محكمة الحراسة أما رفع الحراسة وأما مصادرة كل الأموال الموضوعة تحت الحراسة أو بعضها لصالح الشعب ( الفقرة الرابعة من المادة الثانية والعشرين).
وبالنسبة إلى المنازعات التى تنشأ بسبب الحراسة بين ذوى الشأن والجهة المعهود إليها بها فى حالة رد المال الموضوع تحت الحراسة إلى ذوى الشأن، فقد جعلها الشارع من اختصاص القضاء العادى بنص صريح فى المادة التاسعة عشرة من القانون.
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن الشارع إذ أنشأ بمقتضى المادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب محكمة خاصة مستقلة تؤلف من عنصرين أحدهما قضائى يمثله قضاة ذوو خبرة وتجارب فى القضاء وعنصر آخر يمثله أعضاء ذوو خبرة بشئون الحياة واتصال وثيق بأمور الناس وأعمالهم بما يؤهلهم لإدراك مسائل الحراسة إدراكا شديدا وتقديرها تقديرا سليما- أن الشارع إذ نهج هذا النهج فى شأن تشكيل تلك المحكمة وبيان اختصاصاتها على النحو المتقدم ذكره فهو يستهدف تخويلها دون سواها من جهات القضاء ولاية الفصل فى دعاوى فرض الحراسة وما يتعلق بها ويتفرع عنها من منازعات ومنها المنازعات فى الأوامر الصادرة من المدعى العام الاشتراكى بالإجراءات التحفظية على الأموال ( المادة 7 من القانون)، حتى إذا ما انتهت الحراسة ورد المال إلى ذوى الشأن أو صدر قرار رئيس الجمهورية بإلغاء الحكم الصادر بمصادرة أموال من فرضت عليه الحراسة اعمالا لنص المادة 23 من القانون، انعقد الاختصاص بنظر المنازعات التى تنشأ بسبب الحراسة للقضاء العادى، وقد صدر الشارع فى سن هذه القواعد جميعا على الأصل العام المقرر فى تحديد الاختصاص القضائى الذى يقضى بأن قاضى الأصل هو قاضى الفرع بحيث تكون المحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية مختصة كذلك بنظر المسائل المرتبطة بها أو المتفرعة عنها إلا ما يستثنى بنص خاص، وذلك تركيزا لعناصر المنازعة فى اختصاص جهة قضائية واحدة مما يكفل سرعة الفصل فيها ويحول دون تقطيع أوصالها وتوزيعها بين جهات قضاء مختلفة قد تصدر فيها أحكاما متناقضة، يؤيد هذا النظر أنه أثر انشاء محكمة الحراسة بالقانون رقم 34 لسنة 1971 المشار إليه أصدر الشارع القانون رقم 53 لسنة 1972 الخاص بتصفية الحراسات السابقة على القانون المذكور وقضت المادة الأولى منه بأن تحال إلى المدعى العام الاشتراكى حالات الأشخاص الذين لا زالوا خاضعين للحراسة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 119 لسنة 1964 وخولت المادة الثانية منه المدعى العام الاشتراكى فحص هذه الحالات وإحالتها إلى محكمة الحراسة – إذ تبين له وجود أسباب موضوعية تبرر فرض الحراسة – لكى تصدر هذه المحكمة حكمها فيها بما تراه – ولا مراء فى دلالة هذين النصين على رغبة الشارع فى تركيز جميع المسائل المتعلقة بالحراسة فى يد محكمة الحراسة إعمالا للأصل العام سالف البيان.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم تكون المحكمة المنصوص عليها فى المادة 10 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب مختصة دون غيرها بنظر المنازعات فى الأوامر الصادرة من المدعى العام الاشتراكى بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقا للمادة 7 من القانون سالف الذكر.
" فلهذه الأسباب "
وبعد الإطلاع على المواد 7 ، 8 ، 10 ، 19 ، 22 ، 23 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب .
قررت المحكمة :
" أن المحكمة المنصوص عليها فى المادة 10 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب تختص دون غيرها - بنظر المنازعات فى الأوامر الصادرة من المدعى العام الاشتراكى بالإجراءات التحفظية على الأموال وفقا للمادة 7 من القانون سالف الذكر