نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 5 من فبراير سنة 1977م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل وعمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نواب رئيس المحكمة وعلى أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه الوكيلين بالمحكمة والمستشار إسماعيل حسنى حسن عبد الرحمن أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 5 لسنة 7 قضائية عليا " تنازع ".
" الوقائع "
تتحصل الوقائع، على ما يبين من الأوراق، فى أن الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية أقامت الدعوى رقم 17 لسنة 1973 أمام محكمة سيدى جابر الجزئية تطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأداء مبلغ 16 جنيه وفوائده من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة تأسيسا على استحقاقها هذا المبلغ طبقا لشروط عقد تركيب واستعمال تليفون مبرم مع المدعى عليه. وبجلسة 18 من مارس سنة 1974 قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية بمجلس الدولة بالإسكندرية إستناداً إلى أن عقد تركيب واستعمال التليفون هو عقد إدارى تختص المحكمة الإدارية بالفصل فى المنازعات التى تثور بشأنه. وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية بالإسكندرية وقيدت بجدولها برقم 367 لسنة 21 القضائية حيث قضت فى 30 من ديسمبر سنة 1974 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى إستناداً إلى أن هذا العقد من العقود المدنية التى ينعقد الاختصاص بنظرها للقضاء العادى. وطعنت الهيئة فى هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإدارى ( دائرة الإسكندرية) وقيد الطعن برقم 22 لسنة 7 القضائية وفى 24 من مارس سنة 1976 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا وإلزام الحكومة المصروفات. وذلك تأسيساً على أن العقد محل النزاع هو من عقود القانون الخاص ولا ينصرف إليه وصف العقد الإدارى.
وفى 21 من يونية سنة 1976 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية قلم كتاب هذه المحكمة عريضة طلبت فيها تعيين جهة القضاء العادى جهة مختصة بنظر الدعوى بعد أن تخلت جهتا القضاء العادى والإدارى عن الفصل فيها.

وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم باختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى.
وحدد لنظر الدعوى جلسة أول يناير سنة 1977 وفيها نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فى الدعوى بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الدعوى قد أستوفت الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن المدعية تستند فى طلب تعيين الجهة المختصة بنظر الدعوى إلى قيام تنازع سلبى على الاختصاص بين جهة القضاء العادى وجهة القضاء الإدارى إذ تخلت كلتاهما عن نظر الدعوى ذات الموضوع الواحد التى طرحت عليها.
ومن حيث إن مناط قبول دعوى الفصل فى تنازع الاختصاص السلبى أمام المحكمة العليا وفقا للمادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 81 لسنة 1969 والقفرة الثانية من المادة الأولى من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهة القضاء العادى أو جهة القضاء الإدارى أو أية هيئة ذات اختصاص قضائى وأمام جهة أخرى أو هيئة ذات اختصاص قضائى أخرى وتتخلى كلتاهما عنها.
ومن حيث إن المنازعة التى ثارت بين طرفى الدعوى حول عقد تركيب واستعمال التليفون قد طرحت أمام جهة القضاء العادى – ( محكمة سيدى جابر الجزئية) وجهة القضاء الإدارى – ( المحكمة الإدارية بالإسكندرية) وقد تخلت كلتاهما عن الفصل فيها ومن ثم فقد توافر مناط طلب تعيين جهة القضاء المختصة بالفصل فيها.
ومن حيث إن كلا من الحكمين الصادرين من جهة القضاء العادى ومن جهة القضاء الإدارى أقام قضاءه بعدم الاختصاص ولائيا بنظر الدعوى على أساس تكييفه للعقد المبرم بين الطرفين، وقد بنى الحكم الصادر من محكمة سيدى جابر الجزئية على أساس أن العقد إدارى تسرى عليه قواعد القانون العام وتختص محاكم مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات التى تثار بشأنه وأقامت المحكمة الإدارية بالاسكندرية حكمها على أن العقد مدنى وتطبق فى شأنه قواعد القانون الخاص وتخرج المنازعات الخاصة به من ولاية جهة القضاء الإدارى وتدخل فى اختصاص القضاء العادى – ومن ثم يتعين الفصل فى هذا التنازع السلبى بين جهتى القضاء المثار إليهما تحديد التكييف القانونى الصحيح للعقد الذى ينظم العلاقة بين الطرفين.
ومن حيث إنه يشترط لاعتبار العقد عقداً إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفا فيه وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية التى تتميز بإنتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة فى روابط القانون الخاص.
ومن حيث إن العقد مثار النزاع بين الطرفين قد أبرم بين المدعى عليه وبين الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية وهى مرفق اقتصادى بقصد الافادة من خدمة المرفق المذكور الخاصة بالاتصالات التليفونية أى لتحقيق خدمة خاصة للمشترك وليست له أى صلة بنشاط المرفق أو بتسييره وتنظيمه ومن ثم فهو يخضع للأصل المقرر فى شأن العقود التى تنظم العلاقة بين المرافق الاقتصادية وبين المنتفعين بخدماتها باعتبارها من روابط القانون الخاص لانتفاء مقومات العقود الإدارية وخصائصها المتقدم ذكرها.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك أن العقد سالف الذكر عقد مدنى ينظم علاقة مدنية بين الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية والمدعى عليه، ولايؤثر فى هذا النظر ما تضمنه هذا العقد من شروط استئنائية قد يختلط الأمر بينها وبين الشروط الاستثنائية التى يتميز بها أسلوب القانون العام فى العقود الإدارية، ذلك أن تلك الشروط مألوفة فى نوع خاص من العقود المدنية وهو عقود الإذعان وقد نظمها القانون المدنى بنصوص تكفل دفع أضرارها عن الطرف الضعيف فى التعاقد فأجاز للقاضى إعفاء هذا الطرف من تنفيذها كما أجاز له تعديلها إذا كانت شروطاً تعسفية وأخيراً حظر تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان تفسيرا ضارا بمصلحة الطرف المذعن.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم تكون المنازعة بين طرفى الدعوى منازعة مدنية ثارت بشأن عقد مدنى ومن ثم تكون جهة القضاء العادى هى المختصة بنظرها والفصل فيها دون جهة القضاء الإدارى.
" فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة باختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى.