نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 5 فبراير سنة 1977م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل وعمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نواب رئيس المحكمة وعلى أحمد كامل، وأبو بكر محمد عطيه الوكيلين بالمحكمة والمستشار إسماعيل حسنى حسن عبد الرحمن أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم3 لسنة 7 قضائية عليا " تفسير".
" الوقائع "
طلب وزير العدل بكتابه المؤرخ فى 30 من يونيو 1976 – بناء على طلب الجهاز المركزى للمحاسبات – تفسير نص المادتين 71 ، 72 من لائحة العاملين بالجهاز المذكور الصادرة من مجلس الشعب بجلسته المنعقدة فى 6 يوليو 1975 وذلك لبيان ما إذا كان النقل من وظيفة أخرى لا يمنع من الاستمرار فى الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقول إذا بدأ التحقيق ضده قبل انتهاء مدة خدمته أم أن هذا النقل تنقضى به الدعوى التأديبية وقد أرفق الجهاز المركزى للمحاسبات بطلبه مذكرة شارحة.
وقدمت هيئة المفوضين تقريراً مسبباً بالرأى القانونى، وقد حدد لنظر الطلب جلسة 11 من ديسمبر 1976 حيث قررت المحكمة ارجاء النطق بالقرار إلى جلسة أول يناير 1977 وفيها قررت مد أجل النطق بالقرار إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
من حيث أن الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانوناً
ومن حيث إن المادة الخامسة من القانون رقم 31 لسنة 1975 بشأن تنظيم علاقة الجهاز المركزى للمحاسبات بمجلس الشعب تنص على أن " يضع مجلس الشعب بناء على اقتراح رئيس الجهاز الأحكام والقواعد المنظمة لشئون العاملين بالجهاز والحصانات المقررة لهم لضمان استقلالهم وقواعد التأديب والحوافز والبدلات التى يجوز منحها لهم، ويكون لها قوة القانون" وقد أصدر مجلس الشعب اللائحة المشار إليها فى 6 من يوليو 1975 وتنص المادة 71 منها على أن " تنقضى الدعوى التأديبية بقبول استقالة العامل أو احالته إلى المعاش أو بنقله إلى وظيفة أخرى ولا تأثير للدعوى التأديبية على الدعوى الجنائية أو المدنية الناشئة عن نفس الواقعة، ولا يجوز اعادة تعيين العامل فى هذه الحالات بأى حال من الأحوال" . كما تنص الفقرة الأولى من المادة 72 من اللائحة ذاتها على أنه " مع عدم الإخلال بأحكام المادة 71 لا يمنع انتهاء خدمة العامل من الاستمرار فى الإجراءات التأديبية ضده إذا كان التحقيق قد بدأ معه قبل انتهاء مدة خدمته" وتنص المادة 90 منها على أن " أعضاء الجهاز من وظيفة مراقب فما فوقها غير قابلين للعزل ومع ذلك إذا اتضح أن أحدهم فقد الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهما الوظيفة أو فقد أسباب الصلاحية لأدائها لغير الأسباب الصحية أحيل إلى المعاش أو نقل إلى وظيفة أخرى معادلة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ما يعرضه رئيس الجهاز بعد موافقة مجلس التأديب".
ومن حيث إنه يستفاد من هذه النصوص فى مجموعها رغم ترتيب المادتين 71 ، 72 من اللائحة المشار إليها أن الشارع أرسى فى المادة 72 الأصل العام فى تحديد أثر انتهاء الخدمة على إجراءات التأديب ويقضى هذا الأصل بأن انتهاء الخدمة لا يحول دون استمرار هذه الإجراءات متى كان التحقيق قد بدأ ضد العامل قبل انتهاء خدمته – وقد قيد الشارع من إطلاق هذا النص فى المادة 71 إذ قضى بانقضاء الدعوى التأديبية بقبول استقالة العامل أو إحالته إلى المعاش أو بنقله إلى وظيفة أخرى- ومفهوم ذلك أن الدعوى التأديبية تنقضى فى هذه الحالات الثلاث ولو كان التحقيق قد بدأ ضد العامل قبل انتهاء خدمته.
ومن حيث إنه يتعين لتحديد مدلول عبارة " النقل إلى وظيفة أخرى" الواردة بالمادة 71 من اللائحة المشار إليها استظهار قصد الشارع من استثناء حالات قبول استقالة العامل أو احالته إلى المعاش ونقله إلى وظيفة أخرى من الأصل العام المقرر بالمادة 72 من اللائحة وهو الأصل الذى يقضى بأن انقضاء الخدمة لا يحول دون استمرار إجراءات التأديب متى كان التحقيق قد بدأ ضد العامل قبل ذلك.
ومن حيث إن هذه الحالات الثلاث يجمع بينها مدلول مشترك وهو الرغبة فى اقصاء العامل عن العمل بالجهاز المركزى للمحاسبات يدل على ذلك :
أولا – أن الشارع قد أضفى على أعضاء الجهاز المركزى للمحاسبات من وظيفة مراقب عام فما فوقها حصانة تعصمهم من العزل ولكنه أجاز مع ذلك إذا أتضح أن أحدهم فقد الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهما الوظيفة أو فقد أسباب الصلاحية لأدائها لغير الأسباب الصحية – أجاز أحالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة معادلة بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ما يعرضه رئيس الجهاز وبعد موافقة مجلس التأديب – ولما كانت الاحالة إلى المعاش أما أن تكون جزاء تأديبيا تطبيقا للمادتين 62 ، 76 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات أو تكون لفقد الثقة والاعتبار تطبيقا للمادة 90 من هذه اللائحة.
ولما كانت الإحالة إلى المعاش المنصوص عليها فى المادة 71 من اللائحة لا تعنى انهاء خدمة العامل بمحاكمة تأديبية بل أنها تعنى الاحالة إلى المعاش لفقد الثقة والاعتبار تطبيقا لنص المادة 90 من اللائحة ويكون النقل إلى وظيفة أخرى الذى تعنيه المادة 71 من اللائحة هو النقل البديل للاحالة إلى المعاش أى النقل إلى وظيفة أخرى خارج الجهاز لفقد الثقة والاعتبار أو فقد أسباب الصلاحية للقيام بأعباء الوظيفة لغير الأسباب الصحية ويكون بمثابة جزاء يغنى عن ملاحقة العامل ومتابعته بإجراءات التأديب التى تكون قد بدأت ضده قبل ذلك أما ما عدا ذلك من صور النقل من الجهاز إلى وظائف أخرى فأنها تخضع للأصل العام الذى أرسته المادة 72 من اللائحة بحيث لا تنقضى الدعوى التأديبية ضده بل تستمر إجراءات التأديب بعد نقله متى كان التحقيق قد بدأ ضده قبل ذلك.
ثانياً – أن الشارع حرص فى المادة 71 من اللائحة على النص على حظر اعادة العامل إلى العمل بالجهاز فى أى حالة من الحالات مما يدل على الرغبة فى اقصائه والتخلص منه لعدم صلاحيته أو لرغبة العامل نفسه عن العمل بالجهاز.
ثالثاً – أن المذكرة الايضاحية للائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات أشارت تعليقا على أحكام انهاء الخدمة والتأديب الواردة بها إلى أن " هذه الأحكام تتمشى إلى حد كبير مع الأحكام الواردة بقانون السلطة القضائية".
ويستفاد من أحكام المادتين 104 ، 111 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 أن الدعوى التأديبية تنقضى باستقالة القاضى أو باحالته إلى المعاش ( المادة 104) والمقصود بها الاحالة إلى المعاش المشار إليه فى المادة 111 من هذا القانون التى خولت مجلس التأديب عند فقد القاضى أسباب الصلاحية لولاية القضاء لغير الأسباب الصحية ومنها فقد الثقة والاعتبار أن يقرر احالته إلى المعاش أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية، ولما كانت المادة 71 من اللائحة المشار إليها التى جاءت أحكامها على غرار قواعد التأديب فى قانون السلطة القضائية قد نصت على أن الدعوى التأديبية ضد العامل تنقضى بقبول استقالته أو باحالته إلى المعاش أو بنقله إلى وظيفة أخرى فإنها تعنى بذلك الاحالة إلى المعاش أو النقل لفقد الثقة والاعتبار أو لفقد أسباب الصلاحية لغير الأسباب الصحية طبقا لأحكام المادة 90 من هذه اللائحة.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المادة 71 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات إذ قضت بأن الدعوى التأديبية تنقضى لأسباب منها نقل العامل إلى وظيفة أخرى فأنها تعنى بذلك النقل خارج الجهاز لفقد الثقة والاعتبار أو لفقد أسباب الصلاحية لأداء الوظيفة لغير الأسباب الصحية طبقا لأحكام المادة 90 من هذه اللائحة.
" فلهذه الأسباب "
وبعد الإطلاع على المادة 71 والفقرة الأولى من المادة 72 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات الصادرة من مجلس الشعب بجلسته المنعقدة فى 6 من يوليو سنة 1975.
قررت المحكمة ما يلى:
أن النقل الذى يترتب عليه انقضاء الدعوى التأديبية طبقا للمادة 71 من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات هو النقل إلى وظيفة أخرى خارج الجهاز لفقد الثقة والاعتبار أو لفقد أسباب الصلاحية لأداء الوظيفة لغير الأسباب الصحية طبقا لأحكام المادة 90 من هذه اللائحة دون ما عداه من قرارات النقل الأخرى ولو كان التحقيق قد بدأ مع العامل المنقول قبل انتهاء خدمته.