القسم الثالث
ميراث الجد
الجد الصحيح ، إما أن يكون معه إخوة وأخوات ، أشقاء أو لأب ، وإما أن لا يكون معه أحد من هؤلاء .
فإن لم يكن مع الجد الإخوة والأخوات ، فإن الجد يكون له ثلاث حالات كالأب تماما، وهي الحالات التي ذكرناها في ميراث الأب وهي .
الحالة الأولى :
أن ياخذ السدس بالفرض المطلق إذا كان للميت فرع وارث مذكر ، لأن الفرع المذكر يكون هو العصبة ، لأنه أولى رجل ذكر وأقرب رجل إلى الميت ، فلا يأخذ الجد إلا الفرض وهو السدس .
الحالة الثانية :
أن يرث بالعصوبة وحدها إن لم يكن للميت بين الورثة فرع وارث أصلا لا مذكر ولا مؤنث ، وفي هذه الحالة يكون الجد أولى رجل ذكر فيأخذ الباقي لكونه عصبة.
الحالة الثالثة.
أن يأخذ السدس فرضا يوأخذ الباقي تعصبا ، وذلك إذا كان هناك فرع وارث مؤنث ، فيأخذ السدس باعتباره صاحب فرض مع الفرع المؤنث ، ويأخذ الباقي باعتباره أولى رجل ذكر .
والأصل الذي ثبت به ميراثه في هذه الأحوال الكتاب ، والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى : { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد ، وورثه أبواه فلأمه الثلث} ......فقد أضاف الميراث في الفرض للأم وهو الثلث وترك الأب بدون فرض ، فدل أن الأب له اباقي تعصبا.
وقول النبي ( صلي الله علية وسلم ) " ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقى فلأولى رجل ذكر"
وقد يسمي الجد أبا مجازا ، وقد ورد إطلاق لفظ الأب عليه في آيات غير قليلة ، ومن هذه الآيات قوله تعالى { يا بين آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } ومعلوم أن سيدنا آدم عليه السلام ليس أبا حقا مباشرا لأي واحد منا ، لأنه الجد الأعلى . ومنها قولة تعالى حكاية عن يوسف { واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب } ومعلوم أن يوسف أبن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فإسحاق وإبراهيم جدان ليوسف عليه السلام ، ومع ذلك سمى كلا منهما أبا.
ومن أسنة : فما رواه عمران بن حصين " أن رجلا أتى النبي ( صلي الله علية وسلم ) فقال : إن ابن ابني ما ت فمالي من يرانه ؟ قال : لك السدس"
وعن الحسن أن عمر سأل عن فريضة رسول الله في الجد ، فقال معقل بن يسار المزني فقال : قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : قال ماذا ؟ قال السدس .

وأما الإجماع : فقد أجمع فقهاء الصحابة ومن بعدهم على أن الجد يرث عند عدم وجود الأب ، ولا نعرف في ذلك خلافا.
هذه أحوال الجد الثلاث إذا لم يكن معه إخوة أشقاء ، أو لأب ذكورا ، كانوا أو إناثا ، وهي حالات متفق عليها عند الفقهاء ونزيد هنا حالة رابعة ومحلها في الحجب.
الحالة الرابعة:
لا يرث الجد مع وجود الأب تمشيا مع القاعدة العامة . ( من أدلى إلى الميت بواسطة لايرث مع وجود تلك الواسطة)
أما حالات الجد التي يختلف فيها الجد عن الأب فهي خمسة:

الحالة الأولى:
الأب لا يحجب عن الميراث أبدا إلا إذا وجد مانع من موانع الميراث ، أما الجد ، فإنه يحجب عن الميراث بالأب حجب حرمان ن فلا يرث مع وجود الأب ،ويحجب الجد البعيد بالجد القريب تمشيا مع القاعدة ( من أدلى إلى الميت بواسطة لا يرث مع وجود تلك الواسطة)
الحالة الثانية :
أن الأب يحجب أن نفسه عن الميراث ، ولا يحجبها الجد بل ترث معه إجماعا ، والجدة الأبوية لا ترث مع وجود الأب ، لأنها تدلى إلى الميت وتنتسب إليه بواسطة الأب ، وأما الجد فترث معه أم الأب ، لأنها تدلى إلى الميت وتنتسب إليه بواسطة الأب ، وأما الجد فترث معه أم الأب ، لأنها زوجته ، وكذا أم أم الأب لأنها أم زوجته ، فهما لا تدليان إلى الميت بواسطة ، بخلاف أم أبي الأب فلا ترث مع الجد لإدلائها به إلى الميت والقاعدة التي تبين لنا ميراث الجد مع الجدة هي ( كل جدة تنتسب إلى الميت بواسطة لا ترث معه)
الحالة الثالثة:
أجمع الفقهاء أن الأب مع الفرع المؤنث يرث السدس فرضا وما بقي بعد أصحاب الفروض تعصبا . وختلفوا في الجد ، فمنهم من قال : هو كالأب في الجمع بين الإرث بالفرض والإرث بالعصوبة . ومنهم من قال : بل يرث الجد حينئذ بالعصوبة وحدها.
الحالة الرابعة:
أجمع فقهاء المسلمين أن الأب يحجب الأخوة والأخوات من أية جهة كانوا ، وأما الجد فإنه يحجب الأخوة والأخوات لأم بالإجماع ، أما الأخوة والأخوات الأشقاء ، أو لأب فإن الفقهاء قد اختلفوا في ميراثه معهم ، فقال أبو حنيفة وقوم : نعم يحجبهم ، وقال الأئمة الثلاثة لا يحجبهم.
الحالة الخامسة:
أجمع الأئمة الأربعة على أن الأب يحجب الأم من ثلث التركة إلى ثلث الباقي في المسألتين الغراويتين ، وأن الجد لا يحجبها إلى ذلك ، ولا يبالي الجد بان نصيبها أكثر أو قريب من نصيبه ، لعدم تساويهما في القرابة إلى الميت ، لأن الأم إلى الميت من الجد . والمسألتان الغراويتان هما ( أب ، أم ، زوج ) و ( أب ، أم ، زوجة ) فإن الأم في هاتين المسألتين تأخذ ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين لا ثلث كل التركة ، لكي لا تستحق الأم أكثر مما يستحقه الأب أو قريبا منه.