القسم الرابع
ميراث أولاد الأم

وهم إخوة المتوفى من أمه ، ويسمون ( بنى الأخياف ) ولا يرثون إلا بالفرض ، ولا يكونون من العصبة أبدا ، وقد ثبت ميراثهم ومقداره بنص القرآن الكريم فقال تعالى : { وإن كان رجل يورث كلالة أو أمراة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ، فإن كانوا أكثر من ذلك فم شركاء في الثلث } والآية الثانية : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة }

وقد اختلف المفسرون وأهل اللغة اختلافا كثيرا في معنى ( الكلالة ) ولكن معظم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم – فسروا الكلالة بأنها ( من لا ولد له ولا والد ) وهو قول أبي بكر الصديق ، وإحدى الروايتين عن عمر ، وعلى ، وزيد ، وأبن مسعود وهو قول من ليس ورثته ولد ولا والد ، أي أن الوارثين له غير فروعه ولا أصوله ، والذين يرثونه هي الجهة الضعيفة.
والمراد بالكلالة هنا هو ما فسره الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فقد جاء في سنن أبي داود : عن البراء بن عازب قال : جاء رجل إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله ، يستفتونك في الكلالة : فما الكلالة ؟ قال : " تجزئك آية الصيف " فقلت لأبي إسحاق : هو من مات ولم يدع ولدا ولا والدا ؟ قال : كذلك ظنوا أنه كذلك.
ووردت الكلالة – كم ذكرنا سابقا – في آيتين : إحداهما { وإن كان رجل .....} والثانية في آخر سورة النساء { يستفتونك} فأما الأولى : فهي التي لا ولد فيها ولا والد وفيها إخوة لأم ، وأما التي في آخر سورة النساء : فهي التي لا ولد ذكرا فيها ، وهم إخوة لأب وأم أو إخوة لأب أو أخوات لأب وأم وجدّ فجاءت هذه الآية لبيان حال الإخوة من الأم ، وجاءت في آخر سورة النساء لبيان إخوة الأعيان والعلات حتى يقع البيان بجميع الأقسام ، ولو شاء ربك لجمعه وشرحه.
والمراد بهذه الآية الأخ ، والأخت من الأم بإجماع أهل العلم ، وفي قراءة سعد بن أبي وقاص : (وله أخ ، أو أخت من أم )
ويدل أيضا على أن المراد بالآية الإخوة لأم ، أن الإخوة الأشقاء لا يرثون إلا بالتعصب ، والأخوات الأشقاء أو لأب يرثن بالفرض والتعصب أما هنا فقد أقتصر على الإرث بالفرض فقط ، فدل على أن المرادهم الإخوة لأم .
وروى معدان بن أبي طلحة قال : خطب عمر بن الخطاب يوم الجمعة فقال : إني لا أدع بعدي شيئاً هو أهم عندي من الكلالة . وفي رواية : أهم عندي من الجدّ والكلالة ، وما راجعت رسول الله صلى الله علية وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة ، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيها حتى طعن بإصبعه في صدري ، وقال : يا عمر ، أما تكفيك آية الصيف ،- يعني الآية التي في آخر سورة النساء – قال وإن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن
وروى أن أبن عمر رضي رضى الله عنه قال لحفصه رضي الله عنها : متى وجدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم طبية نفس فسليه عن الكلالة ، فلبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثيابه يوما ليخرج فقالت حفصة : أخبرني عن الكلالة يا رسول الله ؛ فقال عليه السلام : أبوك أمرك بذلك ما أراه يعرف الكلالة ، فكان عمر رضي الله عنه يقول : ما أراني أعرف الكلالة بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما قال .