نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة أول ابريل سنة 1978م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : عمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نائبى رئيس المحكمة وعلى أحمد كامل ، وأبو بكر محمد عطيه الوكيلين بالمحكمة والمستشارين محمد فهمى حسن عشرى و كمال سلامه عبد الله. أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم 13 لسنة 8 قضائية عليا " تفسير ".
"الوقائع"
طلب وزير العدل بكتابة رقم 419 الوارد للمحكمة فى 29 من نوفمبر سنة 1977 تفسير نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 والتى تنص على أن " أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقا للقانون، وترفع الضرائب كلية عن الفلاحين الذين يملكون ثلاثة أفدنة فأقل وعلى الدخول التى لاتتعدى خمسمائة جنيه فى السنة"، وذلك لتحديد المقصود بالفلاح الذى يتمتع بالإعفاء طبقا لهذه المادة.
وقد أرفق بالطلب مذكرة شارحة وحافظة بها خطاب صادر من وكيل أول وزارة المالية إلى مدير عام إدارة التشريع فى وزارة العدل بتاريخ 31/3/1977.
وقد قيد الطلب بالمحكمة برقم 13 لسنة 8 قضائية عليا تفسير بتاريخ 19/11/77 وأعد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى وأحيل الطلب إلى المحكمة حيث نظر بجلسة 4 من فبراير سنة 1977 وفيها تقرر إرجاء النطق بالقرار لجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن وزير العدل يطلب تحديد المقصود بلفظ " الفلاح" الذى يتمتع بالإعفاء من الضرائب والتكاليف العامة طبقا للمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977.
ومن حيث إن هذه المادة تنص على ما يأتى :
" أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقا للقانون، وترفع الضرائب كلية عن الفلاحين الذين يملكون ثلاثة أفدنة فأقل وعلى الدخول التى لاتتعدى خمسمائة جنيه فى السنة".
ومن حيث إنه يبين من طلب التفسير والأوراق المرافقة له ، أن ثمت خلافا فى الرأى ثار حول مدلول لفظ " الفلاح " فى تطبيق أحكام المادة سالفة الذكر فذهب رأى إلى أن المقصود بالفلاح هو من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الوحيد. بينما ذهب رأى آخر إلى أن المقصود بالفلاح هو من يعمل فى فلاحة الأرض ويعتمد عليها فى معيشته سواء أكانت الفلاحة هى عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيسى أم كان يجمع بينها وبين عمل آخر.
ومن حيث إنه يبين من استقصاء التشريعات المختلفة التى صدرت بمنح الفلاحين مزايا سياسية أو اجتماعية أو بتخفيف أعباء الضرائب عنهم أن الشارع لم يلتزم اصطلاحا واحد فى تسميتهم. إذ استعمل اصطلاح " صغار الزراع" واصطلاح " صغار الفلاحين" فى المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالاصلاح الزراعى الذى قضى فى المادة 9 منه بتوزيع الأرض المستولى عليها على صغار الفلاحين مشترطا أن تكون حرفتهم الزراعة وقد عدل هذا المرسوم بالقانون رقم 127 لسنة 1961 الذى خفض الحد الأقصى للملكية الزراعية إلى مائة فدان على أن يتصرف مالك الأرض فيما يزيد عن هذا القدر إلى صغار الزراع الذين تعرفهم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى وقد صدر قرار هذه الهيئة رقم 1 لسنة 1962 مشترطا فى صغار الزراع أن تكون حرفتهم الزراعة باعتبارها مورد رزقهم الرئيسى .
وفى مجال حماية الملكيات الزراعية الصغيرة أضفى الشارع فى القانون رقم 513 لسنة 1953 حمايته على صغار الملاك الزراعيين وذلك بحظر التنفيذ على هذه الملكيات فى حدود خمسة أفدنة وقد عرفت المادة الأولى من هذا القانون "الزراع فى خصوص تطبيق أحكامه بأنه من تكون حرفته الأصلية الزراعة وكانت هى كل أو جل ما يعتمد عليه فى معيشته سواء باشرها بنفسه أو بواسطة غيره" .
وفى المجال السياسى انتهى الشارع فى المادة الثانية من قانون مجلس الشعب رقم 109 لسنة 1976 إلى تعريف الفلاح فى تطبيق هذا القانون بأنه من تكون الزراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيسى ويكون مقيما بالريف ويشترط ألا يحوز هو وزوجته وأولاده القصر ملكا أو إيجارا أكثر من عشرة أفدنة.
أما فى مجال الضرائب فقد بدأ الشارع فى القانون رقم 113 لسنة 1939 "بفرض ضريبة على الأطيان" باستعمال اصطلاح " صغار ملاك الأراضى الزراعية" وأحال فى تحديد هؤلاء الملاك ونسبة تخفيف الضريبة إلى قانون آخر وقد صدر هذا القانون تحت رقم 69 لسنة 1940 ثم ألغى وحل محله القانون رقم 69 لسنة 1942 وأدخلت عليه تعديلات لاحقة وقد نصت المادة الأولى منه على أن "يعفى من ضريبة الأطيان كل ممول لا تتجاوز الضريبة المربوطة على أطيانه جنيهين فى السنة" كما نصت المادة الثانية على أن " يستفيد بنفس المقدار الممول الذى تتجاوز الضريبة على أطيانه جنيهين فى السنة ولا تزيد على عشرة جنيهات".
وقد رفع القانون 370 لسنة 1953 حد الإعفاء إلى أربعة جنيهات إذا كانت الضرائب المربوطة على أطيانه لا تتجاوزها مع افادته من هذا الإعفاء إذا لم تجاوز الضرائب المربوطة عليه عشرين جنيها.
وفى عام 1973 صدر القانون رقم 51 لهذا العام وقد نصت مادته الأولى على ما يأتى : " مع عدم الإخلال بالاعفاءات المقررة بالقانون رقم 370 لسنة 1953 بتخفيف الضريبة على صغار ملاك الأراضى الزراعية – يعفى من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب الاضافية الملحقة بها كل مالك لا تزيد جملة ما يملكه من الأطيان بكافة أنحاء الجمهورية على ثلاثة أفدنة.
ويعفى من ضريبة الدفاع والأمن القومى كل حائز لا تزيد حيازته بكافة أنحاء الجمهورية على ثلاثة أفدنة.
ولا تسرى هذه الإعفاءات إذا زاد مجموع ملكية الشخص وحيازته على ثلاثة أفدنة وفى جميع الأحوال لا تسرى هذه الإعفاءات على أى مساحة منزرعة بحدائق مثمرة، كما لاتسرى إذا ثبت أن للممول دخلا من أى مصدر آخر خلاف النشاط الزراعى" وأخيرا صدر القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 وقد نصت المادة الرابعة منه على أن " أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقا للقانون، وترفع الضرائب كلية عن الفلاحين الذين يملكون ثلاثة أفدنة فأقل وعلى الدخول التى لا تتعدى خمسمائة جنيه فى السنة".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الشارع لم يعمد فى أى تشريع من التشريعات المتقدم ذكرها إلى تعريف الفلاح أو غيره ممن خلع عليهم الأسماء سالفة الذكر تعريفا عاما مطلقا يسرى فى سائر مجالات التشريعات السابقة " السياسية والاجتماعية والزراعية " التى تضمنت المزايا المختلفة التى منحها إياه بل كان يعرفه تعريفا خاصا بكل تشريع من هذه التشريعات بحيث يوائم أحكامه ويتفق مع حكمته وأهدافه وتحقيق الغرض الذى تغياه من إصداره. ومن ثم لا يسرى فى مجال تطبيق أى تشريع آخر.
ومن حيث إن النص المطلوب تفسيره قد ورد فى المادة الرابعة من القانون رقم 2 لسنة 1977 وهو تشريع ضريبى بدأ بتقرير الأصل العام الذى يقضى بأن أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقا للقانون ثم أورد الاستثناء من هذا الأصل رعاية لصغار الفلاحين وصغار الممولين وذلك برفع الضرائب عن الفلاحين الذين يملكون ثلاثة أفدنة فأقل وعلى الدخول التى لا تجاوز خمسمائة جنيه فى السنة.
ومن حيث إنه رغم اختلاف التشريعات سالفة الذكر فى تعريف الفلاح على النحو المتقدم تبعا لاختلاف أهدافها ومجالات تطبيقها فإن ثمت هدفا أخيرا يجمع بينها وهو رعاية من يفلح الأرض ويزرعها من صغار العاملين فى هذا الحقل كى ينهضوا بالزراعة باعتبارها أهم مورد من موارد الثروة الطبيعية فى البلاد، وانعكس هذا المفهوم على تعريف الفلاح فى كل تشريع منها فاتفقت على أن الفلاح هو من تكون الزراعة حرفته واختلفت بعد ذلك فيما إذا كانت هى حرفته الوحيدة ومصدر رزقه الوحيد أم أن الفلاح هو من تكون الزراعة عمله الرئيسى ومصدر رزقه الأساسى بحيث لا يؤثر فى هذه الصفة أن تكون له أعمال ثانوية تدر عليه رزقا ثانويا إلى جانب رزقه الأساسى الذى تدره الزراعة.
ومن حيث إنه يستفاد من التشريعات المشار إليها أن الشارع عندما كان يريد قصر تعريف الفلاح على من تكون الزراعة حرفته ومصدر رزقه الوحيد كان يحرص على النص على ذلك صراحة مثال ذلك المادة الأولى من القانون رقم 51 لسنة 1973 التى نصت على عدم سريان الإعفاء من الضريبة على الأرض المزروعة حدائق مثمرة كما نصت على عدم سريانه إذا ثبت أن للممول دخلا من أى مصدر آخر خلاف النشاط الزراعى- ولما كان نص المادة الرابعة من القانون رقم 2 لسنة 1977 يقضى " برفع الضرائب كلية عن الفلاحين الذين يملكون ثلاثة أفدنة فأقل" – فلم يقيده الشارع إلا بقيد واحد يتمثل فى الحد الأقصى لملكية الأرض التى ترفع الضرائب عنها وهو ثلاثة أفدنة- فلم يشترط أن تكون الزراعة مصدر رزقه الوحيد بحيث لا يكون له مصدر آخر للرزق من غير النشاط الزراعى كما لم تشترط ألا تكون الأرض مزروعة بحدائق مثمرة كما اشترط ذلك فى المادة الأولى من القانون رقم 51 لسنة 1973 سالف الذكر- فمن ثم فإن الإعفاء من الضريبة على الأرض يسرى على الفلاح ولو كان له مصدر رزق ثانوى إلى جانب رزقه الأساسى الذى تدره الزراعة كما يسرى ولو كانت الأرض مزروعة حدائق مثمرة ما دامت ملكيته لا تجاوز ثلاثة أفدنة وكانت زراعة الأرض حرفته ومصدر رزقه الأساسى.
" فلهذه الأسباب "
قررت المحكمة أنه :
يقصد بالفلاح فى تطبيق أحكام المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977 كل من تكون الزراعة حرفته ومصدر رزقه الأساسى ولا يجاوز ما يملكه من الأرض الزراعية ثلاثة أفدنة أيا كان نوع زراعتها.