نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة أول أبريل سنة 1978م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : عمر حافظ شريف وعلى أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه نواب رئيس المحكمة وطه أحمد أبو الخير ومحمد فهمى حسن عشرى الوكيلين بالمحكمة والمستشار كمال سلامه عبد الله أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم17 لسنة 7 قضائية عليا" دستورية ".
" الوقائع"
أقام المدعى الدعوى رقم 5 لسنة 9 ق تأديبية أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، والدعوى رقم 234 لسنة 21 ق أمام المحكمة الإدارية العليا، طعنا فى الحكم الصادر – بجلسة سرية – من مجلس تأديب العاملين بالسلكين الدبلوماسى والقنصلى بتاريخ 4 من يناير سنة 1975والقاضى بعزله من وظيفته، يطلب إلغاء هذا الحكم موضوعاً والقضاء ببراءته مما اسند إليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 17 من مايو سنة 1975 دفع المدعى أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بعدم دستورية المواد من 30 إلى 41 من قانون نظام العاملين السلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 116 لسنة 1954 والتى تنص على ما يأتى :
مادة 30 – يكون تأديب أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى من اختصاص مجلس تأديب يشكل فى وزارة الخارجية على الوجه الآتى:
1 – مندوب فوق العادة ووزير مفوض يعينه وزير الخارجية رئيساً
2 – نائب من شعبة الشئون الداخلية والسياسية بمجلس الدولة أعضاء
3 – رئيس نيابة
وإذا كانت التهمة موجهة إلى سفير فوق العادة مفوض أو مندوب فوق العادة ووزير مفوض، شكل المجلس على الوجه الآتى:
1 – وزير الخارجية رئيساً
2 – وزير العدل
3 – رئيس محكمة استئناف القاهرة أعضاء
4 – النائب العام
5 – رئيس شعبة الشئون الداخلية والسياسية بمجلس الدولة
وعند غياب وزير الخارجية أو وزير العدل أو وجود مانع لدى أحدهما يحل محله من يندبه مجلس الوزراء من الوزراء.
وعند غياب رئيس محكمة استئناف القاهرة أو النائب العام أو وجود مانع لديه يحل محله من يقوم مقامه.
وعند غياب رئيس شعبة الشئون الداخلية والسياسية أو وجود مانع لديه يحل محله أحد مستشارى هذه الشعبة.
مادة 31 – لا يكون انعقاد المجلس صحيحاً إلا إذا حضره جميع الأعضاء، وتصدر قراراته بأغلبية الأصوات.
مادة 32 – تكون جلسات المحاكم التأديبية سرية .
مادة 33 – فى حالة وجود سبب من أسباب التنحى المنصوص عليها فى قانون المرافعات بالنسبة إلى رئيس المجلس أو أحد أعضائه وجب عليه التنحى عن نظر الدعوى التأديبية، وللعضو المحال إلى المحاكمة حق طلب تنحيته.

مادة 34 – لمجلس التأديب من تلقاء نفسه أو بناء على طلب العضو المحال إلى المحاكمة التأديبية أن يأمر باستيفاء التحقيق وله أن يعهد بذلك إلى أحد أعضائه، وللعضو المحال إلى المحاكمة التأديبية فى جميع الأحوال أن يطلع على التحقيقات التى أجريت وعلى جميع الأوراق المتعلقة بها وله أن يأخذ صورة منها كما له أن يطلب ضم التقارير السنوية عن كفايته إلى ملف الدعوى التأديبية.
مادة 35 – لمجلس التأديب أن يوقف العضو المحال إلى المحاكمة التأديبية حتى تتم محاكمته إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك.
مادة 36 – لا يترتب على إيقاف العضو عدم صرفه مرتبه ومرتباته الإضافية وبدل تمثيله وما يمنح له من مبالغ أخرى ما لم يقرر مجلس التأديب خلاف ذلك.
مادة 37 – للعضو المحال إلى المحاكمة التأديبية أن يحضر جلسة المحاكمة وله أن يدافع عن نفسه كتابة أو شفهيا وله أن يوكل محاميا عنه.
مادة 38 – إذا لم يحضر العضو المحال إلى المحاكمة التأديبية أو لم يوكل عنه محاميا جاز الحكم فى غيبته بعد التحقق من صحة إعلانه.
مادة 39 – تنقضى الدعوى التأديبية باستقالة العضو المحال إلى المحاكمة وقبول وزير الخارجية لها.
مادة 40 – العقوبات التأديبية التى يوقعها مجلس التأديب هى :
1 – الإنذار .
2 – اللوم .
3 – العزل من الوظيفة.
4 – العزل من الوظيفة مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة.
مادة 41 – يكون حكم مجلس التأديب نهائيا ويجب أن يشتمل على الأسباب التى بنى عليها وأن يوقعه الرئيس وجميع الأعضاء وأن ينطق به فى جلسة سرية.
وبجلسة 20 من نوفمبر سنة 1975 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بعدم اختصاصها بنظر الطعن لانعقاد الاختصاص بنظره للمحكمة الإدارية العليا، إذ ذاك قررت هيئة مفوضى الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا ضم ملف الدعوى رقم 5 لسنة 9 قضائية تأديبية إلى ملف الدعوى رقم 234 لسنة 21 ق سالفة الذكر والمقامة أمام المحكمة الإدارية العليا بذات الطلبات.
وبجلسة 29 من مايو سنة 1976 أثار المدعى أمام المحكمة الإدارية العليا الدفع سالف الذكر فقضت بجلسة 26 من يونيه سنة 1976 بوقف الفصل فى الدعوى حتى تفصل المحكمة العليا فى الدفع بعدم دستورية المواد من 30 إلى 41 من قانون نظام العاملين بالسلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 166 لسنة 1954 وحددت للمدعى ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا.
وبصحيفة مودعة قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 19 من سبتمبر سنة 1976 أقام المدعى هذه الدعوى يطلب الحكم بعدم دستورية المواد من 30 إلى 41 من القانون سالف الذكر.
وطلبت الحكومة الحكم برفض الدعوى موضوعاً، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بعدم دستورية المادة 41 من قانون العاملين بالسلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 166 لسنة 1954 فيما نصت عليه من أن ينطق بحكم مجلس التأديب المنصوص عليه فى المادة 30 من القانون المذكور فى جلسة سرية، وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك وإلزام الطرفين المصروفات مناصفة.
وحدد لنظر الدعوى جلسة 7 من يناير سنة 1978 حيث نظرت على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم الآتى.

" المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث إن المدعى ينعى على المواد من 30 إلى 41 من قانون نظام العاملين بالسلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 166 لسنة 1954 وهى المواد سالفة البيان مخالفة الدستور للأوجه الأربعة الآتية :

الوجه الأول :
مخالفة المادة 172 من الدستور التى ناطت بمجلس الدولة الفصل فى الدعاوى التأديبية – وفى بيان هذا الوجه يقول المدعى أن هذه المواد إذ عهدت بالفصل فى الدعاوى التأديبية الخاصة بأعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى إلى مجلس تأديبى تكون قد خالفت نص المادة 172 من الدستور التى ناطت بمجلس الدولة أمر الفصل فى الدعوى التأديبية فى عموم غير مخصص وفى إطلاق غير مقيد.

الوجه الثانى :
مخالفة المواد 65 ، 66/2 ، 165 ، 167 من الدستور فى شأن الاختصاص وتنظيم السلطة القضائية – وفى بيان هذا الوجه يقول المدعى أن هذه النصوص عهدت إلى المحاكم – دون سواها- بوظيفة القضاء وإصدار الأحكام وأن الدستور لم يخول هذه الوظيفة لجهة أخرى سوى جهة القضاء العسكرى، وإذ كانت النصوص المطعون فيها قد أسبغت الصفة القضائية على مجلس تأديب أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى ودون أن تتوافر فى أعضاء المجلس المذكور صفة القاضى فإنها تكون مخالفة للدستور.

الوجه الثالث :
مخالفة المواد المطعون فيها لأصل من الأصول الدستورية العامة يقضى بحظر الجمع بين سلطات التحقيق والإتهام والمحاكمة فى يد شخص واحد وفى بيان هذا الوجه يقول المدعى أن المادة 26/2 من قانون نظام العاملين بالسلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 166 لسنة 1954 تخول وزير الخارجية سلطة التحقيق فيما ينسب إلى أعضاء السلكين المذكورين من أمور، وأن المادة 29 من ذلك القانون تقرر لوكيل وزارة الخارجية الحق فى إحالة أعضاء هذين السلكين – بعد التحقيق - إلى المحاكمة التأديبية، وبالتالى فهى تخول هذا الحق – فى الواقع لوزير الخارجية لأن وكيل الوزارة منفذ لتعليمات الوزير، وأخيرا فإن المادة 30 من القانون المذكور تجعل رئاسة مجلس تأديب أعضاء هذين السلكين لوزير الخارجية، ومن ثم تكون المواد الثلاثة المذكورة قد جمعت فى يد وزير الخارجية سلطات التحقيق والاتهام والمحاكمة، وفى ذلك إهدار للحيدة الواجب توافرها فيمن يلى وظيفة القضاء، ومخالفة للأصل الدستورى العام الذى يقضى بالفصل بين هذه السلطات.

الوجه الرابع :
مخالفة نص المادة 41 من قانون نظام السلكين الدبلوماسى والقنصلى سالف الذكر لنص المادة 169 من الدستور- وفى بيان هذا الوجه يقول المدعى أن المادة 41 من القانون المذكور إذ نصت على أن ينطق بالأحكام الصادرة من مجلس تأديب أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى فى جلسة سرية تكون قد خالفت ما تقضى به المادة 169 من الدستور التى أوجبت النطق بالحكم فى جلسة علنية ولو كانت الدعوى قد نظرت فى جلسة سرية.

عن الوجه الأول:
من حيث إن حاصل ما ينعاه المدعى فى هذا الوجه أن المواد المطعون فيها إذ عهدت بالفصل فى الدعاوى التأديبية الخاصة بأعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى إلى مجلس تأديب، تكون قد خالفت نص المادة 172 من الدستور التى ناطت بمجلس الدولة أمر الفصل فى الدعوى التأديبية فى عموم غير مخصص وفى اطلاق غير مقيد.
ومن حيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن المادة 172 من الدستور تنص على أن " مجلس الدولة.. يختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية.." ويبين من هذا النص أنه يقرر الولاية العامة لمجلس الدولة على المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية بحيث يكون هو قاضى القانون العام بالنسبة إلى هذه الدعاوى وتلك المنازعات، بمعنى أن اختصاص مجلس الدولة لم يعد مقيدا بمسائل محددة على سبيل الحصر كما كان منذ انشائه، غير أن ذلك لا يعنى غل يد المشرع عن إسناد الفصل فى بعض المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية إلى جهات قضائية أخرى على أن يكون ذلك على سبيل الاستثناء من الأصل المقرر بالمادة 172 من الدستور وبالقدر وفى الحدود التى يقتضيها الصالح العام إعمالا للتفويض المخول له بالمادة 167 من الدستور فى شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها. وعلى هذا جرى قضاء المحكمة العليا. ولما كانت المصلحة العامة وطبيعة الأوضاع فى السلكين الدبلوماسى والقنصلى تستلزم أن يناط تأديب العاملين بهذين السلكين بمجلس خاص يضم عنصرا من وزارة الخارجية ذا خبرة بشئون العمل بهذه الوزارة لتقدير ما يقترفون من مخالفات إدارية تقديرا سليما، كما يضم عنصرا قضائيا يكفل توفير الضمانات للعاملين لخبرته القضائية، فمن ثم يكون الشارع قد عهد بالفصل فى هذه الدعاوى إلى قاضيها الطبيعى متمثلا فى هذا المجلس وتنتفى بذلك مخالفة المادة 172 من الدستور.

عن الوجه الثانى :
ومن حيث إن حاصل ما ينعاه المدعى فى هذا الوجه أن النصوص المطعون فيها إذ أسبغت الصفة القضائية على مجلس تأديب أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى ودون أن تتوافر لأعضائه صفة القاضى تكون قد خالفت المواد 65 ، 66/2 ، 165 ، 167 من الدستور.
ومن حيث إنه يتعين للرد على هذا الوجه تحديد الطبيعة القانونية لمجلس التأديب المنصوص عليه فى المادة 30 من قانون نظام العاملين بالسلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 166 لسنة 1954- هل يعتبر هذا المجلس هيئة قضائية تصدر أحكاما بالمعنى الصحيح أم أنه هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى تصدر قرارات إدارية مما تقبل الطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى.
ومن حيث إنه يبين من نصوص المواد 30 ، 33 ، 34 ، 37 ، 41 من قانون نظام العاملين بالسلكين الدبلوماسى والقنصلى سالفة الذكر أن تشكيل مجلس تأديب أعضاء هذين السلكين يغلب عليه الطابع القضائى كما أن الشارع قد كفل بهذه النصوص توفير ضمانات التقاضى أمام المجلس المذكور عند الفصل فى المنازعة المطروحة عليه، يدل على ذلك:
أولا – أن المادة 30 من القانون المشار إليه قد نصت على تشكيل مجلس التأديب المذكور من خمسة أعضاء – إذا كانت التهمة موجهة إلى سفير فى العادة مفوض أو مندوب فوق العادة أو وزير مفوض – ثلاثة منهم من أعضاء الهيئات القضائية هم رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام ورئيس شعبة الشئون الداخلية والسياسية بمجلس الدولة وعلى تشكيله من ثلاثة أعضاء – إذا كانت التهمة موجهة إلى من تقل وظيفتهم عمن ذكرو- عضوان منهم من أعضاء الهيئات المذكورة، هما نائب من شعبة الشئون الداخلية والسياسية بمجلس الدولة ورئيس نيابة.

ثانيا – أن المادة 33 من القانون سالف الذكر قد أوجبت تنحى رئيس المجلس أو أحد أعضائه إذا قام به سبب من الأسباب المنصوص عليها فى قانون المرافعات فى شأن عدم صلاحية القضاء للفصل فى الدعوى وخولت العضو المحال إلى المحاكمة الحق فى طلب تنحيته، فقد نصت هذه المادة على أنه " فى حالة وجود سبب من أسباب التنحى المنصوص عليها فى قانون المرافعات بالنسبة إلى رئيس المجلس أو أحد أعضائه وجب عليه التنحى عن نظر الدعوى التأديبية، وللعضو المحال إلى المحاكمة حق طلب تنحيته".

ثالثا – أن المادة 34 من القانون سالف الذكر قد خولت مجلس التأديب المذكور الحق فى استيفاء التحقيق فيما نسب إلى العضو المحال إلى المحاكمة كما خولت العضو المذكور الحق فى الإطلاع على التحقيقات التى أجريت وعلى جميع الأوراق المتعلقة بها، إذ تنص المادة المذكورة على أن " لمجلس التأديب من تلقاء نفسه أو بناء على طلب العضو المحال إلى المحاكمة التأديبية أن يأمر باستيفاء التحقيق وله أن يعهد بذلك إلى أحد أعضائه، وللعضو المحال إلى المحاكمة التأديبية فى جميع الأحوال أن يطلع على التحقيقات التى أجريت وعلى جميع الأوراق المتعلقة بها وله أن يأخذ صورة منها كما له أن يطلب ضم التقارير السنوية عن كفايته إلى ملف الدعوى التأديبية.

رابعا – أن المادة 37 من ذلك القانون قد خولت العضو المحال إلى المحاكمة التأديبية أمام مجلس التأديب المذكور فى حضور جلسات المحاكمة وفى الدفاع عن نفسه كتابة أو شفهيا أو بواسطة محام، فقد نصت المادة المذكورة على أن " للعضو المحال إلى المحاكمة التأديبية أن يحضر جلسة المحاكمة وله أن يدافع عن نفسه كتابة أو شفهيا وله أن يوكل محاميا عنه".

خامسا – أن المادة 41 من القانون المشار إليه قد وصفت القرارات التى يصدرها مجلس التأديب المذكور بالفصل فى الدعاوى التأديبية المحالة إليه بأنها أحكام وأوجبت اشتمال الحكم الصادر من المجلس المذكور على الأسباب التى بنى عليها، فقد جرى نص هذه المادة على أن " يكون حكم مجلس التأديب نهائيا ويجب أن يشتمل على الأسباب التى بنى عليها".

ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون الشارع قد خلع الصفة القضائية على مجلس تأديب أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى وكفل فى التقاضى أمامه الضمانات القضائية المقررة لحماية الحقوق والدفاع عنها وناط به إصدار أحكام واجبة التنفيذ بذاتها مما يعتبر معه هيئة قضائية.

ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون مجلس تأديب أعضاء السلكين الدبلوماسى والقنصلى سالف الذكر هيئة قضائية تتوافر فيها كل مقومات الجهات القضائية لا مجرد هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى ومن ثم يكون ما يثيره المدعى فى هذا الوجه من أوجه الطعن غير قائم على أساس، أما استناده إلى المادتين 65 ، 66 من الدستور فلن يجديه ذلك أن كلتيهما منبتة الصلة بالدعوى إذ أن المادة 65 من الدستور تنص على أن " تخضع الدولة للقانون، واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات" كما أن المادة 66/2 من الدستور تنص على أنه " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون" وعلى مقتضى ذلك يتعين طرح هذا الوجه من أوجه الطعن.

عن الوجه الثالث:
من حيث إن حاصل هذا الوجه أن المواد المطعون فيها تخالف مبدأ دستوريا يقضى بحظر جمع سلطات التحقيق والاتهام والمحاكمة فى يد شخص واحد.
ومن حيث إنه فضلاً عن عدم سلامة الإدعاء بأن وكيل الوزارة، ليس إلا منفذا لإرادة الوزير، فإن مخالفة الحظر المذكور- إنما تنطوى على مخالفة الحكم الذى يصدر من مجلس التأديب فى الدعوى التأديبية لنصوص قانون المرافعات فى شأن صلاحية القضاء للفصل فى الخصومة، وهذا أمر متعلق بمخالفة القانون ولا يرقى إلى حد مخالفة الدستور.

عن الوجه الرابع :
من حيث إن حاصل هذا الوجه أن نص المادة 41 من قانون نظام العاملين فى السلكين الدبلوماسى والقنصلى الصادر بالقانون رقم 166 لسنة 1954 إذ قضت بالنطق بالحكم الصادر من مجلس التأديب المشار إليه فى جلسة سرية تكون قد خالفت نص المادة 169 من الدستور التى توجب النطق بالأحكام فى جلسة علنية فى جميع الأحوال أى ولو كانت الدعوى قد نظرت – مراعاة للنظام العام والآداب – فى جلسة سرية.

ومن حيث إن هذا الوجه مردود بأن المادة 169 من الدستور التى تنص على أن تكون " جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم فى جلسة علنية"، هذه المادة إذ وردت فى الفصل الرابع من الباب الخامس من الدستور تحت عنوان "السلطة القضائية" تكون قد دلت على قصر حكمها على الأحكام التى تصدر من المحاكم بالمعنى الضيق دون سواها من الهيئات القضائية ، ومن ثم يكون هذا الوجه غير سليم.

ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الدعوى لا تقوم على أساس سليم ومن ثم يتعين رفضها.

" فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بمصادرة الكفالة.