حول تصنيف الجامعات
جريدة الأهرام

حول تصنيف الجامعات
بقلم‏:‏ د‏.‏ طارق خليل
القائم بأعمال رئيس جامعة النيل

يتساءل الكثيرون هذه الأيام عن التصنيف العالمي للجامعات‏,‏ وظهر اهتمام كبير بين الصحافة وأجهزة الإعلام وبرامج الفضائيات بقضية التعليم العالي في مصر‏,‏ وقام العديد بتقديم نعي للجامعات المصرية والتي تظهر أي منها في تصنيف أفضل‏500‏ جامعة في العالم وخروج جامعة القاهرة الجامعة الأم من هذا التصنيف بعد أن غابت في السنوات السابقة‏,‏ وتمكنت من التواجد به العام الماضي لتحتل مركزا بين‏403‏ و‏510‏ في عام‏2007,‏ وكيف أنه ظهر في تصنيف‏2008‏ عدة جامعات من دول أصغر كثافة عددية بكثير من مصر مثل إسرائيل‏,‏ ولم تحتل أي من جامعاتنا الكبري مكانا بهذا التصنيف‏.‏

ولقد رأيت أنه من المهم أن نعطي نظرة موضوعية لهذه القضية‏.‏

وسأركز في هذا المقال علي التعليم الجامعي مقارنة بالتعليم الجامعي المتميز في أنحاء العالم‏,‏ والتي تقوم التصنيفات العالمية بمحاولة اظهاره عن طريق مؤشرات معينة تقوم باختيارها الجهة المصنفة لما تعتبره مهما لاظهار التفوق النسبي بين الجامعات‏.‏ جدير بالذكر أن الجهات المصنفة هي متعددة الأصل وقد تختلف في اهتماماتها أو أولوياتها‏,‏ فهناك جامعات تقوم بهذا الدور مثل جامعة تشاوتنج بشانجهاي والتي ينسب لها تصنيف أفضل‏500‏ جامعة في العالم‏,‏ وهناك جرائد أو مجلات تقوم بهذا الدور مثل جريدة الفينانشيال تايمز أو مجلة‏
USNews&WorldReport‏ التي تقوم بتصنيف الجامعات الأمريكية ولها تأثير فعال علي إقبال الطلاب للالتحاق بالجامعات المتقدمة في الترتيب وبجانب تصنيف الجامعات هناك تصنيف أكثر تفصيلا للكليات والأقسام الدراسية أو البرامج الأكاديمية‏.‏ لعل من أكثر التصنيفات المعروفة في مصر للجامعات العالمية هو تصنيف جامعة تشاوتنج بشنجهاي بالصين‏,‏ والذي لم تظهر به أي من جامعاتنا‏,‏ ويركز هذا التصنيف علي اسهامات الجامعة في الاضافة للمعرفة‏,‏ ويعتمد تصنيف شانجهاي علي‏6‏ مؤشرات أساسية وهي‏:‏

‏1‏ ـ عدد الخريجين الذين حصلوا علي جوائز نوبل وهذا المؤشر له وزن‏10%‏ من المجموع الكلي‏.‏

‏2‏ ـ عدد العاملين بالجامعة الحاصلين علي نوبل أو ميدالية فيلدز للرياضيات‏,‏ وهذا المؤشر له وزن‏20%‏ من المجموع الكلي‏.‏

‏3‏ ـ الباحثون بالجامعة والذين يتم الاشارة إلي أبحاثهم في المراجع العلمية في‏21‏ فرعا من التخصصات‏.‏

‏4‏ ـ عدد الأبحاث المنشورة في مجلتي العلوم والطبيعة‏,‏ وهذا المؤشر له وزن‏20%‏ من المجموع الكلي‏.‏

‏5‏ ـ عدد الأبحاث المنشورة في مراجع علمية مسجلة عالميا في سجلات العلوم والعلوم الاجتماعية‏,‏ وهذا المؤشر له وزن‏20%‏ من المجموع الكلي‏.‏

‏6‏ ـ عدد الأكاديميين العاملين بالجامعة بالنسبة إلي ناتج عملهم كما هو موضح بالمؤشرات السابقة‏,‏ وهذا المؤشر له وزن‏10%.‏

التصنيف النهائي يعتبر الجامعة الحاصلة علي أعلي درجات الرقم‏100,‏ وللجامعات الأخري نسبة من الدرجة العليا أي نسبة في المائة‏.‏

ومن الواضح أن هذا التصنيف يركز علي اسهامات الجامعة في الاضافة للمعرفة وعلي جوائز الأساتذة والخريجين ويعطي اهتماما أكثر للعلوم الطبيعية‏,‏ وعلي هذا يعتبر متحيزا لها علي حساب الفروع الأخري مثل الهندسة والتكنولوجيا أو الفنون والآداب وغيرها‏,‏ وقد أظهر أحد الأبحاث المنشورة في‏2007‏ أن نتائج تصنيف شانجهاي لم يتمكن من تكرارها بواسطة الباحثين مما يشكك في الوثوق بنتائجها علميا‏.‏

وهناك تصنيف للجامعات العالمية وهو تقرير التايمز‏
QS‏ ويظهر في بريطانيا‏,‏ وهو يعتمد علي الآراء المجمعة من‏2000‏ أستاذ ومثقف وليس احصاء علميا يعتمد علي الأرقام والمخرجات‏,‏ وتظهر في هذا التصنيف جامعة القاهرة لتحتل مركزا بين‏401‏ و‏500.‏

وتصنيف مجلس اعتمادوتقييم الجامعات بتايوان لجودة وعدد وتأثير نشرالأبحاث العلمية ويماثله تصنيف جامعة وهان الصينية‏,‏ وهناك أيضا تصنيف الكلية العليا للمعادن بباريس ـ فرنسا لأحسن الجامعات الحرفية في العالم بناء علي عدد الخريجين الذين يعملون رؤساء لشركات عالمية‏.‏ وتحتل الجامعات الأمريكية الصدارة في جميع هذه التصنيفات‏,‏ فمن ضمن أفضل‏20‏ جامعة في العالم في تصنيف شانجهاي يوجد‏17‏ جامعة أمريكية و‏2‏ من بريطانيا وواحدة من اليابان‏,‏ وكذلك الحال في التصنيفات المعتمدة علي عدد وجودة الأبحاث المنشورة‏.‏ وأنه من المعروف في الأوساط الأكاديمية العالمية أن الجامعات المتميزة هي الجامعات التي تشترك في زيادة وايجاد المعرفة الجديدة‏,‏ وهذه هي الجامعات البحثية‏,‏ ولذلك لا نجد لجامعاتنا المصرية مكانا متقدما في هذه التصنيفات‏.‏

وكذلك فإن كثيرا من جامعاتنا تركز علي التعليم الجامعي وبتركيز أقل كثيرا علي الدراسات العليا والبحث والتطوير‏,‏ هذا مع العلم بأن الدعم المتاح لمنظومة البحث العلمي في مصر هو محدود جدا سواء من جهة الدولة‏,‏ وأقل كثيرا من القطاع الخاص والصناعة مقارنة بالدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا‏.‏

ومن أشهر تصنيفات الجامعات من حيث شمولية المؤشرات المؤثرة هو التصنيف الذي تقوم به مجلة‏
USNews&WorldReport‏ للجامعات الأمريكية وله تأثير كبير علي نظرة المجتمع الأمريكي للجامعات والكليات وعلي تكالب الطلاب للالتحاق بالجامعات ذات الترتيب المتقدم في هذا التصنيف‏.‏

ويعتمد هذا التصنيف علي عدة مؤشرات لجودة التعليم الجامعي مقسمة تحت سبعة بنود عريضة‏,‏ وهي رأي وتقييم المناظرين ومعدل التخرج والامكانيات الموجودة للدراسة مثل أعداد الطلبة في الفصل‏,‏ وكذلك الامكانيات المادية المتاحة‏,‏ ونسبة الخريجين الذين يساهمون ماليا بعد تخرجهم‏,‏ كذلك درجات الطلبة في امتحانات القبول‏.‏ والميزة الواضحة لهذا المؤشر أنه يأخذ في الاعتبار مدخلات العملية التعليمية‏,‏ مثل نوعية الطلبة والأساتذة والامكانيات المستخدمة في العملية التعليمية‏,‏ ومخرجات العملية التعليمية‏,‏ وهي المنتج من ناحية جودة الأداء ورضاء الخريجين‏,‏ ومن يقومون بتوظيفهم عن جودة التعليم بالجامعة والمخرجات هي الأكثر أهمية‏,‏ حيث إنها تظهر فاعلية العملية التعليمية في خدمة المجتمع‏.‏

ولعل جامعاتنا تتبني طريقة مماثلة تتناسب أكثر مع ظروفنا المحلية وأهدافنا من العملية التعليمية وتكون مقياسا أكثر واقعية لقياس جودة الأداء في جامعاتنا‏,‏ مع عدم إهمال أهمية مقارنة أدائنا بالجامعات الأخري المرموقة في أنحاء العالم‏.‏

أما بالنسبة لقضة تحسين جودة التعليم العالي وأهمية تطويره‏,‏ فهذا موضوع يطول فيه الحديث ولعله يكون موضوع مقال آخر