مذكـــرة دفاع لفسخ عقد زواج


المحامى : نجوى جماح , روان العقيل , وجدان الكحلان .
محكمة : الاحوال الشخصية بالرياض .
الدائرة : الاولى
مذكــــرة مقدمه من السيدة/ لولوه عمر
بصفتها / والدة الطفلة المعقود عليها
ضـــــــــــــدالسيد / محمد عثمان
بصفته/ الطرف في عقد الزواج
فى القضية رقم 600 لسنة 1430
المحدد لنظرها جلسة 22/ 9 / 1430



أولا :الوقائع :
أقدم الأب خالد سالم على تزويج ابنته هند خالد البالغة من العمر تسع سنوات من محمد عثمان البالغ من العمر 55 عاما دون علم الصغيرة بذلك ودون علم والدتها حتى ..وذلك بأن يكون المهر خمسون الف ريال وهوقيمة دين في ذمة والد الطفلة للسيد محمد عثمان ..
وبناء على دعوى رفعتها والدتها لولوه عمر تطالب فيها بفسخ هذا العقد فانني وبصفتي وكيلا عنها أطالب بفسخ هذا الزواج استنادا الى مايلي :
ثانيا الدفاع:
من أهم حقوق الطفل الانتماء إلى أسرة ترعاه، وتُحسنتربيته، وتعليمه، وحمايته، وإعداده لمواجهة الحياة، وتحمّل مسؤولياته في مراحل عمرهالمختلفة.
الحقوق نفسها تمثل، في أحد أوجهها، "واجبات" ينبغي على الوالدينالوفاء بها تجاه أبنائهما.
فهل يتناسب مع تلك الحقوق والواجبات إقحام أطفال في "زيجات" محكوم عليها بالفشل مقدما، فضلا عن كونها محفوفة بالمخاطر النفسية،والاقتصادية، والاجتماعية




سيدي القاضي اننا حين نواجه قضية كهذه فاننا لابد ان نتناولها من نواحي مختلفة تنتهي كلها الى نتيجة واحدة


1- من الناحية الشرعية:
-قال الرسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : ( لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتىتُسْتَأْمَرَ، وَلا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتى تُسْتَأْذَنَ، قَالُواْ يَا رَسُولَاللهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا، قَالَ أَنْ تَسْكُتَ ) وقال " استأمروا النساء في ابضاعهن فان البكر تستحي فتسكت فهو اذنها " متفق عليهما ولا يتأتى الإذن تصريحاً أوتلميحاً أو استلهاماً من السكوت إلا من راشدة وكبيرة ، والصغيرة ناقصة أو فاقدة أهلية فأنى لنا أننستأذنها أو لإذنها أن يكون معتبراً !!
وفي القضية هنا نجد ان خالد سالم قام بتزويج ابنته دون اخذ رأيها بل ودون علمها وهذا يتنافى مع الحديث الشريف
-إذا بحثنا في توافر الشروط الواجبة في الأب لولاية الإجبار يكون الزواج غير صحيح فالفقهاء يشترطون :
1- كمال الأهلية .
2- اتحاد الدين
3- الذكورة .
4- العدالة : وتعني استقامة الدين , وسلامة الخلق , والراجح لدى فقهاء الحنابلة ( وهو المذهب المأخوذ به في المملكة ) ان لا ولاية لغير العدل استنادا إلى ما روي عن ابن عباس ( لا نكاح الا بشاهدي عدل )
وجميع الشروط تنطبق في الواقع على الوالد الذي تولى تزويج الابنه الا الشرط الاخير
والسند في ذلك يا حضرة القاضي هو الحكم الذي صدر في القضية رقم وتاريخ والذي فيه ادين الزوج فيه بجريمة اعتداء على الزوجة بالضرب ومعلوم ان هذا الحكم مما يقدح في العدالة .

2-حضرة القاضي لأن سلمنا بجواز تزويج الصغيرة وإباحته ، ينبغي أن نفرق بين ما هو جائز ومباح وبين ما هو أفضل وأصلح وأنفع للأمة ومجتمعاتها وأفرادها ، على ضوء احتياجاتها ومستجدات ومتغيرات الزمان والمكان فمن المعلوم شرعا انه لا يجوز أن يقوم ولي أمر الطفلة أوولي أمر الطفل بتزويجهما إلا لمصلحة واضحة. وفي هذا الزمن غلب على من يزوج ابنته وهي صغيرة تحقيق مصلحة شخصية تتنافى مع مصلحة الصغيرة تماما وهذا ماحصل بالفعل مع الطفلة هند ذات التسع سنوات حيث زوجها والدها من السيد محمد عثمان الذي يكبرها بأكثر من 40 عاما لسبب واضح وهو ان يقوم محمد عثمان بتسديد دين على الاب خالد كما انه هناك قرينة تؤكد تزويج الاب لابنته اغاظة لزوجته بسبب شكواها عليه , فأين مصلحة هند من ذلك كله ؟
3- ياحضرة القاضي ان من يدعي الاقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحتج بزواجه من عائشة رضي الله عنها ذات التسع سنين لابد ان يدرك تماما ان أنّ الرّسول مثّل بأحاديثه القدسيّة وأفعاله الواردة ضمن تبليغالدّعوة قدوة للمسلمين لكنه أيضا كان يسلك أحيانا سلوكا بشريّا لا يستوجب بالضّرورة اتّباعه باعتباره سلوكا يخضع لأذواق شخصيّة وأطرتاريخيّة. فهل حبّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم للثّريد داع للمسلمين لكي يحبّواالثّريد وهل رفضه أكل الضّبّ أو أكل سويق اللوز دافع لهم لكي يعافوا الضّبّويتجنّبوا سويق اللوز؟؟
ان الرسول صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا في زواجه منها ، فقد ثبت في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ( أُريتك فيالمنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقال : هذه امرأتك ، فاكشف عنها فإذا هي أنتفأقول إن يك هذا من عند الله يمضه ) رواه البخاري برقم 3682
فكان زواجه من عائشة اذا بأمر الهي لحكمة ارادها الله تعالى اذ كانت الحاجة حينها ملحة لوجود شخص يعاشر النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ويكون معه على مدار اليوم ليكون شاهداً على الكثير من الأمور والأحكام.
فكانت بذلك عائشة رضي الله عنها أفْقَه نساء الأمة على الإطلاق، كما قال ابن القيم رحمه الله، وقال: وكان الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يَرجعون إلى قولها ويستفتونها. وكانت الأحاديث التي روتها رضي الله عنها أكثر مما رواهُ الصحابة، بالإضافة إلى دورها الكبير فيما يخصّ بالقضايا النسائية حيث كانت ملجأ لنساء المؤمنين فيما يتشابه عليهن من القضايا التي تخصهن. فحَمَلت رضي الله عنها عِلْما نفع الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وما كان لذلك ان يكون لولا زواج الرسول صلى الله عليه وسلم منها وهي في سن صغيرة
كما ان الزمن الحالي ليس هو الزمن الذي عاش فيه الرسول الكريم، ولاالظرف هو الظرف، كما أن الناس تغيروا، والثقافة تشكلت بعوامل مختلفة، وتغيرت أحوالالرجال والنساء، ولا يمكن أن نقيس الرجال بالرسول الكريم ولا بظروفه وحاله المختلفعن غيره.
4-قول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيما رواه النسائي ( وصححه الألباني)لأبي بكر ولعمر بن الخطاب رضي الله عنهما عندما جاءا لخطبة فاطمة رضي الله عنها :) إنها صغيرة ) فخطبها علي رضي الله عنه فزوجها له رسول الله صلى الله عليه وآلهوصحبه وسلم.
إذنفقول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم دليل قاطع على عدم استحسان تزويجالصغيرة ولو كان في تزويج الصغيرة أي مصلحة لحرص عليها رسول الله صلى الله عليهوآله وصحبه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها وهي أحب الناس إلى قلبه والطالب للزواجهما أبو بكر أو عمر رضي الله عنهما.
5- عن عكرمة عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما، وهما كارهتان، فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحهما" أخرجه الدارقطني، وعن خنساء قالت: أنكحني أبي وأنا كارهة، وأنا بكر، فشكوت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تنكحها وهي كارهة. أخرجه النسائي.
فهذا يدل على حرمة زواج الفتاة رغما عنها، وحرمة ممارسة العنف ضدها لتتزوج بمن لا ترغب

6- استنادا على "قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح":
إذا كانت المفسدة أعظم من المصلحة فدرءها مقدم على جلب المصلحة وإذا تساوت المفسدة والمصلحة قدم درء المفسدة على جلب المصلحة أما إذا كانت المصلحة أعظم من المفسدة فتحتمل المفسدة لتحصل المصلحة
والمتتبع لقضايا زواج القاصرات وما ذكرناه مسبقا يجد ان المفاسد التي تترتب عليه اكثر بكثير من المصلحة التي ترجى من ورائه .
7- ومن الناحية النظامية :
هذا الزواج مخالف لاتفاقية حقوق الطفل الدولية، الذي وقعت عليهالسعودية عام 1996، فضلاً عن معارضتها لاتفاق حقوق المرأة، الذي انضمت إليهالسعودية عام 2000.فتكفل هذه الاتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمسه , وتولي أراء الطفل الاعتبار الواجب وفقا لسنه ونضجه .
ولهذا الغرض يتاح للطفل بوجه خاص فرصة الاستماع إليه في أي إجراءات قضائية وإدارية تمسه إما مباشرة أو من خلال ممثل أو هيئة ملائمة بطريقة تتفق مع القواعد الإجرائية للنظام .

9- من الناحية الصحية :
ياحضرة القاضي - أن علماء الطب الموثوق بهم يؤكدون يقينية الأضرار الصحية والنفسية التي تتعرض لها الصغيرة عند الزواج وعند الحمل ايضا وهو ما أكدته اللجنة الطبية التي شكلتها وزارة الصحة السعودية لدراسة الأضرار الصحية والنفسية لتزويج الصغيرات
فزواج الصغيرة يؤدي الى اضطرابات الدورة الشهرية وتأخر الحمل - تمزق المهبل والأعضاء المجاورة له من آثار الجماع - ازدياد نسبةالإصابة بمرض هشاشة العظام وبسن مبكرة نتيجة نقص الكلس ،
وهناك أمراض مصاحبة لحملصغيرات السن: مثل: حدوث القيء المستمر عند حدوث الحمل لدى صغيرات السن ، وفقر الدم، والإجهاض حيث تزداد معدلات الإجهاض والولادات المبكرة ، وذلك إما لخلل في الهرمونات الأنثوية أو لعدم تأقلم الرحم على عملية حدوث الحمل مما يؤدي إلى حدوث انقباضات رحمية متكررة تؤدي لحدوث نزيف مهبلي والولادة المبستر ( المبكرة)،وارتفاع حاد في ضغط الدم قد يؤدي إلى فشل كلوي ونزيف وحدوث تشنجات ، وزيادةالعمليات القيصرية نتيجة تعسر الولادات في العمر المبكر ، وتمزق الرحمنتيجة صغر فتحة الحوض الذي لا تكتمل نمو عظامه قبل 18 سنة من عمر الفتاة ، كما تكونالصغيرة عرضة للإصابة بالإرجاج أو التشنج الحملي والناسور الولادي ، وظهور التشوهات العظمية في الحوض والعمودالفقري هذا بالاضافة الى وجود علاقة بين الاتصال الجنسي المبكر والإصابة بسرطان الرحم
ومن الآثار على صحة الأطفال: اختناق الجنين في بطن الأمنتيجة القصور الحاد في الدورة الدموية المغذية للجنين ، والولادة المبكرة ومايصاحبها من مضاعفات مثل: قصور في الجهاز التنفسي لعدم اكتمال نمو الرئتين ،واعتلالات الجهاز الهضمي ، وتأخر النمو الجسدي والعقلي ، وزيادة الإصابة بالشللالدماغي ، والإصابة بالعمى والإعاقات السمعية ، والوفاة بسبب الالتهابات ،
أماالآثار النفسية على الصغيرة المتزوجة فهي الحرمان العاطفي من حنان الوالدين والحرمان من عيش مرحلةمما يؤدي الى تعرضها لضغوط تظهر في صورة أمراضنفسية مثل الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية ،واضطرابات فيالعلاقات الجنسية بين الزوجين ناتج عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة مما ينتجعنه عدم نجاح العلاقة وصعوبتها ، وقلق واضطرابات عدم التكيف نتيجة للمشاكل الزوجيةوعدم تفهم الزوجة لما يعنيه الزواج ومسئولة الأسرة والسكن والمودة ، وربما الإدماننتيجة لكثرة الضغوط كنوع من أنواع الهروب ، وآثار ما بعد الصدمة ( ليلة الدخلة)وهي مجموعة من الأعراض النفسية التي تتراوح ما بين أعراض الاكتئاب والقلق عندالتعرض لمثل هذه المواقف , كذلك الانغلاق اللا إرادي للمهبل لمن هن في عمر مبكر ( وهو مرض نفسي ابتداء ) ويزيدمن احتمال حدوث ذلك وجود الخوف ( القلق ) من الشدة الجسدية من الزوج وهي حالة مرضيةتستدعي التدخل الطبي ،
ومن الآثار النفسية على الأطفال للأم الصغيرة: الشعور بالحرمان حيث أنالأم القاصر لا يمكن أن تقوم بعملها كأم ناضجة ، اضطرابات نفسية تؤدي إلى أمراضنفسية في الكبر كالفصام والاكتئاب نتيجة وجود الطفل في بيئة اجتماعية غير متجانسة ،وتأخر النمو الذهني عند الأطفال نتيجة انعدام أو ضعف الرعاية التربوية الصحيحة حيثلا يمكن للأم القاصر أن تقوم بواجبها التربوي تجاه أطفالها.



10- من الناحية الاجتماعية:
أظهرت نتائج أحدث المسوح السكانية في المملكة العربية السعودية التي أجريت عام 2007، أن نسبة العنوسة بلغت 2.6%، أي أن فتاة بين كل 16 فتاة سعودية يمكن تصنيفهاضمن سن العنوسة, حسب تقرير لصحيفة "الوطن" السعودية الخميس 14-8-2008.
وصنفت النتائج باعتبار أن العوانس هن اللواتي بلغن من العمر أكثر من 30 عاما دون أنيتزوجن، لأن احتمال الزواج بعد هذه السن يصبح ضعيفا، وقدر المسح عدد العوانسبالمملكة بما يزيد على 180 ألف فتاة
فلماذا الاتجاه الى صغيرات السن القاصرات وترك هذه الفئة الكبيرة من النساء دون زواج .


ثالثا :الطلبات
سيدي القاضي بعد استعراض ماسبق اطلب منكم ان تنظروا بعين الشرع والعدالة في القضية الماثلة امامكم وتخليص الطفلة هند من هذا الزواج القهري الذي مما لاشك فيه انه انتهاك صارخ لإنسانيتها ، واغتصاب لطفولتها , والحكم بفسخ هذا العقد .
وان تحكموا على والدها بالحكم الذي ترونه لإهداره الأمانة التي أودعها الله بين يديه وتفريطه في رعيته بما يخالف مصالحها .

وكيل المدعى : نجوى جماح , روان العقيل , وجدان الكحلان
إمضـــاء
المحامي