[align=justify]فالمعرفة الفنية في القانون الأمريكي هي حق عيني وفقاً للمفهوم الضيق لهذا الاصطلاح ولعل الكثيرين من فقهاء الشريعة اللاتينية يرون في ذلك أمراًَ غريباً، بل من الخطأ إمكان تصور عد المعرفة الفنية من الحقوق العينية، وذلك على أساس الحق العيني إنما يخول صاحبه سلطة الاستئثار بشيء ما حتى لا يشاركه في الاختصاص به أشخاص آخرون، ولذلك لا يتصور أن يثبت لشخصين مختلفين في الوقت نفسه حق ملكية كلي كامل لكل منهما على الشيء نفسه، وهذه الفكرة لحق الملكية تتنافى مع إضفاء الحق العيني على المعرفة الفنية، لأن هذه الأخيرة تسمح بتعاصر ملكية عدة أشخاص على ذات المعرفة الفنية ذاتها وممارسة سلطات المالك عليها، طالما أن كلاً منهم قد توصل إليها بطريقة مستقلة، أضف إلى ذلك أن عد المعرفة الفنية من الحقوق العينية يتعارض مع فكرة دوام حق الملكية أي كونها حقاً مطلقاً من حيث مدة البقاء وأن يظل دائم الوجود ولو تغير أشخاص الملاك ولا ينقضي إلا عند هلاك الشيء نفسه محل الحق وفكرة الملكية من هذا المنظور تتناقض مع مفهوم المعرفة الفنية فهذه الأخيرة تتسم بالسرية، فإن بقيت سراً كان لصاحبها الاستمتاع بحقوق المالك، ولكن إذا توصل إليها شخص آخر وحصل على براءة اختراع عنها، ففي هذه الحالة نجد أن محل المعرفة ما زال موجوداً لدى المبتكر، ولكنه سلب ممارسة حقوقه عليها عند صدور البراءة للشخص الثاني، وبالتالي فالمعرفة الفنية حق غير دائم.
على أنه قبل الرد على الحجج السابقة، وقبل البدء في مناقشة مدى عد المعرفة الفنية حقاً من حقوق الملكية وفقاً لهذا الاصطلاح بمعناه الضيق في القانون الأمريكي، فمن المناسب إلقاء الضوء على أمرين هامين: فمن ناحية أولى فإن حماية المعرفة الفنية في القانون الأمريكي هي حماية مستمدة من مبادئ الشريعة أي أنها حماية خارج النطاق الفيدرالي، أي في ظل قوانين الولايات المختلفة، وطبقاً لقواعد العدالة ، ومن المسلم به في هذا المجال إن قضاة محاكم العدالة لهم الحرية في الاعتراف بأنواع جديدة من الملكية، طبقاً لقواعد العدالة، وليس هناك شروط محددة أو مقيدة على حريتهم في تقرير ذلك سواء بالنسبة لموضوع الحق، أو بالنسبة لتلك السلطات التي يخولها الحق المالك، ومن ناحية أخرى فإن اصطلاح الملكية في القانون الأمريكي أكثر اتساعاً مما تعرفه الشريعة اللاتينية فهو قد يشير إلى أي مال ذي قيمة معينة سواء كان هذا المال ينصب على شيء ما، أو كان يتمثل في مصلحة شخصية أو رابطة اقتضاء من شخص ما، على أن الجانب الأكبر من الفقه اللاتيني يرفض بشدة إدخال الحقوق الشخصية في مضمون حق الملكية بعدها حقاً عينياً، وكل ما هناك أن الحق على المعرفة يخول صاحبه فرض التزامات معينة.
ومن هذا يبقى القول بأن الاعتراف بالحق في ملكية المعرفة الفنية أصبح من الأمور التي يكاد يسلم بها القضاء الأمريكي الحديث، ويتبعه في ذلك أغلبية الفقه الأنجلوسكسوني، وفيما يلي سنحاول إيضاح مدى الاعتراف بحق ملكية المعرفة في القانون الأمريكي، وفقاً لقواعد الشريعة العامة بعدها مجموعة القواعد التي تضفي الحماية المدنية عليها، ثم نقوم بإيضاح أن المعرفة الفنية ـ من وجهة نظر الحماية الجنائية ـ يمكن أن تصبح محلاً للملكية طبقاً للقانون الفيدرالي، وبعض قوانين الولايات.
أولاً: مضمون حق الملكية في المعرفة الفنية طبقاً لمبادئ الشريعة العامة
أ?) الجدل حول الاعتراف بالحق في ملكية المعرفة الفنية
يذهب بعضهم إلى أن المعرفة الفنية لا يمكن عدها حقاً عينياً على شيء معين، وأن حمايتها إنما يكون من خلال رابطة شخصية تربط من يحوزها بمن اتصل علمه بها، من خلال ثقة معينة كوجود علاقة عمل تلزم العامل بالحفاظ على السرية أو علاقة ترخيص تلزم المرخص له بعدم الاستعمال خارج النطاق المحدد في العقد فإن حصل إخلال بمقتضيات هذه العلاقة تعين إضفاء الحماية القانونية.
ويستند هذا الرأي أساساً إلى الحكم الشهير الصادر في قضية du pont v. Masland وتتلخص وقائع هذه القضية في أن ماسلاند اكتسب من خلال عمله في شركة ديبونت العملاقة المعرفة الفنية الخاصة بطريقة معينة لتصنيع الجلود الصناعية على أنه إبان انتهاء علاقة هذا العامل مع الشركة المذكورة فلقد بدأ هو نفسه، بطريقة مستقلة، تصنيع هذه النوعية من الجلود، مستخدماً في ذلك المعلومات الفنية التي اكتسبها في أثناء خدمته في الشركة، عندئذ رفعت الشركة دعوى لاستصدار أمر بمنعه من الاستمرار في استعمال هذه المعرفة الفنية فأصدرت محكمة أول درجة حكماً بمنعه من القيام بالترخيص (الغير) في استغلالها، ولكنها لم تحرمه من استعمالها في إطار مشروعه، وفي الاستئناف تم إلغاء الحكم، ثم رفعت القضية بعدئذ إلى المحكمة العليا، فحكمت بتأييد حكم أول درجة ثم حكمت أيضاً بمنع العامل من استعمال مااكتسبه من معلومات فنية، وذلك على أساس أنه قد تمكن من الحصول عليها من خلال علاقة ثقة معينة، ومن ثم فإن هذه المعلومات وصلت إليه في إطار معين لا ينبغي له أن يستفيد منها بخلاف ما تفرضه طبيعة هذه العلاقة ذاتها.
ولقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن استناد المحكمة إلى علاقة الثقة يعني تجاهلها لوجود أية حماية مؤسسة على حق الملكية، ومع هذا تذهب أغلبية مفهوم الفقه الأمريكي، في تعليقها على هذا الحكم، إلى أن تأسيس الحماية في هذه القضية على أساس فكرة الثقة ليس معناه أن المحكمة قد أعلنت رفضها لفكرة الملكية كأساس للحماية، وكل ما هناك أن المحكمة قد رأت أنه من الأفضل بناء الحماية على فكرة الثقة في هذه القضية بالذات بالنظر إلى خصوصية علاقة العمل حسب الوقائع المعروضة، ومن ثم فإن الأمر لا يمنع من حماية المعرفة الفنية بناء على فكرة الملكية في الأحوال الأخرى التي قد لا تتوافر فيها علاقة ثقة.
والواقع أن المحاكم الأمريكية جرت من فترة بعيدة على الاعتراف بحق الملكية على المعرفة الفنية، ففي قضية قديمة نسبياً قالت إحدى المحاكم الفيدرالية في قضية Allen v Shellnar بأنه سواء كان موضوع الابتكار قابلاً لشموله ببراءة اختراع أولاً، فطالما كان المبتكر يحتفظ به سراً، فإنه على الرغم من عدم وجود احتكار له (أي مثل الذي تخلفه البراءة) فإن له مع ذلك حق ملكية تحميه محكمة المستشار ضد أي شخص يقوم عن سوء نية، باستخدامه خارقاً بذلك علاقة الثقة التي وضعت فيه ومع أن هذا الحكم كغيره من الكثير من الأحكام الأمريكية يعترف بحق الملكية، إلا أن حماية هذا الحق تتم كما هو واضح من خلال علاقة الثقة.
والأحكام القضائية السابقة وغيرها الكثيرة لم تكن صريحة في تفريد فكرة الملكية كأساس وحيد للحماية القانونية للمعرفة الفنية، إذا كانت علاقة الثقة تؤدي الدور الأساسي في الحماية، ومع هذا ففي سابقة قضائية هامة وحديثة حسمت المحكمة العليا الأمريكية هذه المسألة فلقد تضمنت قضية Ruchellhaus v Moonsanto مشكلة مدى دستورية بعض نصوص القوانين الفيدرالية التي تتطلب تسجيل بعض أنواع المبيدات الحشرية وكان Monsanto قد طور طريقة مبتكرة لتركيب إحدى هذه المبيدات وكانت لديه البيانات عن المعادلات الكيميائية لهذا الابتكار، وكانت سرية هذا الاكتشاف تتركز في عدم إفشاء هذه البيانات وعدم وصولها بطريقة أو بأخرى إلى المنافسين، وخاصة أن المكتشف فضل استغلالها كمعرفة فنية، وعدم طلب براءة اختراع عنها، ومن ثم فتقديم البيانات هذه البيانات إلى الجهة الإدارية، والسماح لأي شخص بالاطلاع عليها معناه فضح سرية الاكتشاف وضياع حق الاستئثار الذي تخوله المعرفة الفنية للمكتشف.
ولقد حكمت المحكمة بأن إلزام المكتشف بتقديم هذه البيانات إلى الجهة الإدارية يشكل انتزاعاً واعتداء على حقوق المخترع، في ظل قوانين الولايات لأنه يشكل نوعاً من الاستيلاء عليها دون تعويض عادل، وأن هذا يخالف متطلبات مبدأ مشروعية وفقاً للتعديل الخامس من الدستور، وذلك على أساس أن المخترع له حق ملكية على المعلومات والبيانات الخاصة بطريقة تركيب هذا المبيد الحشري الذي تلزمه جهة الإدارة بإفشائها، هذه البيانات تشكل حق ملكية بالمعنى الفني، وتخول صاحبها السلطة في منع الآخرين والمنافسين من الاستفادة بها، وتؤدي إلى استئثار المخترع باستعمال واستغلال اكتشافه.
ولقد ذهب بعضهم أيضاً إلى أن الحق على المعرفة الفنية لا يعد حق ملكية بالمعنى الدقيق، لأنه حق لا يتسم بالدوام، إذ يختفي هذا الحق بمجرد أن تصبح المعلومات علنية أو يتوصل إليها عدد كبير من الأشخاص بحيث تتلاشى الميزة التنافسية التي تخولها السرية، كما أن أسلوب حمايتها يعتمد إلى حد كبير على الأسلوب الذي يتم نقلها به إلى الأشخاص الآخرين وأيضاً على ظروف استعمالها.
والواقع أن الحجة السابقة ليست قاطعة إذ أنه يكون من المسلم به أن المقصود بدوام حق الملكية هو استمرار وجوده ما دام محله ولا يزول إلا بزواله، فهو دوام للحق نفسه لا لشخص المالك .. فحق الملكية إذاً حق دائم يدوم ما بقي محله فلا ينقضي إلا بهلاك الشيء، فوجود المحل واستمراره شرط لاستمرار حق الملكية على الشيء فإذا طبقنا ذلك على المعرفة الفنية أمكن القول بأن السرية هي شرط بقاء محل الحماية، فإن زالت السرية أدى ذلك إلى فناء هذا المحل نفسه إلى المعرفة الفنية بحيث تصبح أمراً مباحاً، وهلال المعرفة الفنية معناه زوال القيمة التنافسية التي كانت تخولها للمالك الأصلي لها، فحق الملكية على المعرفة الفنية هو حق دائم من هذا المنظور، وافتضاح سريتها يؤدي إلى مجرد هلال محل الحماية، ثم إنه إذا كانت المعرفة الفنية من حقوق الملكية التي يمكن وصفها بإمكان الاختفاء والذوبان بمجرد أن تصبح المعلومات التي تحتويها ذائعة ومنتشرة فإن هذه الخصيصة ليست قاصرة على حقوق المعرفة الفنية وحدها، بل هي سمة لبعض أنواع حقوق الملكية الصناعية الأخرى، فملكية العلامة التجارية تكتسب في القانون الأمريكي، عن طريق الاستعمال والتسجيل ما هو إلا أثر مقرر لملكية، ويقصد بذلك الاستعمال الفعلي الذي يجعل للعلامة التجارية تزول إذا لم تعد العلامة بذاتها كافية لتمييز أو تعيين المنتج، وذلك إذا أصبحت مثلاً من الذيوع والانتشار بحيث ترتبط في أذهان الناس ليس بصنف المنتج وإنما بجنسه، في هذه الحالة تنثر ملكية العلامة التجارية، ويشترك الجميع في إمكان استخدامها لجنس المنتج نفسه، واختفاء ملكية العلامة في هذه الحالة لا يطعن في أنها كانت يوماً محلاً لحق الملكية، ومن ذلك أيضاً أن قواعد الشريعة العامة ما زالت تضفي الملكية على الأعمال الفنية والأدبية غير المنشورة، وطالما بقيت كذلك، أما إذا قام صاحب العمل الأدبي أو الفني غير المنشور باطلاع الآخرين عليه، فإنه يفقد هذه الحماية التي تقررها قواعد العدالة، ومع هذا لا يمكن الطعن في الاعتراف بحق الملكية للمؤلف على عمله غير المشروع قبل تسربه إلى الآخرين، بل إن المخترع الذي حصل على براءة اختراع ينتهي حق الاستئثار المخول له بالبراءة بعد سبع عشرة سنة بحيث يصبح للجميع حق استخدامه وهذا لا يطعن في الاعتراف له بحق الاحتكار خلال الفترة التي كانت تسري فيها البراءة.
أما الحجة الأساسية التي تبرز دائماً كأساس للهجوم على منطق الاعتراف بملكية المعرفة الفنية فهي أن هناك فارقاً جوهرياً بين نظام براءات الاختراع ونظام حماية المعرفة الفنية، فبراءة الاختراع في رأي الكثير من الفقهاء، تخول صاحبها حق ملكية من حيث أنها تعطيه فرصة الاستئثار بها واحتكار استغلال الاختراع طوال مدة البراءة، أما مالك المعرفة الفنية فهو لا يستطيع منع الأشخاص الآخرين من مواصلة استعمال واستغلال المعارف الفنية المشابهة التي توصلوا إليها بطريقة مستقلة سواء كانوا في ذلك سابقين أو لاحقين للشخص طالب الحماية، وبعبارة أخرى ففكرة الاستئثار التي تميز الحق الذي تحوله البراءة لا تتوافر بصدد المعرفة الفنية.
ويذهب الفقه الراجح في الولايات المتحدة إلى تنفيذ الحجة السابقة من وجهين: أولاً، فحق المخترع على براءة الاختراع ليس حق ملكية عادياً، وإنما احتكار momopoly فمن صدرت له البراءة يمكنه منع أي شخص آخر توصل إلى الابتكار نفسه، وإن كان للأخير السبق في الاكتشاف من القيام باستغلال الاختراع أو التصرف فيه، إلا أن البراءة لا تخول سلطات المالك حيث لا تعطي حقاً بالاستئثار باستعمال الاختراع، أو على حد تعبير أحد فقهاء الملكية الصناعية في مصر. "إن حق الملكية يشمل عناصر ثلاثة هي: الاستعمال، والاستغلال، والتصرف،" وهذه العناصر لا تتوافر جميعها في حقوق الملكية الصناعية، فالحق في براءة الاختراع يتكون من عنصري الاستغلال والتصرف فحسب، دون عناصر الاستعمال بمعنى أن صاحب براءة الاختراع له أن يباشر استغلالها وأن يتصرف في البراءة بأن يتنازل عنها لغيره بمقابل أو بغير مقابل، ولكن لا يترتب على الحق في البراءة حق صاحبها في استعمال اختراعه استعمالاً خاصاً لنفسه، إذ إن استعمال الشخص لشيء مادي إنما هو عنصر من عناصر حق الملكية العادي وليس من خصائص حقوق الملكية الصناعية، وإذا كان للمخترع أن يستعمل الجهاز الذي ابتكره فإنما استعماله للجهاز ترتب على حق ملكية عادية للجهاز وليس نتيجة منحه براءة الاختراع وتبعاً لذلك فإن الحق في براءة الاختراع يختلف عن حق الملكية إذ إن البراءة لا يترتب عليها حق استعمال مثل الاستعمال الذي يترتب على حق الملكية". أما عن الوجه الثاني للرد على الانتقاد السابق فهو أن حق ملكية المعرفة الفنية يخول المالك سلطات الملكية كلها في القانون الأمريكي بما فيها سلطة الاستعمال التي لا تخولها البراءة، كما أن هذه السلطات هي سلطات استئثارية على المحل ذاته؟ يجب أن نلاحظ أن المعرفة الفنية لو وجدت لدى أشخاص عدة في وقت واحد فإن ذلك لا يخل بسلطات الملكية الثابتة لكل منهم إذ إن كلاً منهم قد حاز هذه المعرفة بطريقة مستقلة، أي وصلت إليه بطريق مشروع عن طريق البحث والاجتهاد الذاتي، ويمكن لأيهم الاستئثار بما توصل إليه من إليه من خلق أو ابتكار أضف إلى ذلك أنه مهما بلغت درجة التشابه بين ما توصل إليه عدة أشخاص لمعرفة فنية ما، فإنه يبقى مع ذلك اختلافاً في المحتوى ولو كان هذا الاختلاف هامشياً أو بسيطاً مما ينفي إمكانية وجود تطابق تام بين معارف فنية معينة، ومن ثم فإن محل الملكية ليس واحداً وإنما هو يتعدد الملاك.
فالمعرفة الفنية وفقاً لكل من الفقه والقضاء الأمريكي هي حق ملكية بالمعنى الضيق، وهناك تطبيقات عديدة في القانون الأمريكي تؤكد على هذا المعنى من ذلك أنه يجوز للشريك أن يقدم المعرفة الفنية التي ابتكرها أو طورها كحصة في شركة ما، على سبيل التمليك فتصبح المعرفة الفنية ملكاً للشركة ذاتها كشخص معنوي، ويمكن دخولها في موجودات الشركة عند التصفية، ولا يجوز للشريك بعدئذ استعمالها أو استغلالها أو التصرف بها بطريقة منفردة،أضف إلى ذلك أن الشريك عند تقديمه المعرفة الفنية كحصة في الشركة فإنه يحصل على أسهم عينية ومن ثم يراعى إجراءات تقدير الحصة العينية بالنسبة للمعرفة الفنية قبل منح هذه الأسهم، كما أن قانون الضرائب الأمريكي يعامل بصفة العامة الضرائب على استغلال وبيع المعرفة الفنية معاملة الضرائب على الملكية، بل إن المعرفة الفنية يجوز أن تكون محلاً لعقد الأمانة الذي يستلزم أن يكون محله وارداً على ملكية شيء ما، ومن التطبيقات كذلك التي تؤكد فكرة الاعتراف بحق ملكية المعرفة الفنية، أنه لا يجوز بمجرد وفاة صاحب المعرفة الفنية، رفع دعوى لمنع الاعتداء عليها، إلا بعد انتقال التركة نفسها إلى الوراثة، لأن الدعوى في هذه الحالة هي دعوى عينية، ولعل أطرف التطبيقات في هذا الصدد أنه عند شهر إفلاس المدين صاحب المعرفة الفنية، فإنه تغل يده عن التصرف فيها أو استغلالها، وأيضاً لم تم بيع المشروع المالك للمعرفة الفنية خلال فترة الريبة فإن لا يجوز للمشتري أن يقوم برفع دعوى ضد الشخص الذي قام بالاعتداء على المعرفة الفنية وذلك في الفترة بين حصول البيع ورفع دعوى شهر الإفلاس لأن ذلك سيكون من حق جماعة الدائنين.
ب)سلطات مالك المعرفة الفنية في ظل مبادئ الشريعة العامة
يعترف القانون الأمريكي، طبقاً لمبادئ الشريعة العامة بحق ملكية المبتكر على المعرفة الفنية التي توصل إليها، وعليه يمكن لصاحب المعرفة الفنية أن يباشر عليها السلطات التي يخولها حق الملكية.
فمن ناحية أولى يكون لمالك المعرفة الفنية التمتع باستعمال واستخدام هذه المعرفة دون أي تدخل من شخص آخر، طالما احتفظ بذلك بطريقة سرية ، ولا يطعن في استئثار المالك في استعمال المعرفة الفنية، أن يقوم آخرون بمحاولة التوصل إليها أو التوصل إليها فعلاً واستعمالها،طالما تم هذا بطريقة مستقلة تماماً كما ذكرنا، ومن ثم فإن حق الملكية على المعرفة الفنية يسمح لكل من توصل إليها بطريق مشروع من الاستئثار باستعمالها في مواجهة المنافسين الذين لم يتوصلوا بعد إلى اكتشافها فهو استئثار في مواجهة الجميع أي المنافسين الذين عجزوا عن تطوير المعرفة نفسها بطريقة تلقائية ومشروعة.
وعليه فإن مالك المعرفة الفنية يمكنه استعمالها كما تستعمل الملكية على الأشياء في الأنواع الأخرى من الملكية على الأشياء، ودون قيود أو حدو
[/align]