هل الهجرة الشرعية طالت الأطفال؟
الاتجـار بالصغار‏..‏ عـبر البحـار‏!‏
فرق بحثية تبدأ دراسة الحالات المبلغ
عن غيابها لرصد أبعادها ودوافعها
تحقيق‏-‏ نادية منصور‏:‏
أين الحقيقة في موضوع الاتجار في الأعضاء البشرية للأطفال؟ هذا السؤال يتردد الآن بقوة بعد توارد أخبار عن تهريب عشرات الأطفال عبر البحار في موجة جديدة للهجرة غير الشرعية التي كانت تقتصر علي الشباب حتي وقت قريب لكنها طالت الزهور البريئة مؤخرا‏.‏

وفي ظل استمرار البلاغات عن غياب أو خطف الأطفال والاعلانات والنداءات الانسانية بمشاركة الأهل في البحث عنهم‏,‏ فإن الشائعات تتأكد وتجد من يصدقها ويروجها‏,‏ وتظل هناك شكوك حول عصابات المتاجرة في الأطفال وأعضائهم البشرية سواء في الداخل أو بتهريبهم عبر الحدود‏,‏ ومع أن الجهات الأمنية تنفي غالبا فإن الأمر لايمكن السكوت عليه في ظل صدور تقرير للأمم المتحدة يعتبر مصر من بين الدول التي يتم فيها ممارسة الاتجار في الاطفال وهذا ما استلزم قيام بعض الجهات المعنية بتكوين فرق بحثية لدراسة هذا الموضوع‏..‏ فما الذي توصل اليه هؤلاء الباحثون؟ وهل تسهم دراساتهم في رسم ملامح الحقيقة وكشف أبعادها؟

كانت إحدي القنوات الفضائية قد تحدثت عن وجود مائة طفل في أحد السجون الإيطالية وقد ذكر إسم هذا السجن وأن القانون الإيطالي لايسمح بتسليم هؤلاء الاطفال لبلدهم مثلما يحدث مع الكبار الذين يتم ترحيلهم فور وصولهم لإيطاليا‏.‏ فهل هذا صحيح؟ وماهي صور الاتجار في الاطفال عموما؟
تقول الدكتورة إيمان شريف‏(‏ خبير أول بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية‏):‏ إنها عندما قامت بدراسة عن الهجرة غير الشرعية للشباب كان ضمن هؤلاء طفلان سافرا بموافقة ولي أمرهما مما يكشف عن أن الدافع هو الفقر خاصة في الأماكن ذات المستوي الاقتصادي المتدني في بعض القري حيث يضطر الأهل لتسفير الاطفال دون السن القانونية للعمل‏,‏ بل إن الحاجة تكاد تدفع بعض الناس للمتاجرة بأولادهم وهذا يجرنا للحديث عن الاتجار في الاطفال وقد تم تكليف سبع فرق بحثية من المركز لإعداد مشروع حول أنماط الإتجار في البشر ومنهم الأطفال مع التركيز علي انماط نزع اعضاء الاطفال وعمالة الاطفال وأطفال الشوارع وسوف تبدأ الفرق البحثية عملها بالتنسيق مع الأمم المتحدة‏.‏

وهذا التكليف جاء بناء علي تقرير للأمم المتحدة ومنظمة الهجرة يحذر من أن النواحي الاقتصادية والمستوي الثقافي يفرزان عمليات الاتجار في البشر التي تتخذ سبعة أنماط يوجد شبه تسامح أو موافقة علي بعضها مثل عمالة الاطفال أو تزويج الفتيات القصر‏.‏

فالمفاهيم ليست واضحة وهناك خلط بين ماهو شرعي وما هو غير شرعي‏,‏ وأمامنا طريق طويل لكي نكون ضمن الدول الموقعة علي بروتوكول بخصوص حظر الإتجار في البشر‏,‏ ودورنا الآن في مركز البحوث أن نحدد الصور التي تمثل إتجارا في البشر ووضع المفاهيم المحددة لها وسوف تبدأ الفرق البحثية دراسة الأوضاع علي أرض الواقع ومن خلال البلاغات المقدمة للجهات الأمنية عن خطف الاطفال أو نزع اعضائهم ونحن ندرك صعوبة المشكلة لأن المعلومات لن تكون متاحة بسهولة ولن نجد احصاءات واضحة ودقيقة في ظل في السلطات الأمنية ربما حتي لايؤدي ذلك الي حالة هلع بين المواطنين وهم علي حق في ذلك‏.‏

لكن بشكل عام فإنه حتي ولو كانت هناك حالات فردية محدودة فإنها في حد ذاتها تمثل خطورة ولايجب أن تقلل من خطورتها بحجة أنها لاتعد ظاهرة عند مقارنتها بعدد السكان‏,‏ فهذه الحالات الفردية مسألة بشعة تحس الأسرة وتمثل خطورة علي المجتمع ككل مما يستلزم دراستها ورصد أبعادها‏.‏

وقد تم تحديد فترة عام للانتهاء من هذه الدراسة التي ستتم تحت إشراف الدكتورة نجوي خليل مديرة المركز‏.‏

وأضافت الدكتورة إيمان شريف ان الإتجار في الاطفال خطر شديد علي المجتمع ويسبب الحديث عنه الذعر للأسر ويؤدي الي إنعكاسات وآثار سلبية خاصة لدي الأسر ذات المستوي الأقتصادي المنخفض والتي قد تمنع أولادها من الذهاب للمدرسة فيشيع الجهل وتزداد نسبة التسرب من التعليم ويصاب الاطفال أنفسهم بالخوف وعلي جانب آخر فإن السكوت علي الحالات الفردية يجعلها تنتشر وتتحول إلي ظاهرة‏,‏

وحتي لو ظلت حالات فردية فسوف تسبب أزمات كبيرة وانحرافات سلوكية كما أن الأطفال الذين يتم تسفيرهم للخارج يكونون عرضة لاستغلال جنسي وممارسات أخري شديدة الخطورة‏,‏ وحتي إذا قلنا إن هناك تضخيما ومبالغة في تناول هذا الموضوع علي الفضائيات فربما يكون هناك جزء من الحقيقة يستحق الدراسة والبحث‏.‏ والحل يتمثل في التوعية وأن يتبني الإعلام هذه القضية بشرط أن يتناولها بموضوعية ودون إثارة أو مبالغة حتي لايحدث ذعر للناس أيضا هناك دور للأسرة والمؤسسة التعليمية بتوعية الاطفال حتي لايتم التغرير بهم في الشارع‏.‏

وحدة لمنع الاتجار
وتقول الدكتورة عزة العشماوي‏(‏ مسئول وحدة منع الإتجار في الاطفال بالمجلس القومي للطفولة والأمومة‏)‏ أن المجلس سارع في ديسمبر‏2007‏ بإنشاء وحدة متخصصة لمنع الإتجار في الاطفال وذلك استكمالا للجهود التي بدأت منذ عام‏2000‏ لمنع العنف ضد الاطفال وإعادة تأهيل اطفال الشوارع وتم تنظيم ثلاثة مؤتمرات في هذا الشأن‏,‏ ونظرا لاهتمام الوزيرة مشيرة خطاب بهذا الموضوع فقد قررت انشاء هذه الوحدة المتخصصة برغم أن مصر ليست داخل الدائرة الحمراء

لكن هناك بعض الظواهر مثل استغلال الاطفال في التسول وعمالة الاطفال وبيع اعضاء الاطفال واستغلالهم في السياحة الجنسية وخطف الاطفال وبيعهم تحت مسمي التبني‏,‏وكلها ظواهر محظورة تندرج تحت مسمي الإتجار في الاطفال وتعريفه هو‏:‏ نقل أو استقبال أو ايواء اطفال بغرض الاستغلال وهم تحت سن‏18‏ سنة‏.‏

خطة وطنية
وقد بدأت الوحدة عملها بإعداد خطة وطنية لمنع الإتجار في الاطفال من خلال سلسلة دورات لتدريب المهنيين علي القوانين والمواثيق التي صدقت عليها مصر وتحظر الإتجار في الاطفال وهذا يتماشي مع تعديلات قانون الطفل وتم نقلها لقانون العقوبات ومن يخالفها يتعرض لعقوبة السجن المشدد لمدة خمس سنوات والغرامه التي لا تقل عن‏50‏ ألف جنيه ولا تزيد علي‏200‏ ألف جنيه لكل من يبيع أو يسهل بيع طفل‏,‏ وأيضا هناك مادة في قانون الطفل‏16‏ مكرر‏(‏ أ‏)‏ الخاصة باستغلال أطفال في أعمال إباحية علي شبكة الانترنت‏.‏

أما الدورات التدريبية التي تنظمها فإنها موجهة للعاملين في وزارات السياحة والعدل والصحة والداخلية والاوقاف والقوي العاملة لتأمين سلامة الاطفال حديثي الولادة حتي لا يتم خطفهم أو استبدالهم‏.‏

ولدينا موقع الكتروني ينشر كل ما يخص الإتجار في الاطفال ويوجد مكتبه للباحثين في هذا الموضوع الهام‏.‏

وتضيف الدكتورة عزة العشماوي أنه ليس لدينا احصاءات عن الإتجار في الاطفال ولكنها حالات فرديه ولا توجد جريمة منظمة كاملة‏.‏

وتقول إن هناك فرقا بين الهجرة غير الشرعية للاطفال والإتجار فيهم‏,‏ فالإتجار في الاطفال علاقة فيها إكراه مستمر عليهم‏,‏ لكن هذا الإكراه ينتهي في الهجرة غير الشرعية بمجرد توصيلهم للخارج وأيا كانت الطريقة التي تتم بها الهجرة غير الشرعية للاطفال سواء تسفيرهم بالإكراه بدون علم ذويهم أو بعلمهم فالخطورة تكمن في إمكانية استغلالهم بشكل سييء حيث قد يتم تسفيرهم بغرض الرزق والعمل وفي حالة عدم وجود هذا العمل يمكن استغلالهم بشكل خطير‏.‏

وتقول الدكتورة يمن الحماقي‏(‏ عضو مجلس الشوري‏):‏ خطورة هذا الموضوع انه مرتبط بالفقر وارتفاع الجريمة ومن هنا فإن جرس الإنذار يدق للاهتمام بهذه القضية‏,‏ وقد تحدثت الوزيرة مشيرة خطاب عن عدة اجراءات لحماية الاطفال منها بصمة الطفل‏,‏ بشكل عام هناك اهتمام من كل الجهات وعلي المستوي الدولي والمحلي كما تعطي السيدة سوزان مبارك أولوية كبري لقضايا الطفولة ولابد أن تقوم الجمعيات الأهلية بدورها بجانب الاجهزة الأمنية وتوعية الناس من خلال الإعلام ومن خلال المجالس الشعبية المحلية والمجتمع المدني علي أن تتضمن برامج مكافحة الفقر بها جزءا من هذه التوعية‏.‏

وأضافت أن اهتمام الاعلام والفضائيات بقضايا خطف الاطفال وتسفيرهم والإتجار فيهم يجعلني أتحدث مع زملائي الاعضاء في مجلس الشوري لكي نتقدم بطلب لمناقشة هذا الموضوع‏.‏

ضد الإنسانية
تتحدث الدكتورة مني الحديدي‏[‏ عميد اكاديمية إعلام السادس من اكتوبر‏]‏ قائله‏:‏ عملية الإتجار في الاطفال بأي شكل من من أشكالها قضية ضد مباديء حقوق الانسانية وضد معني الإنسانية‏,‏ وهي جريمة لا يمكن تبريرها حتي لو كانت تتم بسبب الفقر أو الإنفجار السكاني أو عدم الوعي‏.‏

وعلي الأجهزة المعنيه بما فيها الإعلام ومؤسسات المجتمع الأخري أن تمارس مسئولياتها الاجتماعية لمحاربة هذه الممارشات غير المشروعة والقضاء عليها وتكوين الوعي المجتمعي‏.‏

وأخيرا تقول ابتسام حبيب‏(‏ عضو مجلس الشعب‏):‏ خطف الاطفال أو الإتجار فيهم واستغلالهم جنسيا أو بيع اعضائهم كلما تمثل انتهاكات لحقوق الطفل والقضية برمتها عباره عن علامات استفهام تحتاج لمن يجيب عليها فمن يخطف الاطفال؟