بعد غرق‏502‏ مواطن وفقد‏527‏ شابا خلال‏2008:‏
الهجـرة غـير الشرعية‏..‏ حلم يغـرق ولا يمـوت‏!‏
تحقيق‏-‏جيهان عبدالسلام عوض‏:‏

كيف يتم وقف مسلسل الهجرة غير الشرعية للشباب المصري الي دول العالم الغربي خاصة بعد أن غرق‏502‏ مواطن‏,‏ وفقد‏527‏ شابا‏..‏ خلال العام الماضي وحده؟

الشباب يؤكدون أنه لابد من تدبير البدائل مثل تيسير القروض‏,‏ وتشجيع المشاريع الصغيرة‏,‏ وغرس ثقافة احترام جميع المهن‏,‏ مع زيادة الأجور‏,‏ وهو مايتفق فيه معهم الخبراء والحقوقيون‏,‏ خاصة في المنظمة المصرية للإغاثة الإنسانية‏.‏

في البداية يؤكد أحمد سعيد الطالب بالسنة الرابعة بكلية الخدمة الاجتماعية أن الشباب المصري يخجل من مزاولة الأعمال البسيطة في بلده‏,‏ في حين يعرض حياته للخطر ويهاجر بطرق غير قانونية ليغسل الأطباق ويكنس الشوارع في بلاد الغرب‏.‏

ويشير الي أنه في ميت سهيل وميت جابر في منيا القمح هناك تسعيرة للسفر فمن يرغب بالسفر بطرق غير مشروعة عن طريق البحر يدفع من‏15‏ الي‏20‏ ألف جنيه‏,‏ في حين يدفع‏80‏ ألف جنيه الي ايطاليا جوا‏,‏ وذلك بتأشيرة سياحة ليحصل علي عمل فور وصوله‏.‏

وتلتقط خيط الحديث السيدة أحمد‏(19‏ سنة‏)‏ لتؤكد أن الهجرة سببها الأساسي ضعف الانتماء للوطن نتيجة قلة فرص العمل وعادة مايكون الراتب الشهري هزيلا لا يتعدي‏500‏ جنيه في أحسن الأحوال وهو لا يكفي للانفاق علي المواصلات والمصاريف الشخصية‏.‏

وتقترح إدماج الشباب في مشاريع التنمية لتعميق الانتماء والقضاء علي البطالة‏,‏ مع ضرورة تركيز الإعلام والأسرة والمسجد علي تعمير البلد بدلا من هجرها والهروب منها‏.‏

وتشير أمل السيد الي ان الشباب يشعر حاليا بالاغتراب داخل وطنه حيث لا يجد العمل المناسب بالاضافة الي البيروقراطية في كل مكان‏,‏ وغلاء الأسعار الذي يلتهم الدخل‏.‏

وتقترح الاهتمام بإقامة مراكز تدريب مهني للشباب علي الأعمال الحرفية مع التركيز علي أن كل المهن لها احترامها مهما كانت بسيطة ولكل فرد دوره في المجتمع‏.‏

ويطالب حسن ناصف‏(‏ في السنة الثانية بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان‏)‏ بضرورة تسهيل قروض ومشاريع الشباب خاصة بعد أن فقد العديد منهم عمله نتيجة خصخصة الشركات‏,‏ مع ضرورة تشديد الرقابة علي عصابات تهريب البشر‏.‏

ويؤكد أحمد مصطفي السيد مصطفي‏,‏ أنه سيقدم علي تجربة الهجرة الشرعية بالرغم من أنها انتحار لأن الضغوط التي تواجه الشباب في مصر تعد نوعا من الانتحار البطئ‏!‏

ويلتقط خيط الحديث إسلام محمد الرفاعي‏(20‏ سنة‏)‏ ليؤكد أنه شاهد بعينه في قريته بالفيوم أكثر من‏37‏ غريقا بسبب الهجرة غير الشرعية‏,‏ مما أدي لضياع الأموال وممتلكات المواطنين‏!‏

مطلوب تشريع
من جانبه‏,‏ يطالب المستشار عبدالعاطي محمود الشافعي‏,‏ عضو المجلس القومي للخدمات والتنمية الاجتماعية‏,‏ وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية بتشريع ينظم خروج المصريين ويحمي حقوقهم بوجه عام‏,‏ أثناء الهجرة‏.‏

وأشار لضرورة أن يحول هذا التشريع دون خروج الشباب بطرق غير قانونية ومعاقبة من يتحايلون عليهم ويغررون بهم ويستدرجونهم لمغادرة وطنهم من غير المنافذ الشرعية للبلاد‏.‏

ويؤكد أن الهجرة غير القانونية تعد نوعا من الاتجار في البشر‏,‏ إذ تجني العصابات التي تقوم بذلك أموالا طائلة داعيا السلطة التشريعية الي تناول هذه القضية علي وجه السرعة لإصدار قانون من شأنه حماية شباب مصر من التهلكة والموت غرقا أو بالاستقرار في غياهب السجون في دول أوروبا‏.‏

ويوضح أنه خلال العام الماضي بلغت حوادث الهجرة غير القانونية‏76‏ حادثة اسفرت عن غرق‏502‏ مواطن وفقد‏527‏ شابا‏,‏ وتعرض‏2941‏ مواطنا للنصب من قبل عصابات تهريب الشباب الي الخارج‏.‏

ويلتقط خيط الحديث الدكتور ماهر أبوالمعاطي علي عميد كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان ليؤكد أن للهجرة غير القانونية آثارا علي الشباب والأسرة والمجتمع‏,‏ إذ يتعرض الشاب لآثار نفسية خطيرة إذا نجا من هذه المحنة وقد يتورط في ارتكاب جرائم حتي يحصل علي عمل فضلا عن صراعه مع العمالة الوطنية والتمييز في الأجور‏.‏

وأضاف أن أسرة المهاجر تعاني في كثير من الاحيان لفقدان أبنائها‏,‏ وتشرد الأطفال وترمل الزوجة إذا كان المهاجر متزوجا‏,‏ كما تفقد الأسرة مواردها المالية‏.‏

ويشير الي ان الهجرة تحدث آثارا سلبية علي المجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية أهمها استنزاف موارد ومدخرات المجتمع لتدبير تكاليف السفر والعجز في الأيدي المدربة‏,‏ وانتشار عدد الشباب المرضي والمنحرفين سلوكيا خاصة بين العائدين بدون أموال‏,‏ وكذلك انتشار الجريمة المنظمة‏.‏