حكم الزواج مع نية الطلاق
: للعلماء في هذا اتجاهان، هما: الاتجاه الأول بأن النية لا تؤثر في صحة النكاح، إذ إن الصحابي الجليل زيد بن حارث رضي الله عنه قد ضاق صدره من زوجه رضي الله عنهما وعزم على طلاقها، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول:
( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) ( الأحزاب: من الآية37)، ولم يقل أحد أن نية زيد هذه وقع فيها طلاق، وهو قول جمهور العلماء كما نص على ذلك ابن قدامة في المغني (10/48-49). وتردد ابن تيمية بين كراهته كراهية تحريم أو كراهية تنزيه (32/ص94).
2 – أن هذا المتزوج الذي نوى الطلاق لو بدا له الاستمرار مع هذه المرأة واستقرار الحياة الزوجية، لحسن خلقها أو لصفات كريمة ظهرت عليها أو حصول الحمل فإنه لا يحتاج إلى تجديد عقد وهذا ما ذهب إليه الكثير من العلماء.
الاتجاه الثاني: يذهب إلى أن نية الطلاق يبطل بها العقد، لأن هذا من باب الخداع والتضليل، ومن باب الغرر، لأن المرأة وأهلها لو علموا بهذه النية لم يوافقوا على هذا الزواج..
لأن هذه النية أسوأ من نكاح المتعة حيث إن نكاح المتعة قد دخلت فيه المرأة على بينة، ونكاح المتعة باطل بإجماع أهل السنة لنهي المصطفى صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة وهو قول الأوزاعي، ورجحه الشيخ محمد بن عثيمين.
3 – إن فيه العبث والاستخفاف بالناس الكثير والكثير، لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، وإذا كان الدين الإسلامي نهى عن كل معاملة فيها جهالة وغرر وهي في الأمور المالية والمر فيها قد يكن هيناً فإن الغش والخداع لا يصح في عقد وصفه الله بالميثاق الغيظ، ويقول صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بكلمة الله ".
ولأن القول بإباحة هذا الأسلوب من الزواج يتيح لأصحاب القلوب المريضة والنفوس الضعيفة مجالاً للعبث والتلاعب، ولأن هذا الزواج يتضمن إساءة وتشويهاً للإسلام، لما قد يقال من عبث الرجال بالنساء والاستخفاف بحقوق الآخرين على ما فيه من تعطيل للإنجاب ومنع للتناسل إذ إن المتزوج بنية الطلاق لا يريد الارتباط بالذرية بل ربما لو أنجبت المرأة لتخلى عنها صاحب النية السيئة.
ولا شك أن هذا الزواج وإن حصل شبه اتفاق على إباحته من خلال فتاوى العلماء قديماً لكون العقد مكتمل الشرائط أما النية المستقبلية للطلاق فلم ير العلماء أنها تؤثر على العقد لأنها احتمالية إلا أن تلك الفتاوى تبقى تمثل حالات نادرة بل تمثل نوعاً من المخارج لمن احتاج إلى هذا النوع من الزواج وفق ظروف وأحوال معينة توازن فيه المصالح مع المفاسد.
أما القول بإباحته بشكل عام ويكون ضمن النظام الاجتماعي وخاصة أثناء السياحة والسفر فلا شك أن انتشار هذا الزواج يؤول إلى مفاسد محققة وغايات تناقض مقصود الشارع، والعلماء عندما أجازوا النكاح بنية الطلاق كان ذلك وفق ظروف وأحوال معينة وإلا فإن الأصل في عقد النكاح هو التأبيد وألا يكون على وجه التأقيت والتأجيل ولكل قاعدة عامة وأصل استثناءات جزئية لوقائع معينة ولكن يبقى الأصل أن الزواج يجب أن يتم على وجه الأكمل حتى يتحقق فيه مقصد الشارع الحكيم.


المراجع
المغني 7/180.
المغني 7/179-180.
السلسلة الصحيحة حديث رقم 370.
البخاري (1/11) . مسلم (13/53).
صحيح مسلم 3/529.
رحلة الحج إلى بيت الله الحرام ، للعلامة الشنقيطي.
روضة الطالبين 2/42.
شرح النووي على صحيح مسلم 3/529.
مجموع الفتاوى" (32/147)

http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1239888281883&pagename= Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout


http://www.aawsat.com/details.asp?section=17&article=359244&issueno=1000 5

تم بحمد الله ,