الديباجه



الشّعب الجزائريّ شعب حرّ، ومصمّم على البقاء حرًّا.



فتاريخه الطّويل سلسلة متّصلة الحلقات من الكفاح والجهاد، جعلت الجزائر دائما منبت الحرية، وأرض العزّة والكرامة.



لقد عرفت الجزائر في أعزّ اللّحظات الحاسمة التي عاشها البحر الأبيض المتوسّط، كيف تجد في أبنائها، منذ العهد النّوميدي، والفتح الإسلامي، حتّى الحروب التّحريريّة من الاستعمار، روّادا للحرّيّة، والوحدة والرّقي، وبناة دول ديمقراطية مزدهرة، طوال فترات المجد والسّلام.



وكان أوّل نوفمبر 1954 نقطة تحوّل فاصلة في تقرير مصيرها وتتويجا عظيما لمقاومة ضروس، واجهت بها مختلف الاعتداءات على ثقافتها، وقيمها، والمكوّنات الأساسية لهوّيّتها، وهي الإسلام والعروبة والأمازيغية. وتمتدّ جذور نضالها اليوم في شتّى الميادين في ماضي أمّتها المجيد.



لقد تجمّع الشّعب الجزائريّ في ظلّ الحركة الوطنيّة، ثم انضوى تحت لواء جبهة التّحرير الوطنيّ، وقدّم تضحيات جساما من أجل أن يتكفّل بمصيره الجماعيّ في كنف الحرّية والهويّة الثقافيّة الوطنيّة المستعادتين، ويشيّد مؤسّـساته الدّستوريّة الشّعبيّة الأصيلة.



وقد توّجت جبهة التّحرير الوطنيّ ما بذله خيرة أبناء الجزائر من تضحيات في الحرب التّحريريّة الشّعبية بالاستقلال، وشيّدت دولة عصريّة كاملة السيّادة.



إنّ إيمان الشّعب بالاختيّارات الجماعيّة مكّنه من تحقيق انتصارات كبرى، طبعتها استعادة الثّروات الوطنية بطابعها، وجعلتها دولة في خدمة الشّعب وحده، تمارس سلطاتها بكلّ استقلاليّة، بعيدة عن أي ضغط خارجي.



إن الشّعب الجزائريّ ناضل ويناضل دوما في سبيل الحرّيّة والدّيمقراطيّة، ويعتزم أن يبني بهذا الدّستور مؤسّـسات دستوريّة، أساسها مشاركة كلّ جزائريّ وجزائريّة في تسيير الشّؤون العموميّة، والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعيّة، والمساواة، وضمان الحرّيّة لكلّ فرد.



فالدّستور يجسّم عبقريّة الشّعب الخاصّة، ومرآته الصّافية التي تعكس تطلّعاته، وثمرة إصراره، ونتاج التّحوّلات الاجتماعيّة العميقة التي أحدثها، وبموافقته عليه يؤكّد بكلّ عزم وتقدير أكثر من أيّ وقت مضى سموّ القانون.



إن الدّستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسيّ الذي يضمن الحقوق والحرّيّات الفرديّة والجماعيّة، ويحمي مبدأ حرّيّة اختيار الشّعب، ويضفي الشّرعيّة على ممارسة السّلطات، ويكفل الحماية القانونيّة، ورقابة عمل السّلطات العموميّة في مجتمع تسوده الشّرعيّة، ويتحقّق فيه تفتّح الإنسان بكلّ أبعاده.



فالشّعب المتحصّن بقيّمه الرّوحيّة الرّاسخة، والمحافظ على تقاليده في التّضامن والعدل، واثق في قدرته على المساهمة الفعّالة في التقدّم الثقافيّ، والاجتماعيّ، والاقتصاديّ، في عالم اليوم والغد.



إن الجزائر، أرض الإسلام، وجزء لا يتجزّأ من المغرب العربي الكبير، وأرض عربيّة، وبلاد متوسطيّة وإفريقيّة تعتزّ بإشعاع ثورتها، ثورة أوّل نوفمبر، ويشرّفها الاحترام الذي أحرزته، وعرفت كيف تحافظ عليه بالتزامها إزاء كلّ القضايا العادلة في العالم.



وفخر الشّعب، وتضحياته، وإحساسه بالمسؤوليّات، وتمسّكه العريق بالحرّيّة، والعدالة الاجتماعيّة، تمثّل كلها أحسن ضمان لاحترام مبادئ هذا الدّستور الذي يصادق عليه وينقله إلى الأجيال القادمة ورثة روّاد الحرّيّة، وبناة المجتمع الحرّ.
الباب الأول

المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري



الفصل الأول

الجزائر



المادة 1



الجزائر جمهوريّة ديمقراطيّة شعبيّة. وهي وحدة لا تتجزّأ.



المادة 2



الإسلام دين الدّولة.



المادة 3



اللّغة العربية هي اللّغة الوطنيّة والرّسميّة.



المادة 4



عاصمة الجمهوريّة مدينة الجزائر.



المادة 5



العلم الوطنيّ، وخاتم الدّولة، والنّشيد الوطنيّ، يحدّدها القانون.





الفصل الثّاني

الشعب



المادة 6



الشّعب مصدر كلّ سلطة.



السيّادة الوطنيّة ملك للشّعب وحده.



المادة 7



السّلطة التأسيسيّة ملك للشّعب.



يمارس الشّعب سيّادته بواسطة المؤسّسات الدّستوريّة التي يختارها.



يمارس الشّعب هذه السيّادة عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثّليه المنتخبين.



لرئيس الجمهوريّة أن يلتجئ إلي إرادة الشّعب مباشرة.



المادة 8



يختار الشّعب لنفسه مؤسّسات، غايتها ما يأتي :



- المحافظة على الاستقلال الوطني، ودعمه،

- المحافظة على الهويّة، والوحدة الوطنيّة، ودعمهما،

- حماية الحرّيّات الأساسيّة للمواطن، والازدهار الاجتماعيّ والثقافيّ للأمّة،

- القضاء على استغلال الإنسان للإنسان،

- حماية الاقتصاد الوطني من أيّ شكل من أشكال التّلاعب، أو الاختلاس، أو الاستحواذ، أو المصادرة غير المشروعة.



المادة 9



لا يجوز للمؤسّسات أن تقوم بما يأتي :



- الممارسات الإقطاعيّة، والجهويّة، والمحسوبيّة،

- إقامة علاقات الاستغلال والتبعيّة،

- السّلوك المخالف للخُلُق الإسلاميّ وقيم ثورة نوفمبر.



المادة 10



الشّعب حرّ في اختيار ممثّليه.



لا حدود لتمثيل الشّعب، إلاّ ما نـصّ عليه الدّستور وقانون الانتخابات.



الفصل الثالث

الـدّولـة



المادة 11



تستمدّ الدّولة مشروعيتها وسبب وجودها من إرادة الشّعب.



شعارها : " بالشّعب وللشّعب ".



وهي في خدمته وحده.



المادة 12



تمارس سيادة الدّولة على مجالها البرّيّ، ومجالها الجوّيّ، وعلى ميّاهها.



كما تمارس الدّولة حقها السيّد الذي يقرّه القانون الدّوليّ على كلّ منطقة من مختلف مناطق المجال البحريّ التي ترجع إليها.



المادة 13



لا يجوز ألبتة التّـنازل أو التّخلّي عن أيّ جزء من التّراب الوطني.



المادة 14



تقوم الدّولة على مبادئ التّنظيم الدّيمقراطي والعدالة الاجتماعية.



المجلس المنتخب هو الإطار الذي يعبّر فيه الشّعب عن إرادته، ويراقب عمل السّلطات العمومية.



المادة 15



الجماعات الإقليميّة للدّولة هي البلدية والولاية.



البلدية هي الجماعة القاعديّة.



المادة 16



يمثّل المجلس المنتخب قاعدة اللاّمركزية، ومكان مشاركة المواطنين في تـسـيـيـر الشّـؤون العمومية.



المادة 17

الملكيّة العامّة هي ملك المجموعة الوطنيّة.



وتشمل باطن الأرض، والمناجم، والمقالع، والموارد الطبيعية للطّاقة، والثّـروات المعدنية الطبيعية والحية، في مختلف مناطق الأملاك الوطنية البحرية، والمياه، والغابات.



كما تشمل النقل بالسكك الحديدية، والنقل البحري والجوي، والبريد والمواصلات السّلكية واللاّسلكية، وأملاكا أخرى محدّدة في القانون.



المادة 18



الأملاك الوطنية يحدّدها القانون.



وتتكوّن من الأملاك العمومية والخاصّة التي تملكها كلّ من الدّولة، والولاية، والبلدية.



يتم تسيير الأملاك الوطنية طبقا للقانون.



المادة 19



تنظيم التّجارة الخارجية من اختصاص الدّولة.



يحدّد القانون شروط ممارسة التجارة الخارجية ومراقبتها.



المادة 20



لا يتم نزع الملكية إلاّ في إطار القانون. ويترتّـب عليه تعويض قبليّ عادل، ومنصف.



المادة 21



لا يمكن أن تكون الوظائف في مؤسّـسات الّدولة مصدرا للثّراء، ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة.



المادة 22



يعاقب القانون على التّعسّـف في استعمال السّلطة.



المادة 23



عدم تحيّز الإدارة يضمنه القانون.



المادة 24



الدّولة مسؤولة عن أمن الأشخاص والممتلكات، وتتكفّل بحماية كلّ مواطن في الخارج.



المادة 25



تنتظم الطّاقة الدّفاعية للأمة، ودعمها، وتطويرها، حول الجيش الوطني الشعبي.



تتمثل المهمة الدّائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني، والدّفاع عن السيّادة الوطنية.



كما يضطلع بالدّفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البرّي والجوّي، ومختلف مناطق أملاكها البحرية.



المادة 26



تمتنع الجزائر عن اللّجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسّيادة المشروعة للـشّعوب الأخرى وحرّيتها.

وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدّولية بالوسائل السّلميّة.



المادة 27



الجزائر متضامنة مع جميع الشعوب التي تكافح من أجل التحرّر السياسي والاقتصادي، والحقّ في تقرير المصير، وضدّ كلّ تمييز عنصري.



المادة 28



تعمل الجزائر من أجل دعم التعاون الدّولي، وتنمية العلاقات الودّية بين الدّول، على أساس المساواة، والمصلحة المتبادلة، وعدم التدخّل في الشؤون الدّاخلية. وتـتـبـنّى مبادئ ميثاق الأمم المتّحدة وأهدافه.



الفصل الرابع

الحـقــوق والحــرّيـات





المادة 29



كلّ المواطنين سواسية أمام القانون. ولا يمكن أن يتذرّع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد، أو العرق، أو الجِنس، أو الرّأي، أو أيّ شرط أو ظرف آخر، شخصي أو اجتماعي.



المادة 30



الجنسية الجزائرية، معرّفة بالقانون.



شروط اكتساب الجنسية الجزائرية، والاحتفاظ بها، أو فقدانها، أو إسقاطها، محدّدة بالقانون.



المادة 31



تستهدف المؤسسات ضمان مساواة كلّ المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات بإزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الإنسان، وتحول دون مشاركة الجميع الفعليّة في الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.



المادة 32



الحرّيات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن مضمونة.



وتكوِّن تراثا مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات، واجبهم أن ينقلوه من جيل إلى جيل كي يحافظوا على سلامته، وعدم انتهاك حرمته.



المادة 33



الدّفاع الفردي أو عن طريق الجمعية عن الحقوق الأساسيّة للإنسان وعن الحرّيات الفردية والجماعية، مضمون.



المادة 34



تضمن الدّولة عدم انتهاك حرمة الإنسان.



ويحظر أيّ عنف بدني أو معنوي أو أيّ مساس بالكرامة.



المادة 35



المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحرّيات وعلى كلّ ما يمسّ سلامة الإنسان البدنيّة والمعنويّة.



المادة 36



لا مساس بحرمة حريّة المعتقد، وحرمة حريّة الرّأي.



المادة 37



حرّية التجارة والصناعة مضمونة، وتمارس في إطار القانون.



المادة 38



حرّية الابتكار الفكري والفنّي والعلمي مضمونة للمواطن.



حقوق المؤلّف يحميها القانون.



لا يجوز حجز أي مطبوع أو تسجيل أو أية وسيلة أخرى من وسائل التّبليغ والإعلام إلاّ بمقتضى أمر قضائي.