الجمعة 15-5-2009م


الطبيعة تغضب.. ولغضبها علامات وإشارات فسرها البدائيون والقدماء أنها من الآلهة أو من نداءات السماء.. وتجلى هذا الغضب لهم في نشوب الحروب.. وفي الأوبئة.. وفي الزلازل والفيضانات وغير ذلك من المحن.

وها نحن في هذا الزمن وقد ورثنا كل مظاهر الغضب في الطبيعة لم نعد نسترضيها ونتوجه إليها بالتوسلات والصلوات بل أصبحنا نجرحها أكثر وأكثر, ونستثير غضبها بما أنجزناه من حضارة وتكنولوجيا تفوق كل خيال, فها هي هذه الحضارة وتلك التكنولوجيا تجرنا إلى عواقب الموت جماعيا وشموليا أكثر منه فرديا أو محدودا.. بل نفعل أكثر من ذلك ونحن نختلق الأمراض لكي نخترع لها الدواء.. ونستهتر بالطبيعة فلا نبالي بتلوث بحارها, أو فساد تربتها, أو تسمم هوائها إلى آخر تلك القائمة من المفسدات بل والمبيدات, بل نحن نقسرها على أن تقدم لنا ما نريده نحن لا ما تريده هي.. من لحوم غير مبرأة من الفساد.. ومن فاكهة في غير الأوان.. ومن محصولات حطمنا كل فرح لها في كل أوان, وها نحن ندمر أكثر مما نعمر.. ندمر بيوتا.. بل أحياء ومدن.. ونقتل لا مجموعة أو مجموعات بل شعوبا بأكملها.. ونطمح أن نزيلها من الوجود وكأنه لم يكن لها وجود, وها نحن نسخر الفضاء والسماء لمطالبنا في التواصل بين البشر في كل القارات.. بل نطلق المحطات الفضائية والأقمار الصناعية لا لازدهار الأرض والفرح الذي يجب أن يعمها بل للترصد, والتجسس, واقتحام الحدود بين بلاد وأخرى.. اتفقنا على هذه الحدود في أعقاب حروب متوالية.. واخترعنا منظمة لأمم متحدة لا متفرقة.‏

ونعود ونسأل: أين السبب ونحن يشملنا هذا الغضب؟ غضب ترتعد له أوصال البشرية وهي المهددة لا بالمرض والسقام بل بالكوارث العظام التي تفني البشر ولا تبقي ولا تذر.‏

ولعل كلا منا يحاول أن يقبض على السبب.. لكنها أسباب وأسباب يكاد يعجز عنها الحساب.‏

خطان متوازيان لا يلتقيان هما الإيمان بالإنسان ابناً للطبيعة أو هو لهذه الطبيعة العدو والشيطان.‏
__________________
أحمد أبو الزين إجازة بالحقوق
بريد الكتروني : z988223377@gmail.com