الحصانة البرلمانية ضمانة أساسية
لحرية تعبير النواب عن رأيهم (*)
للمستشار / ميلاد سيدهم
رئيس هيئة قضايا الدولة

مقدمة :

من المبادئ المقررة أن عضو البرلمان يمثل الأمة كلها ، ولا يقتصر
تمثيله علي الدائرة التي إنتخبته .

ولاشك أن عضو البرلمان قد يبدي رأيا لا يجد قبولا له لدي السلطة
التنفيذية ، أو يتخلي عن وعد قطعه علي نفسه لناخبيه فلا يرتضوا
منه ذلك ، أو يبدي رأيا يتعارض مع إتجاه حزب سياسي أو طيف
سياسي معين ، وعندئذ قد يكيد له هذا أو ذاك بإتهام معين ليثنيه عن
عزمه أو ليحول بإجراءات جنائية نتيجة هذا الإتهام دون مباشرة
نيابته ، خاصة وأن نيابة العضو عن حزبه أو دائرته نيابة قانونية
وليست وكالة إتفاقية علي الرأي المستقر الآن في الفقه الدستوري .

من هنا كانت الحاجة إلي وسيلة قانونية ترد عنه مثل هذا الكيد
حتي تتحقق حرية العضو في إبداء رأيه ، وهذه الوسيلة هي
الحصانة البرلمانية .

وهذا ما يعطي الموضوع أهمية بالغة في شأن حق عضو البرلمان
في إبداء رأيه بحرية تامة ، بدفع كيد الإتهام الجنائي الباطل عنه .

وجدير بنا أن نطرح هذا الموضوع في فصول ثلاثة :

الفصل الأول : نطاق الحصانة البرلمانية .

الفصل الثاني : الأثر القانوني للحصانة البرلمانية .

الفصل الثالث : ضمانة الحصانة البرلمانية لحرية رأي العضو .

الفصل الأول
نطاق الحصانة البرلمانية

وهنا يجب أن نوضح من تشملهم الحصانة البرلمانية ، وماهي الجرائم
التي تشملها هذه الحصانة ، ثم ماهو النطاق الزمني لهذه الحصانة .
وهذا ما نتناوله في مباحث ثلاثة :
المبحث الأول : النطاق الشخصي للحصانة البرلمانية .
المبحث الثاني : النطاق الموضوعي للحصانة البرلمانية .
المبحث الثالث : النطاق الزمني للحصانة البرلمانية .

المبحث الأول
النطاق الشخصي للحصانة البرلمانية

نصت المادة (99) من الدستور علي أنه " لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة إتخاذ أية إجراءات ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس – وفي غير دور إنعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس – ويخطر المجلس عند أول إنعقاد له بما إتخذ من إجراء " .

كما نصت المادة ‏( 205) من الدستور علي أن " تسري في شأن مجلس الشوري الأحكام الواردة بالدستور في
المواد ........... ، 99 ، ........... وذلك فيما لا يتعارض مع الأحكام الواردة في هذا الفصل ..... " إلخ .

ومفاد هذين النصين أن الحصانة البرلمانية تشمل أعضاء البرلمان المصري من المجلسين مجلس الشعب
ومجلس الشوري علي السواء بنص المادة (99) من الدستور بالنسبة لأعضاء مجلس الشوري .

وهو ما كان مقررا أيضا في النظام البرلماني المصري القديم الذي عرفه دستور 1923 ودستور
1930 .

وهو أيضا ما تأخذ به دساتير دول العالم التي تعرف نظام المجلسين .

ولأن النص – سواء في المادة (99) أو (205) معدلة من دستورنا
الحالي قد جاء عاما مطلقا بالنسبة لكل أعضاء المجلسين - مجلس
الشعب ومجلس الشوري – فإنه يسري أيضا حتي علي الأعضاء
الذين يعينهم رئيس الجمهورية في مجلس الشعب أو في مجلس
الشوري .

وهذا أيضا ما كان مقررا في ظل دستور 1923 ودستور 1930
فقد كانت الحصانة تسري علي أعضاء مجلس النواب ومجلس
الشيوخ المعينين والمنتخبين .

فالدستور لا يفرق بين العضو المنتخب والعضو المعين فكلاهما
ينوب عن الأمة كلها نيابة قانونية ، وليست وكالة إتفاقية تربطه
بمن إنتخبه أو مع من عينه إذا كان من المعينين .

المبحث الثاني
النطاق الموضوعي للحصانة البرلمانية

القاعدة العامة :

النص في المادة (99) من الدستور قاطع في أنه : " لا يجوز إتخاذ أية
إجراءات جنائية " وهو نص عام مطلق يشمل كل الإجراءات الجنائية،
سواء كانت في مخالفة أو جنحة أو جناية وهو كان كذلك في كل الدساتير
المصرية المتعاقبة ما عدا دستور 1930 بالنسبة للمخالفات ، ولم يسلم
النص الحالي من إنتقاد البعض لأنه يسري حتي في حالة المخالفات
وهي جرائم بحسب الجزاء الذي يوقع عليها ، تعد قليلة القيمة .

ولأن النص مطلق فهو يسري أيضا سواء حركت الدعوي الجنائية
من النيابة العامة أو بمعرفة أحد الأشخاص بطريق الجنحة المباشرة
في الجرائم التي يجوز فيها ذلك ، بل إن الحاجة تكون ألزم في حالة
رفع الدعوي الجنائية مباشرة من أحد الأفراد حيث قد يكون الكيد
فيها أوضح .

كما أن إطلاق النص يجعله يشمل كل إجراءات التحقيق ، سواء كانت بسبب ما يبديه من آراء أو التصويت في أداء أعماله البرلمانية أو تمثلت الإجراءات في القبض عليه أو إعتقاله أو السير في الإجراءات الجنائية ضده .

لكن هذا النص لا يمنع من إختصامه في دعوي جنائية كمسئول عن الحقوق المدنية
في جناية أو مخالفة قد تقع من تابع له أو من مشمول برقابته علي النحو المقرر قانونا
في هذا الشأن ، ذلك بأن الحصانة لا تمنع من أن يكون عضو البرلمان مدعيا أو مدعي
عليه في دعوي مدنية ، سواء كانت دعوي مستقلة بذاتها أو دعوي تابعة لدعوي جنائية
ضد أحد من تابعيه أو المشمولين برقابته .

الإستثناء : حالة التلبس بالجريمة :

إستثنت المادة (99) من الدستور ، من هذه الحصانة البرلمانية ، حالة التلبس
بقولها : " لا يجوز في غير حال التلبس بالجريمة إتخاذ أية إجراءات جنائية ."
، فأخرجت بذلك حالة التلبس من القاعدة العامة للحصانة البرلمانية ، فعضو
البرلمان الذي يضبط متلبسا بإرتكاب جريمة معينة لا يتمتع بأية حصانة
برلمانية ، ويكون شأنه شأن المواطن العادي ، ذلك بأن المشرع الدستوري
قد قدر أن قرينة الكيد التي تفترض لصالح عضو البرلمان تمكينا له من أداء
واجبه النيابي عن الأمة كلها ، بحرية رأي كاملة ، بإفتراض أن أي إتهام
جنائي قبل العضو ترجح بشأنه قرينة الكيد إلي أن يأذن البرلمان برفع
الحصانة عنه ، أما في حالة تلبس العضو بالجريمة فإن القرينة تكون
داحضة ومن ثم فلا يحتاج الأمر الرجوع إلي البرلمان لرفع الحصانة
عنه .

وبطبيعة الحال يرجع في شأن تحديد حالة التلبس وقيامها من عدمه
إلي القواعد العامة في قانون الإجراءات الجنائية وتفصل المحكمة
الجنائية حين تطرح الدعوي عليها في صحة قيامها من عدمه .
وكل الدساتير المصرية السابقة علي دستور 1971 أخذت بهذا
الإستثناء وهو أيضا ما جري به نص المادة (26) من الدستور
الفرنسي 1958 . وكل الدساتير التي أقرت الحصانة البرلمانية
ومنها دستور الأردن في المادة (86) ودستور الإمارات العربية
المتحدة في المادة (82) ودستور البحرين في المادة ( 89) وعبر
عن هذا الإستثناء بأنه " حالة الجوم المشهود " ودستور تونس
في المادة (27) ودستور الجزائر في المادة (111) والذي إستوجب
إخطار " مكتب المجلس الشعبي الوطني ، أو مكتب مجلس الأمة
حسب الحالة فورا " . وجعل للمكتب المخطر " أن يطلب إيقاف
المتابعة وإطلاق سراح النائب أو عضو مجلس الأمة ، علي أن
يعمل فيما بعد بأحكام المادة (110) التي قررت القاعدة العامة في
الحصانة التي قضت بأنه " لا يجوز الشروع في متابعة أي نائب
أو عضو مجلس الأمة بسبب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح
منه ، أو بإذن ، حسب الحالة ، من المجلس الشعبي الوطني أو
مجلس الأمة الذي يقرر رفع الحصانة عنه بأغلبية أعضائه " .


وأيضا دستور سوريا في المادة (67) منه وعبر عن حالة التلبس بأنها
" حالة الجرم المشهود " . ودستور الصومال في المادة ( 58) فقرة (4)
التي عبرت عنها " في حالات ضبطه متلبسا بإرتكاب جريمة يكون أمر
القبض فيها ملزما " ودستور العراق في المادة (61) وعبر عن الإستثناء
أيضا بأنه " ضبط متلبسا بالجرم المشهود في جناية " لأنه جعل الحصانة
حين يكون العضو " متهما بجناية ". والمادة (113) من دستور قطر التي أوجبت " إخطار المجلس بما إتخذ من إتخذ من إجراءات في حق العضو المخالف " والمادة (111) من دستور الكويت التي عبرت أيضا عن الإستثناء
بأنه عن " حالة الجرم المشهود " وأوجبت " إخطار المجلس " .

وإذا كان الدستور المصري لم يشترط الإخطار في حالة التلبس كما تطلبه
دستور الجزائر وقطر والكويت علي النحو المتقدم ، إلا أننا نري أن الإخطار
يكون من الملائم أن يتم في حالة التلبس ليكون البرلمان علي علم بما هو منسوب
إلي العضو خاصة وأنه قد يترتب علي ثبوت هذا الإتهام ما يؤثر علي إستمرار
عضويته ، وإذا كان هذا الإخطار قد جري العرف عملا علي إتباعه مع سائر
موظفي الدولة فإن ذلك يكون ألزم بالنسبة لعضو البرلمان مع ملاحظة أن
عدم الإخطار لا يترتب عليه ما يعيب إجراءات التحقيق أو المحاكمة .

المبحث الثالث
النطاق الزمني للحصانة البرلمانية

النص في المادة (99) من الدستور علي أنه : " لا يجوز في غير حالة
التلبس بالجريمة إتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا
بإذن سابق من المجلس – وفي غير دور إنعقاد المجلس يتعين أخذ إذن
رئيس المجلس – ويخطر المجلس عند أول إنعقاد له بما إتخذ من إجراء " .

وهنا يجب علينا أن نقف علي أمور ثلاثة ، الأول متي تبدأ الحصانة
البرلمانية وهل هي مرتبطة بإنعقاد المجلس أم أنها تظل قائمة أيضا
بين أدوار إنعقاده ، وهل هي تظل حتي إنتهاء مدة المجلس .

فأولا : متي تبدأ الحصانة البرلمانية :

وهذا السؤال يجاب عليه بسؤال آخر هو متي تبدأ عضوية البرلمان ،
والإجابة عن ذلك أن عضوية البرلمان تبدأ من وقت إعلان نتيجة
الإنتخاب الذي يتم علي النحو الذي أشارت إليه المادة (88) من
الدستور .

كما أن الحصانة تتوافر لأعضاء البرلمان المعينين من يوم صدور
القرار الجمهوري بذلك .

ولا يرتبط ذلك بأداء القسم المنصوص عليه في المادة (90) ولا
بالفصل في صحة عضوية العضو طبقا للمادة (93) من الدستور ،
ولقد أحالت المادة ( 205) من الدستور علي هذه النصوص المقررة
بالنسبة لمجلس الشعب لتسري أيضا بالنسبة لمجلس الشوري .

ثانيا : هل ترتبط الحصانة بدور الإنعقاد فقط :

أجابت عن هذا المادة (99) بقولها " .... وفي غير دور إنعقاد المجلس
يتعين أخذ إذن رئيس المجلس – ويخطر المجلس عند أول إنعقاد له
بما أتخذ من إجراء " .

ومن هذا يتضح أن الحصانة تظل قائمة للعضو حتي في غير دور
إنعقاد المجلس بالنص الصريح علي ذلك ويجعل الإذن بشأنها لرئيس
المجلس فيما وبين أدوار الإنعقاد " .وذلك من شأنه أن يجعل العضو متمتعا بالحصانة حتي فيما بين أدوار إنعقاد المجلس .

ثالثا : هل تظل الحصانة حتي تنتهي مدة المجلس :

مؤدي نص المادة (99) من الدستور أن الحصانة تظل قائمة للعضو طوال
مدة بقاء المجلس وهي خمس سنوات وفقا للمادة(92) ولا تنتهي إلا بحل
المجلس طبقا للمادة (126) أو بسقوط عضوية العضو بصدور قرار إسقاط
عضويته من مجلس الشعب عملا بالمادة (96) أو بقبول إستقالته من مجلس
الشعب علي النحو الموضح بالمادة ( 97) من الدستور .

فتزول الحصانة عن العضو .

وهذا أيضا يسري علي عضو مجلس الشوري طبقا للمادة ( 205) من
الدستور سالفة البيان ، وإعمالا للقواعد العامة ، فالحصانة تدوم مع قيام
عضوية البرلمان وجودا وعدما .


الفصل الثاني
الأثر القانوني للحصانة البرلمانية

يبين من نص المادة (99) من الدستور أن الحصانة البرلمانية تحول
دون إتخاذ " أية إجراءات جنائية " ضد العضو إلا بإذن " مجلس الشعب"
أو مجلس الشوري حسب الأحوال ، وبالتالي فهي تنصرف إلي إجراءات
التحقيق والمحاكمة الجنائية ، ولا شأن لها بالدعاوي المدنية ولا تمنع من
قيام المسئولية الجنائية أو المدنية .

فأولا : الحصانة تحول دون إتخاذ إجراءات جنائية :

فيمتنع معها إتخاذ إجراءات التحقيق من ضبط وقبض وتفتيش وتحقيق ،
فضلا عن تحريك الدعوي الجنائية ، سواء من قبل النيابة العامة أو من
قبل أي شخص أو فرد بطريق الجنحة المباشرة ، ففي جميع الأحوال لا
يجوز في غير حالة التلبس إتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو البرلمان
إلا بإذن سابق من المجلس الذي يتبعه .


وإذا إتخذ أي إجراء من هذه الإجراءات – في غير حالة التلبس – فإنه
يقع باطلا لا ينتج أثرا قانونيا يعتد به ، وإذا أقيمت الدعوي ضد العضو
دون إذن المجلس يحكم بعدم قبولها ، وهو أمر يتعلق بالنظام العام إلي
الحد الذي نصت معه الائحة الداخلية لمجلس الشعب علي أنه : " ليس
للعضو أن ينزل عن الحصانة دون إذن المجلس ...... " ( المادة 361
من اللائحة ) .


وثانيا : الحصانة لا تمنع من إتخاذ إجراءات مدنية ضد العضو :

إذا كانت الحصانة تمنع من إتخاذ إجراءات جنائية خشية أن تتخذ سبيلا لمنع العضو عن ممارسة مهام نيابته عن الأمة كلها ، فإن الدعاوي المدنية التي توجه إليه أو ما يسبقها من إنذارات أو إجراءات تحفظية كالحجز التحفظي
أو فرض الحراسة علي الأموال أو غيرها ، هذه كلها لا تشملها الحصانة ولا تمنع من إتخاذها ضد العضو وهذا
ما نصت عليه كافة الدساتير التي أقرت بقيام الحصانة البرلمانية .

فيمكن عن ذات الفعل الجنائي المنسوب إلي العضو والذي قد لا يأذن البرلمان برفع الحصانة عنه بالنسبة له ،
يمكن أن تؤسس عليه دعوي مدنية بالتعويض ، كما يمكن أن يكون العضو مدعي عليه في دعوي مدنية نتيجة
علاقات مدنية لا شأن لها بأي جريمة جنائية .


ثالثا : الحصانة أيضا لا تعفي من المسئولية الجنائية ويمكن أن
تظل قائمة في إنتظار الإذن برفعها أو بزوالها لأي من أسباب
زوال الحصانة علي النحو السابق بيانه :

وهي علي ذلك لا تعفي من المسئولية الجنائية علي خلاف الجرائم التي تقع من
العضو داخل المجلس عما يبديه من أفكار وآراء في أداء أعماله في المجلس أو
في لجانه فإن المادة (98) من الدستور قد أوجدت له سبب إباحة يعفيه من
المسئولية بقولها " لا يؤاخذ أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار
والآراء في أداء أعمالهم في المجلس أو في لجانه " وهو سبب يسري أيضا
بالنسبة إلي عضو مجلس الشوري بنص المادة ( 205) من الدستور بالإحالة
عليه .


والحصانة البرلمانية إذ لا تعفي من المسئولية الجنائية فإن الإتهام يظل يلاحق
العضو بعد إنتهاء عضويته بالمجلس بأحد الإتهامات التي لم يتم رفع الحصانة
بالنسبة لها ما لم تكن قد سقطت الدعوي الجنائية عنها بالتقادم .


رابعا : لقد عنيت اللائحة الداخلية لمجلس الشعب بالإجراءات الواجب
إتباعها بشأن طلب الإذن برفع الحصانة عن العضو :

جاء ذلك في المواد من 359 حتي 363 والتي يهمنا منها ما يلي :

1- أن الطلب برفع الحصانة يقدم من وزير العدل ، أو ممن يرفع دعوي
مباشرة ضد العضو أمام المحاكم الجنائية ويرفق بالطلب أوراق القضية
المطلوب إتخاذ إجراء فيها ، كما يتعين علي من يريد رفع دعوي مباشرة
أن يرفق صورة من عريضة الدعوي المزمع رفعها مع المستندات المؤيدة
لها .

2- يحيل الرئيس الطلب ومرفقاته إلي لجنة الشئون الدستورية والتشريعية
وله إحالته في ذات الوقت إلي لجنة القيم لبحثه وإبداء الرأي فيه للجنة
المذكورة . ويجب علي لجنة الشئون الدستورية والتشريعية إعداد
تقريرها بشأن طلب رفع الحصانة خلال خمسة عشر يوما علي
الأكثر من تاريخ إحالة الأوراق إليها .

3- لا تنظر اللجنة أو المجلس في توافر الأدلة أو عدم توافرها إنما
يقتصر البحث علي عدم كيدية الإدعاء أو الإجراء والتحقق مما
إذا كان يقصد بأي منها منع العضو من أداء مسئوليته البرلمانية بالمجلس من عدمه . ويؤذن دائما بإتخاذ الإجراءات الجنائية أو برفع الدعوي الجنائية متي ثبت أن الدعوي أو الإجراء ليس مقصودا بأي منهما
منع العضو من أداء مسئوليته البرلمانية بالمجلس .

خامسا : هل تمتد الحصانة البرلمانية ضد الإجراءات الإدارية
والتأديبية لعضو البرلمان الموظف بالحكومة أو القطاع العام :

الأصل أن الحصانة الجنائية لا تمتد إلي التحقيق أو الجزاء الإداري الذي قد ينال
الموظف بالحكومة أو القطاع العام عضو البرلمان وذلك طبقا لنص الحصانة من
الإجراءات الجنائية ، إلا أن مجلس الشعب قد حصن في لائحته الداخلية عضو
المجلس العامل في الجهاز الإداري للدولة أو بالقطاع العام وما في حكمه من
الفصل بغير الطريق التأديبي ، كما نص في ذات اللائحة علي أنه لا يجوز
إتخاذ أية إجراءات تأديبية ضده أو الإستمرار فيها إلا بعد موافقة المجلس
وذلك بنص المادة 362 من اللائحة ، ونهج علي ذات النهج في فحص الإذن
الذي جري عليه بالنسبة للناحية الجنائية .

وبذلك فإن مجلس الشعب رفع النقد الذي وجه إلي قاعدة السماح بالجمع بين
الوظيفة وعضوية مجلس الشعب طبقا وفي الحدود التي سمحت بها المادة
(89) من الدستور ، من القول بأن العضو يكون تحت تأثير الجهة التي
يعمل بها ، كما أن نص الدستور جعل الأصل هو التفرغ للعمل البرلماني
مع إحتفاظ العضو بوظيفته ، حتي لا يحرم الموظف الذي يري في نفسه
الكفاءة للترشيح والنيابة من ذلك .


الفصل الثالث
الحصانة البرلمانية
ضمان حرية إبداء العضو لرأيه بالمجلس

تضمن الحصانة البرلمانية لعضو البرلمان حرية إبداء رأيه بالمجلس
ومباشرة كافة أعماله البرلمانية بما في ذلك كافة وسائل الرقابة دون
أن يهاب أحدا أو يمنعه عن ذلك إجراء كيدي ،يأتيه سواء من السلطة
التنفيذية أو من أحد المواطنين بما في ذلك ناخبيه ، أو جهة عمله إذا
كان موظفا بأجهزة الدولة أو القطاع العام .

فأولا : بالنسبة لتأثير السلطة التنفيذية :

فإن بعض النواب في ممارسة أعمالهم البرلمانية يسببون بلا شك قلقا
للسلطة التنفيذية أو للحكومة ، فلا يكون لها من سبيل عليهم ، بأي إتهام
كيدي يمكن أن يوجه لهم ، أو بإجراءات تحقيق قد تعطلهم عن أداء
مهامهم البرلمانية خاصة في الحالات التي يكون فيها العضو مقبلا علي
توجيه إستجواب أو التصويت علي قرار قد لا ترضي الحكومة عنه
أو حتي عند التصويت علي قرار بسحب الثقة وهو أبلغ ما يمكن أن
يوجه لأحد الوزراء .
وثانيا : بالنسبة لتأثير المواطنين والحزب عليه :

فقد يتبني العضو وجهة نظر لا ترضي حزبا من الأحزاب أو طيفا أو تيارا سياسيا نتيجة آرائه مما قد يؤدي إلي إتهامه إتهاما يراد به الكيد له بما قد يستلزمه من إجراء تحقيق جنائي يعطل العضو عن أداء عمله البرلماني .

كما أن عضو البرلمان حين رشح نفسه إلتزم أمام دائرته بوعود معينة أو
قطع علي نفسه إخلاصا لمبادئ حزبية محددة ، ثم وجد نفسه داخل البرلمان
وقد تبين له الرشد من الغي أنه لا يصح أن يفي بما إلتزم به ، وهنا قد يدبر له
ناخبوه من المكائد ما يحول بينه وبين ذلك الأداء الوطني أو القومي الصحيح
فعندئذ تكون الحصانة هي ملاذه الآمن من شرهم وضمانته الأساسية للتعبير
عن رأي يراه صالحا لوطنه .

وثالثا : بالنسبة للجهاز الإداري أو القطاع العام الذي يعمل به :

وحتي لا تجد الجهة التي يعمل بها – سواء من تلقاء نفسها أو خدمة لجهة أعلي
منها – أن تتهمه إتهاما يحقق مسئوليته الإدارية ، حتي عن وقائع سابقة علي
ترشيحه ، يكون من شأنه إثنائه عن عزمه ، أو تعطيله عن أداء رسالته البرلمانية
فإن الحصانة التي أنشأها له مجلس الشعب في لائحته الداخلية تكفيه شر إتهام هذه
الجهة له وتحرره من ضغطها عليه حتي يؤدي أعماله البرلمانية في حرية وطمأنينة .

ومن هنا فإن الحصانة البرلمانية من شأنها أن تكفل لعضو البرلمان حرية التعبير
عن رأيه وعن أدائه البرلماني مقدما الصالح العام لوطنه علي ما يقدر هو عدم
ملاءمته .

وبذلك يتحقق لعضو البرلمان ما كفله الدستور لكافة المواطنين من أن " الحرية
الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس ......." " المادة (41) " كما تكون
حرية الرأي مكفولة " المادة (47) " له شأن كافة المواطنين ، وحتي تكون أيضا
" سيادة القانون أساس الحكم في الدولة " المادة (64) " .