رأي الجمهور في التوبة كسبب من اسباب اسقاط العقوبه
________
اولا التوبة هي رجوع العبد إلى الله ومفارقته لصراط المغضوب عليهم والضالين ، وذلك لا يحصل إلا بهداية الله إلى الصراط المستقيم ، ولا تحصل هدايته إلا بإعانته وتوحيده وقد ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (يا أيها الناس ! توبوا إلى الله ، فو الله ، إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)
توبة القاذف:
حد القذف لا يسقط بالتوبة المجردةو اتفق الفقهاء على أمرين:
الأول: لا أثر للتوبة في العقوبة المقررة.
الثاني: أنها مؤثرة في اعتباره فاسقاً: فإذا تاب تنزع منه صفة الفسق.
وأول من طبقت عليهم عقوبة القذف الذين رموا السيدة عائشة أم المؤمنين بالإفك فبرأها الله بقرآن يتلى، وعاقب الرسول صلى الله عليه وسلم من رموها بالإفك بعد البهتان الذي أشاعه رأس النفاق ابن سلول.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنْ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ* لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ* وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ* يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [سورة النور
توبه المحارب:
واتفاقهم على أن المحارب إذا تاب قبل قدرة السلطات عليه فإن توبته تسقط حد الحرابة والدليل على ذللك قوله تعالى: ‏{‏إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم‏}
التوبة في سائر الحدود الأخرى ففيها خلاف بين الفقهاء هل لها أثر في إسقاط الحد أم لا؟ ولكن الرأي الراجح القائل بعدم سقوط العقوبة بالتوبة في غير الحرابة لورود النص في المحارب ولا يصح قياس غير الحرابة عليه للفرق، وبينا أن التوبة لا تسقط القصاص عن من وجب عليه لأنه حق للآدمي، وحق الآدمي لا يسقط بمجرد التوبة فلا يسقط إلا بالاستيفاء أو الإسقاط من صاحب الحق أو من ممثله