التعسف في استعمال الحق – التعسف في استعمال الحق لا يخرج عن إحدى صورتين إما بالخروج عن حدود الرخصة أو الخروج عن حدود الحق، ففي استعمال الحقوق كما في إتيان الرخص يجب عدم الانحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي – أساس ذلك.
المحكمة:-
وحيث أن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أقام قضاءه بنفي خطأ المطعون ضده في سحب العمل من المقاول بأنه استعمل حقه إستعمالاً مشروعاً لتأخير المقاول في تنفيذ العمل وإخطاره رسمياً بضرورة سرعة إنجازه وتقديم برنامج زمني للتنفيذ مهدداً إياه بسحب العمل منه ثم أخطره بالحضور لحصر الأعمال التي قام بتنفيذها إعمالاً لحقه المنصوص عليه بعقد المقاولة في حين أنه تمسك بأن المطعون ضده تعسف في استعمال حقه في سحب العمل مدللاً على ذلك بما جاء بتقرير الخبير من أن الطاعن أخطر المطعون ضده عقب تسلمه موقع العمل بوجود معوقات أدت إلى تعطل العمل أكثر من ثلاثة عشر شهراً مثل هطول الأمطار لفترة طويلة ووجود فتحات تحتاج إلى مواسير خرسانية تأخر الأهالي في إحضارها ووجود خط مياه شرب أسفل الطريق المراد رصفه وإنشاء خط مياه جديد بجانب الطريق ووجود أعمدة تليفونات وكهرباء بوسط الطريق لم يتم إزالتها حتى نهاية سنة 1983 وقد أخطر المطعون ضده الجهات الإدارية بهذه المعوقات لإزالتها غير أنه لم يبذل جهداً لإزالتها ولم يضف مدة أخرى إلى مدة العقد مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن مفاد نص المادة الخامسة من القانون المدني أن المشرع اعتبر نظرية استعمال الحق من المبادئ الأساسية التي تنظم جميع نواحي وفروع القانون والتعسف في استعمال الحق لا يخرج عن إحدى صورتين إما بالخروج عن حدود الرخصة أو الخروج عن حدود الحق، ففي استعمال الحقوق كما في إتيان الرخص يجب عدم الانحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي وأنه ولئن كان تقدير التعسف والغلو في استعمال الحق هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من إطلاقات قاضى الموضوع ومتروك لتقديره يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مرهون بأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها – لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على ما قرره أن المطعون ضده استعمل حقه في سحب العملية المكلف بها الطاعن استعمالاً مشروعاً باعثه حماية المال العام مستنداً في ذلك إلى بنود عقد المقاولة التي أجازت له ذلك إذا ما تأخر المقاول أو توقف عن تنفيذ العقد بعد استلامه للطريق بموجب محضر تسليم أقر فيه بخلو الطريق محله من جميع العوائق والعقبات دون أن يواجه دفاع الطاعن في شأن عدم مشروعية عمل المطعون ضده وعدم مناسبة المصالح التي يرمى إلى تحقيقها مع الضرر الذي لحق بالطاعن ودلل على ذلك بما أورده الخبير المنتدب في الدعوى في تقريره من أن أسباب تأخر الطاعن في تنفيذ عقد المقاولة يرجع إلى وجود معوقات في التنفيذ خارجة عن إرادته مثل هطول الأمطار لفترة طويلة ووجود خط مياه شرب أسفل الطريق المراد رصفه وإنشاء خط مياه شرب جديد بجانب الطريق وأعمدة تليفونات وكهرباء بمنتصف الطريق لم يتم إزالتها حتى نهاية سنة 1983 ووجود فتحات تحتاج إلى مواسير خرسانية تأخر الأهالي في إحضارها وقد أخطر المقاول الجهة الإدارية بوجود هذه المعوقات التي أخطرت الجهات المختصة بإزالتها والتي تسببت في تأخير التنفيذ ثلاثة عشر شهراً وأن الجهة الإدارية لم تبذل جهداً لإزالتها ولم تضف مدة إلى مدة العقد وهو دفاع جوهري يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى وتحجب المحكمة عن تمحيص ما جاء بتقرير الخبير فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
(نقض مدني – الطعن رقم 4033 لسنة 65 ق – جلسة 21/11/2006)