السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأي الجمهور بوجه عام والجنابلة بوجه خاص حول أثر التوبة في اسقاط الحدود :.

اتفق الفقهاء على أن الحدود إذا رفعت إلى ولي الأمر أو نائبه القاضي ثم تاب المتهم عن جريمته بعد ذلك لم يسقط الحد عنه بل يجب إقامة الحد عليه سواء كان قاطع طريق أم لصاً أم زانياً أم قاذفاً أو خلافهم فلا يجوز تعطيل الحدود لا بعفو ولا شفاعة لأن الجريمة تمس مصلحة الجماعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب)!
وقد اتفق الفقهاء على قبول توبة الجاني (قاطع الطريق) قبل قدرة السلطان عليه ودليلهم على ذلك صريح قوله تعالى: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله عفو رحيم}.

وأما ما عدا ذلك من الحدود فثمة خلاف بين الفقهاء في مدى تأثير التوبة قبل القدرة، فذهب بعض الحنابلة إلى أن التوبة لها أثر عام يسري على كافة الحدود ولا يقتصر على الحرابة فهؤلاء يرون أن غرض العقوبة يكمن أساساً في إصلاح الجاني قبل ردع غيره! وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه}، ومع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حد الغامدية وماعز رغم إظهارهما لتوبتهما فيما تمثل ذلك في اعترافهما، علماً بأن آية الجلد للزانين لم تستثن من العقوبة من تاب منها؟ فإن النص القرآني سالف الذكر واضح ولكن من الضرورة بمكان التمييز بين العقوبة الحدية والتعزيرية لأن التوبة في الجرائم التي تمس حق الله والتي تمس الحق الخاص بالأفراد لا تسقط العقوبة لأن إسقاطها من شأنه أن يؤدي إلى تعطيل من الناحية العملية لإقامة الحدود وسوف يلجأ كل جان بادعائه التوبة متخذاً منها ذريعة لإفلاته من العقاب! أما التوبة في العقوبة التعزيرية فإذا كان التعزير حقاً لله تعالى كما من باشر امرأة أجنبية دون جماع كعناق وخلوة بها ونحوها فيسقط بالتوبة، كما يسقط بعفو القاضي.
وأما إذا كان التعزير حقاً للإنسان كالشتم في حقه أو السب والضرب بغير حق فلا يسقط بالتوبة كما لا يسقط بعفو القاضي إلا أن يصفح المعتدى عليه! فالحقوق الشخصية لا تسقط إلا إذا أسقطها أصحابها لأن حقوق الآدميين لا تسقط بالتوبة ما لم ترد المظالم لأصحابها.


من مقالة بعنوان : رأي في الأنظمة : مسقطات العقوبة، موقع http://www.alriyadh.com
، بقلم زامل شبيب الركاض

الطالبة: ابتهال الصمان
الرقم التسلسلي: 19