[align=justify]
رابعاً- العودة إلى مشاركة القطاع الخاص
بدأت هذه المرحلة مع اتساع مساهمة القطاع الخاص في البنية الأساسية في مرحلة الثمانينات وذلك في مختلف قطاعات البنية الأساسية كالصرف الصحي، الطاقة الكهربائية، المياه، النقل، الاتصالات…، وترجع جذور الخصخصة (Privatization) إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت عملية إعادة الهيكلة في السبعينات وما تلاها من الخبرات في عملية الخصخصة التي تشكلت لدى بريطانيا وتشيلي ونيوزيلندة والتي تمت خلال الثمانينات.
ومنذ عام 1984 وحتى سبتمبر (أيلول) 1995 قامت 86 دولة بخصخصة 547 شركة للبنية الأساسية وكذلك مشاركة القطاع الخاص في تمويل 574 مشروعاً جديداً للبنية الأساسية في حوالي 82 دولة. وبلغت قيمة ما تّم خصخصته 357 بليون دولار أمريكي، كما أنّ القطاع الخاص ساهم في تمويل مشروعات جديدة للبنية الأساسية بقيمة 308 بلايين دولار أمريكي مما يعني استثمارات سنوية من القطاع الخاص تساوي 60 بليون دولار. هذا ويتوقع استمرار هذا الاتجاه في تمويل مشروعات البنية الأساسية وزيادته وربما مضاعفته مع بداية القرن الجديد.
وكأنّ مراحل تمويل البنية الأساسية تدور في حلقة مستمرة للتأميم الخصخصة.
وتعد الترتيبات التعاقدية لمشروع البوت ترتيبات معقدة تشارك فيها حكومة الدولة المضيفة، وشركة المشروع وهو الاسم الذي يُطلق على الكيان الذي يشكله المستثمر الخاص لتنفيذ المشروع، وتقوم بتوفير التمويل اللازم للمشروع، والمموّلون الذين يقومون بتقديم القروض لشركة المشروع بضمان اتفاقية المشروع وآلات ومعدات شركة المشروع، والعنصر الأهم هو العائد الذي سيحققه المشروع من خلال بيع الخدمة التي ينتجها المشروع للمستهلك، وشركة التشييد (المقاول) والذي يتولى تنفيذ أعمال التشييد في المشروع.
ويتضمن نظام البناء والتشغيل والنقل (البوت) مجموعة من الترتيبات التعاقدية، وهي:
1- اتفاقية تنفيذ المشروع (اتفاقية المشروع)، ويتم توقيعها بين الحكومة أو إحدى وزاراتها وشركة المشروع.
2- اتفاقيات خاصة مع هيئات حكومية، وتبرم هذه الاتفاقيات بين شركة المشروع من جهة وبين بعض الهيئات الحكومية المرتبطة بالمشروع، وتهدف إلى إتمام اتفاقية تنفيذ المشروع، وتختلف هذه الاتفاقيات باختلاف المشروع، ومن هذه الاتفاقيات مثلاً، في مشروعات محطات الطاقة الكهربائية: اتفاقية شراء الطاقة، واتفاقية توريد الوقود، واتفاقية حق الانتفاع بالأرض.
3- اتفاقية اتحاد الشركات (الكونسورتيوم Consortium)، وتتم بين مجموعة الشركات المتحدة لتنفيذ المشروع عبر تكوين شركة المشروع.
4- عقود التمويل، بين شركة المشروع ومصادر التمويل المختلفة.
5- عقد التشييد، ويتم توقيعه بين شركة المشروع وشركة التشييد أو المقاول.
6- عقد توريد المعدات، ويتم توقيعه بين شركة المشروع ومورد الآلات والمعدات، ويمكن أن يكون هذا العقد متضمناً في عقد التشييد نفسه.
7- عقود أخرى، مثل عقود التشغيل والصيانة، وعقود التأمين، والضمانات.

4- فوائد وعيوب استخدام نظام البوت
يحقق استخدام نظام البوت لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية فوائد كبيرة للحكومة، إلا أنّه ليس الحل المثالي لمشكلة مشروعات البنية الأساسية، وعلى الحكومة أن تتبنى سياسة واضحة فيما يتعلق بنوعية المشروعات التي يمكن أن تنفذ عن طريق هذا النظام والمشروعات التي سيتم تنفيذها باستخدام أسلوب التمويل العادي الذي تتولى فيه الحكومة تمويل المشروع من مواردها الخاصة أو من القروض التي تضمنها.
ويمكن إجمال فوائد استخدام نظام البوت للحكومة في الفوائد التالية:
- استخدام القطاع الخاص في تمويل المشروع يؤدي إلى كسب مورد جديد للحكومة وبالتالي يؤدي إلى خفض الإنفاق والاقتراض الحكومي.
- يمكن هذا النظام الحكومة من تنفيذ المشروعات التي كانت تؤجلها حتى توفر التمويل اللازم.
- يؤدي استخدام القطاع الخاص في تنفيذ هذه المشروعات إلى تحقيق الابتكار وتقليل الهدر وخفض تكاليف المشروع وزيادة كفاءة التشغيل.
- تحصل الحكومة على مشروع جاهز ومتكامل في نهاية فترة الامتياز دون تحمل أية أعباء.
- يُعطي تمويل المشروع من قبل هيئات التمويل الدولية للحكومة مؤشراً هاماً فيما يتعلق بالجدوى الاقتصادية للمشروع.
- يمكن استخدام نظام البوت في الإسهام في نقل التكنولوجيا إلى بلد المشروع وفي تدريب الكوادر المحلية.
- يبقى مشروع البوت من الناحية الاستراتيجية تحت نظر الحكومة ويتم توجيهه لخدمة الصالح العام.
- قيام المنافسة بين الهيئات العامة القائمة التي تقدم نفس الخدمة، وبين المشروع يؤدي إلى زيادة كفاءة هذه الهيئات وإنتاجيتها.
- يعطي أسلوب البوت للحكومة وسيلة عملية يمكن استخدامها في برامج الخصخصة التي تتبعها معظم دول العالم اليوم.
أما عيوب هذا النظام فيمكن حصرها في النقطتين التاليتين:
- بالرغم من الفائدة التي يحققها مشروع البوت بالتخفيف من أعباء الضرائب على مستخدمي المشروع، فإنّ النفقات التي يتكبدها هؤلاء والمتمثلة في الإنفاق مقابل الخدمة التي يقدمها المشروع قد تتجاوز ما يحققه المشروع من وفر وخاصةً على المدى البعيد.
- تراجع سيطرة الحكومة على مراحل المشروع المختلفة، وبالتالي عدم التأكد من مطابقة المشروع للمعايير والكودات المحلية بالنسبة للتصاميم والمواصفات والعمالة.
[/align]