صفر الجامعات
بعد الخروج من لائحة أفضل 200 جامعة:
صفر جديد في مونديال الجامعات .. مسئولية من؟!!
د.علي عبدالرحمن: ميزانية جامعة القاهرة مليار جنيه سنويا.. ولا تكفي

أحمد مجاهد
استمرارا لحالة التردي في مستوي التعليم العالي خرجت جامعاتنا من تصنيف أفضل 200 جامعة أو حتي 500 جامعة علي مستوي العالم وفقا لاخر تصنيف لصحيفة "التايمز" لأفضل مؤسسات التعليم العالي في العالم وهو ما يطرح التساؤلات ويثير الجدل حول تراجع مستوي التعليم العالي في مصر والذي يكشف عن تدني أحوال الجامعات المصرية وعجزها عن القيام بوظائفها الأساسية التعليمية والبحثية وخدمة المجتمع وهو ما يؤكد وجود قصور في العملية التعليمية والتي من الواضح أنها لا تعتمد علي أي معايير علي الاطلاق وضعف ميزانية البحث العلمي الذي انحصر دوره في بحوث الترقية فقط.. وحتي الآن معظم جامعاتنا لم تحصل علي اعتماد الهيئة القومية للجودة وهي هيئة مصرية "بالمناسبة"!!
يقول د.شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب: نحن دائما ننشغل ونفكر كل عام في تصنيف أفضل 200 جامعة. وأفضل 500 جامعة. ولا ننسي أن جامعة القاهرة حصلت علي المركز 405 في التصنيف قبل الماضي. ويجب الا ننشغل بهذه التصنيفات كثيرا. وان ننظر لكيفية اصلاح حال الجامعات. لأن هناك خللا في بعض الأمور. وفي نهاية الأمر نتمني أن تكون جامعاتنا في المقدمة.
وأكد عمر أن السبب الرئيسي لخروجنا من تصنيف أفضل 200 جامعة يرجع لضعف التمويل. وهو يعتبر أهم عائق أمامنا. وحتي التعليم ما قبل الجامعي يواجه نفس المشكلة. لأن معظم الميزانية تذهب لغرض الوظائف والأجور. لذلك هدفنا في الوقت الحالي ليس المنافسة في مسابقة والحصول علي مركز متقدم. ولكن أن نرتفع بمستوي الجامعات أولا.
هيكلة التعليم
ويضيف د.فاروق اسماعيل رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري أن المعايير العالمية التي تطبق في تقييم جامعاتنا. غير متوافرة عندنا. من حيث عدد الطلاب والذي بلغ في جامعة القاهرة 250 ألف طالب. المعامل. الأبحاث المنشورة. نوع المجلات. استخدام التكنولوجيا الحديثة. بالإضافة إلي الحصول علي جائزة نوبل سواء من أساتذة الجامعات أو الخريجين. ومن ضمن شروط الحصول علي نوبل زيارة اسرائيل والتعاون مع علمائها. فكيف سنجتاز هذا التقييم؟ بهذه الشروط لن ندخل التصنيف حتي ولو بعد عشر سنوات قادمة.
ويري اسماعيل أنه ليس أمامنا في الوقت الحالي سوي الاهتمام برفع مستوي جودة التعليم. حتي يستطيع خريج الجامعة أن يحصل علي عمل. وفي نفس الوقت نضع استراتيجية لتطبيق هذه المعايير علي جامعاتنا. ولابد أن نقيس تكلفة الطالب عندنا في مصر مقارنة بأوربا. لأنها تعكس لأي درجة مدي الاهتمام بالبحث العلمي. لذلك أطالب بإعادة هيكلة التعليم الجامعي والبحث العلمي. وأن يكون التعليم في مقدمة اهتمامات الدولة لمدة 15 سنة علي الأقل.
ميزانية مستقلة
ويؤكد د.علي عبدالرحمن رئيس جامعة القاهرة السابق ان معظم هذه التصنيفات تخضع للمعايير العالمية للجامعات. والتي تعتمد علي أقل عدد للطلاب داخل الجامعات. وبالتالي هذا يؤثر سلبا علي نتيجة ودرجة الجامعة في المعايير العالمية. وجامعاتنا تعتمد بالدرجة الأولي علي أولا التعليم. وثانيا توفير مقاعد بالجامعات للاعداد الكبيرة لخريجي المرحلة الثانوية. وثالثا البحوث العلمية. ولكن المعايير العالمية تعتمد بالدرجة الأولي علي البحوث والدوريات الأجنبية. وعدد البحوث التي تنتجها الجامعة.
وأضاف عبدالرحمن أن جامعة القاهرة تضم 13.600 ألف من أعضاء هيئة التدريس. ومع ذلك كانت كلية العلوم والمعهد القومي للأورام أحسن جهازين في جامعة القاهرة من حيث تقديم الأبحاث. ويليهم معهد الليزر. وهناك بعض الكليات مثل تجارة. اداب. وحقوق بها كثافة عالية سواء من أعضاء هيئة التدريس أو عدد الطلاب. وفي الوقت نفسه مستوي البحوث قليل جدا مقارنة بعدد الطلاب والأساتذة.
وطالب عبدالرحمن بتقسيم جامعة القاهرة إلي جامعتين. جامعة تمنح بكالوريوس وليسانس. والاخري تمنح ماجستير ودكتوراة. ولكل منهما ميزانية مستقلة. وان يكون هناك أستاذ محاضر يختص بالمحاضرات. وأستاذ باحث جدوله البحوث فقط أو ان ننشيء كلية للدراسات العليا في جامعة القاهرة تختص بالدراسات العلمية والبحوث. وان يكون لها ميزانية مستقلة لا تشمل أجور أعضاء هيئة التدريس. لأن ميزانية جامعة القاهرة مليار جنيه سنويا. معظمها يذهب أجوراً. والباقي نسبة بسيطة لا تكفي لعمل أي شيء.
نشرات علمية
ويقول د.عبدالحي عبيد رئيس جامعة حلوان السابق: إن التصنيفات أصبحت كثيرة. وكل تصنيف له شروط معينة. لابد من تحقيقها حتي تدخل التصنيف. وعندنا نشرات علمية موجودة في الدوريات الأجنبية. والكل يسعي الي نشر الأبحاث. من أول جامعة جنوب الوادي حتي مرسي مطروح. ولكن هناك بعض الدوريات يكون النشر فيها صعبا جدا. ويأخذ وقتاً طويلاً. ولو نظرنا لأي مؤتمر عالمي بالخارج. سوف نجد أن هناك مصريين مشتركين به. وهناك أساتذة مصريون يقومون بالتدريس في الجامعات بالخارج. مثلا في كندا يوجد ثلاثة رؤساء جامعات مصريون.
وأوضح عبيد أن اللوم لا يقع علي الجامعة وحدها. لأنه لابد من تعاون المجتمع كله. حتي نستطيع أن نتقدم. ونتغلب علي أي عوائق تواجهنا. مثلا معظم أعضاء هيئة التدريس عندنا. عندما يحصلون علي درجة أستاذ. لا يقدمون أي أبحاث. ونحن طالبنا في مؤتمر الحزب الوطني الأخير من خلال لجنة التعليم بزيادة الدعم المادي لما يصرف علي التعليم العالي الي 6% لمدة 15 سنة. حتي نستطيع أن نستوفي المعايير العالمية. ولا نكون خارج التصنيف.
خدمة المجتمع
وأكد د.حسن نذير رئيس جامعة الاسكندرية السابق علي اننا لم ندخل أساسا التصنيف لكي نخرج منه. ولم ندخل سوي مرة واحدة. عن طريق جامعة القاهرة. عندما حصلت علي المركز 405 ضمن أفضل 500 جامعة. ودخلنا وقتها لسبب بسيط. وهو حصول ثلاثة من خريجها علي جائزة نوبل.
وطالب نذير بزيادة ميزانية البحث العلمي في الجامعات. فميزانية جامعة مثل هارفارد وهي الأولي في التصنيف علي مستوي العالم. تساوي ميزانية مصر بالكامل. ومعظم التصنيفات التي تصدر الآن تركز علي الأبحاث العلمية. ولا توجد عندنا شركات أو مؤسسات تطلب أبحاثا من الجامعة أو تقوم مثلا بتبرع لايجاد علاج لمرض السرطان. وجميع التبرعات التي تحصل عليها الجامعة لمركز خدمة المجتمع. وليس البحث العلمي. وهذا يرجع إلي ثقافة مجتمع بأكمله الذي لا يعترف بضرورة البحث العلمي والدولة قامت بانشاء صناديق تطوير في مختلف المجالات. لكي نستطيع أن نصرف علي البحث العلمي. ولكن هذا غير كاف. وعندما نجد من يمول هذه الأبحاث سوف نتقدم.
مسألة وقت
ويري د.عباس منصور رئيس جامعة جنوب الوادي انه يجب الا ننظر للأمر علي مجرد الدخول والخروج من التصنيف. لأن كل تصنيف له شروط معينة. وهذه الشروط لاتنطبق علي الجامعات المصرية. مثل مدي مشاركة الجامعات في الدوريات الأجنبية. وكم واحد من خريجيها تقلدوا مناصب مهمة في المجتمع. لذلك لا يوجد وجه مقارنة. ولكن الان هناك حراك علي مستوي الجامعات. وبدأنا في برامج التطوير. وتطبيق الجودة. وتنمية المجتمع. منذ ثلاث سنوات. وأصبح هناك بطاقة تقييم أداء لكل الجامعة. من أعضاء هيئة التدريس. والطلاب. والمنشآت. ومعامل. وهناك أكثر من جهة نعتمد عليها في التمويل. ونسعي لتوقيع عقد توأمة مع جامعة كبيرة في القريب العاجل. وهناك أيضا اتفاقيات تعاون.
أضاف منصور أن جامعة جنوب الوادي دخلت التصنيف السويسري. وقمنا بتقييم أنفسنا. وكانت هذه أول محاولة بالنسبة لنا. لنري شروط هذا التصنيف. وحصلنا علي 50% كمرحلة أولي. وأنا أعتقد أنها مسألة وقت. وسوف نجد جميع جامعاتنا داخل التصنيف. لأننا لو بدأنا نحاول منذ فترة. كنا نجحنا في الحصول علي مركز متقدم في التصنيف الدولي. وأكبر مثال علي ذلك المصريون الذين يعملون بالخارج وتفوقوا. وهم خريجو جامعاتنا.
الوضع العام
وأشارت د.نجوي كامل وكيل كلية الاعلام جامعة القاهرة الي ضرورة عدم وضع الجامعات المصرية في مقارنة مع الجامعات العالمية التي تتصدر التصنيف. خصوصا في ظل الزيادة في اعداد الطلاب التي توزع علي الكليات كل عام. فعدد الطلاب بكلية التجارة يمثل دولة. أما بالنسبة لمستوي البحوث. فهناك بحوث تنشر في المجلات العلمية. ولكنها قليلة مقارنة بعدد الأساتذة الذين يقومون بالتدريس. ولا ننسي أن كليات العلوم الاجتماعية و الانسانية. تقدم أبحاثها باللغة العربية. وبالتالي سوف تستبعد من النشر في الدوريات الأجنبية. وظروف الأساتذة فيما يتعلق برواتبهم الضعيفة التي يحصلون عليها. ونتيجة لذلك جزء كبير منهم لا يشارك بأبحاث. ومعظمهم أساتذة غير متفرغون للبحث العلمي. وبالتالي امكانيات البحث العلمي تتأثر بالوضع العام. والا لماذا العقل المصري يبدع في الخارج؟!
وطالبت نجوي بأن يكون هناك أساتذة متفرغين تماما للبحث العلمي. وان نعمل علي تقليل اعداد الطلاب بالجامعات. وإيفاد بعثات للخارج باستمرار. وتأهيل أساتذة الجامعات. وفي النهاية يجب الا ننشغل بخروجنا من التصنيف. لأن ظروفنا لا تسمح لنا بتطبيق المعايير الدولية. ونركز علي تسليح الخريجين باحتياجات سوق العمل.
اللغات الأجنبية
كشفت د.سوسن الطوخي مستشار لجنة التعليم بمجلس الشعب عن أسباب خروج مصر من مونديال الجامعات العالمي لأكثر من مرة بسبب غياب التعامل مع اللغات الأجنبية في الأبحاث والتقارير. وأصبحنا لا نتعامل مع العالم سوي باللغة العربية فقط. بالاضافة إلي تراجع الميزانيات المخصصة للبحث العلمي قياسا بالدول الأخري.
وأوضحت سوسن أن مصر تمتلك أعضاء هيئات تدريس علي أعلي مستوي في العالم. وكذلك مناهج متطورة. ولكن الوصول للتعليم العالمي يتطلب عدة اجراءات في مقدمتها تحطيم الروتين المتمثل في أساليب العمل الموجودة في التعليم الجامعي. وزيادة مخصصات الأبحاث. وفتح قنوات اتصال مع الجامعات العالمية. مثل جامعة كامبردج التي لها ميزانية تعادل ميزانيات الجامعات المصرية كلها.