* مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية:
92 ـ المبدأ : مناط مسئولية جهة الإدارة عن القرارات الإدارية التي تصدرها :
ـ تقدير التعويض المستحق للمضرور هو من إطلاقات محكمة الموضوع - بحسب ما تراه - مستهدية فى ذلك بكافة الظروف والملابسات فى الدعوى :


تطبيق : " من حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية التى تصدرها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع بسبب عيب لحقه من عيوب عدم المشروعية المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فركن الخطأ يتمثل فى صدور قرار من الإدارة بالمخالفة للقانون، وركن الضرر يقصد به الأذى المادى أو الأدبى الذى يلحق صاحب الشأن من جراء صدور القرار، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر تؤكد وتفيد أنه لولا الخطأ المنسوب للإدارة ما تحقق الضرر على النحو الذى حدث به, ويجب على المضرور أن يبين عناصر الضرر المادى والأدبى التى يطالب على أساسها بالتعويض ويقــع على عاتقه عبء إثبــات حجم الأضرار التى حاقت به.

ومن حيث إنه لا وجه لما ذهبت إليه الجهة الإدارية الطاعنة من القول بانتفاء ركن الخطأ فى جانب الإدارة بدعوى أن القرارين المطعون فيهما قد صدرا مشروعين فى ظل العمل بأحكام المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى وأن العبرة عند بحث مشروعية القرار الإداري بوقت صدوره لا بما يطرأ عليه بعد ذلك وذلك على النحو الوارد بتقرير طعنها رقم 3437 لسنة 36 ق.عليا ذلك أن واقعاً قانونياً قد تكشف منشؤه وقوامه الحكم الذى أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 56 لسنة 6ق. دستورية بجلسة 21/6/1986 ويقضى بعدم دستورية المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى – والتى كانت تقضى بأنه لا يجوز الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو الأنشطة السياسية – لكل من اشترك فى قيادة الأحزاب أو إدارتها وذلك قبل 23 يوليو سنة 1952 ما عدا الحزب الوطنى والحزب الاشتراكى، ومتى كان ذلك وكان الأصل فى الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة، إذ هى لا تستحدث جديداً ولا تنشئ مراكز أو أوضاعاً لم تكن موجودة من قبل، بل إنها تكشف عن حكم الدستور أو القانون الأمر الذى يستتبع أن يكون للحكم بعدم الدستورية أثر رجعى كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة، فضلاً عن أن نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا، قضى بعدم جواز تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم بعدم الدستورية فى الجريدة الرسمية، ومن ثم بات متعيناً على قاضى الموضوع - إعمالاً لهذا النص - ألا ينزل حكم القانون المقضى بعدم دستوريته على المنازعة المطروحة عليه.

ومن حيث إنه بالترتيب على ما نشأ من واقع قانونى كشف عنه حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه يكون القراران المطعون فيهما الصادران من المدعى العام الاشتراكى بتاريخ 12/6/1978 بحرمان مورثى الطاعنين فى الطعن رقم 3373 لسنة 36ق.عليا من الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو الأنشطة السياسية تطبيقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 سالف الذكر – وهما القراران موضوع النزاع الماثل – قد افتقدا السند القانونى الذى مصدره نص تشريعى قضى بعدم دستوريته مما يصم هذين القرارين بعدم المشروعية الأمر الذى يتحقق به ركن الخطأ فى المسئولية الإدارية الذى يستوجب مسئولية جهة الإدارة عن تعويض الضرر المترتب عنهما.

ومن حيث إنه لا محاجة فيما ذهب إليه الطاعنان فى الطعن رقم 3373 لسنة 36ق. عليا من أن محكمة أول درجة أجحفت بحقوق مورثيهما بتقديرها للتعويض المستحق لهما عن الأضرار التى أصابتهما من جراء القرارين المطعون فيهما بمبلغ خمسين ألف جنيه – ذلك أنه طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن تقدير التعويض المستحق للمضرور متى استقامت أركان المسئولية الإدارية هو من إطلاقات محكمة الموضوع - بحسب ما تراه - مستهدية فى ذلك بكافة الظروف والملابسات فى الدعوى , بحسبان أن تقدير التعويض- متى قامت أسبابه - من مسائل الواقع التى تستقل بها، لأنه لا يوجد فى القانون نص يلزمها باتباع معايير معينة، وعليها وهى تقدر التعويض أن تزن بميزان القانون ما يقدم إليها من أدلة وبيانات عن قيام الضرر وعناصره، فإذا ما صدر حكمها محيطاً بكافة عناصر الضرر الناتج عن خطأ جهة الإدارة، شاملاً ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب، فإنها تكون قد أصابت صحيح حكم القانون فيما انتهت إليه من تقدير قيمة التعويض، وبغير معقب عليها فيما هو متروك لتقديرها ووزنها لمدى الضرر وقيمة التعويض الجابر، مادام هذا التقدير سائغاً ومستمداً من أصول مادية تنتجه ومردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التى يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه وكانت الأسباب التى استندت إليها فى شأن تقدير التعويض كافية لحمل قضائها.

ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، وكان الثابت أن الحكم الطعين قد قضى بالتعويض المستحق لمورثى الطاعنين الذى رآه جابراً للأضرار التى أصابتهما من جراء حرمانهما من الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو الأنشطة السياسية نتيجة صدور القرارين المطعون فيهما، وكان هذا التعويض مناسباً للفترة التى عاشاها محرومين من المشاركة فى الحياة العامة ومباشرة حقوقهما السياسية ومتكافئاً مع الأضرار التى أصابتهما نتيجة هذا العدوان الصارخ و الافتئات السافر من جانب جهة الإدارة على حقوقهما السياسية التى كفلها الدستور، ولم يقدم الطاعنان ثمة دليلاً على وجود أضرار أخرى لم يتم جبرها، كما لم يتضمن تقرير طعنهما أى وجه من أوجه الضرر لم يكن مطروحاً على محكمة أول درجة، فضلاً عن أنه لم يثبت بالأدلة القاطعة أن هناك ضررًا لحقهما يقتضى تعويضهما بمبلغ أكبر من مبلغ التعويض المقضى به.

ولما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد جاء صحيحاً فيما قضى به وبنى على أسباب كافية لحمل قضائه وقد التزم صحيح حكم القانون ولم يَشٌبْه خطأ أو عوار يفسده وأن ما ساقه كل طاعن من أوجه نعى فى تقرير طعنه لا تنال من سلامة الحكم المطعون فيه ولم يستند إلى أوجه دفاع جديدة فى جوهرها عما قدمه أمام محكمة أول درجة بما يمكن معه إجابته إليه ومن ثم يكون الطعن على هذا الحكم فى غير محله جديراً بالرفض ، الأمر الذى تؤيد معه هذه المحكمة الحكم الطعين فى النتيجة التى انتهى إليها وللأسباب التى قام عليها وتحيل إلى ما جاء فيه سواء فى بيان وقائع الدعوى أو فى الأسباب التى قام عليها، وتعتبرها أسباباً لحكمها.

(الطعنين رقمي 3373 و 3437 لسنة 36 ق . عليا ـ جلسة 10/1/2004 م – الدائرة الأولى)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــ


* توصيــل مرافــــق :
93 ـ المبدأ : صلاحية العقار لتوصيل المرافق الخاصة بالإنارة والمياه والصرف الصحى وكونه غير آيل للسقوط حتى وإن كان يستلزم الصيانة والترميم هو مناط توصيل تلك المرافق :


تطبيق : من حيث إن الثابت فى يقين المحكمة من مطالعة مستندات الدعوى أن قرار الإزالة الصادر بتاريخ 19/6/1986 قد تضمن إزالة العقار الكائن بحارة لطفى المتفرعة من شارع البلدية ملك مصطفى إبراهيم أحمد لطف , ولم يكن مورث الطاعن طرفا فى هذا القــرار , هذا فضلاً عما أثبته الخبير المنتدب فى الدعوى فى تقـريره المؤرخ فى 8/10/1994 من أن العقار موضوع الدعوى صالح لتوصيل المرافق الخاصة بالإنارة والمياه والصرف الصحى وأنه غير آيل للسقوط , ويستلزم الصيانة والترميم الأمر الذى يغدو معه القرار السلبى بالامتناع عن توصيل هذه المرافق لمنزل مورث الطاعن قد صدر بالمخالفة للقانون متعينا القضاء بإلغائه , مع ما يترتب على ذلك من الآثار .

( الطعن رقم 9836 لسنة 46 ق . عليا ـ جلسة 28/2/2004 م – الدائرة الأولى )


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــ


* تخصيص وحدة سكنية :
94 ـ المبدأ : إخفــاء واقعـــة جوهرية من شأنها أن تؤثر في استحقاق الوحدة السكنية وتجعل القرار فاقداً لشرط صحته ـ أثر ذلك ـ جواز سحبه في أي وقت دون التقُّد بميعاد :


تطبيق : " ومن حيث أنه وقد أخفى المطعون ضده عن الجهة الإدارية حقيقة تملكه لعقار من والده ومن ثلاثة أدوار بالخانكة ، ومن ثم فإن قرار تخصيص وحدة سكنية له يكون فاقداً لشرط صحته لإخفاء المطعون ضده لواقعة جوهرية تؤثر في استحقاقه للوحدة السكنية وكان من شأن إظهار تلك الواقعة حجب هذه الوحــــدة عنه حتماً ومن ثم يكون قرار التخصيص وقد صدر بناء على غش فلا تلحقه حصانة ويجوز للجهة الإدارية سحبه وفي أي وقت دون التقيد بميعاد بحيث يكون القرار الصادر باسترداد الشقة التي خصصت للمطعون ضده قد قام على سبب صحيح قانوناً ويكون طلب وقف التنفيذ غير قائم بحسب الظاهر من الأوراق على أساس سليم من القانون ومن ثم جديراً بالرفض ."

( يراجع في هذا المعنى حكمها في الطعن رقم 1681 لسنة 43 ق0عليا والصادر بجلسة 13/2/2000م )


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
ــ


* تخصيص أمـــــــلاك دولة :
95 ـ المبدأ : ميعاد الطعن في القرار الإداري بعد تقديم التظلم :
ـ دفع مقدم الثمن لشراء أراضي الدولة لا يمنع الجهة الإدارية من تخصيصها :


ومن حيث إن المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 قد حددت ميعاد رفع الدعوى بطلب إلغاء القرار الإداري بأنه ستون يوماً من تاريخ نشر القرار أو إعلان صاحب الشأن به ، وجعلت التظلم من القرار المطعون فيه قاطعاً لميعاد رفــع الدعوى إلى أن يبت في التظلم أو ينقضي الميعاد المقرر للبت فيه دون أن تجيب عليه جهة الإدارة بالقبول أو الرفض ، فإذا ما تظلم صاحب الشأن خـــلال الميعاد المقرر وهو ستون يوماً من تاريخ علمه بالقرار ، ومضت المدة المقررة للبت في التظلم – وهي ستون يوماً من تاريخ تقديمه – دون الرد على التظلم من قبل جهة الإدارة ، امتد ميعاد رفــع الدعوى بطلب إلغاء القرار المتظلم منه ليصبح مائة وعشرين يوماً من تاريخ التظلم .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه – وهو قرار محافظ البحيرة رقم 428 لسنة 1995 بأيلولة قطعة الأرض محل النزاع لمديرية التربية والتعليم لإقامة مدرسة ثانوية زراعية عليها – صدر بتاريخ 29/4/1995 ، وأن الطاعنين قرروا أنهم علموا به – حسبما جاء بصحيفة دعواهم – في 1/6/1995 ، وتظلموا منه إلى محافظ البحيرة في 3/6/1995 بموجب التظلم المرسل عن طريق مكتب بريد دمنهور الرئيسي برقم 1065 ، وقد تم استلام هذا التظلم من الجهة المرسل إليها في 5/6/1995 وفقاً لما جاء بالإيصال والمظروف المودعين حافظة مستندات الطاعنين المقدمة أمام هذه المحكمة والتي لم تعقب عليها جهة الإدارة ، ومن ثم فإنه يحق للطاعنين إقامة الدعوى بطلب إلغاء القرار المطعون فيه حتى أوائل شهر أكتوبر 1995 ، وإذ أقام الطاعنون دعواهم الماثلة بتاريخ 28/9/1995 فإنها تكون قد أقيمت خلال الميعاد المقرر قانوناً ، ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً .

وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد ، فإنه يكون قد أخفق في قضائه ولم يصادف صحيح حكم القانون ، مما يتعين معه الحكم بإلغائه .

ولا ينال من ذلك أن تكون حافظة المستندات المشار إليها لم تودع بالدعوى أو لم تكن تحت نظر محكمة القضاء الإداري ، ذلك أن الثابت من عريضة الدعوى أن المدعين (الطاعنين) قد ذكروا صراحة أنهم بادروا إلى التظلم من القرار المطعون فيه بعد أن علموا به في أول يونيه عام 1995 ، وقدمـوا صورة هـذا التظلـم ضمن حـافظة مستنداتهم المقـدمة إلى هيئة مفوضي الدولة ، كما أشاروا في مذكرة دفاعهم المقدمة إلى المحكمة بجلسة 16/3/1998 أنهم أرسلوا التظلم عن طريق البريد ، كما أشار الحكم المطعون فـيه إلى ذلك صـراحـة فـي أسبـابـه ، مما كان يتعيـن معـه على محكـمة أول درجـة – تحقيقاً لدفاع الطاعنين – أن تكلفهم بتقديم الدليل على ما يفيد صحة التظلم وألا تأخذ بإنكار جهة الإدارة له إلا بعد أن يعجز المدعون عن تقديم هذا الدليل ، إلا أضحى حكمها معيباً مستوجب الإلغاء .

ومن حيث إن الطعن مهيأ للفصل في موضوعه .

ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على أحكام المادتين 874 &970 من القانون المدني ، أن المشرع قد نص على أن الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة ، وأنه لا يجوز تملك هذه الأراضي أو وضع اليد عليها إلا بترخيص من الدولة وفقاً للوائح ، كما لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص العامة أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم ، وأنه يحظر التعدي على تلك الأموال وإلا كان للوزير المختص حق إزالته إدارياً ، كما يبين أيضاً من استقراء أحكام القوانين أرقام 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجيـر العقارات المملوكـة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها و 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية و 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة ، أن المشرع قد نظم بموجب هذه التشريعات إجراءات وقواعد إدارة أملاك الدولة الخاصة واستغلالها وكيفية التصرف فيها سواء بالبيع أو الإيجار أو التوزيع أو غيرها من الوسائل المنصوص عليها في هذه التشريعات ، كما أحاط تلك الأملاك بسياج قوي من الحماية القانونية يضمن عدم التعدي عليها أو غصبها ، إذ حظر على أي شخص طبيعي أو معنوي أن يحوز أو يضع يده بأية صفة كانت على العقارات الداخلة في ملكية الدولة الخاصة إلا وفقاً لأحكام هذه القوانين ، ونص على أنه مع مراعاة ما تقضي به المادة 970 من القانون المدني يقع باطلاً كل تصرف أو تقرير لأي حق عيني أو تأجير يتم بالمخالفة لأحكام هذه القوانين ، ولا يجوز شهره وأجاز لكل ذي شأن أن يطلب الحكم بهذا البطلان ، بل أوجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يدفع بالبطلان أحد من الخصوم .

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطّرد على أن وضع اليد على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة ، يجب أن يستوي على سند من القانون يدرأ عنه صفة التعدي ، بأن يخول صاحبه حق بسط يده عليها أو حيازته لها ، مثل عقد بيع ولو ابتدائياً أو عقد إيجار بها ، وأنه لا يكفي في مقام هذا السند القانوني لوضع اليد المشروع مجرد وجود إرهاصات تعاقد أو اتخاذ إجراءات ممهدة له من قبل أن تتوج بعقد يخول وضع اليد ، حتى ولو شكلت هذه المقدمات وعداً بالتعاقد ، وذلك لصراحة نص المادة 102 من القانون المدني على أن الوعد بالتعاقد لا يقوم مقام العقد الموعود بإبرامه إلا بمقتضى حكم حائز لقوة الشيء المقضي به .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق وما ورد بدفاع الجهة الإدارية المطعون ضدها ولم يدحضه الطاعنون ، أن أرض النزاع هي من الأملاك الأميرية للدولة ( الوحدة المحلية لقـرية أبـو الشقـاف مركز حوش عـيسى بمحافـظة البحيرة ) وكانت تستغـل كمطار زراعي لرش القطن حتى عام 1985 ، وأن الطاعنين لم يقدموا ما يفيد أن وضع يدهم على هذه الأرض كان نتيجة لعقد بيع أو عقد إيجار مبرم بينهم وبين الجهة المالكة لهذه الأرض ، بل على العكس تبين أن ما قام به بعض المختصين بمنطقة فرهاش الزراعية التابعة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية من الشروع في بيع الأرض محل التداعي ، كان محل تحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 980 لسنة 1986 والتي انتهت فيها النيابة إلى إدانة هؤلاء المختصين عما نسب إليهم من مخالفات في هذا الصدد ، وأوصت بوقف إجراءات البيع ، كما تبين أن الطاعنين سبق أن أقاموا الدعوى المدنية رقم 956 لسنة 1986 أمام محكمة دمنهور الابتدائية لمنع تعرض الجهة الإدارية لهم في حيازتهم للأرض موضوع النزاع ، وبتاريخ 7/11/1990 قضت المحكمة المذكورة بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن أرض النزاع مملوكة للدولة ولا يجوز وضع اليد عليها أو اكتساب ملكيتها بمضي المدة (التقادم) ، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بشطب الاستئناف المرفوع عليه وعدم تجديده .

ومـن حيث إنـه ترتيبـاً على ذلك ، فـإن مـا تضمنـه القـرار المطعـون فيه – وهو قرار محافظ البحيرة رقم 428 لسنة 1995 – من تخصيص الأرض محل النزاع لوزارة التربية والتعليم لإقامة مدرسة ثانوية زراعية عليها ، لا يكون والحالة هذه قد مس أي حق أو مركز قانوني ثابت للطاعنين على تلك الأرض في تاريخ صدور القرار المذكور ، ومن ثم يكون ما نعاه الطاعنون على هذا القرار من مخـالفـة للـقانـون - لأنـه تعرض لأرض مملوكـة لـهـم – بلا سنـد مـن الـواقـع أو القانون ، مما يضحى معه طلب إلغـاء هـذا القـرار فاقداً لسنده القانوني خليقاً بالرفض .

وجدير بالذكر أنه لا محاجة فيما قدمه الطاعنون من مستندات تمثلت في صور إيصالات سداد بعض مبالغ على ذمة مقدم ثمن شراء الأرض المتنازع عليها أو المصاريف الإدارية ، ومكاتبات صادرة عن مراقبة شمال البحيرة للتعاونيات التابعة للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بشأن بيع الأرض لواضعي اليد عليها ، وبطاقات بالحيازة الزراعية ، وكشوف ومحاضر تفيد وضع يد الطاعنين على أرض النزاع ، ذلك أن دلالة هذه المستندات لا تخرج عن كونها حاملة لوقائع وإجراءات تمهيدية سابقة على التعاقد وهي بذلك لا تنتج أي أثر قانوني يحتج به في مواجهة الإدارة ما لم تتوج بعقد أو قرار نهائي بالبيع عند توافر شروطه في الطاعنين ، بل إن تقديم الطاعنين لهذه المستندات ينطوي على إقرار ضمني منهم بملكية الجهة الإدارية – دونهم – لأرض النزاع مما لا وجه معه لمنازعتها في التصرف في هذه الأرض سواء بالبيع أو التخصيص للغير كما هو الشأن في الحالة الماثلة .

( الطعن رقم 2417 لسنة 43 ق . عليا ـ جلسة 13/12/2003م – الدائرة الأولى