نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 5 من أبريل 1975.
برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمد عبد الوهاب خليل وعادل عزيز زخارى نائبى رئيس المحكمة ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر محمد عطية والدكتور محمد منير العصرة وطه أحمد أبو الخير. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 8 لسنة 5 قضائية عليا " تنازع ".
الوقائع

تتحصل “الوقائع” على ما يبين من الأوراق – فى أن الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية أقامت الدعوى رقم 480 لسنة1970 أمام محكمة دسوق الجزئية تطلب إلزام ورثة محمد يوسف فراويلة بأداء مبلغ 12 جنيه و150 مليم قيمة المستحق بعد فسخ عقد تركيب واستعمال "تليفون" فقضت محكمة دسوق الجزئية فى 12 أكتوبر سنة 1970 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى،وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى تأسيسا على أن العقد موضوع الدعوى عقد إدارى وبتاريخ 18 من فبراير سنة1974 قضت المحكمة الإدارية بطنطا بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن القضاء الإدارى مستقر على أن عقد اشتراك التليفون تحكم روابطه قواعد القانون الخاص.
وبتاريخ 26 من مايو سنة 1974 أودعت إدارة قضايا الحكومة – عن الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية- قلم كتاب هذه المحكمة عريضة بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظر الدعوى، بعد أن تخلت جهتا القضاء العادى والإدارى عن الفصل فيها.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً انتهت فيه إلى أنها ترى اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى.
ونظرت الدعوى بجلسة أول مارس سنة 1975 على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجأت الحكم فى الدعوى لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم الآتي:
"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن المدعية تستند فى طلب تعيين الجهة المختصة بنظر الدعوى إلى قيام تنازع سلبى على الاختصاص بين جهة القضاء العادى وجهة القضاء الإدارى بعد أن تخلت كلتاهما عن نظر الدعوى ذات الموضوع الواحد.
ومن حيث إن مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص السلبى أمام المحكمة العليا طبقاً للفقرة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 والفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970، وعلى ما استقر عليه قضاء المحكمة – أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهة القضاء العادي، وأمام جهة القضاء الإداري، أو أية هيئة أخرى ذات اختصاص قضائي، وأمام جهة قضاء أخرى أو هيئة ذات اختصاص قضائى وتتخلى كلتاهما عنها.
ومن حيث إن جهة القضاء العادى (محكمة دسوق الجزئية) قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، تأسيساً على أن أحد طرفى العقد شخص معنوى عام (مصلحة التليفونات) وأن العقد يتصل بمرفق عام هو مرفق المواصلات السلكية واللاسلكية، وأنه ينطوى على شرط غير مألوف فى روابط القانون الخاص إذ يتضمن البند التاسع عشر منه النص على سريان أى تعديل تدخله مصلحة التليفونات على قيمة الاشتراك أو الأجور الأخرى بالنسبة للاشتراكات السارية وانتهت المحكمة إلى أن جهة القضاء الإدارى هى الجهة المختصة بنظر الدعوى.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية بطنطا – قضت هى الأخرى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى بقولة أن القضاء الإدارى مستقر على أن عقد اشتراك التليفون الذى تبرمه هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية مع المشتركين هو عقد مدنى وتعتبر الروابط بين طرفيه من الروابط المدنية التى تحكمها قواعد القانون الخاص وفضلاً عن ذلك فإن هذا العقد وإن كان أحد طرفيه من أشخاص القانون العام إلا أنه لا يتعلق بتسيير مرفق عام، ويتم التعاقد بمقتضاه لإشباع حاجة خاصة للمشترك ومن ثم فإن الفصل فى المنازعات المتعلقة به تدخل فى ولاية القضاء العادى دون القضاء الإداري.
ومن حيث إنه يتبين من “الوقائع” المتقدمة أن المنازعة قائمة بين الطرفين حول فسخ عقد اشتراك التليفون وقد طرحت أمام جهة القضاء العادى – محكمة دسوق الجزئية – وجهة القضاء الإدارى – المحكمة الإدارية بطنطا – وقد تخلت كلتا الجهتين عن نظر هذا الموضوع الواحد، بما يشكل إحدى حالات التنازع السلبي.
ومن حيث إن كلاً من حكمى جهة القضاء العادى وجهة القضاء الإداري، قد أقام قضاءه بعدم الاختصاص ولائياً بنظر الدعوى على أساس تكييفه لطبيعة العلاقة الناشئة عن عقد اشتراك التليفون، وهل هو عقد مدنى تختص بالفصل فى منازعاته جهة القضاء العادى أم أنه عقد إدارى تحكم منازعاته جهة القضاء الإداري؟.
ومن حيث إن يتعين للفصل فى الدعوى تحديد التكييف القانونى الصحيح للعقد الذى ينظم العلاقة بين الطرفين – وهل هو عقد مدنى ينظم علاقة مدنية بين الطرفين. ومن ثم تختص بنظر الدعوى جهة القضاء العادى أم أنه عقد إدارى يثير منازعة إدارية مما يختص بالفصل فيها جهة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه يتعين لاعتبار العقد عقداً إدارياً أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً وأن يكون تعاقده بوصفه سلطة عامة وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية التى تتميز بانتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استئنافية غير مألوفة فى روابط القانون الخاص.
ومن حيث إن العقد مثار النزاع بين الطرفين قد أبرم بين مورث المدعى عليهم وبين الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية وهى مرفق اقتصادى بقصد الإفادة من خدمة المرفق المذكور الخاصة بالاتصالات التليفونية أى لتحقيق خدمة خاصة للمشترك وليست له أى صلة بنشاط المرفق أو بتسييره وتنظيمه. ومن ثم فهو يخضع للأصل المقرر فى شأن العقود التى تنظم العلاقة بين المرافق الاقتصادية وبين المنتفعين بخدماتها باعتبارها من روابط القانون الخاص لانتفاء مقومات العقود الإدارية وخصائصها المتقدم ذكرها بالنسبة إليها.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن العقد سالف الذكر عقد مدنى ينظم علاقة مدنية بين الهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية ومورث المدعى عليهم ولا يؤثر فى هذا النظر ما تضمنه هذا العقد من شروط استثنائية قد يختلط الأمر بينها وبين الشروط الاستثنائية التى يتميز بها أسلوب القانون العام فى العقود الإدارية، ذلك أن تلك الشروط مألوفة فى نوع خاص من العقود المدنية وهو عقود الإذعان، وقد نظمها القانون المدنى بنصوص تكفل دفع أضرارها عن الطرف الضعيف فى التعاقد فأجاز للقاضى إعفاء هذا الطرف من تنفيذها كما أجاز له تعديلها إذا كانت شروطاً تعسفية، وأخيراً حظر تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان تفسيراً ضاراً بمصلحة الطرف المذعن.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن المنازعة بين طرفى الدعوى منازعة مدنية ثارت بشأن عقد مدني. ومن ثم تكون جهة القضاء العادى هى المختصة بنظرها والفصل فيها دون جهة القضاء الإداري.
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى.