نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة العليا


بالجلسة العلنية المنعقدة أول مارس سنة 1975م.
برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمد عبد الوهاب خليل وعمر حافظ شريف نائبى رئيس المحكمة ومحمد بهجت عتيبة وأبو بكر عطية والدكتور محمد منير العصرة وطه أحمد أبو الخير. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ مفوض الدولة
وحضور السيد/ سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 4 لسنة 5 قضائية عليا " تنازع ".
"الوقائع"

تقدم رفلة عبيد الغرباوى إلى هذه المحكمة بعريضة أودعت فى 29 من يناير سنة 1974 يطلب فيها تحديد جهة القضاء المختصة بنظر موضوع بطلان قرار وزير الاقتصاد الصادر فى 28 من مارس سنة 1973 بالإذن برفع الدعوى الجنائية ضد المدعى وآخرين وذلك فى القضية رقم 230 لسنة1973 جنح شئون مالية القاهرة، مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد أسس المدعى دعواه على أن النيابة اتهمته مع المتهمين الآخرين فى هذه القضية بارتكاب جرائم مقاصة واستيراد بدون تحويل عملة مما يقع تحت طائلة القوانين رقم 80 لسنة 1947، 9 لسنة 1959 و 95 لسنة 1963، ثم استصدرت النيابة من وزير الاقتصاد إذناً برفع الدعوى الجنائية ضدهم رغم عدم استكمال التحقيقات ودون عرض الأمر على خبراء النقد بوزارة الاقتصاد أسوة بما هو متبع فى كافة قضايا مخالفة قوانين النقد، مما دفع ذلك أحد المتهمين فى القضية المشار إليها – وهو المتهم الثانى صادق حنا غبور – إلى إقامة الدعوى رقم 816 لسنة 27 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بإلغاء قرار وزير الاقتصاد برفع الدعوى الجنائية لما شابه من عيوب وما اعتوره من بطلان، وقد تداولت هذه الدعوى بالجلسات أمام هذه المحكمة حتى حدد لنظرها أخيراً جلسة 19 من فبراير سنة 1974، وفى ذات الوقت دفع المتهم السادس وهو أيلى جورج سياج ببطلان ذات القرار الصادر من وزير الاقتصاد أمام محكمة جنح الشئون المالية المنظورة أمامها الدعوى وذلك بجلسة 15 من يناير سنة 1974.
ويبين مما تقدم أن موضوع الدفع المقدم إلى محكمة جنح الشئون المالية هو بذاته موضوع الدعوى المرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري؛ وأن كلتا الجهتين القضائيتين قد مضت فى نظر ذات الموضوع ولم تتخل عنه مما ينشئ حالة من التنازع الإيجابى على الاختصاص مما تختص المحكمة العليا بالفصل فيه عملاً بالفقرة الرابعة من المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا.
وبجلسة 2 من مايو سنة 1974 "تحضير" حضر صادق حنا غبور ومحمد أحمد الدح المتهمان فى قضية الجنحة بوكيل عنهما وطلبا قبول تدخلهما منضمين للمدعى الأصلى رفلة عبيد الغرباوى فى طلباته، وقدم صورة رسمية من القرار الصادر من محكمة القاهرة للجرائم المالية والتجارية بجلسة 29 من يناير سنة 1974 والذى تضمن فى أسبابه ما يفيد إصرار المحكمة على اختصاصها وحدها دون القضاء الإدارى بالنظر فى صحة الإذن الصادر من وزير الاقتصاد بإقامة الدعوى الجنائية المطروحة عليها، وانتهت منه على ذلك إلى التقرير باستمرار المرافعة بجلسة 12 من فبراير سنة 1974 مع ضم الدفوع المقدمة من المتهمين إلى الموضوع ليصدر فيها جميعاً حكم واحد،فلما طعن فى هذا القرار بطريق الاستئناف، قضت المحكمة الاستئنافية فى 16 من مارس سنة 1974 بعدم جواز الاستئناف تأسيساً على أن القرار المطعون عليه ليس فاصلاً فى الموضوع.
وباستطلاع رأى النيابة العامة فى دعوى المدعى وطالبى التدخل أودعت ملف الدعوى صورة من قرار محكمة القاهرة للجرائم المالية الصادرة فى 29 من يناير سنة 1974 الذى سلف ذكره، كما أودعت صورة من مذكرة إدارة قضايا الحكومة بدفاع وزير الاقتصاد وسائر المدعى عليهم أمام محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 816 لسنة 27 قضائية المرفوعة من صادق حنا غبور، وقد انتهت فى هذه المذكرة إلى طلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى ومن باب الاحتياط وفى الموضوع برفضها مع إلزام المدعى والمنضمين إليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، ثم أودعت النيابة العامة بعد ذلك صورة من منطوق الحكم الصادر فى 25 من يونيو سنة 1974 من محكمة القاهرة للجرائم المالية والذى قضى ابتدائياً فى موضوع الجنحة المالية رقم 230 لسنة 1973 القاهرة بالحبس والغرامة والمصادرة بالنسبة لأكثر المتهمين ومنهم المدعى فى الدعوى الماثلة وطالبا التدخل فيها.
وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أن دعوى التنازع غير مقبولة تأسيساً على أن صورة التنازع الإيجابى غير متحققة، وقد نظرت الدعوى بعد ذلك أمام هذه المحكمة بجلسة 30 من نوفمبر سنة 1974 على الوجه المبين بمحضر الجلسة وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطلب المقدم من المدعى الأصلى قد استوفى الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن مبنى هذه الدعوى كما يستفاد من أوراقها أن موضوعاً واحداً قد طرح على جهتى القضاء الإدارى والقضاء العادي. إذ رفعت الدعوى رقم 816 لسنة 27 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بطلب إلغاء قرار وزير الاقتصاد الصادر فى 28 من مارس سنة 1973 بالإذن برفع الدعوى الجنائية فى قضية الجنحة رقم 230 لسنة 1973 شئون مالية القاهرة،بمقولة بطلان هذا الإذن وعدم مشروعيته، وكان أحد المتهمين فى قضية الجنحة المذكورة قد طرح ذات الموضوع أمام المحكمة الجنائية، فى صورة دفع ببطلان ذلك الإذن مما يشوب الإجراءات بعيب يعوق سير الخصومة الجنائية، وقد مضت المحكمة الإدارية فى نظر الدعوى المطروحة عليها مما يفيد عدم تخليها عنها، كما أصدرت المحكمة الجنائية قراراً صريحاً باختصاصها وحدها بنظر الدفع بالبطلان المقدم إليها مما يفيد قيام نزاع على موضوع واحد مطروح أمام جهتين قضائيتين وهى حالة تنازع إيجابى على الاختصاص مما تختص هذه المحكمة بالفصل فيه.
ومن حيث إن مناط قبول دعوى الفصل فى تنازع الاختصاص وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 17 من القانون رقم 43 لسنة 1965 فى شأن السلطة القضائية التى أحالت إليها الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهة القضاء العادى وأمام جهة القضاء الإدارى أو أى جهة أخرى ذات اختصاص قضائى ولا تتخلى أحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، ومؤدى ذلك – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن قبول طلب الفصل فى التنازع الإيجابى على الاختصاص مشروط بقيام الخصومة فى موضوع واحد أمام الجهتين المتنازعتين، فإن كانت أحدهما قد أصدرت حكماً نهائياً حسمت به الخصومة موضوع التنازع كأنها تكون بذلك قد استنفدت ولايتها وخرج النزاع من يدها مما يصبح معه طلب تحديد الجهة المختصة عارياً من سببه مجرداً من موجبه.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الدعوى أن محكمة جنوب القاهرة قضت فى 11 من يناير سنة 1974 بهيئة جنح مستأنفة ببطلان الحكم المستأنف الصادر فى القضية رقم 230 لسنة 1973 جنح شئون مالية القاهرة وبإدانة بعض المتهمين وبراءة آخرين منهم على الوجه المبين بصورة الحكم المرافقة، ومن ثم تكون جهة القضاء العادى قد استنفذت ولايتها فى الخصومة الجنائية المطروحة عليها وتكون دعوى تنازع الاختصاص غير قائمة على سند صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها وذلك دون حاجة للفصل فى طلب التدخل الإنضمامى إذ أنه ينقضى بعدم قبول الدعوى.
"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.