نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 3 من نوفمبر سنة 1973 م .
برئاسة السيد المستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل و عادل عزيز زخارى وعمر حافظ شريف ، نواب رئيس المحكمة وحسين زاكى وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ مفوض الدولة
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 1 لسنة 3 قضائية عليا " دستورية " .

الوقائع
أقام المدعون الدعوى رقم 2801 لسنة 1971 عمال كلى جنوب القاهرة ضد رئيس مجلس إدارة بنك مصر يطلبون الحكم بتطبيق الحد الأدنى للمرتبات طبقاً لما ورد فى الجدول المرفق بلائحة نظام موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 وقد دفع بنك مصر الدعوى قائلاً أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 فى شأن عدم أحقية العاملين بشركات القطاع العام فى تقاضى الحد الأدنى للمرتبات المقررة فى لائحة نظام موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 يحظر على العاملين الذين طبقت فى شأنهم أحكام اللائحة المذكورة الاستناد إلى الحد الأدنى المقرر فى الجدول المرافق لهذه اللائحة للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف فروق عن الماضى وقد سرى العمل بهذا القرار بقانون اعتباراً من تاريخ العمل باللائحة المذكورة .

وبجلسة 3 من يناير سنة 1972 دفع المدعون بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 28 من فبراير سنة 1972 ليقدم المدعون ما يدل على طعنهم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 أمام المحكمة العليا وأقام المدعون هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة العليا فى 24 من فبراير سنة 1972 يطلبون الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 للأسباب المبينة فى عريضة الدعوى . وبجلسة 28 من فبراير سنة 1972 قررت محكمة القاهرة الابتدائية تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 27 من مارس سنة 1972 ليقدم المدعون ما يدل على الطعن بعدم الدستورية وفى تلك الجلسة قدم المدعون ما يدل على ذلك فقررت المحكمة وقف الدعوى حتى تفصل المحكمة العليا فى الدفع بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 وقدم بنك مصر مذكرة طلب فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعين فى رفعها واحتياطياً برفضها مع إلزام المدعين المصروفات كما قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرتين طلبت فيهما الحكم : أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل التقرير بوقف الدعوى الأصلية واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لانعدام مصلحة المدعين فيها ومن باب الاحتياط الكلى الحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعين المصروفات . وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى وحدد لنظر الدعوى جلسة 2 من يونية سنة 1973 وتداولت الدعوى بالجلسات ثم قررت المحكمة بجلسة 6 من أكتوبر سنة 1973 إرجاء النطق بالحكم فى الدعوى إلى جلسة اليوم .


المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
أولاً : عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل التقرير بوقف الدعوى الموضوعية .
من حيث إن مبنى هذا الدفع أن المستفاد من نص البند 1 من المادة 4 من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 أن رفع الدعوى الدستورية يتعين أن يكون لاحقاً لوقف الدعوى الأصلية وخلال الميعاد الذى تحدده المحكمة يؤيد ذلك ما أوجبته المادة 2 من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 من إرفاق صورة رسمية من محضر الجلسة التى أمرت فيها المحكمة بوقف الدعوى بعريضة الدعوى الدستورية . ولما كانت هذه الدعوى قد رفعت بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة العليا فى 24 من فبراير سنة 1972 قبل صدور قرار محكمة الموضوع بوقف الدعوى فى 27 من مارس سنة 1972 فإن الدعوى الدستورية تكون قد رفعت دون مراعاة الأوضاع التى رسمها القانون ويتعين لذلك عدم قبولها .

ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن البند 1 من المادة 4 من قانون المحكمة العليا المشار إليه ينص على أن " تختص المحكمة العليا بالفصل دون غيرها فى دستورية القوانين إذا ما دفع بعدم دستورية قانون أمام إحدى المحاكم . وتحدد المحكمة التى أثير أمامها الدفع ميعاداً للخصوم لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا ويوقف الفصل فى الدعوى الأصلية حتى تفصل المحكمة العليا فى الدفع فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد أعتبر الدفع كأن لم يكن " . ويستفاد من هذا النص أن اتصال المحكمة العليا بالدعوى الدستورية يكون بإبداء الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع ثم إقامة الدعوى الدستورية أمام المحكمة العليا خلال الأجل الذى تحدده محكمة الموضوع لهذا الغرض ، أما وقف الدعوى الموضوعية فليس شرطاً لقبول الدعوى وإنما هو نتيجة لتقدير جدية الدفع وضرورة الفصل فيه قبل الحكم فى الدعوى الأصلية مما يقتضى وقف السير فى هذه الدعوى حتى تحسم المحكمة العليا النزاع بشأن الدستورية ، أما ما أوجبته المادة الثانية من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا المشار إليه من إرفاق صورة رسمية من محضر الجلسة الذى أمرت فيه المحكمة بوقف الدعوى بعريضة الدعوى الدستورية فإنما يقصد به مجرد الاستيثاق من استيفاء الإجراءات التى أوجب القانون استيفاءها قبل رفع الدعوى الدستورية .

ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعين أقاموا الدعوى رقم 2801 لسنة 1971 عمال كلى جنوب القاهرة ودفعوا بجلسة 3 من يناير سنة 1972 بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 28 من فبراير 1972 ليقدم المدعون ما يدل على طعنهم بعدم الدستورية فأقام المدعون هذه الدعوى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة العليا فى 24 من فبراير سنة 1972 ثم صدر بعد ذلك قرار محكمة القاهرة الابتدائية فى 27 من مارس سنة 1972 بوقف الدعوى ، وقد قدم المدعون شهادة رسمية من محكمة القاهرة الابتدائية تتضمن ذلك ومن ثم تكون الدعوى قد استوفت الأوضاع المقررة قانوناً ويكون الدفع غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه .

ثانياً : عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة فيها :
من حيث أن مبنى هذا الدفع أن الاستجابة إلى ما يطلبه المدعون والحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 لا تجديهم فى الدعوى الموضوعية المقامة منهم بطلب الحكم بتطبيق الحد الأدنى للمرتبات طبقاً لما ورد فى الجدول المرافق للائحة نظام موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 ، ذلك أن المحكمة العليا ذهبت فى قرار التفسير رقم 1 لسنة 2 القضائية الصادر فى 5 من يونية سنة 1971 والملزم لجميع جهات القضاء طبقاً للمادة 31 من قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا المشار إليه إلى أن مناط استحقاق العاملين بالشركات للحد الأدنى المنصوص عليه فى الجدول المرافق للائحة الملغاة طبقاً لأحكام هذه اللائحة هو أن تكون وظائف هؤلاء العاملين قد تم توصيفها وتقييمها وتصنيفها فى فئات أو مجموعات مع تحديد الحدين الأدنى والأقصى لمرتبات كل فئة أو مجموعة وفقاً لجدول ترتيب الوظائف التى تضعها مجالس إدارة الشركات ولما كانت عمليات التوصيف والتقييم والتصنيف لم تتم حتى تاريخ إلغاء اللائحة فإنه لم يكن من شأن العمل بها أثناء مدة سريانها استحقاق هؤلاء العاملين للحدود الدنيا للمرتبات المنصوص عليها فى الجداول المرافقة لها وذلك ما قضى به القرار بقانون رقم 51 لسنة 1968 فى مادته الأولى ومفاد هذا أن العاملين المشار إليهم لم يكن لهم أصلاً حق فى الحد الأدنى للمرتبات طبقاً لما ورد فى الجدول المرافق للائحة نظام موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 حتى يمكن الاحتجاج به خلال مدة سريان تلك اللائحة قبل صدور القرار رقم 51 لسنة 1968 ومن ثم فإن القضاء بعدم دستورية هذا القرار بقانون لن يجدى المدعين ولا تكون لهم ثمة مصلحة فى الدعوى تسوغ قبولها .

ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن طعن المدعين فى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 المشار إليه يستهدف القضاء بعدم دستوريته وما يترتب على ذلك من آثار تتمثل فى عدم نفاذ هذا القرار بقانون وقرار التفسير المكمل له بحيث تصبح الحقوق التى يدعون أنهم يستمدونها من اللائحة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 خلال مدة سريانها محكومة بهذه اللائحة دون سواها وبجدول المرتبات والوظائف الملحق بها مما يتيح لمحكمة الموضوع إنزال أحكام اللائحة المذكورة على دعواهم غير مقيدة فى هذا الشأن بأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1968 السالف ذكره وقرار التفسير المكمل له ومن ثم تكون للمدعين مصلحة فى الطعن بعدم دستورية هذا القرار بقانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى الدستورية لانعدام المصلحة غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه .

ثالثاً : عن الموضوع :
من حيث إن الدعوى قد استوفت الأوضاع المقررة قانوناً .
ومن حيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 51 لسنة 1968 المشار إليه استناداً إلى أربعة أسباب : أولها أن القرار بقانون المذكور قد صدر بمقتضى التفويض الصادر لرئيس الجمهورية بالقانون رقم 15 لسنة 1967 وقد حدد هذا القانون مجال التفويض ، فقصره على الموضوعات التى تتصل بأمن الدولة وسلامتها وتعبئة الإمكانيات البشرية والمادية ودعم المجهود الحربى والاقتصاد الوطنى ومن ثم فإن ما تضمنه القرار بقانون رقم 51 لسنة 1968 يخرج عن نطاق هذا التفويض .

ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن القانون رقم 15 لسنة 1967 بتفويض رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون ينص فى مادته الأولى على أن " يفوض رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون خلال الظروف الاستثنائية القائمة فى جميع الموضوعات التى تتصل بأمن الدولة وسلامتها وتعبئة كل إمكانياتها البشرية والمادية ودعم المجهود الحربى والاقتصاد الوطنى وبصفة عامة فى كل ما يراه ضرورياً لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية " وينص القرار بقانون رقم 51 لسنة 1968 الصادر بناء على قانون التفويض المشار إليه فى المادة الأولى منه على أنه " مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية لا يجوز للعاملين الذين سرت فى شأنهم لائحة نظام موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 الاستناد إلى الحد الأدنى المقررة فى الجدول المرافق لهذه اللائحة للمطالبة برفع مرتباتهم أو إعادة تسوية حالاتهم أو صرف أية فروق عن الماضى " كما نص فى مادته الثانية على أن " يعمل بهذا القرار بقانون من تاريخ العمل بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 المشار إليه . " وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون عن مبررات إصداره فأشارت إلى أن الجمعية العمومية للقسم الاستشارى لمجلس الدولة رأت بجلستها المنعقدة فى 27 من يناير سنة 1965 أنه ليس من شأن العمل بأحكام هذه اللائحة أن يستحق العاملون راتباً شهرياً مقداره عشرون جنيهاً ، بداية مربوط وظائف الكادر العالى لأن مناط استحقاق هذا المرتب أن تكون الوظيفة التى يشغلها العامل من وظائف الكادر العالى وفقاً للجدول الذى يضعه مجلس إدارة الشركة بالتطبيق للمادة الثالثة من اللائحة المشار إليها ، وأنه بدون وضع هذا الجدول لا يتسنى اعتبار وظيفة ما من وظائف الكادر العالى ، إلا أن بعض العاملين رفعوا دعاوى طلبوا فيها منحهم الحد الأدنى المشار إليه وقد أجابهم القضاء إلى طلباتهم وتأيد هذا القضاء استئنافياً وأن من شأن ذلك إذا طبق على العاملين الذين يتساوون فى مراكزهم القانونية مع الذين حصلوا على أحكام قضائية نهائية " أن يثقل بعض شركات القطاع العام بأعباء مالية قد لا تسعفها ظروفها إلى الوفاء بها لذلك فقد أوصت اللجنة الوزارية للشئون التشريعية والتنظيم والإدارة بجلستها المنعقدة فى 23 من يناير سنة 1968 بإعداد مشروع يؤيد وجهة النظر التى انتهت إليها الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بمجلس الدولة " .

ومن حيث إنه يبين من ذلك أن المشرع أصدر هذا التشريع تأييداً لوجهة النظر التى انتهت إليها الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بمجلس الدولة خشية أن يترتب على الاسترسال فى الأخذ بوجهة النظر المخالفة أن تثقل بعض شركات القطاع العام بأعباء مالية قد لا تسعفها ظروفها فى الوفاء بها ، فكشف بذلك عن أن هدف هذا التشريع هو دعم الاقتصاد القومى باعتبار أن شركات القطاع العام من أهم أجهزة الدولة التى تضطلع بالمسئولية الرئيسية فى تنفيذ خطة التنمية ( المادتان 13 من دستور سنة 1964 و 30 من الدستور القائم ) وأن ما يصيبها من اختلال فى توازنها المالى ينعكس أثره على الاقتصاد القومى ومن ثم يكون القرار بقانون رقم 51 لسنة 1968 قد صدر فى النطاق الذى حدده القانون رقم 15 لسنة 1967 المشار إليه .

ومن حيث إن حاصل السبب الثانى من أسباب الطعن أن القرار بقانون المشار إليه قد حظر الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بالحد الأدنى المقرر فى الجدول المرافق للائحة نظام موظفى وعمال الشركات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 مع الارتداد بالحظر إلى تاريخ العمل باللائحة فى 31 من أكتوبر سنة 1961 ، وهذا المنع من التقاضى محظور طبقاً لأحكام الدساتير المتعاقبة .

ومن حيث إن هذا القول مردود بأن القرار بقانون رقم 51 لسنة 1968 المشار إليه لم يتضمن حظراً على التقاضى وإنما تضمن قاعدة موضوعية تقرر عدم أحقية العاملين فى الحد الأدنى للمرتبات المنصوص عليها فى اللائحة الملغاة دون مساس بحق التقاضى ذاته ، فهذا الحق لا يزال متاحاً للعاملين ، ولا يتعارض مع هذا الحق التزام المحاكم بالقاعدة الموضوعية المشار إليها إذا ما عرض النزاع عليها .

ومن حيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن القرار بقانون المطعون فيه ينطوى على إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص حيث استثنى الأحكام القضائية النهائية ففرق بذلك بين من بادر إلى التقاضى وحصل على حكم نهائى وبين من لم يحصل على هذا الحكم .

ومن حيث إن هذا السبب مردود بما جرى به قضاء المحكمة العليا من أن المساواة التى نصت عليها المادة 40 من الدستور الحالى والتى رددتها الدساتير السابقة تتحقق بتوافر شرطى العموم والتجريد فى التشريعات المنظمة للحقوق ولكنها ليست مساواة حسابية ، ذلك لأن المشرع يملك بسلطته التقديرية لمقتضيات الصالح العام وضع شروط تتحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى بها الأفراد أمام القانون بحيث إذا توافرت هذه الشروط فى طائفة من الأفراد وجب إعمال المساواة بينهم لتماثل ظروفهم ومراكزهم القانونية ، وإذا اختلفت هذه الظروف بأن توافرت الشروط فى البعض دون البعض الآخر ، انتفى مناط التسوية بينهم ، وكان لمن توافرت فيهم الشروط دون سواهم أن يمارسوا الحقوق التى كفلها المشرع لهم ، ولما كان القرار بقانون المطعون فيه لم يمس حقوقاً تقررت بأحكام قضائية نهائية احتراماً لحجية هذه الأحكام ، وكان ما يثار بشأن إعمال مبدأ المساواة هو التسوية بين من صدرت لهم أحكام قضائية نهائية ومن لم تصدر لهم مثل هذه الأحكام رغم اختلاف ظروفهم فإن النعى على القرار بقانون المطعون فيه بالإخلال بمبدأ المساواة لهذا السبب يكون غير سديد لاختلاف المراكز القانونية لكل من الفريقين .

ومن حيث إن حاصل السبب الرابع من أسباب الطعن أن القرار بقانون رقم 51 لسنة 1968 قد تضمن نصاً على سريان أحكامه بأثر رجعى وهو ما لا يملك رئيس الجمهورية تقريره بموجب قرار له قوة القانون إذ أن تقرير الأثر الرجعى رهين بموافقة مجلس الأمة عليه بأغلبية خاصة .

ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن دستور سنة 1964 الذى صدر فى ظله القرار بقانون المطعون فيه ينص فى المادة 120 منه على أن " لرئيس الجمهورية فى الأحوال الاستثنائية بناء على تفويض مجلس الأمة أن يصدر قرارات لها قوة القانون . ويجب أن يكون التفويض لمدة محدودة . وأن يعين موضوعات هذه القرارات والأسس التى تقوم عليها " وظاهر من هذا النص أن المشرع الدستورى أجاز لمجلس الأمة تفويض رئيس الجمهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون بالشروط الواردة به ، وبصدور هذا التفويض ينتقل الاختصاص التشريعى لمجلس الأمة كاملاً إلى رئيس الجمهورية فى الموضوعات التى فوض فيها ويكون له حق ممارسة صلاحيات مجلس الأمة فى خصوص ما فوض فيه ، ولما كان الثابت من مضبطة جلسة مجلس الأمة التاسعة والعشرين المنعقدة فى 29 من مايو سنة 1967 أن القانون رقم 15 لسنة 1967 المشار إليه قدم فى الأصل فى صورة اقتراح بقانون من بعض أعضاء مجلس الأمة يوم 29 من مايو سنة 1967 ثم ووفق عليه بإجماع الحاضرين الذين كان يربو عددهم على أغلبية أعضاء مجلس الأمة التى تنص المادة 163 من الدستور المذكور على وجوب توافرها لسريان القانون بأثر رجعى فإن ما يثيره المدعون من جدل حول حق رئيس الجمهورية فى إصدار قانون يتضمن الأثر الرجعى يكون غير سديد .

ومن حيث إنه لما تقدم تكون الدعوى على غير أساس متعيناً رفضها .

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى .
ثانياً : برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وإلزام المدعين المصروفات وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .