نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 5 من مايو سنة 1973 م .
برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد عبدالوهاب خليل نائب رئيس المحكمة وعمر حافظ شريف وحسين حسين قاسم وحسين زكى وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة. أعضاء
وحضور المستشار عادل عزيز زخارى نائب رئيس المحكمة ورئيس هيئة مفوضى الدولة .
وحضور السيد / سيد عبدالبارى ابراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
الطلب رقم 3 لسنة 3 قضائية عليا ( تفسير )
الوقائع
أرسل وزير العدل إلى رئيس المحكمة العليا بناء على كتاب محافظ البنك المركزى الكتاب المؤرخ فى 16 من نوفمبر سنة 1972 بشأن تفسير المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة لبيان ما إذا كانت عبارة " الحكومة " الواردة فى هذه المادة تشمل الهيئات العامة أم لا وقد أرفق بهذا الكتاب مذكرة أعدها المكتب الفنى لوزير العدل فى هذا الموضوع وكذلك كتاب البنك المركزى إلى وزارة العدل الخاص بطلب التفسير .

وقيد الطلب برقم 3 لسنة 3 قضائية عليا " تفسير " .

وقد جاء بكتاب محافظ البنك المركزى إلى وزير العدل أن المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة تقضى بأنه " فى كل تعامل بين الحكومة والغير يتحمل هؤلاء دائماً برسم الدمغة ، ومع ذلك تعفى من كل الرسوم الأوراق الخاصة بحركة النقود المملوكة للحكومة " وقد اضاف القانون رقم 379 لسنة 1955 فقرة ثانية لهذه المادة نصها " وفى تطبيق حكم هذه المادة يقصد بالحكومة ، الحكومة المركزية ومصالحها والمجالس البلدية ومجالس المديريات " وقد أصدرت مصلحة الضرائب فى 12 من يناير سنة 1964 تعليماتها التفسيرية رقم 9 لسنة 1964 ويقضى البند ثانياً منها بأن " لا تعتبر الهيئات العامة حكومة فى مدلول نص المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بمعنى أن تتحمل الهيئة العامة بكافة رسوم الدمغة التى يلزمها القانون المذكور بأدائها وبالتالى لا ينتقل عبء الرسوم الواقعة عليها إلى الغير المتعامل معها " .

ولكن المصلحة عادت وأصدرت فى 22 من يوليو سنة 1971 تعليمات تفسيرية أخرى مناقضة للتعليمات السابقة ، نزولاً على المعيار الذى وضعه قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1973 والذى عرف الهيئات العامة بأنها فى الأغلب الأعم " مصالح حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية ، وأن الخدمات التى تعهد إلى هذه الهيئات هى خدمات عامة كانت تقوم بها الدولة إلا أنه فى ظل النظام الاشتراكى رؤى أن يعهد ببعض الخدمات العامة إلى هيئات مستقلة يمتاز به هذا النظام من مرونة فى الإدارة " .

ولهذا استقر رأى مصلحة الضرائب على أن مدلول كلمة الحكومة الواردة فى المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 تنصرف كذلك إلى الهيئات العامة ( دون المؤسسات العامة ) وبذلك ينتقل عبء رسم الدمغة الواقع على هذه الهيئات العامة إلى الغير الذى يتعامل معها .

ويرى البنك المركزى أن هذا التفسير يتعارض مع نص المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 سالفة الذكر ، فضلاً عن أنه يحمل البنوك أعباء مالية باهظة ، وقد استعرضت مذكرة المكتب الفنى لوزير العدل موضوع الطلب ، وأشارت إلى فتوى أصدرتها الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بمجلس الدولة فى 23 من سبتمبر سنة 1970 وهى تتفق مع التعليمات التفسيرية الأخيرة لمصلحة الضرائب وإلى حكم محكمة النقض – الدائرة الجنائية – الصادر فى الطعن رقم 1945 لسنة 34 القضائية بتاريخ 3 من مايو سنة 1965 ، وما تضمنه من تفسير المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية ، وقد قضى بأن مؤسسة النقل العام لا تعتبر حكومة ولا ينصرف إليها حكم الإعفاء المقرر للحكومة طبقاً للمادة المذكورة .

هذا وقد أحيل الطلب إلى هيئة مفوضى الدولة حيث قدمت تقريراً انتهت فيه إلى أن لفظ الحكومة الوارد فى المادة 12 من القانون 224 لسنة 1951 تشمل الهيئات العامة ، ثم أحيل إلى المحكمة حيث نظر بجلسة 3 من مارس سنة 1973 وفيها قررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم .

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
من حيث إن الطلب قد استوفى الأوضاع المقررة قانوناً .

ومن حيث إن المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة تنص على ما يأتى :
" فى كل تعامل بين الحكومة والغير يتحمل هؤلاء دائماً برسم الدمغة . ومع ذلك تعفى من كل الرسوم الأوراق الخاصة بحركة النقود المملوكة – وفى تطبيق هذه المادة يقصد بالحكومة ، الحكومة المركزية ومصالحها والمجالس البلدية ومجالس المديريات " .

ومن حيث إنه يبين من استقصاء الأصل التشريعى لهذا النص أنه يرجع إلى المادة 14 من القانون رقم 44 لسنة 1939 بتقرير رسم دمغة الذى قرر لأول مرة هذا الرسم وقد كانت تلك المادة تنص علي أنه " إذا تعاقدت الحكومة مع الغير تحمل هؤلاء دائماً رسم الدمغة " ثم عدل هذا النص بمقتضيى القانون رقم 11لسنة 1941 بإضافة عبارة " أو تعاملت " بعد كلمة الحكومة فأصبح النص بهذه الصيغة " إذا تعاقدت الحكومة أو تعاملت مع الغير تحمل هؤلاء دائما برسم الدمغة " ولما ألغي القانون رقم 44 لسنة 1939 وحل محله القانون رقم 224 لسنة 1951 نقل النص المذكور إلي المادة 12 من هذا القانون ، ثم أضيف إليه بمقتضى القانون رقم 379 لسنة 1955 الفقرة الأخيرة التي تنص علي أنه " في تطبيق حكم هذه المادة يقصد بالحكومة الحكومة المركزية ومصالحها والمجالس البلدية ومجالس المديريات " وكانت إضافة هذه الفقرة لمناسبة صدور القانون رقم 66 لسنة 1955 بنظام المجالس البلدية إذا نص في المادة 51 علي أن " تعفى المجالس البلدية من كافة الضرائب والرسوم الحكومية ... " وقد ترتب على هذا النص كما جاء بمذكرته الإيضاحية ضياع الرسوم المفروضة على المعاملات بين المجالس البلدية وبين الأفراد ومقدارها لا يستهان به وذلك فضلاً عن التفرقة بين من يتعامل مع الحكومة ومن يتعامل مع المجالس البلدية إذ يتحمل الأول جميع رسوم الدمغة المستحقة بما فى ذلك ما كان يقع عبؤه أصلاً على الجهات الحكومية وينتقل إليه الالتزام بأدائه طبقاً للمادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 المشار إليه بينما يتحمل الثانى الرسم الخاص به فقط – وبذلك يصبح من يتعامل مع المجالس البلدية فى مركز ممتاز بالقياس إلى من يتعامل مع الحكومة ومن أجل هذا أضيفت الفقرة الأخيرة إلى تلك المادة حفاظاً على حصيلة رسم الدمغة وتعميماً للقاعدة المطبقة على التعامل الذى يتم بين الحكومة والغير على المجالس البلدية ومجالس المديريات .

ومن حيث إن الفقرة المتقدم ذكرها التى أضيفت بمقتضى القانون رقم 379 لسنة 1955 إلى المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة قد بينت مدلول لفظ الحكومة الوارد بهذه المادة فذكرت أنه " يعنى الحكومة المركزية ومصالحها والمجالس البلدية ومجالس المديريات " – فلم يتناول الهيئات العامة مما أثار الخلاف حول تكييف هذه الهيئات وتحديد مركزها القانونى بالقياس إلى الحكومة – وهل تدخل فى مدلول لفظ الحكومة سالف الذكر فى خصوص تطبيق المادة 12 من القانون 224 لسنة 1951 المشار إليها فينتقل إلى الغير الذى يتعامل معها عبء رسم الدمغة المستحق عن هذه المعاملات أم أنها لا تعتبر كذلك فتلتزم بهذا الرسم .

ومن حيث إن الهيئة العامة كما عرفتها المذكرة الإيضاحية لقانون المؤسسات العامة الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1963 " هى شخص إدارى عام يدير مرفقاً يقوم على مصلحة أو خدمة عامة وتكون لها الشخصية الاعتبارية ولها ميزانية خاصة بها تعد على نمط ميزانية الدولة وتلحق بميزانية الجهة الإدارية التى تلحق بها " وقد صدر هذا القانون مع القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة فى يوم واحد ؛ وجاء بتلك المذكرة تفصيلاً لهذا التعريف أن الهيئات العامة هى فى الأغلب الأعم مصالح حكومية منحها المشرع الشخصية الاعتبارية وهى تقوم أصلاً بخدمة عامة والأصل أن الخدمات العامة كانت تقوم بها الدولة إلا أنه رؤى فى النظام الاشتراكى أن يعهد ببعضها إلى هيئة مستقلة لما يمتاز به هذا النظام من مرونة فى الإدارة – والهيئة العامة وأن كانت لها ميزانية خاصة إلا أنها تلحق بميزانية الدولة وتجرى عليها أحكامها وتتحمل الدولة عجزها وتؤول لميزانية الدولة ما قد تحققه من أرباح فضلاً عن أن رقابة الدولة على الهيئات العامة أكثر اتساعاً منها على غيرها كالمؤسسات العامة وهذا أمر تستوجبه طبيعة نشاط الهيئة لأن الهيئة العامة إما أن تكون مصلحة حكومية رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن الروتين الحكومى ، وإما أن تنشئها الدولة بداءة لإدارة مرفق من مرافق الخدمات العامة وهى فى الحالتين وثيقة الصلة بالحكومة .

ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الهيئة العامة هى مصلحة عامة تقوم على مرفق من مرافق الخدمات العامة التى يجب على الدولة توفيرها لمجموع الشعب وقد خلع عليها المشرع الشخصية الاعتبارية لغرض معين أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 61 لسنة 1963 المتقدم ذكرها وهو توفير بعض الاستقلال والمرونة فى إدارة هذه المرافق وتجنيبها البطء والتعقيد وليس من شأن منح هذه الشخصية فصم العلاقة بين الحكومة وبين المرفق ذلك أن استقلال الهيئات العامة استقلال محدود مقيد بوصاية الدولة عليها فهى لا تزال مصلحة عامة ومن ثم تدخل فى مدلول لفظ " الحكومة " الواردة فى المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة المشار إليها .
فلهذه الأسباب
قررت المحكمة : أن الهيئة العامة تدخل فى مدلول لفظ " الحكومة " الوارد فى المادة 12 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم دمغة .