نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم أول أبريل سنة 1972 م .
برئاسة السيد المستشار/ بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : محمد عبدالوهاب خليل نائب رئيس المحكمة وعمر حافظ شريف نائب رئيس المحكمة وحسين حسين قاسم وحسين زاكى وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة.
وحضور المستشار عادل عزيز زخارى نائب رئيس المحكمة ورئيس هيئة مفوضى الدولة .
وحضور السيد / سيد عبدالبارى ابراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
الطلب رقم 5 لسنة 2 قضائية عليا ( تفسير )

الوقائع
قدم وزير العدل إلى المحكمة العليا فى 21 أبريل سنة 1971 طلباً بشأن تفسير الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 ، لبيان مدى انطباق أحكامها فيما يتعلق بتحديد موعد استحقاق العلاوة الدورية التالية للتعديل على العاملين المطبق عليهم أحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 بشأن تسوية حالات بعض العاملين بالدولة .

وتتلخص الواقعة التى أثارت الخلاف فى أن بعض حملة المؤهلات العلمية المقدر لها درجات مالية معينة بموجب المرسوم الصادر فى 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات العلمية اللازمة للتعيين فى الوظائف ، قد عينوا على درجات أدنى من الدرجات المقررة لمؤهلاتهم طبقاً لأحكام هذا المرسوم وعملاً بالأحكام القانونية النافذة ، التى تقضى باعتبار الأجر نظير العمل ، عين بعض ذوى المؤهلات على درجات أدنى مما يحدده المرسوم المذكور ، ولما طلبوا معاملتهم بأحكام المرسوم المذكور صدر القانون رقم 35 لسنة 1967 بشأن تسوية حالات بعض العاملين بالدولة فى 29 من أغسطس سنة 1967 ونشر فى الجريدة الرسمية فى 31 سنة 1967على أن يعمل به من تاريخ نشره ، وقد نص فى مادته الثانية على ما يأتى :
" استثناء من أحكام القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ، يوضع العاملون الحاصلون على مؤهلات دراسية ، المعينون فى درجات أو فئات أدنى من الدرجات المقررة لمؤهلاتهم وفقاً لمرسوم 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات العلمية التى يعتمد عليها للتعيين فى الوظائف ، وكذلك العاملون المعينون على اعتماد الأجور والمكافآت الشاملة ، فى الدرجات المقررة لمؤهلاتهم وفقاً لهذا المرسوم أو فى الفئات المقابلة لها فى الهيئات العامة ... " .

كما نص فى المادة الثالثة على أن " يمنح العاملون المعينون فى درجات أو فئات أدنى من الدرجات المقررة لمؤهلاتهم ، بعد وضعهم على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم طبقاً للمادة السابقة بداية مربوط الدرجة أو الفئة التى وضع فيها كل منهم ، أو يحتفظ لهم بمرتباتهم التى كانوا يتقاضونها ، أيهما أكبر ...".

ونظراً لصدور القانون رقم 34 لسنة 1967 بتعديل مواعيد استحقاق العلاوات الدورية معاصراً للقانون رقم 35 لسنة 1967 السابق ذكره ، إذ صدر القانونان فى تاريخ واحد ونشرا فى تاريخ واحد وفى عدد واحد من أعداد الجريدة الرسمية ونص فى كل منهما على العمل به من تاريخ نشره ، فقد أثار الخلاف حول موعد استحقاق العلاوة الدورية بالنسبة لمن طبق عليهم القانون رقم 35 لسنة 1967 ، وذلك أن القانون رقم 34 لسنة 1967 قد صدر معدلاً نص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون العاملين المدنيين بالدولة وكان نصها قبل التعديل " وتستحق العلاوة الدورية فى أول مايو التالى لانتهاء سنة واحدة من تاريخ الالتحاق بالخدمة أو منح العلاوة السابقة " ، وأصبح نصها بعد التعديل ، " ومع ذلك تستحق العلاوة الدورية فى أول مايو التالى لانتهاء سنتين من تاريخ الالتحاق بالخدمة أو سنة من تاريخ منح العلاوة السابقة ويعتبر التحاقاً بالخدمة فى تطبيق هذا الحكم إعادة التعيين فى أدنى الدرجات ولو كان ذلك نتيجة الحصول على مؤهلات أثناء الخدمة .
وتمنح أول علاوة دورية تستحق بعد الحصول على اية ترقية فى أول مايو التالى لانقضاء سنة على الترقيبة " .

وكان مثار الخلاف هو ما إذا كانت تسوية حالة العامل الحاصل على مؤهل تعتبر التحاقاً بالخدمة فى مفهوم المادة 35 من قانون العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 ، ومن ثم يستحق علاوته الدورية التالية لتطبيق حكم القانون 35 لسنة 1967 عليه بعد انقضاء سنتين من أول مايو التالى للتسوية ، أم أن التسوية لا تعتبر فى حكم إعادة التعيين فلا يعدل موعد استحقاقه للعلاوة الدورية .

وقد انتهى رأى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بمجلس الدولة بفتواها الصادرة فى 29 من أكتوبر سنة 1968 إلى اعتبار التسوية المذكورة فى حكم الالتحاق بالخدمة وذلك بالنسبة لاستحقاق العلاوة الدورية فيستحق فى أول مايو التالى لانقضاء سنتين من تاريخ العمل بالقانون رقم 35 لسنة 1967 باعتبار أن تاريخ العمل به هو تاريخ تعيينهم الفعلى لا الفرضى .

ويذهب رأى آخر إلى عدم اختيار التسوية المذكورة فى حكم الالتحاق بالخدمة لأتها تعتبر إعادة تعيين ، وإنما هى تسوية تمت بحكم القانون ، ومن ثم فلا يترتب عليها تعديل ميعاد استحقاق العلاوة الدورية الذى بدأ قبل التسوية .

هذا وقد عدل نص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون 46 لسنة 1964 مرة أخرى بالقانون رقم 60 لسنة 1970 الذى استبدل بنصها نصاً آخر هو " ومع ذلك تستحق العلاوة الدورية فى أول مايو التالى لانتهاء سنتين من تاريخ الالتحاق بالخدمة أو سنة من تاريخ منح العلاوة السابقة . وبعتبر التحاقاً بالخدمة فى تطبيق هذا الحكم إعادة تعيين العاملين فى أدنى الدرجات ولو كان ذلك نتيجة الحصول على المؤهلات أثناء الخدمة إلا إذا كانت مرتباتهم قد وصلت بداية مربوط الدرجة المعاد تعيينهم فيها أو جاوزتها فيستحقون علاواتهم الدورية بعد سنة من تاريخ منح العلاوة السابقة ... ألخ " ونص القانون على العمل بهذا التعديل من تاريخ العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1967 .

وقد قامت هيئة المفوضين بتحضير الطلب وقدمت تقريراً برأيها القانونى ، ثم أحيل الطلب إلى المحكمة حيث نظر بجلسة 5 من فبراير سنة 1972 ثم أجل لجلسة اليوم لإصدار القرار .

المحكمة
من حيث أن الطلب قد استوفى الأوضاع المقررة قانوناً .
ومن حيث إن طلب التفسير يستهدف تحديد وضع العاملين المعينين على درجات أو فئات أدنى من الدرجات المقررة لمؤهلاتهم طبقاً لمرسوم 6 من أغسطس سنة 1953 على الدرجات المقررة لمؤهلاتهم وفقاً لأحكامه أو الفئات المقابلة لها وذلك تطبيقاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 وهل يعتبر ذلك إعادة تعيين لهم ومن ثم يأخذ حكم الالتحاق بالخدمة فى تطبيق أحكام المادة 35 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 والمعدل بالقانون رقم 34 لسنة 1967 وما يترتب على ذلك من تعديل مواعيد علاواتهم الدورية فتستحق بعد انقضاء سنتين من أول مايو التالى لتاريخ العمل بالقانون رقم 35 لسنة 1967 أو لا يعتبر إعادة تعيين ومن ثم فلا يكون له أثر على مواعيد علاواتهم الدورية .

وحيث أن شغل الوظائف العامة بصفة أصلية لا يكون إلا بالتعيين فى الوظيفة أو الترقية إليها أو النقل إليها .

وحيث إن عبارة " وضع العامل على الدرجة الأعلى " الواردة فى القانون رقم 35 لسنة 1967 إنما يعنى تعيينه على هذه الدرجة ذلك لأنه لا تدخل فى مفهوم الترقية أو النقل .

وحيث إن صياغة نص المادة الثانية من القانون رقم 35 لسنة 1967 تؤكد هذا المعنى إذ تقضى بأن " وضع " هؤلاء العاملين على الدرجات الأعلى إنما هو " استئناءً من القواعد العامة الواردة بالقانون رقم 46 لسنة 1964 وتطبيقاً لما ورد بمرسوم 6 من أغسطس سنة 1953 فى شأن تحديد المؤهلات العلمية اللازمة " للتعيين " ومفاد ذلك كله أن عبارة وضع العاملين على الدرجات الجديدة يعنى إعادة تعيينهم بحكم القانون واستثناء من أحكام قانون العاملين يؤيد هذا النظر :
أولاً : أن الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 تنص على أنه " يعتبر التحاقاً بالخدمة فى تطبيق هذا الحكم إعادة تعيين العاملين فى أدنى الدرجات ولو كان ذلك نتيجة الحصول على مؤهلات أثناء الخدمة .... " ولم يفرق النص فى حالة إعادة التعيين نتيجة الحصول على مؤهل أثناء الخدمة بين ما إذا كانت إعادة التعيين تتم بحكم القانون وتطبيقاً لقاعدة عامة أو بقرار فردى .

ثانياً : أن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 60 لسنة 1970 بتعديل الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والسابق تعديلها بالقانون رقم 34 لسنة 1967 تقول تبريراً وتأييداً لهذا القانون " إن من أسباب إصداره أنه ترتب على تطبيق المادة 35 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بعد تعديلها بالقانون رقم 34 لسنة 1967 الإضرار بطائفتين :
الأولى : هى طائفة العاملين الذين يعاد تعيينهم بسبب حصولهم على مؤهلات أعلى أثناء الخدمة ، سواء منهم من سويت حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 أو من سويت حالته بالطريق العادى ( أى بالتعيين العادى ) .... ." وهذه العبارة تكشف عن قصد المشرع من عبارة إعادة التعيين التى وردت فى التعديل الذى أدخله القرار بقانون رقم 34 لسنة 1967 على الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون العاملين المشار إليها وهو أن يشمل هذه العبارة من وضعوا على الدرجات الأعلى تطبيقاً للقانون رقم 35 لسنة 1967 .
ثالثاً : هذا المفهوم للعبارة سالفة الذكر قد أكده تقرير لجنة القوى العاملة الذى قدم به مشروع القانون المذكور إلى مجلس الأمة بجلسة 7 يوليو سنة 1970 بأن أشار صراحة فى البند 6 منه إلى أن " العاملين الذى يعاد تعيينهم بسبب حصولهم على مؤهلات أعلى أثناء الخدمة سواء من سويت حالته طبقاً لأحكام القانون رقم 35 لسنة 1967 أو من سويت حالته بالطريق العادى " وقد تضمن هذا التقرير ملخصاً لفتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع بمجلس الدولة الصادرة فى 23 من أكتوبر سنة 1968 والتى انتهت إلى اعتبار وضع العاملين الذين طبق فى شأنهم القانون رقم 35 لسنة 1967 إعادة تعيين فى صدد تحديد مواعيد علاواتهم الدورية طبقاً للمادة 35 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 وقد أقرها مجلس الأمة ، ووافق على مشروع القانون المعروض ( والذى صدر بعد ذلك برقم 60 لسنة 1970 ) والذى يتضمن استثناء بعض الحالات من تطبيق نص المادة 35 من قانون نظام العاملين المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 مفسراً على النحو الذى أخذت به الفتوى المذكورة مما يدل على أن المشرع أراد ، مع إقراره لفهم النص على النحو المتقدم ، أن يستثنى من تطبيق أحكامه بعض الحالات ومنها حالة " من كانت مرتباتهم قد وصلت بداية مربوط الدرجة المعاد تعيينهم فيها أو جاوزتها فيستحقون علاواتهم الدورية بعد سنة من تاريخ منح العلاوة السابقة " إذ لو أخذ المشرع بالرأى العكسى لما كان هناك حاجة إلى استصدار التشريع المذكور .

وحيث إنه يبين من كل ما تقدم أن وضع العاملين فى الدرجات الأعلى المقررة لمؤهلاتهم طبقاً للقانون رقم 35 لسنة 1967 يعتبر التحاقاً بالخدمة فى تطبيق الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 ويكون تعيين مواعيد استحقاق علاواتهم الدورية التالية على هذا الأساس .
فلهذه الأسباب
وبعد الاطلاع على القانون رقم 35 لسنة 1967 بتسوية حالات بعض العاملين بالدولة .
وعلى المادة 35 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 وبالقانون رقم 60 لسنة 1970 .

قررت المحكمة ما يأتى :
يعتبر وضع بعض العاملين بالدولة على الدرجات أو الفئات المقررة لمؤهلاتهم تنفيذاً للقانون رقم 35 لسنة 1967 إعادة تعيين لهم مما يعتبر التحاقاً بالخدمة فى تطبيق أحكام المادة 35 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 المعدلة بالقانون رقم 34 لسنة 1967 وبالقانون رقم 60 لسنة 1970 .