نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 3 مارس سنة 1990.
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مصطفى حسنرئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ فوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ والدكتور عوض محمد المر والدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وواصل علاء الدين وفاروق عبد الرحيم غنيم. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارةالمفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر


أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 8 قضائية "تفسير" .
"الإجراءات"

بتاريخ 25 سبتمبر سنة 1986 ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل بطلب تفسير نص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وذلك بناء على طلب المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وبعد تحضير الطلب أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن المجلس الأعلى للهيئات القضائية طلب تفسير نص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وذلك لتحديد وظيفة عضو الهيئات القضائية المعادلة لدرجة نائب وزير والذى يعامل معاملته فى المعاش وفقاً لنص المادة (31) سالفة الذكر وبيان ما إذا كان يتسع نطاقها ليشمل الوظيفة القضائية متى بلغ مرتب شاغلها ما يعادل مرتب نائب الوزير إعمالاً للفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية، وذلك تأسيساً على أن هذا النص قد أثار خلافاً فى التطبيق بين محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض.
وحيث إن المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 قررت معاملة خاصة من حيث المعاش لكل من الوزير ونائب الزير، فنصت فى فقرتها الأولى على أن : " يسوى معاش المؤمن عليه الذى شغل منصب وزير أو نائب وزير على أساس آخر أجر تقاضاه وذلك وفقاً للآتي:
(أولاً) يستحق الوزير معاشاً مقداره 150 جنيهاً شهرى ونائب الوزير معاشاً مقداره 120 جنيهاً شهرياً فى الحالات الآتية...." وقد بينت الفقرات (1) و (2) و (3) من البند (أولاً) مدد الاشتراك فى التأمين والمدد اللازم قضاؤها فى أحد المنصبين أو فيهما معاً لاستحقاق المعاش المذكور، ونص البند (ثانياً) منها على أن "يسوى له المعاش عن مدة اشتراكه فى التأمين التى تزيد على المدد المنصوص عليها فى البند (أولاً) ويضاف إلى المعاش المستحق وفقاً للبند المذكور على ألا يتجاوز مجموع المعاشين الحد الأقصى المنصوص عليه فى الفقرة الأخيرة من المادة (20)" ونص فى البند (ثالثا) على أنه " إذا لم تبلغ مدة الخدمة التى قضاها هذين المنصبين أو أحدهما القدر المشار إليه بالبند (أولاً) استحق معاشاً يحسب وفقاً لمدة الاشتراك فى التأمين على أساس آخر أجر تقاضاه، فإذا قل المعاش عن 25 جنيهاً شهرياً خير بين المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة".
وحيث إنه يبين من تقصى قوانين السلطة القضائية المتتالية بدءاً بقانونها الصادر بالقرار بقانون رقم 56 لسنة 1959 أن جدول المرتبات الملحق به كفل لكبار رجال القضاء معاملة خاصة فى المعاش، فنص على معاملة رئيس محكمة النقض معاملة الوزير من حيث المعاش وأن يعامل كل من "نواب رئيس محكمة النقض". (وشاغلى الوظائف القضائية الأخرى المعادلة) " معاملة من هو فى حكم درجته فى المعاش" وعلى أن يعامل كل من " المحامى العام الأول" (وشاغلى الوظائف القضائية الأخرى المعادلة) معاملة من هو فى حكم درجته فى المعاش". وقد حرص المشرع على ترديد النص على هذه الميزة لشاغلى تلك الوظائف القضائية الكبرى عند تعديله لجدول المرتبات المشار إليه بالقرار بقانون رقم 74 لسنة 1963 فأعاد النص عليها فى جدول المرتبات الملحق بهذا القانون أيضاً، كما أكد ذلك مرة ثالثة فى قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1965، فبعد أن حدد فى جدول المرتبات الملحق بهذا القانون الربط المالى لنواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف... والربط المالى لنواب رؤساء محاكم الاستئناف والمحامى العام الأول. قضى بأن يعامل كل من هؤلاء جميعاً" معاملة من هو فى حكم درجته فى المعاش" الأمر الذى يدل بوضوح – إزاء تكرار النص على هذه الميزة فى المعاملة التقاعدية لشاغلى المناصب القضائية الكبرى – على قصد الشارع اعتبارها جزءاً من الكيان الوظيفى لرجال القضاء والإتجاه دائماً إلى توفير المزيد من أسباب الحياة الكريمة لهم وتأمينها فى أحرج مراحلها عند بلوغ سن التقاعد ومواكبة لسائر النظم القضائية فى دول العالم، فلا يتصور وقد خلت نصوص قانونى السلطة القضائية الحالى الصادر بالقرار بقانون رقم 46لسنة 1972 من الإشارة إلى هذه الميزة أن يكون المشرع قد رأى ضمناً إلغاءها، ذلك أنها وقد أصبحت بإطراد النص عليها فى قانونى السلطة القضائية السابقين دعامة أساسية فى النظام الوظيفى لرجال القضاء فإنه لا يجوز حرمانهم منها لما يترتب على ذلك من الانتقاص من المزايا المقررة، وهو ما يتعارض مع ما أفصح عنه المشرع فى المذكرة الإيضاحية للقانون الحالى من أن من بين ما استهدفه هذا القانون " توفير المزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمين حاضرهم ومستقبلهم وسعى بالنظام القضائى نحو الكمال" يؤيد ذلك أن قانون السلطة القضائية القائم صدر فى ظل قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 الذى أوجب عدم تجاوز المعاش حداً أقصى حددته المادة 21 منه بالنسبة " للوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" وحداً آخر بالنسبة " لنواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" مما يستفاد منه أن الأحكام الخاصة بمعاش الوزير أو نائب الوزير وفقاً للمادة (22) من القانون المشار إليه لا تسرى فحسب على من يشغل وظيفة وزير أو نائب وزير وإنما تسرى كذلك على من يتقاضون مرتباً مماثلاً لمرتب الوزير أو نائب الوزير أى من هو فى حكم درجته وبالتالى لم يكن قانون السلطة القضائية الحالى فى حاجة إلى تكرار النص من جديد على تلك الميزة التى أصبحت بإطراد النص عليها فى القوانين السابقة أصلاً ثابتاً فى النظام الوظيفى لرجال القضاء، تدخل ضمن ما عناه المشرع فى القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعى القائم بالنص فى الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون الإصدار على أن "يستمر العمل بالمزايا المقررة فى القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة" مما مفاده أن معاملة كل من شاغلى الوظائف القضائية الكبرى معاملة من هو فى حكم درجته فى المعاش ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدور قانون التأمين الاجتماعى الحالى واستمر العمل بها طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون إصداره.
وحيث إن الخلاف القائم بشأن تحديد الوظيفة القضائية المعادلة لدرجة نائب الوزير فى تطبيق أحكام المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وتحديد الميقات الذى يتحقق فيه لشاغل الوظيفة هذا التعادل، إنما يدور فى الحقيقة حول المعيار الذى يجرى على أساسه التعادل بين الوظيفتين.