وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان المدعى – بوصفه مدعياً بالحقوق المدنية أثناء تحقيق أجرته النيابة العامة – قد طعن فى القرار الصادر عنها بحفظ شكواه إدارياً ، وكان هذا القرار لا يعدو أن يكون تصرفاً قضائياً من جانبها فى التحقيق الابتدائى الذى أجرته متضمناً إنهاءه وقوفاً بالدعوى الجنائية عند هذه المرحلة لانتفاء مقتضيات رفعها – بحالتها – إلى القضاء ، فإن ذلك القرار ، وإعمالاً لنص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية ينحل إلى أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يكون بذاته مانعاً من العودة إلى التحقيق الابتدائى إلا إذا ظهرت دلائل جديدة قبل انتهاء المدة المقررة لسقوط الدعوى الجنائية ، وإذ طعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الأمر أمام محكمة الجنايات منعقدة فى غرفة المشورة ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 210 إجراءات جنائية معدلة بالقانون 373 لسنة 1972 – التى تخول المدعى بالحقوق المدنية الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى ما لم يكن صادراً فى تهمة موجهة ضد أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أو أحد رجال الضبط لجريمة ارتكبها أثناء تأدية وظيفته أو بسببها من غير الجرائم المشار إليها فى المادة 123 عقوبات – هى التى تحول بذاتها بين المدعى بالحقوق المدنية وبين الطعن فى قرار أصدرته النيابة العامة فى شأن اتهام موجه إلى خبير يشغل وظيفة عامة بمقولة ارتكابه جريمة أثناء تأديته لواجباتها وكان الدفع بعدم الدستورية الذى أبداه المدعى أمام المحكمة منعقدة فى غرفة المشورة يتوخى فى حقيقة مرماه إسقاط حكم الفقرة الأولى سالفة البيان بوصفها عائقاً يحول دون انفتاح طريق الطعن أمامه فى القرار الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فى الإطار المتقدم ، فإن مصلحته الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية الماثلة تنحصر فى الطعن على هذه الفقرة وحدها وذلك دون المواد 63 ، 64 ، 162 من قانون الإجراءات الجنائية التى ليس لها من صلة بطلباته أمام غرفة المشورة ؟ ذلك أن المادة 63 بفقراتها الأربع لا شأن لها بقرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية صدر عن النيابة العامة على ضوء التحقيق الابتدائى الذى أجرته وأساس ذلك أنها تنظم اختصاص النيابة العامة فى مجال تصرفها فى التهمة وفق ما أسفرت عنه أعمال الاستدلال ، وهى أعمال لابد أن يعقبها بدء التحقيق الابتدائى إذا كانت الجريمة جناية ، أما المادة 64 فتحدد الأحوال التى يجوز فيها للنيابة العامة أن تطلب من رئيس المحكمة الابتدائية ندب أحد قضاتها لمباشرة التحقيق فى جناية أو جنحة ، ولا صلة لها بالتالى بمصلحة المدعى بالحقوق المدنية فى دعواه الموضوعية التى يطعن فيها على قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر عنها بعد مباشرتها التحقيق بنفسها ، والأمر كذلك بالنسبة إلى المادة 162 لأن حكمها خاص بحدود حق المدعى بالحقوق المدنية فى الطعن – استئنافياً – على الأمر الصادر من قاضى التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن على المواد 63 ، 64 ، 162 من قانون الإجراءات الجنائية .

وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكانت مصلحة المدعى – فى الدعوى الماثلة – تنحصر فى الطعن على الفقرة الأولى من المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنته من حرمان المدعى بالحقوق المدنية من الطعن فى الأمر الصادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوة الجنائية إذا تعلق بتهمة موجهة إلى أحد الموظفين أو المستخدمين العامين أو أحد رجال الضبط لجريمة ارتكبها أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها فى المادة 123 من قانون العقوبات ، فقد غدا محتوماً إخضاع هذه الفقرة لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية .
وحيث إن المدعى ينعى على الفقرة المشار إليها مخالفتها لمبدأ المساواة أمام القانون المنصوص عليها فى المادة 40 من الدستور بمقولة أن ما سعى إليه النص المطعون عليه من تأمين شاغل الوظيفة العامة أو القائم بالخدمة العامة من شرور الإدعاء عليه ، وضمان جدية الاتهام الموجه إليه ، لا يقتضى إفراده بحصانة غير مقررة بالنسبة إلى غيره من المواطنين ، ذلك أن المتهمين والمجرمين يخضعون لمبدأ المساواة فلا يجوز تمييزهم إذا كانوا من الموظفين أو القائمين بخدمة عامة على غيرهم من أفراد الشعب مخدومهم .