نص الحكم
------------------
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 19 من مارس سنة 1983 م.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق سيف النصر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : د. فتحى عبدالصبور ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبدالمجيد ورابح لطفى جمعه وفوزى أسعد مرقس. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ المفوض
وحضور السيد / أحمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 2 لسنة 3 قضائية "طلب تفسير".
"الإجراءات"
ورد إلى المحكمة بتاريخ 16 أغسطس سنة 1981 كتاب السيد وزير العدل بطلب تفسير نص الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت المعدلة بالقرار بقانون رقم 149 لسنة 1962، وذلك بناء على طلب السيد رئيس مجلس الوزراء بكتابه المؤرخ 5 يوليو سنة 1981.
وبعد تحضير الطلب ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً بالتفسير الذى انتهت إليه.
ونُظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه القانونية
وحيث إن رئيس مجلس الوزراء طلب تفسير نص الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت المعدلة بالقرار بقانون رقم 149 لسنة 1962 لبيان مدى مسئولية الدولة عن التزامات الشركات المؤممة السابقة على التأميم وما إذا كانت الدولة ملزمة بالوفاء بها ولو أثناء قيام الشركة المؤممة، أم تظل الشركة فى هذه الأثناء هى المسئولة وحدها مسئولية كاملة عن كافة التزاماتها السابقة على التأميم ولايكون أعمال مسئولية الدولة عن هذه الالتزامات الا عند انتهاء الشركة وتصفيتها –وذلك حسما لما ثار من خلاف فى التطبيق فى هذا الصدد بين ما جرى عليه قضاء محكمة النقض وما ذهبت إليه بعض هيئات التحكيم المشكلة للفصل فى منازعات شركات القطاع العام.
وحيث إن القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت بعد أن نص فى مادته الأولى على أن "تؤمم جميع البنوك وشركات التأمين فى (أقليمى الجمهورية)، كما تؤمم الشركات والمنشآت المبينة فى الجدول المرافق لهذا القانون وتؤول ملكيتها إلى الدولة.."، وفى مادته الثانية على أن "تتحول أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المشار إليها إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة... وتكون السندات قابلة للتداول فى البوصة.."، قضى فى الفقرة الرابعة من مادته الثالثة –بعد تعديلها بالقرار بقانون رقم 149 لسنة 1962- بأن "لاتسأل الدولة عن التزامات الشركات والمنشآت المشار إليها فى المادة (1) إلا فى حدود ماآل إليها من أموالها وحقوقها فى تاريخ التأميم"، كما نص فى الفقرة الأولى من مادته الرابعة –بعد تعديلها بالقرار بقانون سالف الذكر- على أن "تظل الشركات والمنشآت المشار إليها فى المادة الأولى محتفظة بشكلها القانونى عند صدور هذا القانون وتستمر الشركات والبنوك والمنشآت المشار إليها فى مزاولة نشاطها".
وحيث إن مؤدى هذه النصوص بالنسبة للشركات التى تم تأميمها بمقتضى القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 فأن المشرع لم يشأ أن يتخذ تأميمها صورة نقل ملكيتها مباشرة إلى الدولة بقصد تصفيتها بحيث تنقضى تبعاً لذلك شخصيتها الاعتبارية التى كانت لها قبل التأميم، وأنما رأى أن يكون تأميمها عن طريق نقل ملكية أسهمها إلى الدولة مع الابقاء على شخصيتها الاعتبارية التى كات تتمتع بها قبل التأميم بحيث تظل هذه الشركات محتفظة بنظامها القانونى وذمتها المالية مستقلتين عن شخصية وذمة الدولة وتستمر فى مباشرة نشاطها –وهو ما يتفق وما قصده المشرع من تأميمها- من العمل على الاستعانة بها على تحقيق أغراض التنمية الاقتصادية مع التحرر من الأوضاع الروتينية –وذلك على ما جاء بالمذكرة الايضاحية لهذا القرار بقانون، ومن ثم فقد حرص المشرع على النص صراحة فى المادة الرابعة منه على أن تظل الشركات المؤممة محتفظة بشكلها القانونى الذى كان لها عند صدوره قاصداً بذلك الاحتفاظ لها بنظامها القانونى السابق لابمجرد شكلها ومن مقومات هذا النظام شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية اللتان كانتا لها قبل التأميم مستقلتين عن شخصية وذمة الدولة، وهو ما كشفت عنه المادة السابعة من القرار بقانون المشار إليه حينما نصت على أنه "إذا كانت الأسهم التى آلت إلى الحكومة وفقاً للمادة الثانية مودعة لدى بنك أو غيره من المؤسسات بصفة تأمين فتحل محل قانونا السندات المصدرة مقابلها وفقاً للمادة الثانية". مما مفاده أن تأميم هذه الشركات أنما ورد على الأسهم مع استمرار الشخصية الاعتبارية للشركات المؤممة إذ لو ترتب على التأميم انقضاء شخصية الشركة لما بقيت ثمت أسهم فى هذه الحالة يمكن أن تؤول إلى الدولة نتيجة للتأميم. ولايقدح فى ذلك ما قرره المشرع فى المادة الخامسة من ذلك القرار بقانون من خضوع الشركة المؤممة لاشراف الجهة الإدارية التى يحددها رئيس الجمهورية بقرار منه، ذلك أن هذا الأشراف لايعدو أن يكون مجرد رقابة إدارية ومالية على الشركة المؤممة تستهدف التحقق من سلامة إدارتها ومراقبة تنفيذها لأهداف خطة التنمية الاقتصادية العامة للدولة دون مساس بما للشركة من استقلال فى شخصيتها الاعتبارية وذاتية فى ذمتها المالية، كما لاينال من ذلك أن تصبح الدولة هى المساهم الوحيد فى الشركة –بعد أن آلت إليها ملكية جميع أسهمها- إذ أن المشرع نفسه هو الذى أبقى رغم ذلك على نظامها القانونى وشخصيتها الاعتبارية السابقتين على التأميم.
لما كان ذلك، وكان استمرار الشخصية الاعتبارية والذمة المالية للشركة المؤممة –على ما سلف بيانه- من شأنه أن تكون الشركة هى وحدها المسئولة مسئولية كاملة عن كافة الالتزامات التى تحملت بها قبل التأميم –وان تمتد هذه المسئولية طوال قيام الشركة كنتيجة حتمية لاستمرار تلكما الشخصية والذمة المالية، فانه لاوجه لمساءلة الدولة –مباشرة- عن تلك الالتزامات طالما بقيت الشركة قائمة لان مسئولية الدولة فى هذه الحالة ليس قوامها الكفالة أو التضامن وانما هى من قبيل مسئولية المساهم التى لاتقوم الاعند انقضاء الشركة وتصفيتها وفى حدود قيمة ما يملكه فى رأس مالها من أسهم، ومن ثم فان مقتضى الفقرة الرابعة من المادة الثالثة فى القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 من عدم مسئولية الدولة عن التزامات الشركات المؤممة الا عند تصفيتها وفى حدود ما آل إلى الدولة من أموالها وحقوقها فى تاريخ التأميم ليس إلا ترديدا لحكم القواعد العامة فى شأن استقلال ذمة المساهم عن ذمة الشركة وعدم مسئوليته عن التزاماتها الا عند تصفيتها وفى حدود قيمة اسهمه.
"لهذه الأسباب"
وبعد الاطلاع على نص الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت المعدلة بالقرار بقانون رقم 149 لسنة 1962.
"قررت المحكمة"
أن الشركات المؤممة بموجب القرار بقانون رقم 117 لسنة 1961 تظل –أثناء قيامها- هى المسئولة وحدها مسئولية كاملة عن كافة التزاماتها السابقة على التأميم، ولاتقوم مسئولية الدولة عن الوفاء بهذه الالتزامات الا عند انقضاء الشركة وتصفيتها وفى حدود ما آل إلى الدولة من أموالها وحقوقها فى تاريخ التأميم.