عودُوا إلى مصْر ماءُ النـِّيل يكفينـَا

منذ ارتحلتمْ وحزنُ النهْر يُدْمينــــا

أيْن النخيلُ التى كانتْ تظللـَنــــــــا

ويرْتمى غصْنـُها شوقـًا ويسقينـَا ؟

أين الطيورٌ التى كانتْ تعانقـُنــــــا

وينتشى صوْتـُها عشقـَا وَيشجينا؟

أين الرُّبوعُ التى ضمَّتْ مواجعَنـَـا

وأرقتْ عيْنها سُهْدًا لتحْمينـــَــــا ؟

أين المياهُ التى كانتْ تسامرُنــــَــا

كالخمْر تسْرى فتـُشْجينا أغانينـَا ؟

أينَ المواويلُ ؟..كم كانتْ تشاطرُنـَا

حُزنَ الليالـى وفى دفْءٍ تواسينـَـــا

أين الزمـــــــانُ الذى عشْناه أغنية

فعانــقَ الدهـْــرُ فى ودٍّ أمانينـــَـــــا

هلْ هانتِ الأرضُ أم هانتْ عزائمنـَا

أم أصبـحَ الحلمُ أكفانـًا تغطـِّينــــــــَا

جئنا لليلـــــــى .. وقلنا إنَّ فى يدهَا

سرَّ الحيَاة فدسَّتْ سمَّهــــــــا فينـــَا

فى حضْن ليلى رأينا المْوت يسكنـُنـَا

ما أتعسَ العُمْرَ .. كيف الموتُ يُحْيينا

كلُّ الجراح التى أدمتْ جوانحَنـــــَــا

وَمزقتْ شمْـلنـــا كانتْ بأيدينــــــــــَـا

عودوا إلى مصْر فالطوفانُ يتبعكـُــمْ

وَصرخة ُ الغدْر نارٌ فى مآقينـــــــَــا

منذ اتجهْنا إلى الدُّولار نعبــــُــــــدُهُ

ضاقتْ بنا الأرضُ واســودتْ ليالينــَا

لن ينبتَ النفط ُ أشجارًا تظللنـــــــَـا

ولن تصيرَ حقولُ القار .. ياسْمينــَا

عودوا إلى مصْرَ فالدولارُ ضيَّعنــَا

إن شاء يُضحكـُنا .. إن شــاءَ يبكينـَـا

فى رحلةِ العمْر بعضُ النـَّار يحْرقنا

وبعضُهَا فى ظلام العُمْر يهْدينـــــــَا

يومًا بنيتمْ من الأمجَـــــــاد مُعجزة ً

فكيفَ صارَ الزَّمانُ الخصْبُ..عنينا؟

فى موْكبِ المجْد ماضينا يطاردنـــَا

مهْما نجافيهِ يأبى أن يجَافينــــــــــَـا

ركبُ الليالى مَضَى منـــــــا بلا عَدَدِ

لم يبق منه سوى وهم يمنينـــــــــَا

عارٌ علينا إذا كانتْ سواعدُنـــــــــَا

قد مسَّها اليأسُ فلنقطـعْ أيادينــــــَا

يا عاشقَ الأرْض كيفَ النيل تهجُرهُ ؟

لا شىءَ والله غيرُ النيل يغنينـــَـا..

أعطاكَ عُمْرا جميلا ًعشتَ تذكـــرهُ

حتى أتى النفط بالدُّولار يغـْرينـــــَا

عودوا إلى مصْرَ..غوصُوا فى شواطئهَا

فالنيلُ أولى بنا نـُعطيه .. يُعْطينــَـا

فكسْرة ُ الخـُــبْـز بالإخلاص تشبعُنـا

وَقطــــــــــْرة ُ الماءِ بالإيمَــــان ترْوينـَـا

عُودُوا إلى النـِّيل عُودُوا كىْ نطهِّـرَهُ

إنْ نقتسِـــــمْ خـُبزهُ بالعدْل .. يكـْفيــنـَا

عُودوا إلى مِصْرَ صَدْرُ الأمِّ يعــرفـُنــــــا

مَهْمَا هَجَرناهٌ.. فى شـوْق ٍ يلاقينــَــا



قصيدة " عودوا الى مصر" سنة 1997