الحق في المحاكمة السريعة..



أن مشكلة بطء الإجراءات الجنائية
تعرقل سير العدالة الجنائية ,
لكون العدالة البطيئة تعتبر صورة من صور الظلم ,
لذلك عمد المشرع الوطني في أغلبية التشريعات على تحقيق السرعة في فصل الدعوى ,
بما لا ينطوي على أهدار لحقوق الدفاع ,



فأصبح الفصل في الدعوى في خلال مدة معقولة
أو المحاكمة السريعة أو الحق في سرعة الإجراءات الجنائية
من الحقوق الأساسية للمتهم
لكونه يدخل في حقه الدستوري في محاكمة عادلة ومحايدة ,



فهو حق دستوري أصيل
متفرع عن حق التقاضي ومرتبط به على نحو لازم ,
ومعناه أن تتم الإجراءات الجنائية ضمن المدة الكافية
التي تتطلبها إجراءاتها فقط بما يؤدي إلى الفصل في الدعوى في مدة معقولة ,



وهي بذلك تختلف اختلافا كبيرا عن التسرع أو التعجل ,
لكونها تنطوي على أضرار لا يحمد عقباها
على حقوق وضمانات المتهم .



ويرجع الأصل التاريخي للحق في محاكمة سريعة
إلى العهد الأعظم ( الماجناكارتا ) في بريطانيا سنة 1215 الذي ورد فيه :
" أننا لن ننكر على إنسان حقه في العدالة
ولن نؤجل النظر في القضايا " .



وهذا الحق للمتهم قد نصت عليه الدساتير , والتشريعات الوطنية ,
والمعاهدات والمواثيق الدولية ,
لما له من أهمية قصوى للمصالح ,
فقد نصت على هذا الحق الفقرة الثالثة من المادة الخامسة
من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان بذكرها :
" أن لكل شخص اتهم في جريمة , وتم حبسه احتياطيا
الحق في أن يحاكم في خلال مدة معقولة ,
أو أن يتم إطلاق سراحه خلال اتخاذ الإجراءات .



والمادة التاسعة من العهد الدولي لحقوق الإنسان في فقرتها الثالثة
على الحق في أن يقدم المتهم في اقل مدة ممكنة إلى القضاء ,
أو إلى سلطة أخرى منحها القانون مهمة ممارسات وظيفة القضاء ,
والحق في أن يحاكم في خلال مدة معقولة ,
أو يتم إطلاق سراحه ,



ونص أيضا على هذا الحق الدستور الأمريكي في التعديل السادس منه ,
وعلى هذا قضت المحكمة العليا الأمريكية , في عام 1976 ,
" أن الحق في المحاكمة السريعة يعتبر حقا ذا طبيعة خاصة
يدخل في إطار الضمانات المقدمة إلى المتهم ,
والتي تحقق المصلحة العامة في نفس الوقت " ,



وهو ما أكدته أيضا المادة 11 \ 6 من العهد الكندي للحقوق والحريات
على أن كل متهم له الحق في أن يحاكم في خلال مدة معقولة ,
والمادة 29 من الدستور السويسري , المادة 24 من الدستور الاسباني ,
والمادة 32 من الدستور البرتغالي , والمادة 31 \ 1 من الدستور الياباني .
ونص المادة 30 من القانون الأساسي المعدل الفلسطيني لسنة 2003
على أن ينظم القانون إجراءات التقاضي
بما يضمن سرعة الفصل في القضايا .



ونص المادة 68 \ 1 من الدستور المصري
على أن تكفل الدولة سرعة الفصل في المنازعات ,
بيد أن بعضهم يرى أن هذا النص سواء في القانون الفلسطيني أو المصري
ينظر إليه دائما على انه مجرد توجيه للسلطات المختصة
بتقديم الضمانات اللازمة لكفالة محاكمة سريعة ,
ولكنه لم يرق إلى درجة اعتباره من حقوق المتهم ,



ولكن يرى بعضهم من الفقهاء – وبحق- عكس ذلك
أن هذا الحق في سرعة الإجراءات الجنائية يعد من الضمانات الأساسية
ذات الطابع الدستوري للمحاكمة المنصفة ,
أما نطاق الحق في سرعة الإجراءات الجنائية ,
فمن جهة أطرافه تشمل كافة أطراف الدعوى الجنائية
سواء المتهم أو المجني عليه سواء كان الفرد الذي وقع الاعتداء عليه
أو المجتمع بأسره الذي انتهكت الجريمة نظامه
أو المدعي بالحق المدني .



وعليه فمما لا شك فيه أن المتهم
قد يكون من أكثر المتضررين من تأخر البت في الدعوى
لان ذلك يؤدي إلى زيادة مدة الحبس أن كان موقوفا احتياطيا ,
وبالتالي تفاقم الأضرار المادية والنفسية ,
وربما يضعف من إمكانات الدفاع أو أدلة النفي ,
فقد يموت شاهد النفي , أو يسافر , أو يمرض , أو تتخلل ذاكرته النسيان ,
ولكن هذا ليس مطلقا وإنما يختلف من قضية لأخرى تبعا لظروفها ,



فقد يكون من مصلحة المتهم مد إجراءات التقاضي ,
والمماطلة في الدعوى , وخاصة إذا كان يحاكم طليقا ,
فهذا يجعله ينعم بالحرية لفترة طويلة ,
فيعتري الضعف والنسيان ذاكرة شهود الإثبات ,
مما يزيد فرصه في الدفاع ,
ويعزز إمكانية الاستفادة من التقادم المسقط للدعوى الجنائية هذا من جهة .
ومن جهة أخرى فأن الحق في محاكمة سريعة كحق متفرع عن حق التقاضي
إنما هو مبدأ موضوعي عام مقرر لحسن سير العدالة ,
والتي تتمثل في إعادة الاعتبار لهذه العدالة كقيمة اجتماعية إنسانية
اهتزت بسبب الجريمة ,



ولا شك أن البت في الخصومة الجنائية على وجه السرعة
من شأنه أن يحقق ذلك , ويحقق الاستقرار في المجتمع , والإحساس بهذه العدالة .
كذلك فأن للمدعي بالحقوق المدنية حقا في المحاكمة السريعة ,
فهو الضحية المباشرة للجريمة ,
ومن العدل رفع الظلم عنه بأسرع ما يمكن ,
وتخليصه مما قد يتنازعه من دوافع الانتقام .



أما فيما يتعلق بنطاق شمول هذا المبدأ بالنسبة لمراحل الدعوى ,
فقد قصره البعض على الدعوى في مرحلة المحاكمة فقط دون باقي المراحل ( التحقيق - الاتهام )
في حين ذهب آخرون - بحق - إلى أن نطاق هذا المبدأ
يشمل كافة مراحل الدعوى , أي مرحلة التحقيق , والاتهام , والمحاكمة ,
تأسيسا على أن المقصود بحق المحاكمة السريعة ينصرف إلى المعنى الواسع لكلمة محاكمة ,
والذي يشمل الخصومة الجنائية بجميع إجراءاتها ومراحلها .
وبالطبع فأن هذا الحق في سرعة الإجراءات يشمل كذلك كافة الجرائم
سواء كانت جنايات أو جنح أو مخالفات .



أما بالنسبة للمعيار الزمني للسرعة في المحاكمة :
فهو أحد ابرز الصعوبات التي تواجه تقنين هذا المبدأ أو تطبيقه ,
ووجه الصعوبة يتعلق بتحديد المدة الزمنية المعينة
التي يجب أن تتم المحاكمة خلالها كقاعدة مطلقة ,
فلكل قضية ظروفها ,



فمن القضايا ما يتسم بالبساطة ومنها ما يكون على درجة من التعقيد
بسبب غموض أدلتها أو صعوبة الحصول عليها .... الخ
وهذا ما يجعل المشرع غير قادر على تحديد مدة ثابتة ودقيقة
للدعوى الجنائية.



وهذا وقد أدانت المحكمة الأوربية في العديد من أحكامها
العديد من الدول الأوربية لانتهاكها الحق
في المحاكمة السريعة،



ومثال ذلك حكم المحكمة الأوروبية
في قضية " " ضد ألمانيا الصادر في 17 يونيه سنة 1968 ,
وقضية ضد فرنسا بتاريخ 26 يونيه 1991،
وحكم المحكمة المذكورة ضد بلجيكيا في قضية الموطن البلجيكي
في حكمها الصادر سنة 1991
وكانت مدة الحبس الاحتياطي لهذا الشخص قد وصلت إلى ثلاثة سنوات وشهرين ,
وكذلك أدانت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان
في حكمها الصادر بتاريخ 12 كانون اول سنة 1991 النمسا في قضية " Stefan toth "
الذي تم حبسه احتياطيا في تهمة نصب لمدة سنتين و 32 يوما .



ويبدو أن المحكمة الجنائية لحقوق الإنسان
نجحت في وضع معيار زمني للمحاكمة السريعة ,
هو معيار المعقولية , فالمحاكمة السريعة وفقا لقضاء هذه المحاكمة
هي المحاكمة التي تتم في فترة زمنية معقولة
وذلك في ضوء درجة تعقيد القضية , وسلوك المتهم ,
وطريقة أدارة القضية من السلطات القضائية المساعدة لها .



على أية حال نرى أن صعوبة تحديد معيار زمني لسرعة المحاكمة
لا تبرر عدم تقنين هذا المبدأ
وبشكل صريح في الدستور أو القانون كحق من حقوق الإنسان .
فهذا المبدأ ليس الوحيد من بين الحقوق أو المبادئ
التي يتضمنها القانون الجنائي,
والتي تثير صعوبات أثناء تطبيقها.



ولذلك انتهجت السياسة التشريعية
في الحق في سرعة الإجراءات الجنائية أو المحاكمة السريعة
إلى طريقين ,
أولهما : تحديد مدة لإجراء الجنائي ,
و الثاني : الفصل في الدعوى خلال مدة معقولة ,
وذلك على الوجه الآتي :



الطريق الأول: تحديد مدة معينة للإجراء الجنائي:


تتجه بعض التشريعات إلى تحديد مدة معينة لإتمام الإجراء ,
ومن أمثلة ذلك لتحديد مدة للحبس الاحتياطي أو توقيف ,
وتحديد مدة للانتهاء من التحقيق , وإحالة القضية للمحاكمة ,
حيث ينص القانون الفيدرالي الأمريكي بشأن المحاكمات السريعة الصادر, سنة 1974 ,
بأنه يجب إحالة المتهم إلى المحكمة قبل مضي مائة يوم من تاريخ القبض عليه ,
وأن تبدأ المحاكمة قبل مضي ستين يوما على توجيه الاتهام إليه رسميا من المحكمة ,
وهو ما نهجت إليه الولايات في قوانينها المحلية .



ومن أمثلة حالات اتخاذ الإجراء في زمن محدد ما نص عليه المشرع المصري في المادة 233
من حيث كون التكليف بالحضور أمام المحكمة قبل انعقاد الجلسة
بيوم كامل في المخالفات وثلاث أيام كاملة على الأقل في الجنح ,
غير مواعيد مسافة الطريق ,
وكذلك من وجوب مأمور الضبط القضائي لسماع أقوال المتهم المضبوط فورا ,
وإرساله في ظرف أربع وعشرين ساعة ,
ثم تأمر بتوقيفه , أو إطلاق سراحه المادة 36 إجراءات جنائية مصري ،



وهو نفس المادة 118 و 119 إجراءات فلسطيني،
وكذلك ما تنص عليه المادة 153 مصري من أن على قاضي التحقيق
أن يرسل في خلال ثلاثة أيام الأوراق إلى النيابة العامة
إذا كان المتهم موقوف، وعشرة أيام اذا كان مفرجا عنه ،
وما تنص عليه المادة 312 من قانون الاجراءات مصري
من أنه لا يجوز تأخير توقيع الحكم على ثمانية أيام إلا لأسباب قوية ,
وعلى كل حال يبطل الحكم إذا مضى ثلاثون يوما
دون حصول التوقيع ما لم يكون صادرا بالبراءة .



ومن أهم الأمثلة على ذلك الحبس الاحتياطي ,
فكل التشريعات العربية , والأجنبية , قد قررت مدة معينة لهذا الإجراء من إجراءات التحقيق ,
وبالطبع تختلف هذه المدة تبعا لجسامة الجريمة ,
وتبعا لكون المتهم مبتدئا أو عائدا ,
حيث وضع المشرع الفلسطيني حدا أقصى مدته ستة اشهر
لتوقيف المتهم ما لم يكن قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة
قبل انتهاء هذه المدة من الجنايات ,
والجدير بالذكر بأن تحديد مدة للحبس الاحتياطي
يختلط فيه حماية الحرية الفردية ,
وما يرتبط به من قرينة البراءة , وهو حق دستوري
مع الحق في سرعة الإجراءات .



وفي القانون الاسكتلندي لا يجوز أن يتجاوز الحبس الاحتياطي مدة مائة و عشرة أيام ؛
بحيث يجب تقديم المتهم للمحاكمة في نهاية هذه المدة ,
ويكون الجزاء الترتب على مخالفة هذا الميعاد هو إلغاء الإجراءات والإفراج عن المتهم ,
ولا يجوز إعادة محاكمته من جديد من أجل ذات القضية .



وكذلك الحال في قانون الإجراءات الجنائية الهولندي ,
أنه لا يجوز أن يتجاوز الحبس الاحتياطي مائة يوم قبل إحالة المتهم إلى المحكمة ,
وأمر القبض الذي يتم بواسطة قاضي التحقيق لا يكون إلا لمدة عشرة أيام ,
إلا أنه يمكن لغرفة المشورة أن يظل موقوفا حتى ثلاثين يوما ,



وفي كل الأحوال إذا لم يتم إحالة القضية إلى المحكمة في نهاية هذه المدة ؛
وجب الإفراج عن المتهم , أما إذا بدأت المحاكمة ,
فإن المتهم يظل محبوسا إلا إذا قررت المحكمة غير ذلك ,
وفي حالة تأجيل المحاكمة يجوز مد الحبس الاحتياطي
لمدد لا تتجاوز في مجموعها ثلاثة أشهر.



هذا وقد راعت جميع الدول الأوروبية المدة المعقولة للحبس الاحتياطي .
وقد عدلت من تشريعاتها الإجرائية بما يتفق مع نص الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ,
لعام 1950 , وخاصة المادة 5 \ 3 منها ,
التي تقضي بأن لكل شخص قبض عليه أو تم حبسه احتياطيا
الحق في أن يحاكم خلال مدة معقولة ,
أو أن يفرج عنه خلال إجراءات .
ويجوز أن يكون الإفراج معلقا على تقديم ضمانات تكفل حضور المتهم جلسات المحاكمة ,
وهو ما اقره قانون الإجراءات الفرنسي في المادة 144 _ 1
والتي عدلت بقانون , 15 يونيه سنة 2000 ,
بشأن تدعيم قرينة البراءة , فقد حدد مدة الحبس الاحتياطي
بما يتفق مع الاتفاقية الأوروبية ,
وأن كان فرق بين الجنايات والجنح .



ووفقا لقضاء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ,
فإن تقدير المدة المعقولة للحبس الاحتياطي يختلف من قضية لأخرى
على ضوء كل حالة على حدة



, ومن أهم ضوابط مدى تعقيد القضية ,
جسامة الجريمة , ودرجة الخطورة لدى المتهم ,
ومدى احتمال تأثير المتهم على الشهود , أو إخفاء الأدلة , أو الهروب ,
فضلا عن تأثير خروجه على الأمن العام.



وهو ما أكدته المحكمة الأوروبية
في العديد من أحكامها, علما بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
اتخذت موقفا وسطا, بين اتجاهين, عند تقدير صفة المعقولة
التي يجب أن يتسم بها التوقيف الاحتياطي.



الاتجاه الأول :
هو الأخذ بالمدة من تاريخ القبض حتى صدور حكم بات في الدعوى ,
والاتجاه الثاني
يأخذ فقط بالمدة التي قضاها المتهم في الحبس الاحتياطي
حتى مثوله أمام محكمة الدرجة الأولى ,
حيث استقر قضاؤها على أن المدة المعقولة للحبس الاحتياطي
تطبق على مدة الحبس الاحتياطي حتى صدور الحكم من الدرجة الأولى .
وعليه فهذه الأمثلة التي قمنا بسوقها لتحديد مدة للإجراء الجنائي ,
لها من الأهمية بمكان في سرعة الفصل في القضايا مما يؤثر إيجابيا على حسن سير العدالة الجنائية ,
وعليه يجب على السلطة القضائية المختصة الالتزام بتلك المدد المذكورة ,
وإلا ترتب على مخالفتها الجزاء الجنائي .



الطريق الثاني : الفصل في الدعوى خلال مدة معقولة :


لقد ذكرنا أنفا : بأن التشريعات المختلفة للدول قد تبني لسرعة الإجراءات
تحديد مدة محددة لإجراء معين ,
أما تحديد مدة محددة للدعوى الجنائية , فانه من الصعب وضع مدة زمنية محددة ,
ولذلك فقد تبنت التشريعات , والفقه , والقضاء ,
ما اصطلح على تسميته بالمدة المعقولة التي يجب الفصل في القضية خلالها ,



ففي بلجيكا يستوجب مراعاة أربعة مبادئ
أولها : أقامة الدليل فمرور مدة طويلة يصعب معها تقديم الدليل وتقدير قيمته ,
وثانيهما : تحديد العقوبة ,
فهذه الأخيرة يصعب تحديدها إذا مضى وقت طويل بين ارتكاب الجريمة ,
والحكم الذي يفقد معناه وفائدته , والمبدأ الثالث يتمثل في حسن إقامة العدالة ,
أما الأخير فهو احترام كرامة الإنسان . وهي معايير يمكن الاحتذاء بها لدينا .



ومن التطبيقات على ذلك في القانون الفرنسي على الحق في سرعة الإجراءات ,
القانون الصادر , في 15 حزيران سنة 2000 ,
بشأن تدعيم حماية قرينة البراءة , وحقوق المجني عليه في المواد 175 \ 1 و 116 و 77
من القانون الإجراءات الجنائية الفرنسي .



وقد تضمن قانون الإجراءات المصري
بعض النصوص التي نصت على السرعة والاستعجال ,
وأن كان مخالفة هذه التوجيهات لا يترتب عليه أي جزاء إجرائي أو موضوعي ,
على عكس الحال في القوانين الأوروبية ,
ومن التطبيقات في القانون المصري على هذا الحق ,
النص الصريح على سرعة الفصل في الدعاوى المتعلقة بجرائم القذف , والسب , والعيب ,
أو السب بطريق النشر في أحدى الصحف , أو المطبوعات ,
إذا تضمن طعنا في عرض الأفراد , أو خدشا لسمعة العائلات .



وكذلك ما نصت عليه المادة 276 مكررا من قانون الإجراءات الجنائية
في ضرورة الحكم بوجه السرعة في القاضية الخاصة بالإحداث ,
والجرائم المضرة بأمن الدولة من الخارج والداخل ,
وتخصيص دائرة أو أكثر من دوائر محكمة الجنايات لنظر هذه الجنايات المذكورة ,
المادة 366 مكررا إجراءات مصري ،



وما نصت عليه المادة 21 من قانون مكافحة الدعارة, لسنة 1961,
في الفصل في الدعوى على وجه السرعة في مدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع،
وكذلك ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 99 من القانون رقم 4, لسنة 1994, في شأن البيئة,
وعلى الفصل في الدعوى على وجه السرعة إذا وقعت الجريمة
على المنطقة الاقتصادية الخالصة, أو على السفن.



الجزاء المترتب على مخالفة الحق في الحكم في الدعوى في مدة معقولة :
لقد حرصت جميع الدول الأوروبية على التطبيق السليم لهذا الحق ,
وهو ما أكدته في تشريعاتها ,
وما ترتب على مخالفتها من جزاء إجرائي يتمثل في إيقاف سير الدعوى ,
والإفراج الفوري عن المتهم , وتخفيف العقاب ,
بل وصل الحد إلى عدم إمكانية رفع الدعوى من جديد ؛
كجزاء لمخالفة المدة المعقولة للفصل في الدعوى .
وقد استندت بعضها في بريطانيا إلى أساس أن هناك تعسفا في الإجراءات,
مما يخول القاضي إيقاف الإجراءات إذا تأكد أن هناك تعسفا في استعمال الإجراءات .
وفي هولندا فان تجاوز المدة المعقولة يترتب عليه تخفيف العقوبة
التي قد يقضى بها , أو عدم قبول الدعوى ؛ لتعسف سلطة الاتهام في تجاوز المدة المعقولة .
وفي ألمانيا اتجهت المحكمة الاتحادية العليا , منذ عام
1987 لاعتبار أن تجاوز المدة المعقولة يترتب عليها قطع الإجراءات
لعدم انسجام مع المحاكمة العادلة . و



في أمريكا فان الجزاء المترتب على الإخلال بالحق في المحاكمة السريعة
- وهو حق من الحقوق الدستورية للمتهم -
هو إلغاء الإجراءات أو عدم توقيع العقوبة , و
هو ما أكدته محكمة العدل العليا الأمريكية ,
ووضعت معايير لتحديد ما إذا كان هناك اعتداء على هذا الحق أم لا ,
وتتمثل هذه المعايير في طول المدة , ومدة أمكانية تبرير طول المدة من جانب الاتهام ,
وسلوك المتهم , والضرر الذي أصابه .



وذلك على عكس الحال في فلسطين أو حتى الدول العربية , فأن النصوص السابقة ,
والتي تحث على سرعة الإجراءات , نصوص إرشادية ,
لا يترتب على مخالفتها أي جزاء إجرائي , أو موضوعي
. وهو نفسه الوضع في القوانين الإجرائية الجنائية في دول أمريكة اللاتينية
؛ مثل كوستاريكا ,وكوبا , وبيرو , و الأرجنتين ,
فحددت جميعها مدد للتحقيق من خمسة عشرة يوما كحد أدنى إلى مدة أقصاها ستة أشهر ,
إلا أن المدة الفعلية للإجراءات الجنائية تجاوز المدة
التي حددها القانون بالنظر إلى الطابع الإرشادي لهذا التحديد من ناحية ,
وكون سرعة الإجراءات هي خاصية نسبية تختلف من قضية إلى أخرى .



وخلاصة القول :
إنه من الصعوبة بمكان وضع مدة محددة يتم فيها الفصل في الدعوى ,
فالأمر لا يتعلق بعمل مادي يمكن حسابه على أساس وحدات القياس المختلفة ,
وإنها بصدد محاكمة عمل إنسان تتوازن في مواجهته أدلة البراءة و الإدانة ,
وتتكاتف الإجراءات , وتتابع ؛ لترجيح أيهما على الآخر .



ولكن هذا لا يعني أن تتوارث الأجيال الدعاوى ,
و أن تستمر عقودا من الزمن , فيمكن وضع توجيهات عامة بصدد المدة الزمنية
للفصل في الدعاوى المختلفة , بل وضع مدة محددة للقيام ببعض الإجراءات ,
وأن يتم الفصل في الدعوى طبقا لظروفها في مدة معقولة ,
باعتبار أن الحق في المحاكمة السريعة أو سرعة الإجراءات هو حق دستوري
مع ضرورة وضع جزائي إجرائي على مخالفة هذا الحق لضمان
فاعلية هذا الحق حماية لكرامة المواطنين وحفاظا على حقوقهم.

منقول للإفاده،،،