أكد خبراء وأساتذة القانون أن قرارات العفو الرئاسي التي أصدرها الرئيس المعزول محمد مرسي يمكن إلغاؤها بقرار مماثل من الرئيس المؤقت عدلي منصور ويعود كل من لا يستحق هذا العفو إلي السجن مرة أخري.

أضاف الخبراء أن الرئيس المعزول استعمل سلطاته في غير محلها وأساء استخدامها وقام بالإفراج عن محبوسين في قضايا قتل وإرهاب ومخدرات وبينهم من هو محكوم عليه بالإعدام من جماعته ومؤيديه لأسباب معينة والمفروض أن العفو الرئاسي يكون لمحبوسين سياسيين بسبب مناصرتهم لثورة 25 يناير كما نص قرار مرسي نفسه وقتها.

أشار الخبراء إلي جواز عودة هؤلاء المحبوسين إلي السجن مرة أخري لإكمال مدتهم ومحاكمتهم أيضاً علي أي جرائم جديدة قد يكونوا ارتكبوها بعد قرار العفو.. منوهين إلي أن المصلحة العليا للوطن ومقتضيات الأمن القومي المصري تتطلب ذلك بسبب خطورة هؤلاء المتهمين علي المجتمع.

طالب الخبراء بوضع معايير وقواعد محددة في الدستور الجديد للعفو الرئاسي حتي لا نترك الأمر كله في يد رئيس الجمهورية قد يسيء استخدامه كما فعل الرئيس المعزول الذي كان يبحث عن مصلحة الفصيل الخاص به فقط علي حساب مصلحة الشعب المصري.

يقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق إن قرارات العفو التي قام بها الرئيس المعزول غير مسبوقة لا في النظام الملكي وأيضاً النظام الجمهوري فلم يحدث مثل ذلك القرارات أيام عبدالناصر وأيضاً السادات وحتي حسني مبارك لم يرتكب هذه الأفعال العجيبة مؤكداً أن القرار شمل العفو عن مجرمين محكوم عليهم بالإعدام في جرائم مخدرات.
أضاف أن الرئيس المؤقت الحالي عدلي منصور من حقه أن يلغي قرارات الرئيس المعزول ويعيد بعض أو كل المفرج عنهم إلي السجون مرة أخري ليكملوا مدة حبسهم مستنداً إلي أن القرارات التي صدرت منحرفة ويشوبها الفساد ولا تحقق المصلحة العليا للوطن وتناقض مقتضيات الأمن القومي المصري وبالتالي تكون باطلة ومنعدمة الأثر.

وعن قواعد وحدود العفو الرئاسي أكد المستشار الجمل أن المفروض أن يكون رئيس الدولة متزناً يبحث عن مصلحة البلاد ولا يبحث عن مصلحة جماعة أو فصيل معين حتي لو علي حساب العدالة.. مشيراً إلي أن ما حدث أيام مرسي شيء غريب للغاية ولم يحدث من قبل سواء أيام الملكية أو عبدالناصر والسادات ومبارك.

يقول د. أحمد رفعت عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة السابق إنه من حق الرئيس الحالي المؤقت إلغاء قرار الرئيس المعزول الخاص بالعفو الرئاسي إذا كانت هذه القرارات تتضمن أسماء أشخاص يؤثر إخلاء سبيلهم علي الأمن القومي المصري مؤكداً أنه بعد صدور قرار الإلغاء يمكن القبض علي هؤلاء لتنفيذ باقي العقوبة.

أضاف أنه لا يجوز العفو في القضايا الجنائية والمحكوم عليه بالإعدام وأيضاً قضايا المخدرات لأن هذه القضايا تمس أطرافاً أخري فمثلاً قضايا الدم تمس أبناء القتيل وأيضاً قضايا المخدرات تمس المجتمع ولهذا نطلق علي هذه الجرائم بأنها غير فردية.. منوهاً إلي أن العفو يكون دائماً في الجرائم السياسية.

أشار د. رفعت إلي قرارات العفو التي حدثت إبان حكم الرئيس المعزول لها أهدافها الخاصة بتكوين خلايا في سيناء وهم الآن من قتلوا وروعوا في رابعة والنهضة ولذلك فوجودهم خارج السجن خطر علي المجتمع ويمس الأمن القومي.
أما الدكتور محمد عبدالظاهر أستاذ القانون الدستوري بجامعة بني سويف فيري أنه لا يجوز للرئيس الحالي سواء أكان مؤقتاً أو منتخباً أن يلغي قراراً لعفو رئاسي لرئيس سابق والسبب أن هؤلاء المفرج عنهم قد اكتسبوا حقاً بالعفو عنهم وبالتالي لا يجوز مساس هذا الحق بقرار لاحق.

أضاف أنه يجوز فقط تقديم هؤلاء لمحاكمة جديدة عن جرائم حالية أو حتي سابقة غير الجرائم التي حوكموا عليها وتم حبسهم ثم حصلوا علي عفو رئاسي.. مؤكداً أن قرار الرئيس السابق أعطاهم حقاً مكتسباً لا يجوز منازعتهم فيه.
أشار د. عبدالظاهر إلي أن العفو له شروط موجودة في مصلحة السجون والرئيس قبل أن يصدر قرارات العفو يتلقي تقارير من مصلحة السجون عن سيرة كل مسجون وأسباب استحقاقه العفو مثل حسن السير والسلوك أو قضاءه ثلاث أرباع مدته وأنه ليس له خطورة علي الأمن العام.. مؤكداً أن الرئيس المعزول وإن كان قد أصدر عفواً رئاسياً علي أشخاص لا ينطبق عليهم شروط العفو لأغراض خاصة فهذا يعتبر إساءة لاستخدام سلطاته ويمكن مساءلته عليها..وتقول د. فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة إن إلغاء قرارات العفو لا يوجد لها سابقة من قبل ولكن من يملك إصدار القرار يملك إلغاؤه والرئيس الحالي وإن كان مؤقتاً فهو يملك كل صلاحيات رئيس الجمهورية وبالتالي من سلطاته إلغاء قرارات العفو السابق والتي كانت مثيرة للدهشة.

أضافت أن العفو يستخدم عندما تكون الجريمة لها طابع سياسي والمجتمع بات لا ينظر إليها علي أنها جريمة لكن جرائم القتل والمخدرات والاعتداء علي أمن الدولة لا يمكن أن يصدر بحقها عفواً رئاسياً.. مؤكدة أن قرارات العفو التي صدرت أيام الرئيس المعزول لم تكن في الإطار المرسوم للعفو وهذا أدعي لإلغائها.
طالبت د. فوزية بوضع قواعد وضوابط للعفو الرئاسي في الدستور الجديد وذلك حتي لا يساء استعمال هذا الحق وحتي تكون قواعد ثابتة ومجردة لا تدخل فيها الأهواء والأغراض الشخصية.

يقول د. رفعت عبدالوهاب أستاذ القانون الدستوري بجامعة الاسكندرية أن الرئيس الحالي المؤقت بصفته من حقه إصدار إعلانات دستورية خلال هذه المرحلة الانتقالية فبالتالي من حقه إلغاء أي قرار للرئيس السابق بما فيها قرارات العفو الرئاسي وذلك عن طريق إعلان دستوري جديد..وأضاف أن ثورة 30 يونيه والمصلحة العامة للشعب تعطي الحق للرئيس المؤقت أن يصحح أو يعدل أو أن يلغي أي قرار خاطيء يصب في مصلحة فصيل علي حساب عامة الشعب.. منوهاً أن العفو يكون عن عقوبة جنائية بتخفيفها أو إلغاءها لكن العفو الشامل والذي يقصد به رفع صفة الجريمة عن فعل جنائي سبق ارتكابه يحتاج لقانون من مجلس الشعب.
أشار د. عبدالوهاب إلي أن العفو في الدول الديمقراطية يكون عن شخص أو اثنين أو حالات لا تتعدي عدد أصابع اليد الواحدة لكن في عهد مرسي الأمر خرج عن المألوف بإصداره عفواً عن أشخاص ارتكبوا جرائم خطيرة بدون ضوابط وهذا يخالف القانون والدستور وهذا يعد إساءة لاستخدام السلطة.

أكد د. عبدالوهاب أن مجلس الشعب - إن كان قائماً - يحق له الاعتراض علي هذا القرار عن طريق تشريع قانون حتي لو تعدي به علي السلطة التنفيذية حتي لو كان من أعمال السيادة لأن القرار أعفي مجرمين خطرين علي سلامة الدولة ومنهم تجار مخدرات وهذا دليل علي أن القرار لم يكن في الصالح العام.