المدخل لدراسة العلوم القانونية

تقسيم:

دراسة المدخل إلى القانون تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: نظرية القانون:

وفي هذا القسم ندرس الموضوعات التالية:

1 – تعريف القانون – خصائص القاعدة القانونية – أنواع القاعدة القانونية.
2 – مصادر القانون.
3 – أقسام القانون وفروعه.
4 – تطبيق القانون.
5 – تفسير القانون.

القسم الثاني: نظرية الحق:

وندرس فيه:
1 – تعريف الحق.
2 – صاحب الحق.
3 – محل الحق.
4 – حماية الحق.
5 – مصادر الحق.
6 – أنواع الحق.
7 – استعمال الحق.
8 – إثبات الحق.
الكتاب الأول
نظرية القانون
الفصل الأول
التعريف بالقانون

القانون يعد من فروع العلوم الاجتماعية الهامة.

وسوف نبين مدلول القانون لغويا، واصطلاحيا، ووظيفة القانون، وخصائص القاعدة القانونية وأنواعها.
المبحث الأول
المدلول اللغوي و الاصطلاحي والوظيفة الاجتماعية للقانون
(1) - لفظ القانون في اللغة:
له معنى واسع، وكلمة قانون من أصل يوناني وتعني:
الشيء المستقيم ـ المعيار - القاعدة.....

وقد انتقل اللفظ إلى العربية وأخذ معنى:

المقياس – القاعدة – النظام ....

ونكون أمام قانون علمي إذا كانت الظاهرة ترتبط بأسباب حدوثها.

(2) لفظ القانون في الاستعمال الاصطلاحي:
المعني الواسع:

مجموعة القواعد العامة التي توجه سلوك الأفراد في المجتمع .

وهذه القواعد قد تكون:
* صادرة عن الدولة في صورة تشريعات.
* أو صادرة عن الدين.

* أو صادرة عن العادة والتقليد، كالعرف.

وأيا كان مصدر القاعدة فهي تعني توجيه سلوك الأفراد على نحو ملزم يقيد حريتهم.

المعني الضيق:

وأحيانا يفهم القانون في معناه الاصطلاحي على نحو ضيق، وذلك بأنه:

مجموعة القواعد التشريعية التي تصدر عن السلطة العامة في المجتمع، و هي على ثلاثة أنواع:
( أ) - التشريع الأساسي:
و هو الدستور و القوانين الأساسية الصادرة عن السلطة الـتأسيسية في المجتمع.
( ب) - التشريع العادي:

مثل قانون المعاملات المدنية، و قانون العقوبات، وغيره من التشريعات، و هي تصدر عن السلطة التشريعية.

( ج ) - التشريع الفرعي:

مثل لوائح التنفيذ، و لوائح التنظيم، و لوائح الضبط، و يصدر عن السلطة التنفيذية في الدولة.

وكل تشريع يتكون من مجموعة قواعد.


(3) - المفهوم النظري والعملي لمصطلح القانون:
المفهوم النظري:

يستمد من وجود القانون بذاته.
فيعتبر قانونا جميع القواعد التي تسنها الدولة بغرض تنظيم العلاقات بين الأفراد في المجتمع، وذلك أيا كانت تلك القواعد أو مناسبة صدورها أو المخاطبين بها.

المفهوم العملي:

ويستمد من الأثر الذي يتركه القانون في العلاقات الاجتماعية.

فيعتبر قانونا كل وضع ينشأ عن تطبيق أحكام القانون، سواء أخذ شكل تصرف، أو قرار إداري، أو حكم قضائي.

(4) عناصر القاعدة القانونية:
تتكون القاعدة القانونية من عنصرين، هما:

عنصر الفرض: ومصدره الواقع المادي.

وعنصر الحكم: ومصدره إرادة المشرع.
والعلاقة بين الفرض والحكم ثابتة، ( المقدمة و النتيجة ).

فكلما تحقق الفرض وجب تطبيق الحكم.

مثال: كل إضرار بالغير يلزم فاعله ـ و لو غير مميزـ بضمان الضرر.........................

(5) - التشريع الالهى و القانون الوضعي:

• المقصود بالتشريع الإلهي، و قوامه (العقيدة الدينية).

• المقصود بالتشريع الوضعي ، و قوامه ( المنفعة الذاتية).


# مركز الشريعة الإسلامية في هذا الشأن:

المبحث الثاني
خصائص القاعدة القانونية

تتميز القاعدة القانونية بعدة خصائص هي:

أولا: القاعدة القانونية عامة مجردة:

معني عمومية القاعدة القانونية:
أن ينطبق حكمها علي جميع الوقـائع التي تتحقق شروطها فيها، وليس على واقعة بذاتها.

معني تجريد القاعـدة القانونيـة:

أن حكمها يـكون قابلا للتطـبيق علي جـميع الأشخاص الذين تتوافر فيهم شروط انطباق القاعدة.

أي أنها تخاطب الأشخاص بصفاتهم وليس بذاتهم.
مثال للعمومية و التجريد:

كل شخص يبلغ سن الرشد، ( 21 سنة قمرية)، متمتعا بقواه العقلية و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه.............

فهذه القاعدة تنطبق على كل واقعة بلوغ، وعلى كل شخص يتوافر فيه هذا البلوغ.

نتائج العمومية و التجريد:

(1) - ضيق و اتساع نطاق تطبيق القاعدة القانونية:

الأصل، وبسبب عمومية وتجرد القاعدة القانونية، أنها تطبق على عدد غير محدد من:

* الأشخاص، الذين تتوافر أوصافهم.

* أو الوقائع التي تتحقق شروطها.

وبذلك يتسع نطاق تطبيق القاعدة القانونية.
ومع ذلك فقد يقتصر تطبيق القاعدة على:

* نوع معين من العلاقات.

* أو فئة معينة من الأشخاص، ( كالمحامين – أو الأطباء -....الخ).

* أو على شخص واحد، ( كرئيس الوزراء، مثلا ).

وفي كل هذه الأحوال لا تفقد القاعدة القانونية خاصية العموم والتجريد.

(2) - القاعدة القانونية تحقق المساواة أمام القانون:

فالقاعدة تخاطب الناس بصفاتهم وليس بذاتهم، ودون نظر للأصل العرقي، أو الديني، أو المركز الاجتماعي.

كما أن القاعدة تحدد الوقائع بشروطها وليس بأعيانها.

(3) - القاعدة القانونية مستمرة في تطبيقها:

طالما تحققت شروط الواقعة، وتوافر في الشخص الصفات التي تستوجبها القاعدة، فإنها تطبق على عدد غير محدود من الوقائع والأشخاص، وباستمرار، وهذا نتيجة لصفة العموم والتجريد.

وهذا على عكس الحكم القضائي، أو القرار الإداري، إذ يطبق أي منهما بشأن شخص محدد وواقعة محددة.

(4) - القوانين العرفية استثناء من صفة العموم:

فهي تطبق في إقليم معين، ولفترة معينة، بسبب ظروف معينة.

وبذلك فهي لا تتمتع بصفة العموم والتجريد.
ثانيا: القاعدة القانونية قاعدة سلوك:
مضمون ذلك:

أن القاعدة القانونية هي خطاب من المشرع إلي الأفراد بإلزامهم بسلوك معين بقصد تحقيق غاية مثلي هي رعاية مصالحهم و الحــــفاظ علي أمن المجتمع.

مدى القاعدة القانونية:
الأصل:

أن القاعدة القانونية تهدف إلى ضبط السلوك الخارجي دون الاعـــتداد بالنوايا أو المقاصد.

الاستثناء:
* يعتد القانون بالنوايا والمقاصد استثناء على الأصل.
مثال:
السلوك الإجرامي، يكون له أثر في تشديد العقوبة، ( القتل – والقتل العمد).

* سلطان القانون يتجاوز حدود العلاقات الاجتماعية:

لأن قواعد القانون ترتبط بتنظيم سلوك الأفراد فمن المفترض أن يتقيد القانون بالعلاقات الاجتماعية. أي بالواقع المادي لحياة الأفراد دون أن ينتقل لما يتصل بحياتهم الفعلية.

لكن نصوص الدساتير تنص على حرية التفكير والعقيدة، وهي من صميم المسائل المعنوية.

وترتب القوانين عقوبة على المساس بحرية الفكر أو المعتقد.

بل ينظم القانون عمل المؤسسة الدينية، كالوقف، والدعوة والإرشاد، كما ينظم شروط الانضمام إليها.

وفي كل هذا تنظيم للمسائل النفسية للأفراد.

ثالثا: القاعدة القانونية ملزمة:
حكمة الإلزام:

لأن غرض القاعدة القانونية هو ضبط سلوك الأفراد، فهذا الفرض لن يتحقق إلا إذا كانت القاعدة ملزمة.

معني الإلزام:

استناد القاعدة في خطابها للأفراد على الأمر والإجبار المقيد للإرادة بما تتضمنه من جزاء.
والإلزام يوجد بمجرد وجود القاعدة القانونية وصدورها من السلطة الآمرة المختصة.

ويظهر الإلزام في القاعدة في جانب الحكم.

فمثلا:
كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر.

فالإلزام هنا هو الجزاء، أو الضمان، بتعويض الضرر.

طبيعة الجزاء في القاعدة القانونية:
مادي:

هو تدبير، أو إجراء مادي، تسلطه الدولة علي إرادة المخالف لقهره و إجباره علي الانصياع لحكم القانون.
ويستوي أن ينعكس ذلك علي الشخص:

مباشرة، ( كالقبض و التوقيف )،

أو بشكل غير مباشر علي أمواله و نشاطه، ( كمصادرة أمواله، أو الحجز عليها، أو إغلاق المحل التجاري المخالف).

* أنواع الجزاء:

يتنوع الجزاء حسب طبيعة العلاقات التي تنظمها القاعدة القانونية.
ومن أهم وأكثر أنواع الجزاء شيوعا:

) أ) ـ الجزاء المدني:

ويتحقق عند مخالفة قاعدة من قواعد القانون الخاص.

محل الجزاء المدني:

ينصب علي الذمة المالية للمخالف.

مصدر الجزاء المدني:

العقد – التشريع – العرف.

أهم صور الجزاء المدني:

التنفيذ الجبري ـ بطلان التصرف ـ وقف نفاذ التصرف ـ التعويض..............

(ب) ـ الجزاء التأديبي:

ويتحقق عند مخالفة قاعدة من قواعد القانون الإداري.

أهم صوره:
المنع من الترقية ـ الخصم من المرتب ـ الإنذار - الفصل من العمل......................
ويتميز الجزاء التأديبي بطابعه الإداري، وغير القضائي.

(ج) ـ الجزاء الجنائي:
ويقع عند مخالفة قاعدة من قواعد قانون العقوبات، أو التشريعات العقابية الأخرى، ( كقانون غسيل الأموال – وقانون مكافحة المخدرات -....الخ).
والجزاء الجنائي مقرر حماية لحق عام، ولحق خاص أيضا.

ويتميز الجزاء الجنائي بمبدأ المشروعية، ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص).

وهذا على عكس أنواع الجزاء الأخرى، إذ يمكن أن تستن إلى العرف، أو الإرادة، أو سلطة القاضي.

أهم صور الجزاء الجنائي:

العقوبة البدنية، ( كالإعدام - و الجلد ).

العقوبة المقيدة للحرية، ( كالسجن - و الحبس).

العقوبة المالية، ( كالغرامة ).

والعقوبة التبعية، ( كالحرمان من الحقوق المدنية - و المصادرة - وتحديد الإقامة).
توقيع الجزاء من اختصاص الدولة:
القاعدة:
احتكار الدولة سلطة توقيع الجزاء، بما لها من ولاية عامة على الأفراد.

الاستثناء:

تتنازل الدولة للأفراد عن سلطة توقيع الجزاء في حالتين:

* الدفاع الشرعي.

* حق الاحتباس.

نقد:
الدفاع الشرعي و حق الاحتباس ليسا من قبيل الجزاء.

خصائص الجزاء:
تتميز أنواع الجزاء عموما بأنها:
- قهرية ذات طبيعة مادية.

- منظمة تتولى السلطة العامة توقيعها علي المخالف.

- تقع فورا عند ثبوت المخالفة.

طاعة القانون: اختيارية أم إجبارية؟.
رأى:

طاعة الأفراد للقانون اختيارية، لا يلزم فيها تدخل الدولة.

الحجة:

القانون وضع ليحقق مصالح الأفراد، فهو نتاج إرادتهم.
الراجح:
الطاعة إجبارية، مصدرها الخوف من الجزاء.

الدليل:

فـي فـترات زوال التنـظيم القـهري فـي الجماعـة، (كالحروب)، تسود الفوضى.

المبحث الثالث
وضع القواعد القانونية مقارنة بغيرها من قواعد السلوك

تتفق قواعد القانون مع قواعد الدين، والأخلاق، والآداب والمجاملات، في أنها جميعا تحكم سلوك الفرد.

لكن قواعد القانون تنفرد بخصوصية الإلزام، ويتبدى ذلك من المقابلة بين:
أولا ـ قواعد الدين و قواعد القانون:
ماهية قواعد الدين:
الأحكام الملزمة الإلهية التي شرعها الخالق لعباده، و تحديدا يقصد بالدين الإسلام.

أنواع قواعد الين:

* أحكام العقيدة.

* أحكام الأخلاق.

*أحكام المعاملات .

مميزات قواعد الدين عن قواعد القانون:
من حيث النطاق:
الدين أوسع نطاقا من القانون.

فالعلاقات التي ينظمها الدين تشمل السلوك والنوايا.

أما القانون فيشمل الظاهر فقط.

من حيث الجزاء:

فالجزاء الديني مؤجل، ويوقعه الخالق.

أما الجزاء القانوني فهو معجل وتوقعه الدولة.

ثانيا ـ قواعد الأخلاق و قواعد القانون:
ماهية قواعد الأخلاق:

مجموعة من قواعد السلوك يهتدي إليها الإنسان بفطرته السليمة، و يسترشد بها العقل في التمييز بـــين الخير و الشر.

*مثالها:
الصدق، الوفاء، الإحسان، الإيثار.................

مميزات قواعد الأخلاق عن قواعد القانون:
(أ)- من حيث الغاية:

الأخلاق غايتها مثالية، فهي تسعي إلي الكمال.

أما القانون فغايته واقعية نفعية، لا تتجاوز حفظ الاستقرار في المجتمع.

(ب) - من حيث النطاق:
قواعد الأخلاق أوسع من قواعد القانون.
فقواعد الأخلاق تهتم بعلاقة الفرد مع نفسه ومع غيره، كما تمتد لتشمل النية.
أما قواعد القانون فتقتصر على السلوك الخارجي، ولا تحاسب على النية إلا إذا ارتبطت بمظهر خارجي.

(ج) - من حيث الجزاء:
فالجزاء الأخلاقي له طبيعة معنوية،

أما الجزاء القانوني فله طبيعة مادية ينال من حقوق وحرية الشخص.

كما أن مصدر الجزاء الأخلاقي هو الضمير والمجتمع.

في حين أن الجزاء القانوني مصدره الدولة.
تقارب الأخلاق و القانون:

هناك صلة بين الأخلاق والقانون.

فبعض أحكام القانون تجد مصدرها في قواعد الأخلاق.

مثل:
قاعدة منع التعسف في استعمال الحق.

وهذه الصلة تساعد على نفاذ القانون.
ثالثا ـ قواعد الآداب و المجاملات و قواعد القانون:
ماهية قواعد الآداب و المجاملات:

مجموعة من القواعد السلوكية يتواضع الأشخاص علي إتباعها في شأن صلاتهم الاجتماعية.

( كآداب زيارة المريض، و مباركة النجاح ).
أوفي بعض مظاهر حياتهم العامة، ( كمظاهر لبسهم، و طريقة احتفالهم بأعيادهم ).

وقواعد الآداب والمجاملات تختلف من مجتمع لآخر حسب الثقافة والتقاليد السائدة.

تقارب قواعد الآداب و المجاملات من قواعد القانون:

الاثنان من القواعد التي تحكم سلوك الأفراد.

مميزات قواعد الآداب و المجاملات عن قواعد القانون:
من حيث طبيعة الجزاء:

فالقانون جزاءه مادي، توقعه السلطة العامة في الدولة.

بينما الآداب و المجاملات جزاء مخالفتها جزاء معنوي، يتمثل في استنكار الناس لموقف المخالف.

ما السبب وراء اختلاف طبيعة جزاء كل منهما ؟ .
المبحث الرابع
أنواع القواعد القانونية

أولا _القواعد القانونية المكتوبة و غير المكتوبة:

ماهية القواعد القانونية المكتوبة:
هي الأحكام التشريعية التي تصادق عليها السلطة المختصة و تصدر في شكل مكتوب و ملزم لتعبرعن ارادة الدولة.

ماهية القواعد القانونية غير المكتوبة:

هي قواعد العرف.

مقارنة القواعد القانونية المكتوبة بغير المكتوبة:

القواعد المكتوبة واضحة المعنى فلا تكلف القاضي جهدا كبيرا في تطبيقها، بعكس القواعد القانونية غير المكتوبة التي تفتقد المادة المكتوبة.

ثانيا ـ القواعد القانونية الموضوعية و الشكلية:

* ماهية القواعد القانونية الموضوعية:

هي القواعد القانونية التي تتضمن بيان بالحقوق التي يتمتع بها الافراد و الواجبات المفروضة عليهم.
مثل:

قواعد القانون المدني و قواعد قانون العقوبات........

و هي تشتمل علي نوعين من الاحكام:

1) الاحكام التي تترتب علي التصرفات الارادية للشخص كالعقد و الهبة و الوصية.

2) الاحكام التي يقررها المشرع ابتداءا دون الرجوع الي ارادة الشخص و تنحصر في الجزاءات التي يتضمنها القانون.


ماهية القواعد الشكلية:

هي القواعد التي تحدد الاشكال و الضوابط التي يجب مراعاتها عند اقتضاء حق أو أداء التزام ، فهى قواعد اجرائية لا تقرر حق و لا تفرض جزاء.
مثال:

قانون الاجراءات المدنية و قانون الاجراءات الجزائية.


ثالثا ـ القواعد القانونية الآمرة و المكملة:

ماهية القواعد الآمرة:

هي القواعد التي لا يجوز للافراد مخالفتها أو الاتفاق علي استبعاد حكمها.
مثال:

القواعد التي تحرم القتل و السرقة ، و القواعد التي تبين المحرمات من النساء، و تلك التي تفرض الخدمة العسكرية الاجبارية.

* ماهية القواعد المكملة:
تعريفها:

هي القواعد التي يجوز للافراد الاتفاق علي مخالفتها باستبعاد حكمها.

تسميتها:

سميت بالمكملة لان تطبيقها يعد استكمال لارادة الافراد.
مثالها:

م 567 معاملات مدنية تنص علي أن نفقات تسليم الثمن في عقد البيع تكون علي المشتري، و نفقات تسليم المبيع علي البائع ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك.

مدى الالزام فيها:

هي قواعد ملزمة شأنها في ذلك شأن القواعد الآمرة، أما مسألة إفساح المجال أمام الافراد للاتفاق علي مخالفتها فمقصود به أن يتاح للافراد فرصة أكبر للمرونة في التعامل مادام ذلك يحقق مصلحتهم.

و هكذا يعتبر عدم اتفاق الافراد علي مخالفة القاعدة المكملة قرينة قانونية علي أن ارادتهم انصرفت الي اختيار حكمها فتكون ملزمة لهم عندئذ تماما كالقاعدة الآمرة.

معيار التمييز بين القواعد الآمرة و القواعد المكملة:

(1) معيار لغوي:

يقصد به النظر في الالفاظ التي صيغت بها القاعدة القانونية لتحديد طبيعتها الآمرة أو المكملة.

فتكون القاعدة آمرة اذا اشتمل نصها علي ألفاظ الامر و الالزام و الوجوب.
و تكون مكملة اذا اشتمل نصها علي الفاظ الخيار أو جواز الاتفاق علي مخالفة حكمها .

وهكذا تعد قاعدة آمرة بالمعيار اللغوي م 127 معاملات مدنية ( التعاقد علي معصية لا يجوز ).

بينما تعد قاعدة مكملة بالمعيار اللغوي م 514 معاملات مدنية ( يلتزم البائع بتسليم المبيع الي المشتري مجردا من كل حق آخر ما لم يكن هناك اتفاق أو نص في القانون يقضي بغير ذلك ...........).

(2) معيار موضوعي:

أساسه النظر الي مضمون القاعدة القانونية و مدي تعلق حكمها بالنظام العام و الآداب العامة:

فإن تعلق حكم القاعدة بالنظام العام والآداب العامة عدت قاعدة آمرة، و إن لم يتعلق عدت قاعدة مكملة.

الأولوية للمعيار اللغوي:

لايجوز اللجوء للمعيار الموضوعي لتحديد طبيعة القاعدة القانونية الآمرة أو المكملة إلا بعد اخفاق المعيار اللغوي في الكشف عن هذه الطبيعة.
و هكذا تعد قاعدة آمرة بالمعيار الموضوعي م10 معاملات مدنية ( قانون دولة الامارات العربية المتحدة هو المرجع الوحيد في تكييف العلاقات ...........).

* مضمون النظام العام و الآداب:

# تعريفه:

هي مجموعة متجانسة من المصالح الاساسية التي يقوم عليها كيان المجتمع سواء كانت تتعلق بالمصالح الدينية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الاخلاقية في المجتمع.

.# جوانبه:

1) - جانب مادي:

هو مجموعة النظم السياسية و الادارية و المالية لمجتمع ما.

2) - جانب أدبي:

هو مجموعة القيم الاخلاقية التي يتبناها المجتمع.

# قيمته:
قواعد النظام العام و الآداب بجانبيها هي الحد الأدني من القواعداللازمة للمحافظة علي المجتمع من الاضطراب أو الانحلال، و لذلك يفرض المشرع علي الجميع احترام هذه القواعد مطلقا.

نسبية النظام العام و الآداب:

# مضمون:

يقصد بنسبية النظام العام و الآداب ارتباط قواعده بمتطلبات الزامن والمكان.

فمضمون النظام العام و الآداب متغير من مكان إلى آخر و من زمان إلى آخر، فما يعد من النظام العام و الآداب في مجتمع ما، في مكان معين و في زمان معين، قد لا يعتبر كذلك في مجتمع آخر.

# مثال:

نظام تعدد الزوجات – دين الربا.

# أساس نسبية النظام العام و الآداب:

يرجع الاختلاف بين المجتمعات في تحديد مضمون النظام العام و الآداب إلى المعتقد الديني و المضمون الثقافي بوجه عام و الذي يختلف من مجتمع آخر فينعكس ذلك على مضمون النظام العام و الآداب من مجتمع لآخر و من زمان إلى آخر.

* تطبيقات النظام العام و الآداب:

1- في القانون الدستوري:

يعد من النظام العام و الآداب القواعد التي تقرر الحرية الشخصية و حرمة المسكن و حرمة النفس و حق التقاضي.

2- في القانون الإداري و المالي:

يعد من النظام العام و الآداب القواعد التي تنظم عمل الموظف العام و القواعد التي تفرض الضرائب.

3- في القانون الجنائي:

يعتبر من النظام العام القواعد الاتي تحدد الأفعال المجرمة و العقوبات المقررة لها.

4- في القانون المدني:

يعد من النظام العام و الآداب القواعد التي تحظر إقامة علاقة غير مشروعة مقابل مبلغ من المال و القواعد التي تحظر إنشاء أو إدارة بيوت القمار.

رابعا: قواعد التكليف و قواعد الوضع:

أساس التقسيم:

هو مدى تعلق القواعد القانونية بالتصرفات الارادية.

فتصنف القاعدة القانونية بإنها من قواعد التكليف طالما إنها تنظم تصرفا ً إراديا ، و تصنف بإنها من قواعد الوضع كلما كانت غير متصلة بذلك.

 ماهية قواعد التكليف:

هي الأمر الذي يتضمنه خطاب الشارع المتعلق بأفعال الإنسان في ذاتها و الحكم عليها ببيان ما فيها من شر أو خير.

 مضمون قواعد التكليف:

إما طلب فعل شيء، إما طلب ترك شيء، إما التخيير بين طلب الفعل و تركه.

 مثال قواعد التكليف:

م 338 معاملات مدنية ( يجب وفاء الحق ما تستوفى شروط استحقاقه القانونية، فإن تخلف المدين وجد تنفيذه جبرا ً عليه تنفيذا ً عينيا ً أو تعويضيا ً طبقاً للنصوص القانونية ).
و م 290 معاملات مدنية ( يجوز للقاضي أن ينقص مقدار ضمان أو لا يحكم بضمان ما إذا كان المتضرر قد اشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه ).

 ماهية قواعد الوضع :

هي القواعد التي تربط بين أمرين مما لا يتعلق بأفعال الأشخاص بحيث يكون أحدهما سببا ً للآخر ، أو شرطا له، أو مانعا ً منه ، فيتوقف على علاقة السببية أو الشرطية أو المانعية كون الفعل صحيحا ً لتترتب عليه آثاره أو غير صحيح فلا تترتب عليه الآثار.
 مثال قواعد الوضع :

م 282 معاملات مدنية ( كل إضرار بالغير يلزم فاعله .......... بضمان الضرر).