مرض القولون العصبي معناه ببساطة أن عمل القولون وحركته لم يعد متوافقا مع باقي الجهاز الهضمي اما انهة أسرع مما يؤدى الى الإسهال او أبطأ مما يؤدى الى الإمساك،

او بين الحين والحين (الإسهال تارة والإمساك تارة أخرى )، ولكن فى كل الأحوال يكون ذلك مصاحبا بآلام قاسية فى البطن حيث إن انقباضات القولون وتشنجاته غيرالمحسوبة تكون مؤلمة وذلك بعكس حركته الطبيعية المتماشية مع باقي حركة الجهاز الهضمي. ما هى أسباب القولون العصبي ؟ لا نعلم يقينا ” ولكن يوجد عدة نظريات قائمة على دراسات علمية ولكن غير كافية

لتوضيح الاسباب من اشهرها: التغير فى حساسية أعصاب القولون ( Hypersensitivity ) والتغيير فى الأعصاب الحركية للقولون ( Altered Motility ) . عموما تبدأ المشكلة بميكروب يصيب القولون ويستوطن لعدم معالجته من البداية، مما يخل بالنظام البكتيري الخاص بالقولون حيث يوجد بالفعل بكتيريا نافعة تتغذى على البكتيريا الضارة وتخلصنا منها ولكن اذا زادت البكتيريا الضارة عن النافعة وانقلبت الاية.قلت مناعة القولون الخاصة وبدأت عجلة المرض ( القولون العصبي ) تدور بلا توقف. ويبقى السبب الأشهر والأكثر منطقية هو التوتر العصبي Stress الذى يصيب الشخص ويؤثر بصفة خاصة على القولون مما يجعله قولون عصبي ومتوتر.

وهذا يفسر ان الأشخاص الذين يصابون بالقولون العصبي هم فى الحقيقة الشخصيات المرهفة والتي لا تجيد التعامل مع الضغط العصبي وتتأثر به اكثر من غيرهم. كيف يتم تشخيص القولون العصبي ؟ لا يوجد تحليل معملي او أشعة او منظار او أي وسيلة فحص واحدة تؤكد وجود المرض. يعتمد التشخيص على الوصف التفصيلي الدقيق للأعراض وذلك عن طريق الاستجواب الواعي من الطبيب للمريض واخذ تاريخ مرضى جيد. ولكن ذلك وفق شروط ومعايير علمية وضعتها لجنة علمية وتعكف على دراسة الأوساط العلمية باسم .( Rome Criteria) ولكن لنوضح معلومة مهمة ان وجود آلام بالبطن مع انتفاخ وعدم راحة تهدأ بعد دخول الحمام والإخراج، هو اهم هذه المعايير للتشخيص ولا يمكن تشخيص القولون العصبي بدون تكرار هذه الآلام لمدة تراكمية تصل الى ثلاث شهور فى السنة الواحدة.

وذلك يضع فارقا بين مرض القولون العصبي والإمساك المزمن الذي يختلف كثيرا ومهم ان نفرق بينهم فى التشخيص لأهمية ذلك فى نجاح العلاج فى كلتا الحالتين. ونوضح أيضا ان باقي الوسائل مثل المناظير والمعامل قد تكون عوامل مساعدة فى التشخيص عن طريق إثبات عدم وجود أمراض قولونية أخرى. ونوضح أيضا ان الوسائل المساعدة (منظار القولون )قد تكون مهمة وأساسية اذا اشتكى مريض القولون العصبي من أعراض تنم عن وجود أمراض أخرى، تم تشخيصهما خطأ علي انها قولون عصبي ولكن بدأت تظهر علامات تشير الى أمراض أخرى مثل التهاب القولون المتقرح او مرض كرونز او مرض سيلياك او أورام القولون. ومن اهم هذه الأعراض ( او علامات الخطر ) وجود دم مع البراز، أنيميا، حرارة، فقدان وزن ملحوظ او إسهال يوقظ المريض من نومه ليلا، الى جانب بعض الأعراض الأخرى الذى يطمئن الطبيب إليها فى المتابعات الدورية لمرضاه.

ولكن هذا ليس معناه ان القولون العصبي من خصائصه ان يتطور الى أمراض اخرى، هذا ليس صحيحا فالقولون العصبي اوله وآخره أعراضه المؤلمة فقط لا غير ولا يتطور الى اى شيء اخر. وماذا عن علاج القولون العصبي ؟ دعنا لاننسى ان هناك ثلاث أنواع من القولون العصبي كما اشرنا من قبل( المصاحب بإمساك والمصاحب باسهال والمتقلب ).

يعد القولون العصبي المصاحب بإمساك الأكثر انتشارا ولذلك فان العلاجات الخاصة به هى أكثر تطورا. ولكن لنبدأ الحديث عن علاج القولون العصبي بالغذاء وتنظيم نمط الحياة قبل ان نتطرق للعلاج بالعقاقير الدوائية وذلك يعكس أهمية تنظيم الغذاء ونمط الحياة حيث يعتبر هذا هو الركن الاساسى فى العلاج والذي يمثل أكثر من 70 % من الشفاء.

اولا : الغذاء بصفة عامة ينصح بالابتعاد عن الدهون والبقوليات والكحوليات وتقليل الكافيين ( القهوة والشيكولاتة والشاى ) ولكن لان جزءًا من هذا المرض هو نوع من حساسية القولون، فيجب على المريض ان يتعلم من خبراته المؤلمة ويبتعد عن الأكلات التى تسبب له الآلام والأهم فى كل الاحوال هو تنظيم مواعيد الأكل ( فطار وغذاء وعشاء فى أوقات شبه منتظمة ).

ثانيا : نمط الحياة : يمكننا التعامل مع التوتر و المشاكل الحياتية اليومية بهدوء أكثر وعدم انفعال وعصبية .. لماذا لا تجرب جرعات اكبر من الإيمان او الرياضة ( خاصة المشي ) واليوجا ( الاستشفاء الذهبي ) والعلاقات الاجتماعية الحميمة.

ثالثا : العقاقير الدوائية دون الخوض فى تفاصيل علمية توجد بعض الأدوية المسكنة والمضادة للانتفاخ والملينة والمسكنة بأسماء كثيرة يجب استشارة الطبيب لتحديد النوع الأمثل من هؤلاء حيث يوجد كثير من أسماء العلاجات فى الصيدليات وهى فى الحقيقة مادة فاعلة واحدة ولا يختلفون كثيرا، لكن الطبيب يمكنه التباديل والتوافيق بين كثير من العقاقير المختلفة فعلا حتى نصل الى درجة من الراحة للمريض. ويجب الإشارة إلى انه فى بعض الأحيان قد يلجا الطبيب المعالج الى عقاقير نفسية مضادة للاكتئاب والتوتر واخرى تساعد على النوم العميق، وقد يكون هذا حلا مؤقتا فى أوقات الآلام المبرحة ولكن ليس هو الحل الأمثل على المدى البعيد والأبحاث تجرى على قدم وساق لاستحداث عقاقير جديدة اكثر فعالية.

هل يمكن الشفاء التام من القولون العصبي ؟ يمكن السيطرة على المريض بشكل فعال حيث لا تأتى أعراضه سوى مرات قليلة فى السنة واذا أردت ان تسعى فى تغيير جذري فى شخصيتك القلوقة المتوترة يمكنك ان تصل الى حد الشفاء التام. هل هو مرض وراثي ؟ لم يثبت هذا على مستوى الجينات الوراثية. ولكن طبيعة الشخصية القلوقة المتوترة وبالتالي المعرضة الى حدوث مرض القولون العصبي، قد تكون هذه الشخصية وراثية....