كان عبد الرحمن بن عوف يرافق عمر في تفقّد أمر قافلة تجارية .كان ذلك آخر الليل ، جلسا قرب القافلة النائمة يحرسان ضيوفهما. سمعا صوت بكاء صبي ..انتظر عمر أن يكفَّ الصبي عن البكاء لكنه تمادى ..
أسرع صوب الصوت ، قال لأمه: " اتّقي الله واحسني إلى صبيك ، ثم عاد إلى مكانه، عاود الصبي البكاء، هرول عمر نحوه ونادى أمه : " قلتُ لك أحسني إلى صبيك "، وعاد إلى مجلسه، ولكن زلزله مرّة أخرى بكاء الصّبي، فذهب إلى أمه وقال لها: " ويحكك إني لأراكِ أمَّ سوء ما لصبيَّك، لا يقرَّ له قرار؟
قالت وهي لا تعرف مَن تخاطب: " يا عبد الله أضجرتني إني أحمله على الفطام فيأبى "!
سألها: ولِمَ تحملينه على الفطام ؟
قالت: لأن عمر لا يفرض إلاّ للفطيم .
قال وأنفاسه تتواثب: وكم له من العمر ؟
قالت: بضعة أشهر .
قال : ويحك لا تعجليه .

قال عبد الرحمن بن عوف: صلى بنا الفجر يومئذٍ وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلّم قال: " يابؤس عمر كم قتل من أولاد المسلمين ، ثم أمر مُنادياً يُنادي في المدينة :
" لا تعجلوا صبيانكم على الفطام فإنا نفرض من بيت المال لكل مولود في الإسلام "
ثم كتب بهذا إلى جميع ولاته بالأمْصار .