تشير التطبيقات الفعلية للمفهوم إلى أن أي برنامج لتحقيق العدالة الانتقالية عادة ما يهدف لتحقيق مجموعة من الأهداف تشمل: وقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، التحقيق في الجرائم الماضية؛ تحديد المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومعاقبتهم، تعويض الضحايا؛ منع وقوع انتهاكات مستقبلية، الحفاظ على السلام الدائم، الترويج للمصالحة الفردية والوطنية.

ولتحقيق تلك الأهداف، تتبع العديد من الاستراتيجيات بعضها ذي صبغة قضائية وبعضها لا يحمل هذه الصبغة، هي: الدعاوى الجنائية: وتشمل هذه تحقيقات قضائية مع المسئولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان؛ وكثيراً ما يركز المدعون تحقيقاتهم على من يعتقد أنهم يتحملون القدر الأكبر من المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة أو المنهجية. ويمكن القول إن أول إعمال لهذه الآلية كان مع محاكمات نورمبرج التي أجريت للنازيين في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وهي قد تتم على المستوى أو الإقليمي أو الدولي أو من قبل بعض الأجهزة الخاصة مثل المحكمة الخاصة بسيراليون.

لجان الحقيقة: وهي هيئات غير قضائية تجري تحقيقات بشأن الانتهاكات التي وقعت في الماضي القريب، وإصدار تقارير وتوصيات بشأن سبل معالجة الانتهاكات والترويج للمصالحة، وتعويض الضحايا وإحياء ذكراهم، وتقديم مقترحات لمنع تكرر الانتهاكات مستقبلا. برامج التعويض أو جبر الضرر: وهذه مبادرات تدعمها الدولة، وتسهم في جبر الأضرار المادية والمعنوية المترتبة على انتهاكات الماضي؛ وتقوم عادة بتوزيع خليط من التعويضات المادية والرمزية على الضحايا، وقد تشمل هذه التعويضات المالية والاعتذارات الرسمية. الإصلاح المؤسسي: وتستهدف إصلاح المؤسسات التي لعبت دورا في هذه الانتهاكات (غالبا القطاع الأمني والمؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية.. وغيرها)، وإلى جانب تطهير هذه الأجهزة من المسئولين غير الأكفاء والفاسدينِ، غالبا ما تشمل هذه الجهود تعديلات تشريعية وأحيانا دستورية.

كما يشير الواقع إلى وجود آليات أخرى من قبيل جهود تخليد الذكرى وتشمل إقامة المتاحف والنصب التذكارية التي تحفظ الذكرى العامة للضحايا، وترفع مستوى الوعي الأخلاقي بشأن جرائم الماضي. ويمكن أن تتم هذه الآليات على المستوى الوطني بشكل كامل، أو على المستوى الدولي أو على نحو مختلط أو هجين مثل الترتيبات الخاصة في سيراليون وتيمور الشرقية وكوسوفا، إذ يعد إنشاء الاستراتيجيات المختلطة أو الهجينة للعدالة الانتقالية استجابة منطقية للمشكلات التي تواجه الاستراتيجيات ذات الطابع الدولي مثل البعد الجغرافي والانفصال القيمي عن المجتمعات المعنية، ومن ثم فالاستراتيجيات الهجينة من المتوقع أن تكون أكثر قدرة على تحقيق المصالحة الوطنية والسلام الاجتماعي، لاسيما في حال اعتمادها على مجموعة من القيم الاجتماعية والثقافية قادرة على استيعاب الاختلافات في روايات الأطراف المختلفة للأعمال العدائية التي تكون هذه المجتمعات قد شهدتها. من ناحية أخرى، لا تعمل آليات ومناهج العدالة الانتقالية بصورة منفصلة عن بعضها البعض إنما تعمل وفق رؤية تكاملية فيما بينها وقد تكون مكملة لبعضها البعض؛ فمثلا قد يعتبر البعض إن قول الحقيقة دون تعويضات خطوة بلا معنى، كما إن منح تعويضات مادية دون عمليات مكملة لقول الحقيقة والمكاشفة سيكون بنظر الضحايا محاولة لشراء صمتهم. كما إن تكامل عملية التعويض مع المحاكمات يمكن أن توفر جبرا للأضرار أكثر شمولا مما توفره كل على انفراد. وقد تحتاج التعويضات من جانب آخر إلي دعمها بواسطة الإصلاحات المؤسسية لإعلان الالتزام الرسمي بمراجعة الهياكل التي ساندت أو ارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان.مع الأخذ في الحسبان إن النصب التذكارية غالباً ما تهدف إلي التعويض الرمزي والجبر المعنوي للأضرار.